احتفالاً بعيد ميلاد النجمة منّة شلبي، نسترجع هذا الحوار الشيّق معها والذي نشر على صفحات عدد شهر يناير 2018 من ڤوغ العربيّة.
في سنّ صغيرة أصبحت منّة شلبي نجمة. شفافية الوجه وذكاء العينين قرّباها من الجمهور. والشفافية والذكاء وثراء التجربة وغنى الحضور دفعت إلى اختيارها للمشاركة في أهم المهرجانات السينمائية العالمية والعربية. ڤوغ العربية التقت منّة في مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته الأخيرة.
نُشر هذا اللقاء في عدد شهر يناير من ڤوغ العربية. بقلم هالة كوثراني.
عرفت منّة شلبي الشهرة في سنّ صغيرة، والانطلاق في دنيا السينما في مرحلة مبكرة سمح لها، كماتقول، «بتقديم أدوار أكثر تنوعاً، من أدوار الفتاة المراهقة إلى أدوار المرأة الناضجة، ووضعني في مكانة مختلفة عند صنّاع الأفلام، خصوصاً أنني أجدت الاستفادة من هذه الفرصة وعرفت قيمتها ومعناها، وقدّرت الخبرة التي أتيحت لي واستثمرتها في إتقان اختيار الأدوار». وقد كان التمثيل حلم منّة منذ الطفولة، كما تكشف، «أذكر أنني كنت أقف أمام المرآة لأقلّد ممثلات أراقبهن على الشاشة. فالتمثيل هو الهدف الحقيقي الذي سعيت ومازلت أسعى إليه عبر ما أطمح إلى تقديمه من أعمال مختلفة».
لكن هل الموهبة وحدها تؤدي إلى النجاح منذ الأدوار الأولى؟ «النجاح معادلة متوازنة بين الموهبة والاجتهاد والحظ، تضاف إليها عوامل أخرى. يوجد نجاح من دون موهبة، كما أنّ حُسن اختيار الأدوار أساسي في هذه المعادلة، إلى جانب الاجتهاد طبعاً. وللآخرين أيضاً دور في هذا النجاح، أعني باقي فريق العمل والجهد الذي يبذلونه، ولا يمكن إغفال دور الحظّ الذي يفرض نفسه عبر توقيت طرح العمل على سبيل المثال وكذلك انجذاب الجمهور إليه».
هذا النجاح الذي فصّلنا أسبابه وعناصره أدى إلى عرض أفلام شاركت فيها منّة في أهم المهرجانات السينمائية مثل مهرجانيّ فينيسيا وكانّ وغيرهما، فالسينما فتحت لمنّة شلبي الأبواب. «لا أستطيع أن أُنكر أن بدايتي سينمائية، ومعظم الأعمال التي عرفت الجمهور إليّ كانت أعمالاً سينمائية، لكن التلفزيون قدّم لي الكثير أيضاً، خصوصاً بعد نجاح مسلسليّ «حارة اليهود» و«واحة الغروب». «ومنّة الممثلة السينمائية تختلف عن منّة الممثلة التلفزيونية، بل تتفق كل منهما في التدقيق والتعمّق في التفاصيل قبل اختيار الدور، لكن نظرتي إلى الدور التلفزيوني في عمل يعرض خلال 30 يوماً تختلف عن نظرتي إلى الدور السينمائي في عمل مدته أقل من ساعتين». تركّز منّة في كلامها على حسن اختيار الأدوار محترمة بالتالي معنى التمثيل على أنه محاكاة الواقع بدلاً من التحايل عليه. وقد قدّمت أدواراً اعتبرتها جريئة ممثلات يرفعن شعار «السينما النظيفة» الغامض وغير الدقيق. «أنا مؤمنة بأن لكل شخصية أبعاداً متعّددة وعلى الممثلة أن تتقمّصها بالكامل بحيث تتوحد مع الشخصية. أؤمن بفترة تحضير طويلة تجعل الممثل ينسلخ عن جلده ويرتدي جلد الشخصية. أنا لست معترضة على َمن ينادون بالسينما النظيفة لكني معترضة على مفهومها، فالسينما النظيفة التي يريدها البعض لا يمكن تقديمها إلا في المدينة الفاضلة. وأنا فخورة بأدواري، كلّها من دون اسثناء قريبة إلى قلبي لأنني بذلت لأدائها جهوداً ومنحتها طاقتي وتركيزي وتفاعلت معها سواء أكانت أدوار بطولة أم أدواراً صغيرة. قبل دوري في «واحة الغروب» كنت أتمنى تقديم دور تاريخي. أما الدور الذي أتمنى تقديمه الآن فهو دور شخصية حقيقية، أو أي دور يواجهني بتحديات جديدة ويسمح لي بأن أجّرب مناطق لم أقترب منها».
