امرأة تمتلك تاريخاً طويلاً في عالم الإعلام، قابلت أهم الشخصيات من مختلف أنحاء العالم، ناقشت مواضيع مثيرة للجدل تهمّ شريحة واسعة جداً من الناس، وتستحق بجدارة محاورتها حول أمور تخص المرأة وحقوقها في العالم العربي، إنها جيزال خوري الإعلامية اللبنانية الشهيرة ومقدمة البرامج الحوارية. تحمل جيزال شهادة في الإعلام المرئي والمسموع من الجامعة اللبنانية، ودبلوم في تاريخ الحضارات القديمة من جامعة الروح القدس الكسليك، وهي أرملة الصحفي اللبناني الشهير سمير قصير، الذي اغتيل في 2 يونيو 2005. أسست في العام 2006 مع مجموعة أصدقاء وأفراد من العائلة مؤسسة سمير قصير وتوّلت رئاستها. ومؤسسة سمير قصير مؤسسة غير ربحية تعمل في إطاري الثقافة والمجتمع المدني من أجل نشر الثقافة الديموقراطية في لبنان والعالم العربي وتشجيع حرية التعبير.
انضمت جيزال إلى «سكاي نيوز عربية» في شهر أغسطس 2020، لتطل عبر شاشتها في برنامج أسبوعي خاص وجديد «مع جيزال» الذي تستضيف خلاله نخبة من أبرز صناع القرار والمسؤولين من العالم العربي لمناقشة الموضوعات المثيرة للجدل سواء كانت اجتماعية، أو ثقافية، أو اقتصادية، أو سياسية.
اختارتها جريدة «نيويورك تايمز» عام 2005 كواحدة من بين أفضل 8 إعلاميات على مستوى العالم يعملن في مجال الأخبار والبرامج السياسية التلفزيونية، وكُرِّمت مرتين في فرنسا مرةً من قبل الرئيسر السابق فرانسوا هولاند عام 2011 ومرة من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في العام 2019.
وقبيل انضمامها إلى «سكاي نيوز عربية» عملت جيزال مع العديد من المؤسسات الإعلامية، حيث بدأت حياتها المهنية عام 1986 في المؤسسة اللبنانية للإرسال (LBC)، وقدمت من خلال قناة (إل. بي. سي) برنامجاً حوارياً شهيراً بعنوان حوار العمر التقت عبر حلقاته العديد من رؤساء الدول والسياسيين والشخصيات الفكرية في العالم العربي.
وفي العام 2002 انضمت جيزال إلى مجموعة «أم. بي. سي»، وخلال عملها في المجموعة ساهمت في تأسيس قناة «العربية»، حيث قدمت برنامجاً حوارياً أسبوعياً سياسياً على مدار 10 سنوات وتحديداً في الفترة ما بين 2003 و 2013، ثم انتقلت بعدها إلى قناة «بي بي سي عربية»، لتقدم برنامجاً حوارياً قابلت خلاله العديد من السياسيين والمفكرين على مستوى العالم.
وأثناء عملها في قناة «بي بي سي عربية»، قدمت برنامج «المشهد» الأسبوعي، الذي استضاف خلاله عدداً من القادة والدبلوماسيين والنجوم والمثقفين، بمن فيهم جاك شيراك، وعبد الله غول، وعبدالعزيز بوتفليقة، وعمر البشير، وحسني مبارك، ومحمود عباس، والعديد من الشخصيات الأخرى. وفي عام 2009 أسست جيزال شركة «الراوي» للإنتاج، التي بدأت أعمالها بإذاعة سيرة ذاتيّة تتكون من أربع حلقات عن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. امرأة تمتلك هذا التاريخ، قابلت شخصيات متنوعة من مختلف أنحاء العالم، ناقشت مواضيع مثيرة للجدل تهمّ شريحة واسعة جداً من الناس لا بدّ أن يكون لنا معها وقفة حوارية حول القوانين التي صدرت والتي تعنى بحقوق المرأة العربية. حوارنا معها كان عنوانه الشفافية ومحتواه آراء قدمتها من وجهة نظرها كامرأة وإعلامية أولاً وإعلامية عربية ثانياً وممثلة عبر قناة سكاي نيوز عربية للأصوات النسائية في برنامجها «مع جيزال» الذي يلقي الضوء على قصص النجاح الملهمة للنساء العربيات ويروج لإنجازاتهن في جميع أنحاء العالم.
