التصوير ليس مجرد هواية إنّما هو إبداع بحد ذاته، يمكن من خلاله أن يظهر المصوّر البارع أجمل ما عنده وأن يوثّق لحظات حقيقية لا يمكن أن تعاش مرّة ثانية
جنان النصري، من المغرب
ولدت جنان النصري عام 1996 في مدينة «تازة» في المملكة المغربية وترعرعت فيها وهي تعيش اليوم في نيويورك. توثق جنان جمال فن «البورتريه» والسفر من جميع أنحاء العالم، فهي تتبع نهجًا صحفيًا مصورًا عندما تلتقط صوراً لموضوعاتها، وتجد لحظات صريحة، كبيرة وصغيرة. «أهدف إلى التقاط لحظات حقيقية من المغرب ومن جميع أنحاء العالم».
رمضان بالنسبة لجنان هو كل ما يتعلّق بالأسرة والدين، وقد قالت: «أبذل قصارى جهدي للعودة إلى بلدي الأم المغرب لقضاء شهر رمضان المبارك من كل عام مع جدّي وجدّتي. وهذا الشهر الفضيل هو أيضاً بالنسبة لي وقتٌ للتفكير وتحويل انتباهي إلى عملي دون أي تشتت».
تستعيد جنان ذكريات رمضان، فتعود بالذاكرة إلى رمضان عام 2015، قبل لحظات من سماع صوت الآذان، حين وجدت نفسها تساعد في ترتيب المائدة في حديقة جدتها لتناول الإفطار، بعد أن اشتد بها الجوع بسبب نسيم الظهيرة. كانت جنان مشتتة بسبب غروب الشمس الجميل والألوان الوردية والبنفسجية في السماء قبل لحظات من الإفطار. كانت شوارع مدينتها فارغة حيث كان الجميع في منازلهم يعدون وجباتهم بحماس.
تتذكر أيضًا عام 2016 حين سافرت إلى المغرب لقضاء شهر رمضان حيث تمكنت من استكشاف بعض المدن والتقاط بعض اللحظات المؤثرة. وجدت نفسها أمام مسجدٍ في الدار البيضاء وتحديدًا عند مدخل الرجال جالسة بجانب أحد الأعمدة، مختبئة من أشعة الشمس الحارقة. فجأة، لاحظت سيدة متأنّقة بثياب سوداء تركض باتجاه مصلّى النساء مسرعة للعثور على مكان للصلاة، وهنا كانت اللحظة! قالت جنان: «لقد صورت رحلتها بأكملها من أحد طرفي المسجد إلى الطرف الآخر. أحببت الجري الأنيق بالعباءة السوداء، خيّل لي أنّها تمثل مشهداً حقيقياً في فيلم». وأضافت المصورة: «أحب البساطة والجمال في هذه الصور، أحب حجم الباب مقارنة بالمرأة التي تُظهر الظاهرة المعمارية لمسجد الحسن الثاني. أنا أستمتع بمشاهدة الناس لذلك أعتقد أن هذه الصور تصور قدرتي على الجلوس والمشاهدة فقط».
يوسف وشن، من المغرب
طور المصور والقاص، يوسف وشن، أسلوبه من خلال التقاط صور للشوارع بطلب من الصحافة. ومنذ أوائل القرن الحادي والعشرين، تَتَتبع أعماله التغيرات الاجتماعية والمجتمعية التي أثرت عليه كشاب من الطبقة العاملة في الدار البيضاء. وقد قاده اهتمامه بإطلالات الشارع والموضة إلى التعاون مع فنانين ومصممين وعلامات في موضوعات مثل الهوية والجنس والتمثيل. وبين التصوير الوثائقي والمشروعات الفنية، يحلل وشن صيحات الشارع، سعيًا لتحدي الصور النمطية وتخيل آفاق جديدة عبر الإبحار بين السياقات والتجارب.
