تابعوا ڤوغ العربية

المثابِرة: مهيرة عبد العزيز امرأة متعددة القدرات

أم ومهندسة وإعلامية وممثلة ومؤثرة اجتماعية وناشطة في الأعمال الإنسانية ومواطنة إماراتية
ومصرية وكندية فخورة بنفسها، تحرص على إيجاد توازن بتقسيم وقتها بين عائلتها ومهنتها، وحبها للتأمل والشغف، وابنتها يسمة وعائلتها، والاهتمام بصحتها النفسية والجسدية من خلال الرياضة والعلاجات المتنوعة، وسعيها وراء الاطلاع على كلّ جديد كالذكاء الاصطناعي، بكلمة مهيرة عبد العزيز امرأة متعددة القدرات!

تميّزت مهيرة عبد العزيز منذ صغرها بالاجتهاد، حتى أنها عُرفت بنبوغ أدخلها الجامعة عن عمر الـ14 سنة وخوّلها الحصول على ماجستير في الهندسة المعمارية من كندا كما وحصلت على الميدالية الذهبية من المعهد الملكي عن مشروع تخرّجها. رغم شهادتها في مجال الهندسة، اختارت مهيرة العمل في مجال الإعلام والتمثيل. قد يبدو المجالين بعيدين الواحد عن الآخر، إلا أن مهيرة تعتقد أن كليهما يندرجان على خارطة الفن، وهي تقول: «أنا شغوفة بالهندسة والإعلام وأطمح أن أحقق نجاحاً في كليهما. كل مجال يتطلب فتح آفاق جديدة من أجل الوصول إلى نقطة من الإبداع الثقافي».

تحلّق مهيرة بين الفن والإعلام، دخلت مجال الإعلام رغم رفض والدتها الأمر، وهو رفض تحوّل في ما بعد إلى مدعاة فخر وباتت من أهم الداعمين لكل خطوةٍ تقوم بها. وتعتقد أن الإعلام كان الراعي الذي بفضله عرفت الأضواء واكتشفت موهبتها في التمثيل. قدّمت في الإعلام الكثير من (صباح العربية) على شاشة العربية وصولا إلى برنامج (غداً أجمل) على شاشة الـام بي سي، وبعد مسيرة طويلة، شعرت أن وقت الاستثمار في موهبة أخرى قد حان وأن نضوجها كفيل ليكون قاعدة نحو تحقيق المزيد من الانجازات.

كغيرها من النساء المتواجدات تحت الضوء، لم يمر مشوار مهيرة من دون تضحيات، والتضحيات بحسب مهيرة تكمن في الوقت والطاقة التي تبذلها من أجل تحقيق أهدافها في هذا المجال وكي لا تخيّب نظرة المحبين لمسيرتها التي بدأتها من الصفر، ويأتي على رأس هذه التضحيات تلك التي قدّمتها كأم عاملة والتي قد تشعرها بالذنب أحياناً فكل أم عاملة مهما قدمت لأطفالها تعتبر أنها لم تقدم شيئاً لهم.

ومن التضحيات أيضاً تذكر الحياة تحت الضوء، فهي تعتقد أن الشهرة سيف ذو حدين، قد تعطي الحافز والدافع للاستمرار بمهنة التمثيل أو الإعلام من خلال محبة الناس، وقد تتحول إلى شرارة حارقة إذا ما تمّ تخطي حدود الجرأة.

لا تنكر مهيرة أنها استفادت من الشهرة، فقد فتحت لها أبواباً عدة ومكنتنها من بناء علاقات كبيرة مع نجوم من الصف الأول وأساتذة في التمثيل والإعلام، كما واستفدت من الشهرة أنها قربتها من الناس والمحبين وخلقت لها قاعدة جماهيرية تساندها عندما تضعف، وتضيف أن الشهرة لا شكّ تلعب دوراً مهماً في تأمين مدخول مادي مهم؛ إلا أنها استدركت وقالت: «الأهم من كل ذلك، هو أن لا يسمح المرء للشهرة أن تسرق منه المبادئ والقيم التي تأسس عليها».