هذه التحديات النبيلة التي تخافها منّة، واجهتها خلال تعاملها مع أهم المخرجين في تاريخ السينما المصرية نذكر منهم رضوان الكاشف ويوسف شاهين. «بالتأكيد كل تجربة خضتها تعملّت منها الكثير سواء على مستوى العمل أو العلاقات ضمن إطاره والتقرّب من أشخاص أعتّز بمعرفتهم، وكل منهم يتبع مدرسة معينة، وبالتالي يطرح تجربة مختلفة. أما من ترك التأثير الأقوى في مسيرتي بين المخرجين، فهو رضوان الكاشف الذي منحني فرصة الظهور الأول، فوجدتني أمام «الساحر» محمود عبد العزيز، وآخر مخرج تعاملت معه مروان حامد الذي استفدت من تجربته وتأثرت به، وأحب أن تجمعني به أعمال أخرى». يلوح في كلام منّة شلبي شغف بسحر السينما، سينما المشاعر والتفاصيل. «السينما شغف قبل أن تكون مهنة، والفنان الذي لا يحركّه شغف بمهنته مستحيل أن ينجح أو يتخطى الحواجز. أنا أنبهر بهذه الأشعّة الضوئية المنبثقة من الشاشة، وأقدّر صناعة حيوات موازية لحيواتنا بكل تفاصيلها، نراها ونتعرّف إلى شخصياتها وبيوتها وأهلها وردود أفعالهم وكلامهم. السينما كتاب نفتحه لنكتشف عالماً جديداً لم نكن لنراه بسبب بعده الجغرافي أو أنه عالم خيالي ساحر تعتمد عليه الفانتازيا. أحب سينما الإنسان التي تعرض مواقف تعلّمنا مواجهة الحياة، سينما اللحم والدم والتفاصيل».
ربما هي العلاقة العميقة الواعية بالفن في شكل عام والسينما في شكل خاص التي دفعت إلى تراكم الأدوار في رصيد منّة، فكاد أن يتجاوز عددها الخمسة والثلاثين، في حين أن الفنانة ما زالت في منتصف الثلاثينات. فما الذي تطمح إليه الصبية المنجزة؟ «طموحي لا سقف له، كل محطة في حد ذاتها هدف، وكذلك منّصة للانطلاق إلى المحطة التي تليها. أرى أن مازال لديّ الكثير لأقدمه». وقد شاركت منّة في لجان تحكيم مهرجانات سينمائية عريقة، كما سجّلت حضورها أخيراً في مهرجان دبي السينمائي الدولي الذي كان قد منحها في دورته الثانية عشرة جائزة أفضل ممثلة عن أدائها في فيلم «نّوارة». «بالتأكيد المسؤولية كبيرة أولاً تجاه نفسي لأجل اختيار أدوار تحقق نجاحاً أكبر وتنال رضا المشاهدين وإعجابهم، لأن النجاح أسهل من الحفاظ عليه. وكذلك لم تكن سهلة المشاركة في لجان تحكيم مهرجانات مثل الأقصر وقرطاج، بل شكّلت تحدياً تنحية أهوائي والنظر إلى العمل الفني وتفكيك عناصره وتقييم كل منها على حدة، يتطلّب الأمر أيضاً اطلاعاً وقراءة في مجال السينما ليكون الحكم أكثر مهنية».
“يغضبني التدخل في حياتي الشخصية وعدم القدرة على التمييز بين الإعجاب والتطّفل”
في خضم كل هذا استطاعت منة شلبي أن تبني صداقات في الوسط الفني. «أعتز بأصدقائي في الوسط وهم كثر. أمضي مع أعضاء فريق أي عمل أقدّمه ساعات طويلة، وأرى أن على الفنان أن ينشر طاقة إيجابية بين زملائه، وهو ما يضيف إلى العمل ويظهر في النتيجة النهائية على الشاشة». أما النقد الذي يطاول المظهر والشكل فلا تهتم منّة به. «أفعالي وتصّرفاتي واختياراتي يسبقها تفكير عميق واقتناع واضح، وإذا لم تعجب أحداً ما أتفهم رأيه ولا أهتم به. أحرص على معرفة آراء قلّة من المقّربين، لكن تغيير أمر ما أو اعتماده يعود لي أنا فقط. وهنا يمكن أن أكشف أنّ أكثر ما يغضبني هو عدم احترام عملي أو الاستخفاف بمهنة التمثيل، وأيضاً التدخل في حياتي الشخصية وعدم قدرة البعض على التمييز بين الإعجاب والتطفل». لكن هل يزعج منّة أن يكون الجمهور قريباً منها عبر منّصات التواصل؟ «لديّ حسابات موثقة على فيسبوك وتويتر، وأتواصل بشكل دوري مع الجمهور، ولا يمكن أن تنزعج فنانة حقيقية من تقرّب الجمهور منها، فالحب الذي يُغدق عليها هو ثمرة هذا الجهد الذي تبذله».
بقلم هالة كوثراني، تصوير ستيفاني غاليا، تصوير ستيوارت روبيرتسون، شعر ومكياج إيما غامبينو ماسترمان، لدى MMG ARTISTS، شكر خاص لـ BEAR GARCIA وTUNING UAE على السماح باستخدام موقع التصوير.
شاهدي تفاصيل تألق نانسي عجرم على غلاف عدد شهر يناير 2018 من ڤوغ العربيّة