في عالم كثرت فيه المشاكل وثقلت فيه الأعباء، أصبح الضحك ضرورة يبحث عنها المرء وتحوّل الكوميديون إلى ملاذ يهرب إليه. وللكوميديا في الوطن العربي ربّاته، نشرن البسمة، أضحكن الناس وأمتعن الجمهور بخفة دمهن وسرعة بديهتهن
شيماء سيف
من مصر، احتلت شيماء سيف مكانةً مهمة جداً في عالم الكوميديا. ناهيك عن كونها تحمل الدم المصري المعروف أصلاً بخفته وبتقديره لفن الكوميديا سواء في السينما أو المسرح أو التلفزيون، تتمتع شيماء بموهبة عظيمة، يكفي أحياناً أن تضحك لتعلو أصوات الضحكات من كل مكان، فما بالك بها حين تبدأ بسرد إحدى قصصها أو بالتعليق على موقف معين! تبلغ شيماء من العمر 13 عاماً وهي متزوجة منذ سنة، انطلقت في العمل الفني منذ 6 سنوات وأول بداياتها كانت في تقديم برنامج مقالب «شيكروباص» الذي حقق نجاحاً هائلاً فلفتت انتباه المخرجين وانهالت عليها العروض بكثرة. وعن سرّ نجاحها تقول: «يكمن سر نجاحي في انغماسي في الحياة وتفاعلي مع الناس، فبذلك أرسم في ذهني شخصيات جديدة ومواقف متنوعة تخدمني في عملي». لا تنكر شيماء إطلاقاً أهمية الاجتهاد المستمر لتطوير الموهبة وصقلها من خلال الانفتاح على الآخر والاطلاع الدائم على كل جديد مخافة الوقوع في فخّ التكرار والرتابة. تضع شيماء إضحاك الناس ضمن أولوياتها، وهي بدورها تبحث عن الضحك وعن من يُضحكها بعفويته وبساطته بعيداً عن التكلف والتصنع كالنجم عادل إمام ومحمد هنيدي وأحمد حلمي وطبعاً زوجها الذي يتمتع بحسّ فكاهي عالي جداً يتفنن في عرضه لها في البيت. ولما كانت هذه الأسماء تضحكها كثيراً، تتمنى أن تعمل معها فهي تعتقد أن وقوفها أمامهم سيكشف لها عن خبايا جديدة في شخصيتها وعن جوانب كثيرة في موهبتها لم يسبق لها أن لمستها.
روسن الحلاق
الأردنية روسن الحلاق من الأسماء اللامعة في عالم الكوميديا. تحت إصرار أصدقائها أرسلت فيديو مدته دقيقة إلى قناة خرابيش، وتم اختيارها من بين 100 مشارك لتظهر في العالم 2013 على قناة N20 ضمن حلقة بعنوان «البنات والأعراس» التي حققت نصف مليون مشاهدة في بضعة أيام، وبعدها تتالت مشاركاتها وأعمالها الكوميدية. إلا أن مشوار روسن لم يكن سهلاً فقد واجهت صعوبات كثيرة في مجال يحتكره الرجال ويقل فيه ظهور الفتيات، ناهيك عن النقد السيء غير البنّاء الذي تقرأه عبر وسائل التواصل الاجتماعي لا سيما ذلك الذي يطال شكلها ولا يتناول أداءها وعملها. إلا أنها تجاهلت كل نقد مسيء، وتخطت كل ما واجهته من صعاب، ونظرت إليها بعين التفاؤل فرأت فيها سبباً حقق لها الانتشار الواسع، فاستفادت منها وأضافت إليها الاجتهاد إلى أن تمكنت في النهاية من فرض اسمها وإثبات نفسها وموهبتها. وعن شهرتها تقول:«أتت شهرتي من تطرقي إلى مواضيع تخص المرأة، لذلك فضلت أن أركّز على المرأة بشكلٍ عام والمواقف المختلفة التي تواجهها». تنوي روسن مستقبلاً أن تتناول في أعمالها المرأة المتزوجة بشكلٍ خاص. اليوم بعد أن حققت بعض الإنجازات التي تفخر بها ومنها تقديم ستاند أب كوميدي عبر “نتفلكس”، لتكون بذلك أول عربية تظهر على منصة عالمية، ومشاركتها أيضاً كأول عربية في مهرجان مونتريال للضحك في كندا، تود روسن أن تحظى بفرصةٍ الوقوف أمام الأسطورة عادل إمام وشيماء سيف، وهي متفائلة بهذا الشأن وتعتقد أن الفرص المستقبلية التي ستُتاح أمامها ستكون مهمة لأن المهنة تشهد تقدماً ملحوظاً ومفهوم الستاند أب كوميدي يلقى رواجاً واسعاً كفنٍ راقٍ يعبر بصدق عن الواقع.