لم يكن دخول عالم التمثيل أبداً ضمن مخططاتها فهو أمر لا يزال والديها يرفضانه إلا أنهما يحاولان جاهدين تقبّله، وقد قالت: “التمثيل من الأشياء التي حصلت معي وأنا مشغولة بمكان آخر، ولكنني سعيدة أنني خضت هذه التجربة.” عُرض عليها بفضل ظهورها على الشاشة كإعلامية أدواراً عدة، إلا أنها كانت مترددة من خوض التجربة بسبب طبيعة النص أو الدور. منذ حوالي السبع سنوات اقتنعت مهيرة بالمشاركة في دراما خليجية، ومع النجم ناصر القصبي في مسلسل “سيلفي” الذي شارك في السباق الرمضاني لموسمين، كان الظهور التمثيلي الأول لمهيرة وبدأ حبها لهذه المهنة يكبر في قلبها وتوالت أدوارها بعد ذلك ومنها دور “شيخة” في مسلسل المنصة على “نتفلكس”، ودورها في “ملك الحلبة” الذي صوّرته منذ 3 سنوات في فترة كورونا إلى جانب وجوه جديدة ومواهب شابة سعودية واعدة ونجوم من مصر من إخراج محمد سعيد حارب، ومن إنتاج استدويوهات ام بي سي، ڤوكس سينما، و ايماج نايشن أبو ظبي، وهو مسلسل تدور أحداثه حول فكرة عدم الاستسلام والسعي لتحقيق الأحلام وتطوير الذات وتعلّم كيفية الخروج من المآزق.

لا تعتقد مهيرة أنها تأخرت في دخول عالم التمثيل، لا بل تميل إلى الاعتقاد أن قولاً مشابهاً إنما هو محاولة لتدمير طموحها، فهي تؤمن أن الرضوخ للعمر يُثني المرء عن المثابرة وبذل الجهود من أجل الاستمرارية، وتؤمن كذلك أن كل شيء يأتي بوقته المناسب، وتؤكد أن النضوج الذي اكتسبته من الإعلام سيساهم بشكل كبير في أدائها كممثلة وفي نزع الخوف والارتباك الذي قد يراود الممثل في بداياته أمام الكاميرا.

انخراطها في مجال التمثيل كشف لها خبايا هذا المجال وتفاصيل ما كانت لتعرفها قبل دخوله وهي تأسف أنها اكتشفت صعوبة تكوين صداقات في الوسط الفني أو حتى الإعلامي بسبب «غريزة المنافسة» التي قد تدفع البعض للتخلّي عن مبادئه وأصدقائه فقط من أجل الوصول إلى هدف معين. وقد توجهت مهيرة إلى هؤلاء الأشخاص وقالت: «الكون يسع الجميع وهناك فرص لكل شخص موجود على هذه الحياة، وإذا كنتم تؤمنون بفكرة أن لكل شخص نصيبه في الحياة فمن المستحيل أن تتصرفوا بطريقة معاكسة».

أهم الأدوار في حياة مهيرة هي الأمومة، ومهيرة تجد صعوبة في ترجمة الأمومة بكلمات، إلا أنها لخصت تجربتها قائلة: «بفضل تجربتي مع يسمة، أجد أن الأمومة مغامَرة تجسد كل مفردات العطاء والحب النقي الذي يخلو من سلبيات وهموم الحياة ويومياتنا،” وأضافت: «كنت لا أؤيد من يقولون بأن الأمومة تغيّر أولوياتنا في الحياة، وبقيت أردد ذلك بيني وبين نفسي إلى أن أتت يسمة. لا شك في أن علاقتنا تنضج مع مرور الوقت، وأحرص على مناقشتها كشخص بالغ وليست كطفلة وحسب، والأمر الذي يجعلها تستوعب أنني أم عاملة ومجتهدة عليها الافتخار بي».

مهيرة امرأة تتمتع بشخصيةٍ تمزج بين الرقة والقسوة، هي رقيقة عندما يقترب الأمر من تقديم تضحيات تجاه عائلتها، وقاسية على نفسها حتى لا تقمع المرأة الحالمة والطموحة بداخلها وكي لا تستسلم أمام عقبات الحياة، فهي تؤمن بأن المرأة قادرة على القيام بعدة مهام في الوقت ذاته بدقة واتقان.

