تتمتع مجلة ڤوغ بتاريخ طويل يمتد لأكثر من 126 عاماً قدمت خلالها آلاف الموضوعات، وتابعها -ومازال يتابعها- ملايين القرّاء من شتى أنحاء العالم، فاستطاعت أن تحفر لنفسها اسماً بماء الذهب في هذا المجال بنُسخها العالمية الـ25، بوصفها مجلة الأزياء الرائدة على مستوى العالم والتي لها بصمتها المؤثرة في دنيا الأناقة. ولكن تُرى، ما سر نجاحها؟ إنه يتلخص ببساطة في إرساء دعائم علامة قويّة ومتماسكة البنيان وذات رؤية تتجاوز حدود شعارها الأيقوني، وترك بصمة موحّدة مميِّزة لها على نظامها البيئي مترامي الأطراف، بحسب فريق ڤوغ العربية خلال مشاركة أفراده في منتدى مسك العالمي لعام 2019.
وقد تناولت كلٌ من ألكسندريا غوڤيا مديرة تحرير المجلة، ورنا حاتم مديرة قسم الإعلانات، وكيتي تروتر مديرة قسم الأزياء الحديثَ عن كيفية تقديم محتوى جذاب عبر العديد من المنصّات، والتعرّف إلى فئات المستهلكين المهتمين بهذا المحتوى عن طريق تحليل البيانات، بالإضافة إلى تعيين قيمة مقترحة فريدة من أجل جذب المعلنين، وذلك خلال محاضرة ڤوغ التي قُدِّمَت في اليوم الثاني من المؤتمر الذي استمرت فعالياته لثلاثة أيام.
كما اعتلى مانويل أرنو رئيس تحريرُ ڤوغ العربية المنصةَ الرئيسية ليدير جلسة بعنوان “حقائق وأرقام وأزياء”، تحدث فيها كلٌ من ريناد حفني مصممة الأزياء ومؤسِّسَة علامة رويالد باي آر إتش، ودينيس دو نائب رئيس منصة جولي شيك الصينية للتجارة الإلكترونية. وخلال الجلسة، عرض المتحدثان أفكارهما حول المهارات التجارية المطلوبة لتأسيس شركة أزياء، وكيف يمكن الموازنة بينها وبين المهارات الإبداعية للمطلوبة التصميم، كما ناقشا التأثير المتنامي لمواقع التواصل الاجتماعي والاستدامة.
يذكر أن منتدى مسك العالمي هو المؤتمر الرئيسي الذي تنظمه مؤسسة مسك الخيرية غير الربحية التي أسسها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي عهد السعودية . ويتمحور هذا المنتدى حول تشجيع الشباب السعودي على المشاركة الفعالة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية حول العالم، بالإضافة إلى تشجيع الحوارات الصريحة بين قادة اليوم والغد. وتمثلت المحاور الرئيسية التي دار حولها المؤتمر في المهارات المستقبلية، وريادة الأعمال، والمواطنة العالمية، والتوظيف، بهدف قيادة عملية تغيير إيجابية واسعة النطاق، بجانب إعداد أكثر من 4000 قائد من الشباب من 85 دولة عبر تقديم محاضرات مشوّقة وورش عمل ونقاشات جماعية تدار على طريقة المجلس.
“قدمنا لهم منصة ليعرضوا أفكارهم من خلالها، وعرفناهم بالشخصيات المعنيّة، وقدمنا لهم الجمهور، كل ذلك كي نقول لهم ’نعم هذا ممكن‘”، هكذا صرحت شيماء حميد الدين، الرئيس التنفيذي لمنتدى مسك العالمي. ورغم أن هذا المؤتمر بدأ كجزء من رسالة مسك الشاملة التي تهدف إلى التركيز على الشباب السعودي، سرعان ما اتسع نطاقه حتى أصبح منصة عالمية. “وجدنا الفرصة سانحة للتأثير على الشباب على مستوى العالم وليس على المستوى المحلي فحسب”.
شارك في المنتدى في نسخته الرابعة لهذا العام 140 ضيفاً من المتحدثين المعروفين الذين جاؤوا من شتى أنحاء العالم وتشرفت الرياض بحضورهم خلال الفترة من 12 إلى 14 نوفمبر للمشاركة في هذه المنصة التفاعلية، وكان من بينهم صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان آل سعود وزير الطاقة السعودي، ومعالي شما بنت سهيل المزروعي وزيرة الدولة لشؤون الشباب بالإمارات ، والممثلان أدريان غرينيه وديڤيد أويلو، وجيه بي ستروبل المؤسس المشارك في شركة تسلا موتورز للسيارات، والشاعر ريتشارد ويليامز المعروف باسم برنس إي إيه.
وتشرف المؤتمر أيضاً بحضور سارة فيرغسون دوقة يورك التي تحدثت أيضاً عن أعمالها الخيرية في مجال رعاية الأطفال على مستوى العالم، وعن آمالها في العودة إلى المملكة المتحدة من أجل بناء مراكز صحية حكومية في المناطق النائية.
