من أجل الإنسان أياً كان لونه أو عرقه أو خلفيته رمت اللاجئة السورية السبّاحة الماهرة يسرى مارديني نفسها في الماء وسحبت القارب لتنقذ من كان على متنه يصرخ طالباً العون للوصول إلى برّ الأمان
أنا يسرى مارديني عمري 24 سنة، لاجئة من دمشق في سوريا. أعيش حاليًا في هامبورغ بألمانيا منذ 7 سنوات تقريبًا بعد الحادث الذي تعرضت له على الزورق وغيّر حياتي، وتحول الأمر معه إلى السعي من أجل الحياة. تعطل موتور القارب الذي كنا على متنه، فما كان مني إلا أن قفزت في البحر مع شقيقتي لمساعدة الآخرين لأننا نعلم أن معظمهم لا يعرفون السباحة. وبصراحة، بذلت قصارى جهدي للمساعدة في تحقيق التوازن على القارب مع أختي وشخصين آخرين وما زلت حتى الآن لا أصدق أننا مررنا بموقف كهذا. وكنت أستمد حافزي من شقيقتي. كنت أشاهد ما تفعله، فأفعل مثلها. وكنت أيضًا أريد النجاة بحياتي وأن أعيش، شأني شأن أي إنسان في موقف كهذا. وعن نفسي، أنا ممتنة لكل ما مررت به لأنه علمني أن البشرية أقوى معًا وأنه عليّ أن أحاول مساعدة الناس كلما استطعت.
يعيش والدي ووالدتي وشقيقتاي في برلين. والدتي أخصائية علاج طبيعي، ووالدي مدرب سباحة وحارس إنقاذ، وشقيقتي الكبرى سارة ناشطة وتساعد اللاجئين، وشقيقتي الصغيرة في المدرسة. على الرغم من أن والدي ووالدتي وشقيقتيّ يعيشون في ألمانيا، فإني أفتقد وطني سوريا كل يوم وأشتاق إليه كثيرًا. وأفتقد عائلتي وأصدقائي هناك بشكل خاص. ومع ذلك، أعتقد أن كل شيء يحدث لسبب ما، وأحاول أن أرى الجانب الإيجابي في كل موقف. وأشعر بالحزن والتأثر تمامًا مثل أي شخص آخر، لكنني دائمًا ما أذكّر نفسي بأن لدي سقف يأويني وطعام أتناوله وعائلتي من حولي، لذلك أنا محظوظة للغاية، ويمكنني تحقيق أي شيء أريده على الرغم من كل التحديات. وأحاول التفكير بطريقة مماثلة في العمل الذي أقوم به لمساعدة الناس على فهم أن اللاجئين يمرون بسبل مروعة من أجل الوصول إلى بر الأمان وأن كونك لاجئة لا يعني أنه لا يمكنك تحقيق أهدافك بعد الآن.
أنا سبّاحة محترفة وشاركت في الأولمبياد مرتين مع الفريق الأولمبي للاجئين وكنت حاملة العلم في طوكيو 2020. عندما دخلت الاستاد في ريو 2016، أدركت أن كوني عضوة في هذا الفريق أكبر بكثير من الفوز بميدالية ذهبية. كان يعني أن بإمكاني تحفيز وإلهام الملايين حول العالم، ويعني أيضًا أن هذا الفريق يمثل ملايين اللاجئين في أنحاء العالم، لذا منحهم هذا الفريق الأمل وجعلهم يؤمنون بأنهم قادرون على تحقيق أهدافهم حتى لو كانوا لاجئين. أعمل مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وأزور كثيرًا المخيمات لزيادة الوعي بالوضع. وأخطب في المحافل الكبرى، حرصًا على أن يفهم الناس ما يجري وأستخدم مواقع التواصل الاجتماعي للفت الانتباه إلى أزمة اللاجئين. وكان اختياري سفيرة للنوايا الحسنة أمرًا يفوق الخيال فلم أتخيل قط بأنني سأمتلك مثل هذا الصوت القوي والقدرة على تغيير الخطاب. وساهمت هذه الفرصة في تشكيل شخصيتي اليوم وساعدتني على فهم اللاجئين على نحو أفضل عبر زيارة المخيمات ومحاولة تغيير وصمة العار العامة التي تنال من اللاجئين وقدراتهم. أود أن يعرفوا أنهم ليسوا وحدهم وأن عليهم الفخر بما مروا به لأنه ليس أمرًا سهلاً على الإطلاق. لقد صدمت أيضًا عندما رأيت أن هناك مقارنات تعقد بين اللاجئين العرب والأوكرانيين في الصراع الدائر حاليًا في أوكرانيا، فلا يهم من أين يأتي اللاجئون أو ما لون بشرتهم أو الديانة التي يعتنقونها، فاللاجئ إنسان يحاول الهروب من الحرب والعنف والكثير من الصدمات، لذلك يجب معاملة هؤلاء اللاجئين على قدم المساواة، كما يجب الترحيب بنا في جميع أنحاء العالم. إن عملي مع المفوضية ضروري لحث اللاجئين على رواية قصصهم على غرار ما فعلناه أنا وأختي حين هربنا من سوريا التي مزقتها الحرب ونجونا من الغرق المؤسف للقارب.
أنا محظوظة جدًا لأني عشت الكثير من لحظات السعادة، ولكن أود أن أقول إن مشاركتي في الفريق الأولمبي للاجئين كان من أجمل الذكريات التي لن أنساها. وأسعد كثيرًا عندما يكتب لي مواطنو بلدي ويقولون إنني ألهمتهم. أفخر بأنني استطعت أن أقدم لهم شيئًا يفخرون به ورددت الجميل للوطن الذي نشأت فيه ولعب دورًا عظيمًا فيما أنا عليه عامةً كامرأة سورية. لا تسمحي لأحد أن يقول لك «لا تستطيعين لأنك امرأة». اِسعي خلف ما تريديه وثقي بنفسك. واحتفظي حولك بدائرة صغيرة من الداعمين لك واِسعي، مهما كلفك الأمر.