أسماء جلال، نجمة سينمائية عرفت بأدوارها المتنوعة والمليئة بالتحديات، تعود إلى الشاشة الكبيرة بفيلم الفستان الأبيض، الذي يُعرض لأول مرة في مهرجان الجونة السينمائي.
لمع اسمها بسرعة في سماء السينما والدراما المصرية، تمكنت في فترة وجيزة من إثبات نفسها كممثلة موهوبة تتحدى نفسها باستمرار. بتجسيدها لشخصيات معقدة وقريبة من القلب، صنعت أسماء جلال لنفسها مكانة خاصة بين نجمات جيلها. من دورها في مسلسل «الهرشة السابعة» إلى أحدث أعمالها السينمائية الفستان الأبيض، نجحت في جذب الانتباه بشخصيات متنوعة وجريئة.
تجربتها في فيلم «الفستان الأبيض»، كانت بمشاعر واضحة ومليئة بالحماس. تتذكر أسماء اللحظة التي عُرضت عليها الشخصية قائلة: «هذا الفيلم كان قيد التحضير لفترة طويلة وتأجل بسبب ظروف معينة، لكني أذكر أنني منذ أن تواصلت مع المخرجة جيلان عوف وشرحت لي طبيعة شخصية بسمة، شعرت بانجذاب فوري لها». بسمة بحسب أسماء، ليست مجرد فتاة عادية من طبقة اجتماعية بسيطة، بل تحمل طابعاً خاصاً يُضفي عليها حضوراً قوياً. وتقول: «بسمة فتاة من طبقة اجتماعية بسيطة، لكن شخصيتها مميزة ولها حضور لافت. هناك تفاصيل في شخصيتها القوية والمتمردة تجعلها مثيرة للاهتمام ولا تُنسى، مثل صوتها العالي، كثرة حديثها، ودخولها في المشاكل بشكل دائم». وتضيف: «على الرغم من ظروفها الاجتماعية، إلا أنها تحلم بأن تكون ناجحة ومشهورة. أحببت إيمانها بنفسها وقدرتها على تغيير واقعها».
لكن الحماس الذي أحاط بشخصية بسمة لم يقتصر فقط على فرديتها، بل أيضاً على التفاعل الذي تربطه مع الشخصيات الأخرى في الفيلم، وخاصة مع شخصية وردة، التي تقدمها النجمة ياسمين رئيس. وتوضح أسماء الفرق بين الشخصيتين قائلة: «بسمة تمثل نقيض صديقتها المقربة وردة، التي تقدمها ياسمين، وهي شخصية خجولة وهادئة وتعجز عن أخذ حقها». هذا التباين بين الشخصيتين جعل القصة أكثر جاذبية بالنسبة لأسماء، مما أضاف لعمق الشخصية التي قدمتها. تقول: «هذا الثنائي بين الشخصيتين جذبني بشدة لقصة الفيلم، وأشعر أنني كنت بحاجة لتقديم هذا النوع من الشخصيات».
ما بين القوة والتحديات، كانت بسمة بالنسبة لأسماء فرصة لتقديم وجه جديد لشخصيات المرأة في السينما المصرية، شخصية تجمع بين الطموح والإصرار في مواجهة الواقع الصعب. تحدثت بشغف عن النص الذي جذبها منذ اللحظة الأولى. قالت: «أكثر ما جذبني في فيلم الفستان الأبيض هو شعوري بأن أي فتاة، بغض النظر عن طبقتها الاجتماعية، ستشعر بالارتباط بقصة الفيلم. أي فتاة تحلم بأن تكون الأجمل في يوم زفافها، وأن يتركز الاهتمام على مظهرها وفستانها لتكون مختلفة عن الجميع». هذا الشعور بالبحث عن الكمال في أهم أيام حياتها هو ما وجدت فيه أسماء عمقاً يلامس قلوب الجمهور. وتضيف: «هذا الاهتمام الزائد بالشكل الخارجي غالبًا ما يطغى على الفرحة الحقيقية المتمثلة في بدء حياتها مع شريكها، والفرحة بلمة أصدقائها وعائلتها يوم زفافها مما يؤدي إلى تعقيدات ومتاعب». لكن لم يكن الأمر مجرد ارتباط بالقصة فحسب؛ فالشخصية نفسها كانت تشكل تحدياً فريداً لأسماء. «شخصية بسمة مختلفة تمامًا عني، ولم أقدم مثلها من قبل، مما جعلني أشعر بالحماس لتقديم دور جديد ومختلف».
