«تربة» من أرض قطر إلى العالم، عودة إلى الجذور في تجربة عناية من قلب الطبيعة والتراث
في ظل الأهمية المتزايدة لنمط الحياة الصحي، والوعي المتنامي بالآثار الضارة للمواد الكيميائية والصناعية في المنتجات الحديثة، أدرك محمد الخاطر أهمية التناغم مع الطبيعة للاستفادة من طاقاتها الهائلة، وحوّل شغفه بالطبيعة ونباتاتها التي تزخر بها أرض قطر إلى مشروع رائد يحمل اسم «تربة» يختصر معاني الرفاهية والاستدامة والعودة إلى الجذور.
محمد علي الخاطر، رجل أعمال قطري، مستشار لصناعة المنتجات الطبيعية والصحية، ومؤسس مشارك لشركة «تربة» فارمرز ماركت، و«تربة» للمنتجات الطبيعية، ومختبرات شركة «تربة» وعدد آخر من الشركات منها شركة «كرو كونسبت» المتخصصة في التجهيز والتصميم، وشركة More chocolates الأولى من نوعها في قطر للشوكولاته العضوية. عمل مستشاراً لعدة مؤسسات من ضمنها هيئة متاحف قطر، ومتحف قطر للأطفال «دَدُ»، وشركة مشيرب العقارية، ومؤسسة قطر، ومنتجع شيفا سوم الصحي، ومنتجع زُلال الصحي.
تخرج الخاطر من جامعة سانت أندرو الإسكتلندية متخصصاً بالأدب الإنجليزي ودراسات الأفلام، ثم حصل من الرابطة الوطنية للعلاج الشامل في الولايات المتحدة الأمريكية على دبلوم في التطبيقات السريرية للنباتات العطرية والعلاج العطري. وشارك في دورات تدريبية وجامعية في مجال استخراج النباتات وتطوير المنتجات والعلاجات النباتية والمركّبة، والطب الطبيعي والبديل.
يقول الخاطر «وُلدتُ في حقبة مثّلت بدايةَ الابتعاد عن الطبيعة، اتّسمت بانتشار استخدام المواد التركيبية والكيماويات الصناعية في جميع المنتجات، غير أنّ جيل والدي وأجدادي كان لا يزال متمسكاً بالعديد من عاداته القديمة، في نظامه الغذائي واعتماده الطب التقليدي، ولقد تأثرت كثيراً بهذه الثقافة وبنشأتي في منزل ذي حديقة جميلة فيها نباتات طبية وعطرية متنوعة أسَرتني في سن مبكرة».
فكرة إنشاء شركة لإنتاج المنتجات الطبيعية انطلقت من مبدأ تعزيز نمط الحياة الصحية في المجتمع دون أي ضرر بالإنسان أو بالبيئة. ويروي محمد الخاطر قائلاً: «كانت تجربتي كاستشاري للصحة والمنتجات في مشروع منتجع «زُلال» الصحي مصدرَ إلهام لتطوير مستحضرات التجميل الطبيعية المصنعة بالاعتماد على النباتات المحلية؛ وكانت تلك التجربة العملية مع المنتجع الرائد في العلاجات الطبيعية باعثاً على الانجذاب نحو النباتات القطرية واكتشاف أهميتها الاقتصادية والصحية والجمالية. وقد شاركتُ في تطوير جانب الطب البديل والعربي لمنتجع «زُلال» الصحي، وساهمت في ابتكار منتجات مستوحاة من نباتات قطر والطب العربي».
أبصرَت شركة «تربة» للمنتجات الطبيعية ومزرعة «تربة» النورَ لتكونا رائدتين في تقديم مجموعة متنوعة من المنتجات المصنعة من مواد قطرية المنشأ ولتسليط الضوء على النباتات القطرية الفريدة التي ظلت كنزاً خفياً من كنوز هذا البلد، وحان وقت كشفها بفخر للعالم.
«لم يُعقنا المناخ الحار لبلدنا الصحراوي، ولا ندرة المياه، ولا التضاريس الرملية عن القيام بزراعة نباتات محلية مذهلة، يؤكد الخاطر، بل زاد من سعينا لإظهار كل ما هو قيّم في طبيعة قطر، لا سيما نبتة «العرار» التي تُعد جوهرة قطرية أصيلة، ولإنتاج مستحضرات عالية الجودة تَستخدم لأوّل مرة مكوّنات نادرة ومحلية إضافة إلى بعض المواد الطبيعية الخام المستوردة من الدول العربية الأخرى».
