«الأندرغرواند» هي موسيقى العالمٍ الحديث التي ترفض الحدود بين الشرق والغرب، تجمع أركان العولمة والفضاءات الإلكترونية وتفرض عالمياً اللحن والنص والهوية العربية والواقع كما يحكى ويعاش في حياتنا اليومية. الموسيقى البديلة ازدواجية، مزاجية، واقعية، تستهوي كل الأذان. هي متنفس الشباب والصوت المتمرد على القيود الاجتماعية الفكرية والموسيقية.
سما عبد الهادي
سما فلسطينية الأصل نشأت وسط عائلة ومجتمع عايش الاحتلال بكل ما فيه من قمع وتقول سما: «والدتي من منطقة يازور التي انقرضت أما والدي فقد طرد سياسياً من فلسطين في الستينات ليعود إليها في التسعينات، وقدوتي هي جدتي عصام عبد الهادي وتضحك سما على الاسم الرجالي لجدتها لتضيف «لو تعلموا جدّتي هي إحدى رائدات العمل النسائي والاجتماعي والنضال الوطني وهي من مؤسسات الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وكانت ضمن ثماني فلسطينيات تم ترشيحهن لنيل جائزة نوبل للسلام، نحن نسويات منذ قديم الزمان، رفضت جدتي الزواج إلا بعد أن أنهت الدراسة وبعد إنجابها لعمي ترجّلت لتحرير الوطن وأنا اليوم أحمل نفس قيمها ونضالها لكن عن طريق الفن».
أما عن طفولتها قالت سما: «رحلة الذهاب للمدرسة كانت عبارة عن عملية ترحيل نحاول من خلالها البقاء على قيد الحياة، الموسيقى كانت منفذي هي التي حررتني من غضبي»، وأضافت: «علاقتي بالموسيقى أكاديمية واهتمامي وحب اطلاعي بدأ بآلة البيانو وكنت أحب الفن الطربي والكلاسيكي وأحب الدبكة الفلسطينية والرقص والغناء». تجربة سما الموسيقية انطلقت من بيروت عام 2008، أثناء دارستها اكتشفت الموسيقى الإلكترونية وعنها قالت: «أول ما استمعت إليها أعجبت بها وكنت أريد أن أفهم مصدرها وكان أستاذي حينها قد ساعدني على فهمها ولأول مرة يكون لي لقاء مع موسيقى تربط أصوات لا علاقة لها بمراجعي الفنية فهذه الأصوات قد يرقص عليها الحزين والسعيد والمكتئب». مع هذه الأصوات شعرت سما بحرية كبيرة التي لا تفرض عليها ما يجب أن تشعر به.
وكان أول ظهور عالمي لسما عندما تم نقل حفلها من فلسطين عبر شبكات التواصل الاجتماعي خلال تظاهرة «روم بويلر» فشدت كل الأنظار لهذه الشابة التي تعرض وجهاً آخر عن شباب فلسطين يرقصون إذ اعتاد العالم على مشاهد المقاومة ورمي الحجارة في وجه المحتل.
منار فقروش
هاجرت منار من المغرب إلى فرنسا في سن 17. شغفها للموسيقى تشكّل منذ الصغر فهي من عائلة مغربية تميل إلى الموسيقى والمرح وكل لحظات السعادة في حياتها تملؤها إيقاعات الموسيقى الشعبية المغربية. منار المعروفة بـ «Glitter 55» تتقن المزج بين موسيقى شمال أفريقيا والشعبي المغربي والإيقاعات الغربية، وتعدّ موسيقاها دعوة للانفتاح والتحرر من العنصرية وهي مغنية وملحنة.
وراء النجاح والتألق قصص امرأة شجاعة ومثابرة، تقول منار: «إن العالم الليلي قاس والتحرش والعنصرية وعدم تفهم عمل النساء في ميدان الموسيقى الإلكترونية لا يزال سائداً وربما في البلدان الأوروبية أكثر من البلدان العربية». عانت منار من مشاكل الحصول على تأشيرة السفر في كل رحلة مشقة كبيرة للفنانات العرب مما يقلل من فرص وجودهن على الساحة العالمية. وتؤكد منار عدم المساواة بين الرجل والمرأة في ميدان الموسيقى الإلكترونية قد أثر في نجاح العديد من الفنانات العرب. تعتقد منار أنّ الفن البديل لا يخل من جمالية اللحن والنص ولا يترك الهوية وإنما هو فن ملتزم بعصره ينقل الواقع دون قيود فنية أو فكرية. لذلك ذيع صيت فن «الأندرغراوند» على شبكات التواصل الاجتماعي وكثير من الفنانين والفنانات اختاروا في أول مسارهم أن يكونوا نكرة يستعملون أسماء مستعارة لحماية حياتهم الخاصة من أي قمع اجتماعي أو سياسي.
