وقع الاختيار على الملاكِمة الجزائرية إيمان خليف لتكون نجمة العدد الجديد من ڤوغ العربية الذي يحمل عنوان ’صُنِعَ في العالم العربي‘ ويحتفي بكل موضوعاته بجوهر المنطقة في زمن الخسائر. ويتمحور عدد نوفمبر حول الاحتفاء بكل ما في العالم العربي من خلال الموضوعات المميّزة التي تسلّط الضوء على ما تزخر به المنطقة من مبدعين، ومناسبات ثقافية، وتراث ثري. وفي كلمة رئيس التحرير، يقول مانويل أرنو هذا الشهر: “الآن وأكثر من أي وقت مضى، ينبغي الاحتفاء بالإرث الثقافي للمنطقة والحفاظ عليه”، ويضيف: “إننا، مع الأسف، نحيا في زمن الدمار حيث صار التعايش مع الخراب مقبولاً، بطريقة أو بأخرى. ولقد طال الدمار كل شيء، فالمدارس والأسواق التاريخية والبنايات التي يعود عمرها لقرون تنهار في ثوانٍ، بينما المعالم الأثرية القديمة المسجلة في قائمة اليونسكو، مثل تلك التي في بعلبك، تواجه خطر الفناء. وفي الوقت نفسه، نشاهد كل ما يجري على الهواء مباشرةً تقريبًا، على شاشات هواتفنا”.
لقد حققت الملاكِمة الجزائرية إنجازا تاريخيًا في أولمبياد باريس هذا العام، ولكن ذلك الإنجاز لم تظفر به من دون تحديات؛ فبعد تغلّبها على الملاكِمة الإيطالية أنجيلا كاريني، التي انسحبت من النزال بعد 46 ثانية بسبب خوفها على سلامتها على حد قولها، وجدت إيمان نفسها في قلب عاصفة سياسية أثيرت حول جنسها. وفي غضون ساعات بعد فوزها، سرعان ما اجتاح شبكة الإنترنت في شتى أنحاء العالم، وتحديدًا موقع إنستغرام، وابل من المنشورات التي أثارت الشائعات المشكِّكَة في جنسها، بينما استغل الساسة المحافظون هذه اللحظة بشن المزيد من الانتقادات اللاذعة للاعبة. وفي إطار مساندته لإيمان، أنكر توماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، هذه الادعاءات بشدة قائلاً: “ما نراه الآن هو أن البعض يريد فرض تعريفه عن ماهية المرأة. ولا يسعني إلا أن أدعوهم إلى التوصل إلى تعريف علمي جديد عن ماهية المرأة، وكيف أن مَن وُلِدَت ونشأت ونافست كامرأة ولديها جواز سفر يثبت أنها امرأة لا يمكن اعتبارها كذلك”. وعلى ذكر هذا الجدل، تقول نجمة الغلاف على صفحات عددنا الجديد: “على الرغم من إحرازي الميدالية الذهبية، فهذا الحدث وحده كان أشبه بحياة كاملة. فقد حمل هذا الحدث المنفرد بين طياته تجارب عديدة ومتنوعة. وتمكنتُ من التغلب على كل ذلك بفضل إيماني بالله وبنفسي وحلمي. ولولا هذه التحديات، لما أصبحت بطلة أبدًا”.
وهذا الشهر، تعود بنا إيمان أيضًا إلى طفولتها والتجارب التي شكّلت مسيرتها. وُلِدَت البطلة الرياضية في ولاية تيارت في غرب الجزائر، ورسمت طريقًا لنفسها، متحديةً الأعراف الاجتماعية والتمييز، لتبلغ قمة الملاكمة الدولية. ونظرًا لخلفيتها الاجتماعية المتواضعة، تروي إيمان لـــڤوغ تفاصيل حياة التفاني والفقر التي عاشتها، قائلةً: “كنت أبيع الخبز على جانب الطريق، وأجمع البلاستيك والألمنيوم والحديد لتوفير مصاريف الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية والعودة منها”، وتردف: “كان مدربي محمد شعوة يخبرني دائمًا أنني سأصبح بطلة أولمبية ذات يوم. لقد علّمني أهمية ذلك وقيمته. وقدمتُ تضحيات على عدة أصعدة – في حياتي الشخصية، وتعليمي. لقد فعلتُ كل شيء للوصول إلى القمة”. وقد حققت البطلة هدفها على أرض الواقع.
