وجدت تانيا فارس، الشريكة المؤسِّسَة لـ«فاشن ترست العربية»، رسالتَها في الحياة – ألا وهي دعم المصممين الصاعدين في المنطقة
تدرك تانيا فارس أن الموضة من المجالات التي يشكِّل الدخولُ فيها تحديًّا ليس بالهين؛ فهي لعبة باهظة الثمن تحتدم فيها المنافسة، وتفوق الأحلامُ المحطّمةُ قدرَ النجاحات المبهرة وبفارق كبير. ولكن بالنسبة لمَن يمتلكون الإصرار والموهبة مع قليل من الحظ وكثير من العمل الجاد، يصبح هذا المجال الأكثر متعةً وإثارةً على الإطلاق – ومن ثَم تفخر تانيا بدعم هذه الصناعة وتسعد بذلك. تقول: «إنه عالم قاسٍ، إذ تشعرين أنكِ وحيدة، ليس الأمر سهلاً». ولهذا السبب قامت بتأسيس «فاشن ترست» عام 2011 بوصفها الذراع الخيرية لمجلس الأزياء البريطاني، كما تعاونت مع صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر لإطلاق «فاشن ترست العربية» عام 2018. وتتولى الشيخة موزا منصب الرئيس الفخري إلى جانب الرئيستين المشاركتين تانيا فارس وسعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني. ومن المقرر إقامة النسخة الخامسة من الحفل السنوي لتوزيع جوائز المؤسسة غير الربحية يوم 23 أكتوبر – في ظل وعود بأن تكون هذه النسخة الأكثر تميّزًا منذ انطلاق الفعالية، حيث ستحتفل بأفضل موهبة تصميم من المنطقة في فئات الأزياء الجاهزة، وأزياء السهرة، والمجوهرات، والإكسسوارات، والموهبة الناشئة. تقول تانيا: «نحن في غاية الحماس لأن هذا العام يصادف عيدنا السنوي الخامس، ونجهّز لشيء مميَّز، ولكنه سيكون مفاجأة»، وتردف: «سنحتفل حقًا بالمصممين الذين فازوا في السنوات الخمس الماضية».
اتبعت تانيا طريقًا أصيلاً للجمع بين الموضة والعمل الخيري. وكانت قد انتقلت من بيروت إلى باريس عندما كانت طفلة خلال الحرب الأهلية، ولطالما كانت أنيقة للغاية منذ صغر سنها. ويذكر خالها، مصمم الديكور وجامع التحف جوزيف الأشقر، أنه كان يصطحب ابنة أخته الصغيرة إلى أسواق السلع المستعملة في باريس، حيث كانت تسأل بكل ثقة عن القطع العتيقة والأعمال الفنية. وبعد ذلك، وجهت عينها الثاقبة نحو الموضة، حيث أقامت حفلات عشاء بحضور مصممين شباب في منزل الأشقر، وصقلت مهاراتها الأسطورية في تكوين العلاقات. كما عملت مع بيير كاردان –«ذلك الرجل النبيل واللطيف جدًا»– قبل أن تتزوج من الخبير المالي اللبناني فارس فارس وتنتقل إلى هيوستن في تكساس. وفي عام 2002، انتقلت الأسرة إلى لندن بعد أن رزقت باثنين من الأبناء. وبعد أربع سنوات، تعاونت مع لولو كينيدي لتأسيس علامة «لولو آند كو». وعن مكتشِفة المواهب القديرة، التي ترعى مواهب المصممين ومنهم سيمون روشا وروكساندا إلينسيك وماركيز ألميدا، تقول تانيا: «إنها شخص أكنّ له دائمًا
كل الاحترام»، وتضيف: «ما جذبني إلى لولو هو حماسها، وكيف تقدّم دائمًا الدعم للمصممين الشباب في المملكة المتحدة من خلال منصة ’فاشن إيست‘. أنا حقًا معجبة بها. كما أردتُ أن أفعل شيئًا لدعم المصممين الشباب وأرد الجميل مثلها».