وفي تصريحها لصحيفة “عرب نيوز” السعودية، قالت فيرغسون: “يعجبني الشعور بالودّ الذي ألمسه في معاملة الشعب السعودي لي. فالجميع لطفاء جداً هنا بالرياض. وأعتقدُ أن هذه المعاملة مصدرها القيادة الرشيدة”.
انطلق مؤتمر مسك العالمي لهذا العام تحت عنوان “إعادة صياغة العمل”، حيث سعى إلى استكشاف الاتجاهات الجديدة والتحولات الجارية في عالم العمل، كما تطرّق إلى مناقشة تأثير التكنولوجيا الحديثة على تدفق الأعمال الجارية، وتطبيق اتجاهات جديدة لإعادة صياغة ساحة العمل بغرض تسليح الشباب بالمهارات التي يحتاجونها من أجل مواجهة التغيّرات التي يشهدها سوق العمل أيّاً كان مجال عملهم، بدايةً من أنشطة الأعمال المالية والتجارية وصولاً للعمل في مجال التعليم والترفيه. ورغم النتائج المبشرة التي أظهرها “مؤشر الشباب العالمي” المنبثق عن المؤتمر، فقد عبّرت حميد الدين عن مخاوفها من أن هذه النتائج ربما يكون سببها عدم وعي الشباب بتحديّات المستقبل.
قالت: “من خلال المنتدى، نريد تسليط الضوء على التحديّات، ولكن الأهم من ذلك التركيز على الحلول والفرص”، وأضافت: “نعم، هناك عائق هنا يقف في طريقنا، ولكن أيضاً هناك سبل عديدة للالتفاف حوله. فهذه ليست نهاية العالم. وكل ما علينا هو أن نفكر بعقلية رائد الأعمال وأن نستحضر طاقتنا الإبداعية”، فالمهارات التقنية يجب أن تسير جنباً إلى جنب المهارات الفنية والمهارات الشخصية حتى يمكننا تحقيق النجاح، حيث إن “امتلاك البراعة التقنية وحدها سيوصلك فقط عند حد معين”، على حد قولها.
جدير بالذكر أن قائمة الشركات الناشئة المتأهلة للمرحلة النهائية من مسابقة كأس العالم لريادة الأعمال قد وضعت هذا المعيار في الحسبان. يذكر أن مسابقة كأس العالم لريادة الأعمال هي أكبر مسابقة لريادة الأعمال في العالم، وسجل فيها 102 ألف شركة ناشئة من 180 دولة للمنافسة على لقب أفضل شركة ناشئة في العالم. ومن بين الشركات الناشئة الـ107 المتأهلة للنهائيات، كان من بينها ست شركات من السعودية منها شركة مزارع البحر الأحمر، وهي شركة تقنية زراعية ناشئة متخصصة في تقنية دفيئة المياه المالحة التي فازت بجائزة بقيمة 150 ألف دولار أمريكي عن حصولها على المركز الثالث بالمسابقة. أما المركز الثاني فقد فازت به شركة كونيكو الأمريكية المتخصصة في التقنيات العصبية، فيما استطاعت شركة نيرڤ تكنولوجي أن تنتزع الجائزة الكبرى بقيمة 500 ألف دولار أمريكي، وهي شركة كندية متخصصة في نظم المراقبة الرقمية لما بعد التشغيل، وذلك في اليوم الأخير من المنتدى. ولكن، بالطبع كل الشركات المتأهلة للنهائيات لم ترجع خالية الوفاض، فقد فازت جميعها.
“يعلن منتدى مسك العالمي لهذا العام أيضاً عن تقديم تمويل بقيمة 250 مليون دولار أمريكي لرواد الأعمال الـ107 المتأهلين للنهائيات، والذين سيحظون بفرصة العمر لبدء تنفيذ أفكارهم الرائدة”، كما ذكرت حميد الدين.
وفي إطار سعيه لتطوير الشركات الناشئة المحلية الناشطة ودعم رواد الأعمال الجدد في كلٍ من السعودية والإمارات، وقّع مركزُ مبادرات مؤسسة الأمير محمد بن سلمان الخيرية “مسك الخيرية” مذكرةَ تفاهم مع منصة Hub71 التكنولوجية العالمية بأبوظبي خلال المنتدى.
والجيل القادم من صنّاع التغيير في تنامٍ مستمر، وتسعى السعودية بجهود حثيثة نحو الاستثمار في مستقبل هؤلاء ودعم جهودهم من أجل تحقيق التقدم على الأصعدة المهنية والاجتماعية والتكنولوجية، ولا سيما الشباب السعودي بالمملكة، حيث إن 70% من شعب السعودية لا تتجاوز أعمارهم 30 عاماً.
“على مدار سنوات، ظللنا نتولى الريادة، ونقدم للشباب منصة يشاركون من خلالها، ونطور من إمكاناتهم، ونخلق لهم الفرص ونفتح أمامهم آفاقاً جديدة كي تتسنى لهم المشاركة”، هكذا علقت حميد الدين، مضيفة: “الآن هدفنا في مسك هو التنوع، وسد الفجوة بين تمثيل الإناث والذكور، وتوصيل الشباب بأصحاب الخبرات”.
اقرؤوا أيضاً: سيدة سعودية تتأهّب لدخول التاريخ باعتبارها أول امرأة تشارك في سباق للسيارات بالمملكة