وشهر رمضان بالنسبة ليوسف شهر مميز، إذ يرى فيه فرصة للاسترخاء من صخب الحياة اليومية. وعن ذلك يقول: «أستمتع، بتأمل تصرفات المغاربة خلال شهر رمضان، من أسلوبهم في الملابس إلى طريقتهم في الاستهلاك. ولأني فنان ومصور، أنتهز هذه الفرصة لتنظيم عملي، ففي معظم الأوقات أصور في الشوارع وأحفظ الصور. ولا أحظى بفرصة إعادة النظر والتعديل فيها. إنه يساعدني أيضًا على التفكير في المشروعات القادمة التي يجب أن أركز عليها».
ومن ذكريات الشهر الفضيل التي لا يمكن ليوسف أن ينساها رائحة الأطباق الرمضانية الشهية المميزة، وهو يقول: «أحب التجمع مع العائلة على مائدة الإفطار والاستمتاع بساحات المقاهي المزدحمة في الدار البيضاء في المساء».
يقدّم يوسف صورًا رمضانية تزخر بالمعاني الرمزية، وهو يشرح ذلك قائلًا: «في رمضان، تسير الحياة بوتيرة بطيئة حتى الساعتين أو الثلاث التي تسبق الإفطار. وهذا يعني أنه ما من شيء مثير للاهتمام يمكن تصويره خلال النهار. لذا، أذهب قبل الإفطار عمومًا إلى الشاطئ، حيث يكون أكثر ازدحامًا في هذا التوقيت. وتبرز الصور اللحظات التي تسبق الإفطار حيث يستمتع الأولاد بالقفز في الماء للهروب من حرارة الجو».
ويشرح يوسف الأسباب التي دفعته للالتقاط هذه الصور فيقول: «إنها تذكرني بطفولتي حين كنت أمضي الوقت قبل الإفطار في ممارسة بعض الأنشطة مع الأولاد في الحي»، وأضاف: «كانت أمي تطلب مني الذهاب لشراء بعض الأغراض اللازمة لمائدة الإفطار في اللحظات الأخيرة».
تسنيم السلطان، من المملكة العربية السعودية
تسنيم السلطان مصورة استقصائية وقصاصة. يركز عملها بشكل كبير على توثيق قصص النساء
في المملكة العربية السعودية والمنطقة. تسنيم سفيرة لشركة Canon وعادة ما تُنشر صورها في National Geographic.
رمضان هو الموسم المفضل لدى تسنيم للتوثيق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وعن شغفها بالتصوير تقول: «يمكنني تصوير المجتمع يتغير إلى حب السهر وحب إمضاء الليل مع الأقارب والأصدقاء طيلة شهر رمضان المبارك، في هذا الشهر الفضيل يجتمع الكل على مائدة الإفطار وتضاء الفوانيس حتى الساعة الأخيرة قبل الفجر. إنه وقت خاص للمشاركة فيه». تذكر تسنيم أول رمضان خلال الجائحة، حيث كانت في شقتها الصغيرة في الرياض تعيش مع ابنتها الصغرى يارا. كانت تسنيم تشتري علبًا من الخضروات الطازجة المزروعة محليًا وتقرر الوجبات التي يجب تحضيرها بمساعدة يارا. هذه الفترة كانت صعبة بالنسبة لها إذ كانت تفتقد إلى جو العائلة إلاّ أنّ هذه التجربة قرّبتها أكثر من ابنتها، وعن هذا قالت: «لا أعتقد أن أياً منا سينسى أهمية هذا الشهر المبارك بعد هذه الفترة». تعتقد تسنيم أن كل عام له بصمته الخاصة، وعن هذه الصور التي شاركتنا بها تقول: «التقطت هذه الصور عام 2019، قبل أن نسمع عن فيروس كورونا، لا أقنعة، ولا مسافة محدّدة بين الغرباء، ولا خوف من المستقبل. أنا أقدر تلك اللحظات الآن، ربما في غضون عام أو عامين، سننسى أمر الجائحة لكن في الوقت الحالي لدينا فقط بعض الصور من الماضي لنتذكرها». ☐