بداية حديثها كان عن الإعلام، فقالت:« الإعلام مصدر رائع للتواصل وعنصر أساسي في عالم اليوم أكثر من ذي قبل. ومن المعروف أن المرأة متحدثة بارعة، لذا نرى حالياً واعتدنا دائماً على رؤية عديد من الوجوه النسائية على شاشاتنا». وتابعت: «من الرائع أن نرى العدد الكبير والمتزايد من النساء اللواتي يلعبن أدواراً أساسية في الإدارة والصحافة وخلف الكاميرات في وظائف رقمية وتقنية أيضاً». وأكدت الإعلامية اللامعة أن وسائل الإعلام تساهم في تمكين النساء، فالبنك الدولي يشير إلى أن النساء يمثلن نحو 48% في العالم العربي. وقد أتاحت المؤسسات الإعلامية فرصاً للمناقشات والحوارات، لذا من الضروري أن يكون لدينا أصوات نسائية تقدم وجهات نظر المرأة في جميع أنحاء العالم الناطق بالعربية، وأضافت أنه لا بدّ من تسليط الضوء على الاحتياجات والآراء والأسباب التي تؤثر على المرأة. وما من وسيلة
أفضل للمساعدة على إيصال الأصوات النسائية من تعظيمها من خلال وسائل الإعلام، وترى جيزال أن الأمر زاد بمرور السنوات في العالم العربي، وقد قالت: «مع تطور مسيرتي المهنية رأيت هذه الفرص تتطور أكثر فأكثر. إنها قضية أحب الاهتمام بها والدفاع عنها». وعن النساء اللواتي تعمل معهنّ بشكل يومي قالت: «أجد في النساء مصدر إلهام يدفعني لتعلم مهارات جديدة وللتطور». ففي رأيها من الضروري أن يركّز أي شخص يدخل مهنة الإعلام، رجلاً كان أم امرأة، على تنمية المهارات ومجاراة التغييرات المستمرة. وقد شرحت أنه يتعين على العاملين في مجال الإعلام أخذ المبادئ الأساسية بعين الاعتبار رغم وتيرة التغيير السريعة التي يشهدها لأن المصداقية، وضمان الجودة، والعمل الجاد، والمثابرة هي جوهر العمل الإعلامي.
ولتصل أصوات النساء بشكلٍ واضح ولتجد صدى بين الناس لا بدّ من إرساء المساواة بين الجنسين، وبالنسبة لجيزال، تعد قضية المساواة بين الجنسين مشكلة في جميع أنحاء العالم وفي كل مهنة. وهناك العديد من العوامل التي يجب معالجتها كي تتاح للنساء ما يُتاح للرجال من فرص ومكافآت وتطور، وقد قالت: «كنت أعتقد دوماً أن المرأة أمام الكاميرا تشعر بضغوط إضافية كي «تبدو جيدة»، ولكن مع تزايد الاهتمام الإعلامي بقضية المساواة، من الواضح تماماً أن النساء يشعرن بضغوط في جميع الأدوار التي يؤدينها. ويتزايد النقاش أيضاً حول الصدام بين العمر والجنس، فالمرأة حين تتجاوز 45 عاماً تواجه تحديات أكبر. ورغم أنها تحديات غير عادلة، فهي تعني أن استمرار المرأة في التطور المهني وتنمية مهاراتها يكتسب أهمية متزايدة».
وقد عبّرت عن فخرها بالنساء اللواتي حاربن النساء بقوة من أجل تحقيق المساواة في كل مكان، بما في ذلك العالم العربي، وما زلن يحرزن تقدماً يوماً بعد آخر، وأكدت قائلةً: «من الأهمية بمكان أن تواصل وسائل الإعلام تسليط الضوء على هذه القضايا، بالإضافة إلى الترويج لقصص ملهمة تستعرض إنجازات المرأة».