برأي مهيرة، تربت الفتيات في العالم العربي على مبدأ Good Girl Syndrome، حيث انزرع بداخلنا مبدأ أن نكون جيدين حتى يحبنا الغير، وحتى يتقبلنا المجتمع! صحيح أن معاملة الناس بالحسنى أمر ضروري، ولكن للمعاملة الحسنى من يستحقها، فمن غير المنطق أن يكون المرء كتاباً مفتوحاً وإلا تعرّض للأذية.

كثيرة هي الأمور التي تعلمتها مهيرة بوقت متأخر في الحياة، وهذه الأمور تحديداً هي التي تحرص على تعليمها لابنتها، وقد قالت: «لا أجبرها مثلاً على القيام بأمر غير مقتنعة به أو لا يجلب لها السعادة فقط لإرضاء الآخرين، حتى وإن كان الآخرون أنا، وذلك لكي أعلمها الاستقلالية بالقرارات وتحمّل المسؤولية».

بالإضافة إلى ذلك، تزرع مهيرة في ابنتها مبادئ كثيرة كالصدق والشفافية والمصداقية مع الذات لتقوّي ذكاءها العاطفي لمعرفة الناس حولها على حقيقتهم، ولكي تعرف جيداً متى ترسم الحدود، ولتميز بين الصواب والخطأ، لتنطلق من قاعدةٍ متينة وتتحول إلى امرأة حرة. كما وترسخ بذهن يسمة «عدم الاستسلام» مهما اشتدت بوجهها عواصف الحياة، وأن تبقى صامدة وقوية حتى تحقق هدفها في الحياة، وأن تحارب من أجل أحلامها المقتنعة بها.

تراقب مهيرة ابنتها تكبر وتتذكر شعور السلام الداخلي الذي نعيشه في الطفولة. هذا السلام الداخلي هو بالنسبة لمهيرة كنز يختفي مع الوقت وكلما كبرت تزول مساحته أكثر، فضغوطات الحياة تجعلها تحن إلى مهيرة الطفلة التي كانت تعود من المدرسة إلى المنزل، تحتضن والدتها، تلهو وتلعب وتلتقي بأصداقئها دون أي خوف من أن يغدروا بها، أو يسيؤا الظن بها، وقد قالت: «في الطفولة لا نرى اختلافاً عند الآخرين (داخليًا)، لأن الطفل يحب بالفطرة بشكل عفوي بعيداً عن الغيرة والمصلحة أو التصيد بالاخطاء، وهذا ما افتقده اليوم»، وأضافت: «للأسف، كلما كبرنا كلما خسرنا تلك البراءة، ومهما حاولنا المحافظة عليها، لا بد من ارتداء قناع لا يشبهنا حتى نستطيع مقاومة ظروف المجتمع والمحيط، لدرجة أننا نلجأ إلى العزلة بعض الأحيان ونبتعد عن الناس من أجل الحفاظ على “السلام الداخلي».

وفي معرض الحديث عن العائلة، تطرقت مهيرة إلى موضوع الطلاق، فأكدت أن المرأة، لا تحتاج إلى رجل أو زوج أو شريك من أجل إثبات نفسها أمام المجتمع، بل هي تحتاج إلى شريك حياة ليدعمان بعضهما ويكبران مع بضعهما، ولم تعني بذلك الانسلاخ عن العادات والتقاليد، بل قصدت بذلك الإضاءة على أهمية “تمكين المرأة والحصول على حقوقها” في مجتمعات يسيطر عليها الفكر الذكوري. وتابعت مهيرة وقالت إننا نشأنا على مفاهيم خاطئة تغزّي الفكر الذكوري، مثلاً: أن تكون المرأة عزباء كارثة، الطلاق أمر مخز، أن تقتل سعادتك من أجل الاستمرار مع شريك حياتك.. وغيرها من المفاهيم التي لا منطق فيها.

وقد قالت: «اسمحي لي أن أغيّر هذا السؤال وأن أوجهه إلى «رجل مطلق» .. هل يتأثر بذلك؟ طبعاً لا، فنحن فقط نطرح هذه النوعية من الأسئلة على النساء ونسجنهن في قالب ضعيف ومستضعف! فاليوم المجتمع يطرح علامات استفهام مؤلمة ومؤذية تجاه المرأة “المطلقة” لدرجة أنه يطبع على اسمها وصمة عار سلبية».