الفيلم عُرض لأول مرة في مهرجان الجونة السينمائي، وكانت تلك اللحظة بالنسبة لأسماء تجربة لا تُنسى. بشغف واضح تقول: «سعيدة جدًا بمشاركة الفيلم في مهرجان الجونة، ومشاهدة الفيلم للمرة الأولى مع الجمهور لأني أحب أن أعيش ردود أفعالهم في قاعة السينما». كما تضيف: «متحمسة جدًا لما يحمله المهرجان من قيمة ومعزة في قلبي، خصوصًا أن هذا هو الفيلم الثاني لي الذي يُعرض في مهرجان الجونة». هناك شعور خاص يغمرها في هذه المناسبة المرموقة، فبالنسبة لأسماء، المهرجان لا يمثل فقط منصة لعرض عملها، بل هو مناسبة تعني الكثير على المستوى الشخصي.
ومن اللحظات التي لا تُنسى خلال تصوير الفيلم، لم تتردد أسماء في الحديث عن إحدى أقوى المشاهد التي جمعتها مع النجمة ياسمين رئيس. «هناك مشهد إنساني يجمعني بياسمين حيث نبكي فيه سويًا بعد انهيار كل شيء حولنا. هذا المشهد أثر فيّ بشكل كبير، حيث شعرت بمشاعر وأحاسيس حقيقية أثرت علينا أثناء التصوير». مشاعر الحزن التي اختلطت بأحاسيس الواقع جعلت هذا المشهد يترك أثراً عميقاً في قلب أسماء. لكن على الجانب الآخر، لم يكن كل شيء مؤلماً، فقد وجدت في مشهد النهاية متعة خاصة: «أحببت مشهد النهاية في الفيلم لما يحمل من سعادة وفرحة حقيقية».
وشاركتنا أسماء بفلسفتها العميقة حول الرسالة التي ينقلها الفيلم. تقول: «الرسالة التي يقدمها الفيلم، من وجهة نظري، هي أن الأشخاص الذين يحبونك بصدق هم من سيقفون بجانبك ويساعدونك من قلبهم. ليس من الضروري أن يتدخل الغرباء في حل مشاكلك أو تقديم المساعدة، لأنك لست من أولوياتهم. في النهاية، أهلك وأصدقاؤك الحقيقيون هم من يدعمونك في أوقات الأزمات». أسماء تتمنى أن تصل هذه الرسالة إلى كل من يشاهد الفيلم، وأن يركزوا على ما هو أهم من المظاهر.
أما عن اللحظة التي شعرت فيها بأنها أثبتت نفسها كممثلة، تقول: «أشعر بالفخر بجميع أعمالي، لكن هناك أعمال حققت نجاحًا كبيرًا مثل مسلسل الهرشة السابعة، الغرفة 207، أشغال شاقة، ومملكة إبليس. هذه الأعمال أحدثت فرقًا كبيرًا في مسيرتي الفنية وأسهمت في إثبات نفسي كممثلة في الوسط الفني». تقول: «أحب أن أشعر بالتحدي كممثلة عندما تكون الشخصية مختلفة عني تماماً». وعن الأدوار التي لم تجسدها بعد، تتمنى أسماء تقديم أدوار تاريخية، وتقول بشغف: «أتمنى تقديم سيرة ذاتية لشخصية عامة، أو أن أقدم شخصية من عصر القدماء المصريين فأنا عاشقة للتاريخ الفرعوني». كما تشعر بانجذاب خاص لشخصيات من التاريخ المصري القديم، مثل شخصية كليوبترا وسخمت إلهة الحروب في الحضارة الفرعونية.
خلال مسيرتها الفنية، تعلمت أسماء درسًا مهما: «تعلمت ألا أقارن نفسي بأحد، وألا أركز في مسيرة وحياة الآخرين». حيث تسعى للاستمتاع برحلتها الخاصة، بعيدًا عن المقارنات التي تفسد على الفنان فرحته بعمله. وبهذه الرؤية الصادقة والمتميزة، تثبت أسماء جلال أنها ليست مجرد ممثلة موهوبة، بل فنانة تحمل رسائل أعمق، تقدمها بأدوارها وقراراتها المهنية، وتستمر في ترك بصمتها في عالم الفن.
المكياج: Fadoua Mazrara
الشعر: Lucie Beauty
منسّقة الأزياء: Kahina Melchane
تصوير: Danielle Sinai Shvadron