سمية رضا سعودية سطع نجمها على الشاشة، وأثبتت أنّ الجمال وحده ليس زبدة الممثل الناجح. ترفض أي أدوار تقدم صورة مسيئة عن دينها أو بلدها أو عن المرأة السعودية في العموم
حلمت سمية رضا بالتمثيل مذ كانت طفلة. تأخرت قليلاً لتظهر إلا أنها بدأت في الوقت المناسب على حدّ قولها بعد أن علا صوتها الداخلي لينذرها بأن الوقت حان لتمضي في حلمها ولتدافع عن ما تحلم به. لطالما كان التمثيل شغفًا وأمنية احتفظت بها في نفسها لزمن طويل، وانتظرت الوقت المناسب لتحوّل التمثيل شغف حياتها وهي اليوم تعتبر نفسها محظوظة لأنه بفضل دعواتها والقدر ودعم والديها والوطن الذي منح لكل محب للفن أجنحة ليحلق عالياً في السماء، أصبح بوسعها القول إن حلمها أصبح مهنتها.
تلقت سمية تعليمها في المملكة المتحدة ودول أخرى مما أكسبها فهم أعمق للثقافات والأديان الأخرى وساعدها على تقبل الآخرين والانسجام معهم في موقع التصوير وعلى فهم أن صناعة الأفلام عمل جماعي، وليست عرضًا يقع على عاتق شخص واحد يستدعي احتراماً متبادلاً بين مختلف العاملين داخل موقع العمل وخارجه.
استفادت سمية من التمثيل للوصول لمستوى أعلى من فهمها لذاتها، فقد استطاعت أن تفهم الآخرين أكثر عندما فهمت ذاتها وقد قالت: «ما زلت أتعلم وأتطور كل يوم، وعملية التعلم هذه عملية مستمرة، وتحتاج للكثير من ضبط النفس، وهو شيء لم أكن أجيده من قبل!» تؤمن سمية أن إتقان هذه العملية يستدعي العمر كله وربما أكثر، لذلك لا تعتبر عملية التعلم هذه من قبيل التضحية، وهي ممتنة حقًا لأنها تقوم بعمل تحبه حدّ الشغف.
تعتقد سمية أن فيلمها الأخير «تمزق»، الذي تعتقد أنه سيصل إلى العالمية هو ذروة أعمالها، ففي هذا الفيلم جسدت الكثير مما تمر به النساء، وسلطت الضوء على موضوعات متنوعة ك مفهوم الضغط الاجتماعي على المرأة، والدفاع عن الأمور التي يؤمن بها المرء، الوقوف في وجه الشر وسط أجواء شديدة الانحراف وفي ظل ظروف مباغتة. وقد تحدثت سمية عن هذا العمل قائلة: «قضايا «المرأة» من أبرز اهتماماتي، أعتبر هذا الفيلم أهم عمل قدمته حتى الآن. وعلاوة على ذلك، هدفنا كصناع أفلام هو إنتاج فيلم من شأنه أن يحدث تحولاً محوريًا في الساحة السينمائية السعودية. وأرى أننا نجحنا في ذلك، حيث حاز فيلم «تمزق» على جائزة أفضل فيلم سعودي من مهرجان البحر الأحمر السينمائي».
لا تتبع سمية نظامًا محددًا سلفًا في اختيار أدوارها، إنما تحب استكشاف كل المشاعر الإنسانية والنفسية لتفهم الجوانب المختلفة من شخصيتها. إلا أنها تحرص على اختيار الأدوار التي تخدم رؤيتها كفنانة وتحترم قيمها وتبيّن الإنسانية بمعنى الكلمة والعلاقات بين البشر وتأثير ذلك على الحياة اليومية ومشاعرنا. وسمية تهتم كثيرًا بتقديم صورة حقيقية عن المرأة السعودية المسلمة، والتي في رأيها لا تزال تُقدَم للعالم بصورة مشوهة. وقد قالت: «نحن النساء السعوديات نتمتع بذكاء حاد، وأنيقات، ومتعلمات، ولنا صوت مسموع داخل منازلنا وفي نطاق عائلاتنا، وأريد أن تعكس أدواري هذه الحقيقة. وأنا لا أقبل حقيقةً أي أدوار تقدم صورة مسيئة عن ديني أو بلدي أو عن المرأة السعودية في العموم». ورغم تشددها في هذه النقطة في ذلك إلا أنها أدت أدواراً متنوعة كالحبيبة السابقة إلى المرأة التي تعاني رهاب الأماكن المغلقة وتصاب بنوبات هلع ووصولاً إلى المرأة البدوية التاريخية.