البدايات لم تكن سهلة كما يروي الخاطر «بدأنا مشروعنا في بلد محدود الموارد الطبيعية والبشرية، فكان على فريقنا التعلم وتطوير طريقته في التفكير لتجاوز تلك التحديات وتلقي التدريب على أيدي خبراء في هذا المجال. فريقنا اليوم يتمتع بمهارات متخصصة مكّنتنا خلال الأعوام الخمسة الماضية من الاستمرار في تطوير منتجاتنا، وأهّلتني شخصياً لإنتاج وتطوير المنتجات الطبيعية في قطر».
يَعتبر الخاطر عالَم مستحضرات التجميل الطبيعية ومنتجات العناية امتداداً لنمط الحياة الصحي ولا يقتصر فقط على المظهر. ويقول: «نحن في «تربة» لا نخلق الجمال إنما نجعله يتدفق من نسيج الطبيعة على أنقى صوره ثم نتشاركه مع العالم بطرق مستدامة».
هذه الرحلة في عالم الطبيعة تجد جذورها في انتماء الخاطر إلى ثقافة وتراث ودين له صلة عميقة بالطبيعة واستخدامها لخدمة المجتمع والبشر. وعن هذا يقول: «تراث قطر متصل بالطب التقليدي العربي والإسلامي. كان جيل جدّتي والنساء التقليديات يستخدمن نباتات الصحراء بكثرة، للعلاج ولتحسين جودة حياتهن وحياة ذويهنّ. وهذا ما شكّل مصدر إلهام لنا جميعاً. ومنطقتُنا تُعدّ أصل اختراع تقنية التقطير بالبخار مع العالم الشهير ابن سينا، وتزخر بالنباتات العطرية الشهيرة والتوابل والبخور. وفي «تربة» نقوم بإعادة هذا الشغف القديم بالنباتات والروائح، ونتيح للناس تجربتها على نطاق أكثر تنوعاً». منتجات تربة متنوعة تشمل منتجات العناية بالبشرة والعناية الشخصية والصابون ومنتجات التنظيف الطبيعية؛ كما تشمل المبيدات الحشرية الطبيعية، والعلاجات الطبيعية والمكملات الغذائية، والأعشاب المجففة، والعسل ومنتجات المناحل، والزيوت الأساسية والطيارة، وماء الورد وغيره من المياه النباتية العطرة، والمكونات الطبيعية. لقد أحب الناس هذه المنتجات المختلفة لنقائها وجودتها، وكونها صديقة للبيئة وآمنة للاستخدام كما لروائحها وخصائصها.
حُلم الخاطر لبلده ولمشروع «تربة» كبير جداً، وشعار «صنع في قطر» يمثل بالنسبة إليه المعيار الجديد لجودة الخدمة والإبداع، كنتيجة مباشرة للاهتمام بجودة التصنيع التي تعتمدها «تربة». وعن حلمه يقول: «نتلقى اتصالات من عدة شركات ترغب في منتجاتنا. وبعد ترسيخ تواجدنا في السوق القطرية، سنحاول مستقبلاً تصدير زيوتنا الأساسية المقطرة من المزارع والمنتجات الطبيعية إلى الخارج والتعاون مع مختلف شركات العالم التي تتبنى مبادئنا نفسها».
حالياً يضم متجر «تربة» قسم عطارة يحوي مجموعة كاملة من المنتجات ومقهىً عضوياً كاملاً. ومنتجاته متوفرة في متجري «مونوبري» و«إيفرغرين»، وقريباً سيتوفر بعضها في منتجعات وفنادق فاخرة مختلفة في جميع أنحاء قطر. كما سنفتتح متجراً رئيسياً جديداً وسننتقل إلى منشأة تصنيع أكبر. أما مزرعة «تربة» فستفتح أبوابَها للزوار للاستمتاع بتجربة الطبيعة والتمتع بتجربة حسية عطرية مميزة في الشرق الأوسط. وستطلق سوق المزارعين الخاص بها، وخدمة المبيت والإفطار، والأبرز سيكون افتتاح منتجع «تربة» الصحي الفريد الذي سيستخدم أنقى المنتجات الطبيعية والتجميلية مباشرة من المزرعة.
ظهر الموضوع للمرة الأولى على صفحات المجلة عدد شهر نوفمبر 2022