المرأة الواثقة من نفسها بنظر مهيرة هي تلك التي لا تلتفت في طريقها نحو النجاح إلى النظرات حولها، وتقوم بتحفيز نفسها بنفسها، ويجب عليها أن تتذكر بأن كل إنسان هو المصدر الأساسي لسعادة نفسه، وبأن السعادة لا تأتي من زوج أو ابن، وإذا بالفعل ركزت المرأة على أهمية هذه النقطة فمن المستحيل أن تبقى في علاقة سامة تؤذيها نفسياً أو جسدياً.

رغم نظرة المجتمع العربي تجاه المرأة، ترى مهيرة أن المرأة شاركت مؤخراً في العديد من الندوات والمؤتمرات العربية والعاليمة المختصة بـ «تمكين المرأة» وتحفيزها على العمل وبذل الجهد الكامل من أجل تحقيق أحلامها دون خوف أو تردد بفضل عقبات وقوانين صارمة تفرضها عادات المجتمع العربي عليها،  ولكنها علقت قائلة: “لأكون عادلة ومنصفة في جوابي، لا شك في أن هناك تطور ملحوظ في المنطقة العربية فيما يخص حقوق المرأة وأهمية دورها الفعال في سوق العمل، الدراسة، المجتمع، العائلة..، والفضل يعود إلى الجهود التي بذلتها السيدات الرائدات والجمعيات التي تعنى بالأمر”، وقد شكرت في معرض حديثها الشيخ محمد بن زايد بن سلطان آل نهيان والشيخة فاطمة أم الامارات والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على دعمهم الكامل للمرأة في دولة الإمارات، إذ تعمل حكوماتنا بلا كلل لتثبت بوضوح أن النساء والرجال متساوون ولتثبيت مكانة النساء في سوق العمل. وأضافت: «أنا فخورة بكل الخطوات الرائعة في باقي الدول العربية، وتحديدا في المملكة العربية السعودية تحت قيادة الملك سلمان وولي عهده محمد بن سلمان، في تمكين المرأة في السنوات الفائتة».

وقد نوهّت إلى نقطة مهمة، ففي ظل الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومات لدعم المرأة، إلا أن النساء عينهن لا يدعمن بعضهن بشكل جيد، لذلك يجب علينا كنساء دعم بعضنا وتزويد بعضنا بجرعات تحفيزية، وخلق منافسة شريفة وصحية، والدعم يكون بالفعل وليس في الكلام.

بين الإعلامية والممثلة والأم، تصف مهيرة نفسها بأنها امرأة متعددة القدرات، وهذه الصفة تضعها أما صعوبات كثيرة وقد قالت: “أنا لست “سيدة آلية – روبوت” وتحديداً عندما يكون هناك رحلات سفر مختصة بالعمل أو حضور حفلات ومهرجانات عالمية.” تستمد مهيرة القوة من «ذاتها» حتى تستمر ولا تضعف أمام الوقت، فتخلق التوازن من شغفها، وتجد الوقت إذا كان غير متوفراً من طموحاتها، لذلك تحرص على توفير الوقت اللازم لكل مهمة تقوم بها حتى تنجزها بطريقة جيدة، وقد شرحت: «في النهاية أنا إنسانة، أحياناً تكون مهيرة الأم أفضل من مهيرة، وأحياناً تكون فيها قدوة حسنة للبعض، أو حتى تكون في بعض الأحيان مهيرة الإعلامية غالبة بأدائها».

تقول مهيرة أنها أسست 3 مسيرات مهنية مختلفة، من مهندسة معمارية ناجحة، ثم لحقت طموحها في مجال الترفيه، ونجحت كـمذيعة اقتصاد وسياسة في البرامج الصباحية والمسائية، وحتى برامج ال “توك شو”، وبعدها أطلقت نفسها في آخر سنتين كممثلة ومؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي ومخاطبة تحفيزية، فهي مع أن يستثمر الإنسان بكل القدرات التي يمتلكها، خصوصاً بفضل التطور التكنولوجي فالإنسان أصبح بإمكانه أن يبدع بأكثر من مجال في الوقت عينه، وهذا ما نلاحظه من أمثلة عالمية، فلماذا نحن لا؟ فكل شخص يرى بنفسه أكثر من قدرة يستثمر بها ويلحق شغفه.