وبعد سلسلة الأدوار المتنوعة التي قدمتها إلى جانب أسماء كبيرة، سواء في الشرق الأوسط أو أوروبا أو هوليوود، تحلم سمية بتجسيد الشخصيات المتعلقة بالخيال العلمي والحركة، فهي تشاهد أفلامًا من نوعية أفلام الحركة والخيال العلمي والإثارة والتشويق، ولديها خيال خصب، وتبهرها المعاني المجازية والقوى الخارقة، وقد قالت بأمل كبير: «أؤمن بأننا سنرى بعض السحر عما قريب…»
ترى سمية أن المشهد الفني السعودي واعد جدًا، فهي ترى ممثلين وممثلات ومخرجين سعوديين في غاية الحماس يكرسون كل طاقاتهم من أجل سرد قصصنا، وهذا ما يجعلها متفائلة جدًا حيال ما هو قادم، وقد قالت: «أؤمن بأنه خلال السنوات المقبلة سيصبح لدينا أفلام وبرامج سعودية في غاية القوة،» وتابعت: «نحن الآن في طور بناء بنية تحتية مستدامة لصناعة السينما السعودية. وقبل بضع سنوات، كان هذا يمثل تحديًا». وأبرز أشكال التحدي هو غياب وكيل أو مندوب يترجم الشغف إلى واقع، ويساعد الفنانين والمخرجين على تطوير صناعة السينما في السعودية. لحسن الحظّ تغيرت الأمور وتقدمت السينما السعودية بخطواتٍ سريعة على حدّ قول الفنانة السعودية التي قالت: «نحن نصنع التاريخ بمعنى الكلمة، وسوف يتحدث أحفادنا عن كل هذا في المستقبل. أنا حقًا محظوظة كوني أعيش في هذا الزمن الرائع».
بعيداً عن التمثيل، سمية شخصية مرهفة الحس تحب العائلة جدًا، وتقدر جدًا الروابط والعلاقات بينها. تعشق الطبيعة، وتمارس التأمل بانتظام، وتحرص على تعلم مهارات جديدة، والكتابة، ودراسة سلوك البشر عمومًا.
تؤمن سمية أن لا معايير محددة أو نموذج مثالي للجمال. فما تراه هي جميلاً قد لا يكون جميلاً في عيون الآخرين، وقد قالت: «أرى أن كل النساء جميلات، ويجدر بهن، بل ويجب أن يسمح لهن الشعور بذلك وهن على طبيعتهن». لا تعتقد سمية أن الجمال كان الحكم لدخولها التمثيل فاختيار المرشحين للدور يتمّ بناء على متطلبات الشخصية، وسماتها الجسمانية، ونوع الموهبة المطلوبة، وبناء على ذلك، يتم تحديد المزيج المثالي للعب الدور؛ وهناك فرص كثيرة متاحة للجميع. والجمال وحده ليس كافيًا، فالعمل الجاد والموهبة والشغف هي ما يلزمك لتحقيق النجاح». وقد نصحت كل فتاة ترغب بدخول عالم التمثيل أن تحدد هدفها ورؤيتها، فغياب الرؤية يطفئ جذوة الشغف وأن تعمل بجدّ لتطوّر من نفسها لأن الموهبة وحدها لا تكفي، بل يجب التركيز على التمثيل فقط، لنؤدي الدور بإتقان.
وكغيرها من النساء تهتم سمية بالجمال والأزياء، وهي تعتقد أن الأزياء أكثر من مجرد وسيلة تعكس الذات الداخلية للأشخاص، فهي شكل من أشكال التعبير عن الهوية للكثيرين. وليس هذا فحسب، بل هي أداة تحسن من نظرة المرأة لذاتها وتعبّر أحياناً عن التمرد، وقد قالت: «كمعظم النساء، أحب أن أدلل نفسي بقطع الأزياء الفاخرة كمكافأة لنفسي. ولا أهتم باتباع الصيحات ما لم تكن تمثلني وتمثل شخصيتي ورؤيتي».
تحلم سمية بأسلوب حياة ودخل مستدامين للممثلين في المملكة العربية السعودية وفي العالم أجمع. وقد عبرت عن امتننانها للسعودية للدعم الذي تقدمه الحكومة للفن وقد قالت: «هذا أمر مبشر جدًا. ولا يبقى سوى العمل الجاد من جانبنا نحن الممثلين، حيث إننا نلعب دورًا جوهريًا في تحديد نظام العمل للجيل المقبل من الفنانين السعوديين».
تعمل سمية حالياً على عدد من المشروعات للمستقبل القريب، وتخفي مفاجأة كبيرة لا تزال في إطار التخطيط، وتتطلع إلى الإعلان عن المزيد عنها عما قريب!