وما تقدمه جوائز «فاشن ترست العربية» للفائزين يفوق مجرد المنح المالية، إذ يشمل أيضًا الإرشاد المخَطط له بعناية، والدعم
في إقامة العلاقات العامة، وفرص البيع بمتاجر التجزئة من خلال موقع Matchesfashion.com و«هارودز». ومن بين مَن فازوا بجوائزها السابقة أرتسي إيفراش من المغرب، وكريكور جابوتيان من لبنان. وباب المشاركة في هذه الجوائز مفتوح أمام المصممين من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكل عام تُدعى دولة لتكون ضيفة هذا الاحتفال لنشر الوعي عالميًا بصناعتها، وتركز دورة 2023 على نيجيريا وضمن هذه الفئة، سيخضع المصممون النيجيريون الأربعة المختارون لنفس عملية التحكيم التي يخضع لها المتأهلون للتصفيات النهائية. المتأهلون للتصفيات النهائية هم: أديجو طومسون وإينيي طوكيو جيمس وكينيث إيز ونكو أونوكا. تقول تانيا: «شهد هذا العام مجموعة استثنائية من المواهب في مجال التصميم»، وتضيف: «تلقينا أكثر من 1200 مشاركة. ومن المدهش رؤية هذا النمو الذي تشهده المنطقة، وهذا الكم من الناس الذين يفخرون بانتمائهم لها وارتباطهم بـ«فاشن ترست العربية». وقد وجد المجلس الاستشاري –الذي يضم آنا خوري، ونادية ذويب، وتايلر ميتشل، وڤاليري ميسيكا، وآخرين- صعوبة في اختيار المتأهلين للتصفيات النهائية. فجميع المشاركين هذا العام يتمتعون بهويات قوية ويدركون مَن هم وماذا يفعلون، وهو ما يعدّ مؤشرًا على نمو الصناعة».
ورغم إقامتها في لندن منذ عقود، تفخر تانيا بوطنها لبنان. تقول ضاحكةً: «تربطني علاقة حب وكراهية بلبنان، لكني فخورة دائمًا بعروبتي، وخاصة عندما أرى منظومة الدعم التي أقمناها للمنطقة». و«فاشن ترست العربية» هي تتويج لشغف حياتها ونسج لخيوط كينونتها، سواء الشخصية أو المهنية. تقول: «لأني قادمة من المنطقة وأفهم ثقافتها، كانت شيئًا أردتُ دومًا القيام به في أعماقي لأساعد الأشخاص القادمين منها. إنها حلم أصبح حقيقة. وكانت أيضًا رؤية صاحبة السمو الشيخة موزا وسعادة الشيخة المياسة؛ فهما تريدان دائمًا دعم الشباب». إن هذا الشعور بالانتماء للمجتمع، والتحديات والمكافآت المشتركة، من أكثر الأمور التي تبعث الرضا في نفسها. «تعزيز الروابط بين الناس، وتكوين صداقات، والعمل معًا والتعاون… كلها أمور تبعث الرضا تمامًا. وكثير من المصممين يعودون بعد الدراسة في أوروبا، وهذا أمر مشجع. فهم يشعرون بأن الفرص متاحة هنا أكثر».
كشفت فاشون تراست العربية عن القائمة النهائية لأسماء المرشحين لجوائزها هذا العام حيث قامت لجنة التحكيم الخاصة بالجائزة باختيار 20 مصممًا موهوبًا من بين مجموعة من المتقدمين في المنطقة، وتضم قائمة المصممين الموهوبين الذين وصلوا إلى الجولة النهائية أسماء من كل من لبنان، مصر، المغرب، السعودية، سوريا، الأردن، الكويت، تونس، الجزائر، وغيرها.
أما حفل توزيع الجوائز الذي ضم العام الماضي شخصيات مثل بيلا حديد، وياسمين صبري، وتارا عماد، وهدى قطان، وفريدة خلفة، وصابرينا إلبا، وإد ويستويك، وآنا ديلو روسو، وحليمة عدن، وبولا عبد على سبيل المثال لا الحصر. سيكون بلا شك حدثًا
مليئًا بالنجوم هذا العام.
الموضوع ظهر للمرة الأولى على صفحات عدد أكتوبر 2023 من المجلة