هتون قاضي
لا يمكن المرور على الكوميديا في العالم العربي من دون أن نذكر السعودية هتون قاضي. أولى محطات هتون كانت عبر فيسبوك في العام 2010 حيث كانت تدوّن منشورات ساخرة، وفي العام 2011 فتحت حساباً عبر تويتر وأنشأت مدونة ساخرة بعنوان «مذكرات أم كول». انتشرت هذه المدونة على نطاق واسع مع انطلاق موجة البرامج اليوتيوبية مثل «على الطاير» و«أيش اللي ولا يكثر»، فركبت الموجة وأطلقت برنامجاً يوتيوبياً ساخراً «نون النسوة» الذي استوحى مواضيعه من التدوينات الساخرة، وانتشرت الحلقة الأولى منه بعنوان «ماذا ستخسر إذا كنت كولاً» بسرعة البرق وحققت أكثر من نصف مليون مشاهدة في خلال ٥ أيام. على غرارها غيرها من النساء العاملات في مجال الكوميديا، واجهت هتون بعض الصعوبات وأولها الصورة الذهنية عن المرأة التي تضعها في قالب النكد والدراما الحزينة. إلا أن اختيار هتون للمواضيع ساهم في تغيير هذه الصورة، وعن هذا تقول: «حرصت في برنامجي «نون النسوة» على تناول القضايا الاجتماعية من وجهة نظر نسائية وتوجهها هذا لاقى استحسان الناس فارتفع عدد متابعيي المخلصين وتفاعلهم معي». هتون فخورة لكونها أول من تناول قضايا ولفتت الانتباه إليها لتلقى اهتماماً ومن ثم حلولاً مثل قضية الاعتماد على السائقين بسبب منع القيادة، قضية الولاية وعمل المرأة وغيرها. هتون التي تتمنى العمل مع أحمد أمين وياسر بكر وديفيد شيبيل لتزيد خبرتها وقوتها في الطرح، تحضر حالياً لبرنامج تلفزيوني تتمنى أن ينال الاستحسان في ظل الطفرة المنتشرة في السعودية وتنوي إصدار كتابها الأول الذي تقص فيه سيرة ذاتية تلخص حياة جيل الثمانينات لتترجم بذلك على صفحاته عشقها للكتابة.
ميس حمدان
ميس حمدان واحدة من أهضم الكوميديات في عالمنا العربي. هي جوكر في الفن إذ تمثل وترقص وتقلّد وتغني، وجوكر لهجات إذ تتقن اللهجات الأردنية، السورية، المصرية، اللبنانية والخليجية فهي أردنية المولد، إماراتية النشأة ومصرية المعيشة. دخول ميس عالم الكوميديا لم يكن بالأمر السهل وعن هذا تقول: «لم يكن دخولي في مجال الكوميديا سهلاً، كوني امرأة أولاً وجميلة الشكل ثانيا»ً. منذ سنوات كان للرجال حصة الأسد على مسارح الستاند أب كوميدي وفي الأعمال الفنية الكوميدية. وكان الجمهور يحصر الكوميدية بكاريكتير معين وهيئة ترتسم الكوميديا في مختلف قسماتها. إلا أنها أصرت على تسلق سلّم الكوميديا والوصول إلى قمته. ظهورها التلفزيوني الأول كان عبر برنامج «توب تان» الموسيقي، إلا أن حلمها بإضحاك الناس لم يفارقها. بينما كانت تقدّم برنامجها، تابعت إيلين جنيريس التي تعدها مثالها الأعلى وتعلّمت منها أصول لعبة الكوميديا، وكثفت جرعة الكوميديا في كلّ إطلالة لها فلفتت أخيراً نظر المنتجين ولامست «هضامتها» نفوسهم فكانت انطلاقتها في برنامج CBM عبر قناة إم بي سي وهو نسخة عربية عن البرنامج الأمريكي Saturday Night Live لتتوالى بعدها الأعمال التي شاركت فيها. تحضر ميس حالياً لعملٍ سعودي وهي تطمح إلى تقديم ستاند أب كوميدي تتناول فيه العلاقات الزوجية والمواقف الطريفة التي يعيشها الزوجين وإلى توسيع قاعدة متابيعها التي تنحصر اليوم بالمراهقين والشباب حتى عمر الخامسة والأربعين لتطال مختلف الأعمار. ميس التي لا تزال تضحك جداً حين تعدد والدتها أسماء أخواتها جميعهن قبل أن تصل إلى اسمها، تقرّ: «الكوميديا فنّ صعب لأن إضحاك الناس يتطلب حساً عالياً من الفكاهة وسرعة البديهة والجهد، بعكس إبكائهم الذي لا يستدعي إلا المس بمشاعرهم»
جرعة من الضحك: هذه هي الأدوار البارزة في مسيرة نجم الكوميديا سمير غانم