مع بداية مرحلة جديدة في حياتها، وجدت سمو الملكة زينب ملكة نيجيريا الفرصة لاستغلال قوتها، والتركيز على مؤسستها،.وبناء جسر بين أفريقيا والشرق الأوسط
بين ثنايا حوار مسائي مع سمو الملكة زينب أوتيتي أوبانور ملكة نيجيريا، تبادر إلى الذهن اقتباس شهير من كتاب بعنوان «علينا جميعًا أن نصبح نسويين» للكاتبة شيماماندا نغوزي أديتشي الحائزة على الجوائز تقول فيه: «لأني أنثى، من المنتظر مني أن أتطلع للزواج، من المنتظر مني عندما أقدم على حسم خياراتي الحياتية أن أضع في الحسبان دومًا أن الزواج هو أهم شيء». ورغم أن هذا هو حال النساء في شتى أنحاء العالم اليوم، فقد ثارت الملكة زينب على هذا الوضع، واستطاعت أن تعلو فوق السلطة الذكورية التي تفرضها ثقافتها القديمة والصورة الاجتماعية التقليدية. وبكل عزم، نجحت في رسم مسار يحترم أنوثتها، وعقدت مائدة مستديرة ودعت الفئات المستضعفة للالتفاف حولها.
نشأت الملكة زينب في كنف عائلة مترابطة الأواصر مع شقيقيها، وهي تنحدر من نسب ملكي من مملكة بنين التاريخية التي تقع اليوم جنوب نيجيريا. وأجرت الملكة دراسات إضافية بالخارج، فساعد سفرها المتكرر في تغيير نظرتها للحياة. «خلال سنوات نشأتي، كنت هادئة الطباع وجادة»، هكذا تقول موضحةً كيف لاحظت الظلم في مرحلة مبكرة من حياتها. «أردتُ أن يسود حال حيث يستطيع الناس أن يقفوا للدفاع عن أنفسهم، وكان ذلك أمرًا مهمًا بالنسبة لي». وفي عام 2016، تزوجت من الملك أدي آينيتان أوغونووسي، ملك أيل إيف، الذي ينحدر من أسرة حاكمة قديمة بأفريقيا، لتصبح بذلك الملكة ألوري ورولا أوغونووسي. وكان الملك الحاكم التقليدي لقبيلة يوروبا، إحدى أكبر الجماعات العِرقية غرب أفريقيا. غير أنها بعد عام واحد من الزواج، عقدت العزم على أن تملك العزيمة والإصرار، وطلبت الطلاق. وكان هذا القرار تاريخيًا وصلت أصداؤه لجميع أنحاء العالم. «من المثير للاهتمام أن أسمع أن ذلك يعتبر حدثًا – أن أكون أول ملكة من أفريقيا تنهي زواجها من ملك»، هكذا قالت بتعبيرات وجه جامدة، مضيفةً: «لا أحد يدخل في أي علاقة زواج، ناهيكم عن أن يكون هذا الزواج في مؤسسة مثل الملكية، ويخطط لإنهائه فجأةً. لم يكن الأمر سهلاً آنذاك أن أستجمع شجاعتي لاتخاذ قرار مثل هذا». وإنما نبعت شجاعتها من إدراكها لقيمة ذاتها. تقول: «أردت أن أمتلك القدرة للدفاع عن ما أؤمن به».
وتتطلع الملكة لنفسها أولاً أن تمضي قدمًا، فيما كانت دومًا بداخلها رغبة في تكريس حياتها للآخرين. «تكشفت لي الأمور في لحظة ما أثناء انفصالي. وكان ذلك عندما تحدثتُ إلى نفسي قائلةً إنني أريد أن أرفع من معنويات المظلومين، هؤلاء الذين لا يصل صوتهم – أريد أن أكون أنا صوتهم». إنها تستجمع شجاعتها كل يوم، فتختار أن تقف صامدةً وقوية. «إذا قررتُ الانهيار، لن أتمكن من إحداث أي تغيير، لن أتمكن من فعل شيء حيال ما لا يسعدني. أعتقد أن هذا ما يثبتني على موقفي».
