اجتمع هواة الفن ونقاده وجامعيه في الشاطئ الجنوبي لحضور الأسبوع الفني في مدينة ميامي 2016، الذي أقيم في الفترة الممتدة ما بين 1 و4 من شهر ديسمبر الحالي، وقد امتلأت الأيام الأربعة بأحداث فنيّة منها معرض آرت بازل بنسخته الأمريكيّة، ومعارض ساتلايت آرت ذات المستوى الرفيع كذلك. ومن الفنانين المشاركين الفنانة التونسيّة-الأمريكيّة نادية العياري التي أقامت معرضها المنفرد في زاوية صالة عرض تيمور غراني.
شاهد الزوار أعمال الفنانة نادية العياري من اللوحات الزيتيّة والمنحوتات الجداريّة وسط الخيمة الشاطئيّة التي صممت من قبل “كي/آر للهندسة المعماريّة” وقد صرّحت الفنانة عن أعمالها لهذا المعرض بقولها: “أشعر أنها تدفعني نحو منطقة أكثر تجريداً،” وتظهر الزخارف على لوحة العياري التي رسمتها باستخدام تقنية الإمباستو، بينما برزت الأسطح الخشنة والإطارات المصغّرة من التصوير الجصي “الفريسكو” التي بنيت باستخدام طبقات عديدة من خليط الماء والجص، وتقول الفنانة: “صنعتها على الرخام، الفريسكو مادة مثيرة للإهتمام ولكنها لا تستخدم بكثرة، إذ تعود للممارسات الفنيّة القديمة، ويوجد ما هو مميز في إضاءة هذه القطع.”
وتقدّم صالة عرض تيمور غراني التي أنشأها اللبناني الذي يحمل الاسم نفسه في 2013 مجموعة من المواهب العالميّة للفنانين الصاعدين، انضمّت إليهم العياري عام 2014بعد أن لفتت نظر غراني في معرض تشيلسي 2011. وتقول: “بدأت محادثتنا من هناك، وعرضت أعمالي في صالة عرضه عام 2013 ضمن معرض أطلق عليه “Didn’t Start the Fire”، ولاحظنا بعدها أننا نعمل مع بعضنا بسلاسة مع كونه أميناً للمعرض.”
وكأي من الفنانين الصاعدين واجهت العياري العديد من التحديات خلال مشوارها الفني، فقد انتقلت إلى الولايات المتحدة عام 2000 لتنضم إلى جامعة بوسطن، وسجّلت في البرنامج التحضيري لدراسة الطب قبل أن تعي أنه لم يكن ما تبتغي، ثم انتقلت لتتخصص في تاريخ الفنون، لتحصل على منحة للدراسات العليا في جامعة رود آيلاند للتصميم، وهناك حصلت على شهادة الماجستير في الفنون الجميلة. وقد لفتتها فكرة اللوحات السياسيّة خلال فترة دراستها، إذ نجد في أعمالها إشارات لأعمال فيليب غاستون وليون غولوب.
بدأت قصّة العياري بعد أن أنهت دراساتها العليا واستقرّت في نيويورك عام 2007، وتقول: “عندما انتقلت، كان عليّ أن أتصرّف سريعاً، وأن أواجه واقع امتلاكي لاستوديو فني كتعقيدات الإنتاج والأنظمة الماليّة. هنا أدركت أنني لست بحاجة لأن أركّز على أن أكون رسّامة سياسيّة، فكوني رسامة يعد موقفاً سياسياً بحد ذاته.”
وقد استمرت نادية العياري أربع سنوات في وظيفتها ذات الدوام الكامل، مع وقت مخصص للاستوديو الفني، حتى شاركت في معرض في صالة عرض “ساتشي” في لندن، وهناك باعت جميع معروضاتها.
بدأت الفنانة بالتخلي عن وظيفتها تدريجيّاً حتى تتفرغ لمسيرتها الفنية، فقالت: “كان عليّ أن أتّخذ هذا القرار الصعب، وخاطرت على الرغم من أنه بعكس طبيعتي ألا أختار الأمان المالي وألا أعرف من أين ستأتيني أموال نهاية الشهر” ومن خلال التحفيز والقرارات الغير مؤكدة حصلت العياري على فرصة لتعرض أعمالها في معرض منفرد خلال واحد من أبرز المحافل الفنيّة المعاصرة، “ما من مبدأ هنا، فلا يعني الأمر أنك ستكون على ما يرام إن خاطرت بما لديك، وهذا ما يجعل الأمر مخيفاً، من يعلم أين سأكون اليوم إن اختلفت خياراتي السابقة.”