أمال مثلولي
أمال تونسية الجنسية تعيش بين أمريكا وباريس وهي أيقونة الثورة التونسية عرفت خلال الربيع العربي بأغنيتها التي كان لها وقع كبير في العالم «كلمتي حرة»، أحيت حفل نوبل للسلام ولها العديد من الألبومات التي سجلت بالعربية والإنجليزية. أمال العفوية، والحلم، والأحاسيس، والعاصفة هكذا عرفها جمهورها العالمي، أما هي فقالت: «الفن بالنسبة لي كامل وصادق ولا يتصنع، والفن مغامرة، وجرأة ومجازفة، للأسف طمس كل ذلك وصار القليل النابع من القلب يسمى بديل» وعن مواقفها كامرأة قالت: «القضية النسوية مهمة جداً في الفن، لا يمكنني أن أقدم أي عمل من غير أن يحمل القضية النسوية وأن أعبر عن حلم كل النساء في كل أغنية. تؤمن أمال بأنّ الفن منصة عالية الأهمية لتشجيع طموح كل امرأة، وتعتبر أنّ الديجيتال قلب الحدث خاصة بالنسبة للفن البديل، لا توفر المنصات العالمية الكثير من المساحة ولا تسلط الضوء بما فيه الكفاية عليه، فالديجيتال أصبح بمثابة الشرايين والقلب النابض للفن البديل وفرصته الكبيرة لتعزيز جمهوره بطريقة فورية. قدوة أمال الفنية هي كل فنان يشد انتباهها بطريقة «وحشية» غريزية، فتراها متابعة بكل جوارحها، ذلك الفن الذي يحثها على التساؤل ويغني تطلعها الفني والإنساني، أماّ قدوتها الشخصية تتمثّل في كل إنسان يسعى لجعل العالم أفضل عن طريق عمل شجاع وقرارات غير أنانية. أمال اليوم تعمل على تسجيل ألبوم جديد سيكون نسوياً بامتياز.
بديعة بوحريزي
بديعة مغنية وملحنة تونسية الأصل عاشت في لندن وباريس، هي عصامية التكوين نشأت بديعة المعروفة أيضاً بـ«نيتاسو» في منطقة شعبية في ضواحي تونس أما أهلها فهم من منطقة الكاف وهي منطقة مشهورة بتعدد مواهب الغناء والموسيقى الشعبية التونسية. كانت الانطلاقة من العائلة وعنها قالت: «كل أفراد عائلتي يملكون غريزة الغناء والفن وتفوّقي في الدراسة كان يمكن أن يحملها إلى مستقبل مختلف، ولكنّني فضلت الكتابة والتلحين». للكلمة والنص لدى بديعة أهمية كبيرة وتعتبر أن الاعتراف بها كملحنة ليس من الأشياء العفوية لأن امتهان التلحين لا يزال حكراً على الرجال. توجهت بديعة عفوياً للفن البديل لأنه فن طليق يربط بين مختلف اختياراتها الفنية العربية والغربية. ترفض بديعة وضع حدود لجمالية الموسيقى وتفضل نحت الأصوات وتجديد تجاربها فالتجديد له علاقة وطيدة بحرية الخلق والتعبير عن المشاعر وتندد بأن الفن البديل لا علاقة له بكمية المتابعين وإنما بكمية الإحساس الذي ينقله هذا الفن. وعن النسوية والفن البديل قالت: «أغلب ما استمعنا إليه في الموسيقى من حكايات عشق أو غرام كان يحد دائماً من استقلالية المرأة ويضعها دائماَ في موقف الرضوخ والاستسلام للمشاعر، أما الفن البديل فهو أكثر واقعية ويعبر عن طوق المرأة لثقتها بنفسها وبخلق توازن في علاقتها مع الرجل ومع نفسها».
إقرأي أيضاً: مقابلة: ريم السعيدي هي من أجمل نساء العالم وأكثرهن حرصاً على نظيرتها المرأة