أطلقت الملكةُ زينب مؤسستَها التي تحمل اسمها عام 2019، وكرّست مشروعاتها الأولى لمساعدة النساء على تحقيق الاستقلال المادي. ومن بين المبادرات التي قامت بها تدريب الفتيات وتقديم المنح الدراسية لهن، ومساعدة النساء اللواتي وقعن ضحايا للعنف الأسري. كما توفر المؤسسةُ التثقيفَ في مجال الصحة والنظافة عبر حملتها «لا تخجلي من الدورة الشهرية»، فيما يركز مشروع Siwaju على تمكين المرأة الريفية. وينصبّ اهتمامها حاليًا على مشروع «المياه من أجل الصحة» الذي يهدف إلى توفير المياه النظيفة والنقيّة للمجتمعات الريفية في جميع أنحاء العالم. وعن ذلك تقول: «يموت طفل كل 20 ثانية بسبب نقص المياه النظيفة. وثلاثة أطفال كل دقيقة. ووفقًا لليونيسف، قد يعيش نصف سكّان العالم في مناطق تعاني من نقص المياه بحلول عام 2025. إنه وعي آمل تقديمه للجميع. وإذ تمكنّا جميعًا من المساهمة في التوعية والدعم لتوفير المياه النظيفة والنقيّة لهذه المجتمعات، سنكافح العديد من الأمراض وبالتالي سننقذ الكثير من الأرواح».
وأقامت الملكة مشروعًا طموحًا آخر وهو مبادرة التنمية الاقتصادية العربية الأفريقية (AAED) قبل ثلاث سنوات. وقد قامت بتأسيس هذه المنظمة بدافع من رغبتها في سد الفجوة بين الشرق الأوسط وأفريقيا. تقول: «أشعرُ بانجذاب شديد تجاه الشرق الأوسط» بسبب «العدد الذي لا حصر له من أسلافي». وقد لمست بنفسها حجم الهوّة بين المنطقتين من منظور اقتصادي واجتماعي، وتتساءل: «لماذا لدى الشرق أوسطي التقليدي انطباع غير معلن عن الأفريقي والعكس؟ ثمة تشابه كبير بين الثقافتين يكمن في صميم هذا الخلط». إذ ترى أن المنطقتين تعدّان من المناطق النامية وتتقاسمان قيمًا مهمة، وتؤمنان بالتقاليد والثقافة، وتحبان البناء الأسري الممتد، والثراء الواسع في رأس المال البشري والموارد الطبيعية. وبدعم من وزير الاقتصاد في الإمارات، معالي سلطان بن سعيد المنصوري –وهو أول شخص تحدثت معه عن فكرة المنصة عام 2017– أصبحت الإمارات الآن شريكًا قويًا للمبادرة التي ستعلن عن موعد انعقاد منتداها السنوي الافتتاحي في الخريف. وتشارك 22 دولة أفريقية وشرق أوسطية بالفعل في المبادرة ومنتداها الذي يهدف إلى الجمع بين المسؤولين الحكوميين وأقطاب الصناعات وأصحاب المصالح ذات الصلة سنويًا. وسيوفر هذا الحدث مساحة لكل دولة لتقديم آفاقها وإمكاناتها الاستثمارية. ومن بين الموضوعات التي تود الملكة زينب التركيز عليها الأمن الغذائي وسبل الاستثمار الزراعي.
ولأنها من الشخصيات التي يحبها الجمهور، تدرك الملكة زينب قيمة العناية الشخصية وكيف تسهم في احترام المرأة لذاتها. وفي جلسة تصويرها لـڤوغ العربية، تألقت بإطلالتها البيضاء المميزة. تؤكد: «لا أكترث إن كنت سمينة أم نحيفة، أريد فقط أن أشعر بالرضا. وأهوى العناية بنفسي بكل المقاييس، ليس في المظهر الخارجي فقط بل وفيما أشعر به داخليًا أيضًا. فما تشعرين به أمر في غاية الأهمية، ومن خلاله أطلق طاقة إيجابية. وأهوى ارتداء اللون الأبيض لأنه يخلق هالة خافتة حولي. كما يمثل الكثير الذي يتعلق بروحانيتي». وهي نادرًا ما تظهر من دون غطاء رأسها. وتبتسم قائلة: «أشعر بأن مجد كل امرأة يبدأ من شعرها. وأحب دائمًا تغطية شعري». وتتحدث عن الدروس التي تعلمتها، مشيرة إلى أن المجتمع ليس عادلاً دائمًا، وأن المرأة يجب أن يكون لديها القدرة على التحمّل. والثقة بالنفس مهمة أيضًا. «بعيدًا عن أي شيء آخر، يجب أن تتمسكي بمعتقداتكِ».
الموضوع نشر للمرة الأولى على صفحات عدد سبتمبر 2021 من ڤوغ العربية.
فريق التصوير:
المكياج Nabila Merchant