وفي خضّم الحديث عن المساوة وحقوق المرأة، تطرقت الإعلامية اللبنانية إلى تجربة دولة الإمارات التي اتخذت خطوات كبيرة وسنّت تشريعات كثيرة في هذا الخصوص. إلا أنها أشارت إلى ضرورة تنفيذ السياسات سعياً إلى زيادة عدد الشابات المتفوقات، وقد أعربت عن سعادتها بالمناصب التي وصلت إليها المرأة من الوظائف الوزارية، مروراً برئاسة الشركات ووصولاً إلى الشابات الطموحات اللواتي قررن خوض الحياة العملية بشجاعة، فقد قالت: «يعتريني شعور بالفخر بما حققته الإمارات في هذا الصدد، وآمل أن تسير الدول العربية الأخرى على نفس الدرب».
قضية التحرش من القضايا أيضاً التي شغلت الإعلامية اللبنانية على اعتبارها تضمن الأمان للنساء في المجتمع وتؤمن لهن الأجواء المناسبة لتحقيق طموحهن، وقد ذكرت في هذا الصدد مبادرة «ستاند أب» للتصدي للتحرش بالأماكن العامة في المملكة العربية السعودية التي تعكس مدى تقدم هذا المجتمع في موقفه المناهض لأي فعل خاطئ. وقد أشارت جيزال إلى أن التحرش بالأماكن العامة قضية منتشرة في جميع أنحاء العالم، وبالقطع تأثيرها على المرأة أكبر بكثير من تأثيرها على الرجل. ولحلّ هذه المشكلة لا بدّ أن نقر بالتحرش كجريمة، لتستفيد المرأة – والجميع – من حقها في التواجد بالأماكن العامة دون أن تفقد شعورها بالأمان.
المبادرة السعودية لم تكن المبادرة الوحيدة التي أسعدت جيزال، فمصر ولبنان كان لهما محطة لصون حقوق النساء وتأمين الأمان لهنّ أينما وُجِدن، فقد أبطل القانون اللبناني القانون الذي يحمي المغتصب من العقوبة في حال الزواج من ضحيته وفرض القانون المصري عقوبات على ختان الإناث. وتعليقاً على هذه القوانين قالت جيزال: «كم يسعدني رؤية تغييرات كهذه تحدث في العالم العربي! لقد تم إلغاء هذا القانون في لبنان قبل بضع سنوات بفضل الحملات التي شنتها والضغوط التي مارستها النساء والمنظمات النسوية على مدى سنوات. تخيلوا معي عالماً كان الاغتصاب فيه يعتبر من المحرمات، وتجبر الضحية على الزواج من مغتصبها بموجب القانون!»، وأضافت: «لا يجب أن يلاحق العار والخزي والقانون إلا شخص وحيد وهو المغتصب».
وفي ما تعلق بقضية الختان، قالت جيزال: «يجب أن تأتي الصحة في مقدمة الأولويات؛ فطرق الختان غير الصحية والمؤلمة، والتي قد تهدد حياة الضحية تؤذي المرأة بشكلٍ مروّعً وتحمل في طياتها اعتداءً على حقها في امتلاك جسمها،» وتابعت قائلةً: «من وجهة نظري، ينبغي أن يصبح الختان جريمة يعاقب عليها القانون. إنه لأمر جيد أن نقر بوجود هذه القضايا المهمة في مجتمعاتنا ونحاول إصلاحها. فهذا من شأنه أن يلهمنا إحراز تقدم إيجابي».
وسط التحديات التي تواجهها المرأة في حياتها اليومية على كافة الصعد، أكدت الإعلامية اللبنانية على ضرورة تحلّي النساء بالشجاعة وحثتهن على التسلّح بالإرادة والتركيز على الهدف والاجتهاد للتغلب على أي تحديات قد تواجهها في مسيرتها، وقد قالت: «اكتساب القدرة على الصمود والثبات لتحقيق أهدافك هو إنجاز في حد ذاته. لقد تعلمت الكثير طوال حياتي الشخصية والمهنية، وما زلت أتطور كامرأة من خلال التعلم من الإنجازات والقصص الملهمة المحيطة بنا. وإني متأكدة تماماً أن المرأة في العالم العربي ينتظرها مستقبل مشرق ومفعم بالأمل»
إقرأي أيضاً: اجتمعت هؤلاء المصممات من المنطقة لتوفير أزياء تناسب كل النساء على اختلاف أحجامهن