واليوم، أصبحت إيمان بطلة عالمية، ويشهد عدد نوفمبر 2024 من ڤوغ العربية ظهورها للمرة الأولى على الإطلاق كنجمة غلاف لمجلة كبرى في عالم الموضة. وعلاوة على ذلك، حضرت البطلة الأولمبية عرض أزياء لأول مرة – وهو عرض “بوتيغا ڤينيتا” في أسبوع ميلانو للموضة. وقد خاضت الملاكِمة مسيرة استثنائية جعلت منها بطلة وطنية في الجزائر، ومصدر إلهام للفتيات حول العالم. وداخل حلبة النزال، تتميّز ببراعتها وقوتها وروحها القتالية – غير أن قصتها باتت أيضًا تضرب مثلاً يُحتذى به في الأمل والتمكين. وكامرأة جزائرية مسلمة، تمثّل إيمان جيلاً جديدًا يتحدى الصور النمطية ويحطم الحواجز. وقد حظيت بإشادة على طريقة جمعها بين القوة والأنوثة، ما يعكس عصرًا جديدًا من الجمال.
ومن عالم الرياضة ننتقل إلى دنيا الموضة، حيث يسلّط عدد نوفمبر 2024 الضوء أيضًا على الأعمال المذهلة للفائزين بجوائز “فاشن ترست العربية” لهذا العام، والذين نالوا جوائزهم المرموقة قبل بضعة أيام في حفل خاص أقيم في المغرب. وكجانب من دعمها المستمر لمصممي الأزياء والموضة بالمنطقة، طلبت ڤوغ العربية من العارضة المغربية المصرية الشهيرة إيمان همّام أن تكون نجمة الغلاف الرقمي لهذا الشهر، والذي التقطت صوره عدسة المصور المغربي موس المرابط في مراكش. وفي هذا الموضوع التحريري، تتألّق إيمان في كل إطلالة تلو الأخرى بروائع من إبداع “نزال ستوديو” من فلسطين، وياسمين منصور من قطر، ونادين مُسلّم وريم حامد من مصر، وكذلك من علامة “أكروماتيكس” من إسبانيا بوصفها البلد الضيف. وأثناء التصوير، انطلقت العارضة أيضًا في رحلة بين أرجاء مراكش لاكتشاف بعض الحِرَف اليدوية الرائعة والحرفيين المهرة القائمين عليها.
وتذكيرًا بالثقافة العربية وأوجهها العديدة، يغوص العدد الجديد الذي يرفع شعار “صُنِعَ في العالم العربي” في كل ما يجعل المنطقة جوهرة عالمية، وهو ما نستعرضه بترتيب أبجدي (باللغة الإنجليزية) من A إلى Z. وفي مسردنا هذا، تجدون أفضل ما في العالم العربي، مرفقًا برسوم تصويرية للفنانة اللبنانية ساشا حداد. انغمسوا في رحلة استكشافية مرتّبة أبجديًا تتضمن شخصيات شهيرة مثل عز الدين عليّة وخليل جبران؛ علاوة على معالم تاريخية منها آثار بعلبك والجيزة؛ والمطربتين عتاب وفيروز؛ وبالطبع التقاليد والحِرَف اليدوية القديمة مثل التطريز. وتتكامل عناصر القائمة معًا بروعة لتشكّل إرثًا من الإبداع والتأثير العميق في أنحاء المنطقة وخارجها.
وهذا الشهر، نسلّط الضوء أيضًا على تراث المطربة المصرية الغنية عن التعريف كوكب الشرق السيدة أم كلثوم التي لا تزال أغانيها الخالدة، مثل “إنت عمري” و”ألف ليلة وليلة”، تتردد حتى اليوم. وبعد قرابة نصف قرن على رحيلها عام 1975، تُعرَض مسرحية غنائية جديدة بعنوان “أم كلثوم والعصر الذهبي” في أنحاء العالم تكريمًا لمشوارها الفني الرائع الذي استمر 50 عامًا. وهذا العمل الطموح، الذي ألّفته وأنتجته المبدعة السعودية منى خاشقجي، لا يحتفي فقط بالموهبة الموسيقية الفريدة لأم كلثوم -التي يُطلق عليها أيضًا لقب “هرم مصر الرابع”- بل ويستكشف أيضًا السياق الثقافي والتاريخي لصعودها مدارج الشهرة.
وبعد نجاح عرضها لأول مرة في “ويست إند” بلندن ثم في السعودية والأردن والبحرين، قُدِّمَت المسرحية الغنائية في دبي أوبرا، ومن المخطط أن يُسدل عليها الستار في حفل موسيقي كبير يُقام على مسرح “الأوليمبيا” في باريس. وفي حوارها مع ڤوغ العربية، تقول منى: “شغفي ورسالتي في الحياة هما الترويج للثقافة والتراث العربيين”، وتردف: “ظللتُ أفعل ذلك على مدى 20 عامًا، كنتُ أجمع فيها الأزياء التراثية وأنظِّم المعارض الفنية في كلٍ من لندن وباريس ونيويورك. والآن، أريدُ أن أعرِّف العالم الغربي بالموسيقى العربية الكلاسيكية. أريدُ أن يستكشف الناس إرث ’كوكب الشرق‘”.
