وصل المصور الفوتوغرافي رميش شوكلا إلى الإمارات أول مرة عام 1960، وكان لا يحمل معه آنذاك أكثر من كاميرا روليكورد وقليل من الأمتعة الشخصية، ولكن القدر جعله يلتقط بتلك الكاميرا صور بعضٍ من أهم اللحظات في تاريخ الدولة، إذ وثَّق أعمال سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه.
وكان أول لقاءٍ للمصور رميش شوكلا مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لا يُنسى – ودون أي شكليات رسمية أو بروتوكولات.
على الرغم من عدم وجود لغةٍ مشتركة بينهما، إلا أن الشيخ زايد قد رحب بشوكلا وعامله كفردٍ من المجتمع. وقد أسر حضورُ الشيخ زايد والكاريزما التي يتحلّى بها المصوّرَ شوكلا، وأراد أن يلتقط صورَ الشيخ بعدسته، ليحفظ تلك اللحظات الخالدة للأجيال القادمة. ويصف شوكلا قَدَرَه ووجوده في الإمارات بأنه كان “في المكان المناسب والوقت المناسب”. ولكن وصوله إلى الإمارات عام 1960 كشابٍ في العشرينيات من عمره لم يكن بالأمر الهيّن، فقد أرسلته الصحف الهندية في مهمة لتوثيق الحياة في المنطقة، وقضى خمسة أيامٍ على متن قاربٍ انطلق من مومباي، وليس معه طعام سوى القليل من الموز. وبالكاد كان معه القليل من الأمتعة الشخصية ومبلغ خمسين روبية هندية فقط لا غير، ولكنه كان يحمل في حقيبته كاميرا روليكورد و25 بكرة أفلام – وهي هدية تلقاها في عيد ميلاده الرابع عشر. ولدى وصوله، كانت في انتظاره تجارب ومناظر وتقاليد لم يألفها. وكونه فناناً فضولياً، فقد اقتنص أكبر قدرٍ ممكنٍ من الفرص لالتقاط الصور وتوثيقها في فيلم.
وكانت دبي في الستينيات مختلفةً للغاية عمّا هي عليه اليوم، ولم تكن صورها موثقة على نحوٍ كبيرٍ. وكان لصور شوكلا أثرٌ بالغٌ على الفور. وبعدما أكمل مهمته وعاد إلى الهند، رجع إلى الإمارة لالتقاط المزيد من صور الحياة اليومية. وفي هذه المرة اصطحب معه زوجته وأطفاله، وأنشأ استوديو في ديرة.
وسرعان ما تحوّل إلى أهم مصوّرٍ فوتوغرافيٍّ في البلاد، حيث التقط ما يزيد عن مئة صورةٍ يومياً وجهد على تظهيرها ليلاً. وقد صور الحياة في مدينةٍ وبلدٍ سرعان ما تغيرا على نحوٍ يصعب ملاحقته، إلا أن أشهر صورة بعدسته هي صورة تأسيس الدولة رسمياً.
في عام 1971، شهد شوكلا توقيعَ معاهدة تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في دار الاتحاد بمنطقة جميرا. ومن يومها حتى الآن، بعدما التقط صوراً لا تعدُّ ولا تحصى، يعتقد شوكلا أن صورة الشيخ زايد وهو يوقع المعاهدة هي إحدى أفضل الصور التي التقطها بعدسته. والتقط شوكلا أيضاً ما أصبح إحدى أشهر صوره الأيقونية في تاريخ دولة الإمارات – وهي صورة جماعية يظهر فيها جميع حكام الإمارات وهم يقفون معاً تحت علم الدولة الخفّاق. وقد وقع الاختيار على إحدى صوره السبع التي التقطها لتكون الصورة الرسمية للحدث التاريخي، وهي تزيِّن الآن المكاتب والمباني على طول الإمارات السبع وعرضها، وتمت الاستعانة بها في ابتكار شعار روح الاتحاد.
ويمتلك شوكلا المئات من لفافات الأفلام غير المُظهَّرة من السبعينيات والثمانينيات، وتظهر طوال الوقت أعمالاً قديمة له، ومنها الصور التي تعرضها ڤوغ العربية هنا، وتواصل صوره جذب اهتمام حشود من الجماهير التوَّاقة لرؤية كيف كانت تبدو الحياة قبل انتشار المولات وخطوط المترو. ويقيم متحفُ الاتحاد في دبي -وهو أول متحف وطني في دولة الإمارات- معرضاً دائماً لمجموعة صور شوكلا التاريخية، والتي عملت زوجته وابنه على حفظها وأرشفتها.
وإليكم فيما يلي المزيد من الصور التي لم تُشاهَد من قبل.
والآن اقرؤوا: الفنّ الذي نرتديه بأنامل ياسمين دبوس