وبين الأمس واليوم تغيرات كثيرة طرأت على حياتك المهنية والشخصية، فالنجاح يأخذنا إلى مكان آخر، مكان جميل ومقلق في آن واحد، يدفع بنا إلى المثابرة من أجل الوصول إلى نضوج أكبر بأسرع وقت.

منعطفات طريق النجاح خطيرة، تخلق لدى الشعور بالتهديد الدائم لاستمراريتنا، لذلك مهيرة في الأمس كانت ساذجة بينما اليوم أصبحت حذرة أكثر من الوسط ومن حولها، أصبحت ناضجة وتعلم جيداَ لمن تمنح ثقتها ولمن لا، تعلمت كيف تحمي نفسها من السموم التي تحيط بالبيئة الخاصة بنا. أما على المستوى الشخصي، تعتقد مهيرة أنها لما تتغيّر على محيطها المقرّب مني جداً، كالأصدقاء المقربين وعائلتها، فما زالت تحافظ على “مهيرة البريئة” في داخلها مهما قست عليها الحياة والظروف.

تعاصر مهيرة اليوم عصر مواقع التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا، وقد قالت: «نحن اليوم نعيش بعصر «الاونلاين» دون أي شك و«السوشيل ميديا» شر لا بد من أن نتعايش معه ونتقبله. فمثلاً، أصبحنا لا ننتمي إلى حقيقتنا معظم الأحيان وأصبح لـ «الفوتوشوب» دوراً فعالاً بسلخ صورتنا الحقيقية. لذلك من الجيد الابتعاد عن مواقع التواصل من حين إلى آخر لتذكير أنفسنا بأن ما نراه عليها هو لمحة سريعة عن حياة شخص آخر وليس بأكملها».

دخول عالم الأضواء، حتّم على مهيرة الاهتمام بمظهرها فالكاميرا تحب الجمال والتزيين والتألق، تحديداَ بوجود مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أصبحت الموضة شرطاً أساسياً للمساهمة في تقديم شخصيتك إلى المشاهدين ولفت انتباههم؛ لذلك تحاول قدر المستطاع متابعة صيحات الموضة وحضور عروض أزياء لماركات عالمية، ولكنها طبعاً تستعين بخبراء موضة “ستايلست” من أجل الحصول على إطلالة جيدة تليق بـ”نظر المشاهد”.

وفي مجتمعنا العربي، ترتبط مسيرة الإعلامية والممثلة بعمرها، إلا أن مهيرة ترى العكس فالعمر بالنسبة لها مجرد رقم، فكلما زاد عمر الإعلامية زاد جوهرها في الثقافة وتحولت من مبتدئة إلى اسم لامع تُضرب له التحية؛ لذلك هي لا ترفض عمليات التجميل، بشرط أن لا تغير ملامح الشخص بشكل كامل، وأن تلتزم بمعايير “التجميل” وليس “التشويه والمبالغة”.

وبالفعل نجحت كمؤثرة، وتعزو سبب نجاحها إلى “العفوية” التي تظهر بها أمام الجمهور دون ابتذال أو تخطي الخطوط الحمر، فهي تشاركهم الجانب الشخصي والحياتي والمهني الذي تريد إظهاره، فمن يدخل ويتصفح صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، يرى الثقافة، والعائلة، والتحفيز على المثابرة، والموضة، وكل ما يخص ويعنى المرأة العربية.

استفادت مهيرة من شهرتها كإعلامية وممثلة ومؤثرة في مواضع أخرى، فهي كأي شخص متواجد تحت الضوء، ويلعب دوراً فعالاً بالتأثير على فئة معينة من المجتمع، لا بد وأن يستغل ذلك بطريقة إيجابية للإضاءة على حملات توعية مهمة. ومن هذه المواضيع “الصحة النفسية”. منذ عام ونصف تجرأت مهيرة وتحدثت أمام العلن عن نوبات الهلع التي تصيبها ووجدت تفاعلاً كبيراً من قبل المتابعين.