وإلى جانب التاريخ الثري للمنطقة، يلقي أحدث عدد من ڤوغ العربية الضوء أيضًا على حاضرها مع الصحفية الفلسطينية بيسان عاطف عودة التي فازت أخيرًا بجائزة “إيمي” لأفضل قصة إخبارية قصيرة صعبة عن فيلمها “أنا بيسان من غزة وما زلت على قيد الحياة”. تقول بيسان، التي صورت جميع اللقطات بهاتفها: “رسالتي للإنسانية هي أن غزة تقف على شفا نهاية العالم. وإذا انتصر الظالمون والمستعمرون والرأسماليون الذين يعتبروننا عبيدًا لأجنداتهم هذه المرة، سيكون هذا إيذانًا بدمارنا جميعًا. ينبغي ألّا يفلت القاتل من العقاب ويشكّل عصرًا جديدًا للظلام لم نشهد له مثيلاً من قبل”.
ويشير تزايد الأنشطة في أنحاء المنطقة إلى بدء عدة مشروعات جديدة نستعرضها أيضًا على صفحات عدد نوفمبر، ومنها معرض “كريستيان ديور: مصمم الأحلام” الذي سيصل إلى الرياض هذا الشهر بعد أن زار لندن وطوكيو. ويقام المعرض في المتحف الوطني السعودي أثناء موسم الرياض، ويعرض 250 فستانًا من أرشيفات دار الأزياء، بعضها ترتديه رائدة الأعمال السعودية يارا النملة في هذا العدد.
ومن “الإطلالة الجديدة” الثورية لـ”ديور” إلى الشعارات النسوية لغراتسيا كيوري وتنسيقاتها لفساتين السهرة مع الأحذية الرياضية التي لا تقل عنها جرأةً، فإن كل مانيكان في المتحف الوطني تروي قصة مختلفة – ليس عن دار “ديور” فحسب، بل عن الحياة نفسها.
وفي قطر، يقيم المصمم المغربي الهولندي محمد بنشلال معرضًا منفردًا بعنوان “بنشلال: أثر خالد ’فن يتجاوز الزمن‘” مكرسًا للمناظر الطبيعية في البلاد. وعن المنابع التي يستقى منها إلهام معروضاته، يقول المصمم: “تُعدّ المجموعة بوتقة لكل ما أراه في قطر – الناس الذين أقابلهم، وما يحيطني من جمال. وهذا المعرض هو إشادة مني بالمنطقة واحتفاء برؤيتها السبّاقة وثقافتها ومكانتها في عالم الموضة”.
وفي دنيا الموضة، نلقي الضوء على صيحة الريش التي تُعدّ إبداعية بقدر ما هي مثيرة للجدل. وهذا الموسم، كان الريش سمة بارزة على منصات عروض “لويڤي” و”شانيل” و”ألكسندر مكوين” وغيرها. بيد أن ذلك يطرح سؤالاً ملحًّا لا يمكن إغفاله عن كيفية معاملة الحيوانات التي تُستخدَم في مجالي الموضة والترفيه في العالم.
يُذكَر أنه في عام 2017، تعرّض كرنفال البرازيل الشهير عالميًا لانتقادات لاذعة لاستخدامه المفرط للريش في أزيائه – إذ تشير التقديرات إلى أن كل عرض يستهلك نحو 750 كيلوغرامًا من الريش، ومصادر أكثرها لا تستوفي المعايير الأخلاقية. وفي الآونة الأخيرة، اقتحم أحدُ أعضاء منظمة “بيتا”، غير الربحية المكرّسة للمعاملة الأخلاقية للحيوانات، عرضَ مجموعة “ديور” لربيع وصيف 2025، حاملاً لافتة تندد باستخدام الريش. وبعدها بأيام، عطّل ناشطون في حقوق الحيوان عرض “هيرميس” أيضًا. ولكن الآن مع استخدام كثير من المصممين في المنطقة وخارجها للريش القادم من مصادر تستوفي المعايير الأخلاقية، يتضح أنه لا يزال قادرًا على الإبهار – دون وخز الضمير.
وبرفقة هذا العدد الجديد، يشهد شهر نوفمبر 2024 أيضًا صدور أحدث عدد من ڤوغ ليڤينغ العربية الذي يبرز آخر صيحات التصميم وأسلوب المعيشة، وعددًا من أروع المنازل في العالم العربي. ومن الإمارات والسعودية إلى المغرب وغيرها، استعدوا لاستكشاف منازل عدد من أحب الوجوه في المنطقة، مثل المغنية اللبنانية دانا حوراني ورائدة الأعمال في مجال الأزياء رمانة ناظم، والتجول أيضًا في أماكن مذهلة مثل الفندق الباريسي الباهر الجديد المملوك لعائلة شوفوليه صاحبة علامة “شوبارد”. وسيتوفر هذا العدد في منافذ البيع قريبًا!