فقد أطلت في إحدى حلقات برنامج “الدنيا علمتني” منذ حوالي الـ 3 سنوات وكشفت لأول مرة عن نوبات الهلع التي أصابتها بمرحلة من حياتها، عن تلك الفترة قالت مهيرة: “زرت عدد من الأطباء لمدة 9 أشهر اعتقاداً مني أنني أعاني من مشكلة في القلب. وتبين من خلال الفحوص المتكررة أنني أواجه نوبات من الهلع وأحتاج إلى تناول أدوية مهدّئة. وقتها نصحني الطبيب بالتوقف عن العمل لبعض الوقت، أي إلى أن أستعيد استقراري النفسي، إلا أنني رفضت ذلك. والدتي شاهدتني في إحدى تلك المرات وشعرت بالانزعاج الشديد، وهو الأمر الذي دفع بي لأول مرة إلى التفكير بالاعتزال. شاركت مهيرة قصتها لأنها أرادت تسليط الضوء على دورنا كمؤثرين بنشر التوعية حيال ذلك، وضرورة زيارة طبيب نفسي ومشاركة قصصنا مع محيطنا حتى لا نصل إلى مرحلة “الكبت الفكري” التي وصلت إليها.

ترى مهيرة أن الصحة النفسية موضوع يحتاج حقًا إلى مزيد من المعالجة في منطقتنا. فهي عانت كثيراً بسبب “الصحة النفسية”، فوجدت صعوبات عدة عندما أصيبت بنوبات هلع في ظل غياب توعية كافية فيما يخص ذلك. واهتمام مهيرة بالصحة النفسية تزامن مع اهتمام متزايد بهذه المسألة في السنوات القليلة السابقة، حتى وإن بدأ هذا الاهتمام متأخراً، ولكن بحسب مهيرة أن تأتي متأخراً أفضل من أن لا تأتي، وما نشهده اليوم من مؤتمرات توعوية لهذا الموضوع يبشّر أننا في العالم العربي أصبحنا على السكة الصحيحة، وفي هذا السياق قالت الإعلامية: “ليس من المعيب ألا تكون على ما يرام، أو أن تطلب المساعدة عندما تحتاج إليها، كما وليس من المخجل أن تمر بأوقات عصيبة في حياتك. اليوم وبوجود مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت حملات التوعية أسهل وتصل إلى الجمهور بشكل أسعر.”

تعتقد مهيرة أنه من الضروري أن يتعلّم الانسان أن يقول “لا” إذا كان غير مقتنعاً بما هو عليه، وأن يعلم الفرق بين أن يضع نفسه في الأولوية والأنانية. فأن تضع نفسك في الأولوية لا يعني أنك شخص أناني، بل يعني ذلك أن تصحح بعض المفردات الخاطئة من أجل الحفاظ على سلامك الداخلي، وأن لا يضع نفسه في قالب لا يشبهه، بل أن يغادر على الفور إذا شعر بأن هذا المكان يهدد سلامه الداخلي وأن يلجأ إلى الأصدقاء والأهل والمحيط المقرب والطبيب النفسي عند الضرورة.

اليوم أكثر ما يؤرق مهيرة المرأة العاملة هو “الاستمرارية” لأنها تعتبرها أهم من النجاح بمحطة معينة، وهذا الأمر يتعبها لأنها تفكر كثيراً بالخطوات المقبلة والمتعلقة بمسيرتها. وأكثر ما يتعب مهيرة الأم، هو التفكير الدائم بيسمة ومستقبلها، فعملية تربية الطفل كتأسيس مؤسسة ضخمة، إذا كانت البداية ضعيفة تفشل هذه المؤسسة وإذا كان العكس فتنجح وتتحقق الأهداف. وتربيتها ليسمة دقيقة باعتبارها طفلتها الوحيدة لذلك تحرص على أن لا تشعرها بوحدتها بكفة وعدم ارخاء الحبل بتربيتها بكفة أخرى، من أجل الحفاظ على بناء شخصيتها القوية لمواجهة مجتمع بأكمله.

مهيرة بمسيراتها المهنية المتعددة وبعد كل التجارب التي مرّت بها، تطالب المرأة العربية أن تؤمن بنفسها وأن لا تسمح لأي شخص أن يكسرها، وأن تبحث عن الدعم الكافي من قبل محيطها وأن تغيّر مكانها عوضاً عن تغيير نفسها وطموحاتها. كما نصحتها أن لا تنتظر رجلاً لكي تستند عليه أو للإضاءة على ذاتها، لأنها قوية ويمكنها أن تستمد القوة من ضعفها، والفرح من حزنها، والنجاح من فشلها.

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع