في الثاني من ديسمبر من كلِّ عامٍ، يحتفل الإماراتيون (ويشاركهم المقيمون) في شتى أنحاء دولة الإمارات ببهجة وسعادة بعيدهم الوطني الذي يعتزّون به أيما اعتزاز، حيث ترفرف الأعلام فوق الفيلات والبيوت، وتصطف الرايات على امتداد الشوارع، ويرتدي الأطفال أجمل الثياب، كما تُعدّ الولائم والأطباق التقليدية، مثل الأوزي، احتفالاً بهذه المناسبة. وهذه السنة، يوافق العيد الوطني الذكرى السادسة والأربعين لتأسيس الاتحاد الرسمي للإمارات السبع التي تشكل دولة الإمارات العربية المتحدة وهي: أبوظبي، ودبي، والشارقة، وعجمان، والفجيرة، وأم القيوين، ورأس الخيمة. وتعود فكرة تأسيس الاتحاد إلى صاحب السمو المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي كان وقتها حاكماً لإمارة أبوظبي، ثم أصبح أول رئيسٍ لدولة الإمارات العربية المتحدة، والقائد الملهم الذي يشير إليه كل الإماراتيين بكلِّ فخرٍ واعتزاز بعبارة “والدنا الراحل”.
يعود الفضل في الازدهار الذي يهنأ به مواطنو دولة الإمارات في مجالات الصحة والرفاهية والتعليم والعمل إلى رؤية الشيخ زايد، وإلى تكريسه المساواةُ في الفرص المتاحة لجميع الإماراتيين ضمن خطته الشاملة، وقد أتى تمكين المرأة ونجاحها في المجتمع كنتيجة طبيعية لذلك. واليوم، يكاد يصعب إحصاء الشواهد العملية على تبوء النساء الإماراتيات لمناصب عليا في الشركات العامة والخاصة على السواء؛ فهنَّ قائدات في الصناعات المختلفة، ورائدات أعمال لا يشقُّ لهن غبار، كما أنهن يغيِّرن قواعد اللعبة في الحقول الإبداعية، وهنَّ أيضاً وزيراتٌ مبدعاتٌ ضمن الحكومة.
تُبرِز الإماراتية ديالا نسيبة، المديرة الجديدة لمعرض ’فن أبوظبي‘ الذي شهد هذا العام إقامة دورته التاسعة، المواهب الفنية من المنطقة في الداخل والخارج وترعاها، حيث تقول: ’’أشعر بفخر كبير لنجاحي في المساهمة ولو بشيء بسيط في الساحة الفنية الآخذة في النمو في دولة الإمارات. وهو أمرٌ يسعدني للغاية‘‘. وعلى قمة الهيكل الإداري لذلك المعرض تتربع فاطمة حضروم الغفلي، نائبة المدير التنفيذي لقطاع الإذاعة والتلفزيون في مؤسسة دبي للإعلام وعضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة رأس الخيمة، التي تقول: ’’أفخر جداً بإرثي‘‘، وتضيف: ’’حالة القوة التي تتمتع بها الدولة وطريقة توحُّدها ضمن فريق عملٍ واحد أمرٌ رائع – أنا أفخر بذلك وأحبُّ الاحتفال به كل عام‘‘. في حين تصرِّح مصممة أزياء السهرات حمدة الفهيم بالقول: ’’النصيحة التي أسديها للجيل القادم من النساء الإماراتيات هي أن يستقين الإلهام‘‘، وتضيف: ’’أن يضعن لأنفسهن أهدافاً ويعملن بجد لتحقيقها لأنه لا حدود لإمكاناتهن‘‘.
’’رائع حقاً أن نرى دولة الإمارات تتطوّر لتصبح عاصمة ثقافية للمنطقة‘‘
سنحت الفرصة أمام ديالا نسيبة لقاء الشيخ زايد عندما كانت تبلغ من العمر سبعة أعوام فقط. تقول: ’’كان متزناً جداً وعطوفاً‘‘، وتضيف: ’’أعتقد أنه بإمكان المرء رؤية هذه الخصال ذاتها لدى أبنائه وأحفاده، فهم واقعيون ويهتمون كثيراً بشعبهم‘‘. أصبح والد ديالا، وزير الدولة زكي أنور نسيبة، مترجمَ الشيخ زايد في فترة الستينيات، وقد حظيت ابنته في أكثر من مناسبة بشرف مقابلة الرئيس الذي تقول عنه: ’’كان صاحب رؤية ثاقبة وكانت لديه طموحاتٌ هائلة لبلده ولكنه كان أيضاً إنسانيِّاً للغاية، ولطيفاً وحكيماً. أعتقد أنه قائدٌ لا يتكرَّر‘‘. بدأت نسيبة مسيرتها المهنية في أعقاب تخرجها من جامعة كامبريدج، وبعدما عملت خلال مدة قصيرة في غاليري ’ساتشي‘ في لندن، تمَّ تعيينها مديرة معرض ’آرت إنترناشيونال إسطنبول‘ عام 2013. وفي العام الفائت، تولَّت إدارة معرض ’فن أبوظبي‘ الذي جذب أكثر من عشرين ألف زائرٍ في دورته الأخيرة. ومن بين الفنانين الإماراتيين الذين جرى عرض أعمالهم في الفعالية كان الفنان محمد أحمد إبراهيم، والفنان الراحل حسن شريف. تقول نسيبة: ’’من الرائع حقاً أن نرى دولة الإمارات تتطوّر لتصبح عاصمة ثقافية للمنطقة‘‘، وتضيف: ’’فهي تغدو وبسرعةٍ كبيرة مكاناً يرغب محترفو الفنون والمفكرون والمبدعون الالتقاء وتبادل الأفكار على أرضه‘‘. أما بالنسبة إلى ما كانت ستكون عليه نظرة الرئيس الراحل لدولة الإمارات العربية المتحدة الطموحة وسريعة التقدم، فإن نسيبة تقول بكلِّ ثقة: ’’كان يقدِّر دائماً التراث والماضي، ولكنه كان أيضاً مناصراً للابتكار والتغيير‘‘، وتضيف: ’’خلال حياته، شهد تغيُّرات سريعة للغاية وساعد بلده في التأقلم بنجاحٍ مع التغيير. أعتقد أنه كان سيرتاح إلى الطريقة التي آلت إليها الأمور اليوم وسيسعد لرؤية تطوُّر البلاد‘‘.
فاطمة حضروم الغفلي
’’أملي في الجيل الجديد أن يحاولوا دوماً إضافة قيمة وردّ الجميل‘‘
ولدت فاطمة حضروم الغفلي ونشأت في إمارة رأس الخيمة، وشقَّت لنفسها درباً شخصياً ومهنياً لم يكن سائداً في الإمارة المحافظة التي تنتمي إليها. فبعد تفوقها في إدارة الأعمال بالجامعة، غادرت منزلها لتعمل في مجال الصناعة المصرفية، وكذلك لدى عملاقة خدمات حقول النفط شركة شلمبرجيه، وشركة مبادلة للتنمية (وهي شركة مساهمة عامة مملوكة بالكامل من قبل حكومة أبوظبي)، وفي غرفة تجارة وصناعة رأس الخيمة. تقول الغفلي: ’’أعتقد أنني كسرت بعضاً من القواعد الضمنية التي تسري منذ عشرين عاماً‘‘، وتضيف: ’’أشعر أنه إنجازٌ كبيرٌ أنني قد حققت طموحاتي المهنية، وسافرت، واكتسبت كثيراً من الخبرات، وزدت معارفي الثقافية‘‘. انضمّت الغفلي، التي لا تحبُّ الانتظار والتراخي، إلى مؤسسة دبي للإعلام منذ ثلاثة أعوام وفي الوقت ذاته ترشَّحت إلى عضوية المجلس الوطني الاتحادي. تقول: ’’رغم أنني لم أفز بمقعد، إلا أنني ما زلت أعتبر ترشحي إنجازاً‘‘، وتضيف: ’’أردت أن أصنع فرقاً وكانت لديّ أفكار عظيمة حول التعليم والصحة، ولكن هناك طرقٌ أخرى ما زال بإمكاني المساهمة من خلالها‘‘. وفي شهر ديسمبر من كل عامٍ، تحتفل الغفلي بالعيد الوطني مرتين – مرة مع زملائها في العمل والأخرى مع أسرتها. ودائماً ما تحتلّ قريباتها الأصغر سناً الصدارة خلال الأعياد، حيث يرقصن ويتناولن الكعك ويطلين أظافرهن بألوان علم الإمارات. تقول: ’’أملي في الجيل الجديد أن يحققوا رغباتهم وطموحاتهم – فهذا أمرٌ في غاية الأهمية‘‘، وتضيف: ’’في كل ما يفعلون، عليهم أن يحاولوا دوماً إضافة قيمة وردِّ الجميل – سواء في العمل، أو مع أسرهم، أو في المجتمع. فكلما قدَّموا أكثر، حققوا أنفسهم بشكل أكبر‘‘.
حمدة الفهيم
«الإنجاز الأعظم هو النمو الهائل الذي تحقق خلال سنوات قليلة»
سوف ترتدي مصممة الأزياء حمدة الفهيم قطعةً لافتة في العيد الوطني. تقول: ’’أحبُّ خلط ملابسي وتنسيقها، لذا قد اختار ارتداء قفطان شرقي صنعته بنفسي، قطعة عصرية أكثر من كونها تقليدية، مضاف إليها كإكسسوار قرطان مميّزان لجعل الإطلالة أكثر ارتباطاً بيومنا هذا‘‘. وفي الثاني من ديسمبر، ستجتمع الفهيم مع أسرتها للمشاركة في بعضٍ من نشاطات العاصمة الاحتفالية. تقول: ’’يجسِّد العيد الوطني روح دولة الإمارات العربية المتحدة، وإنجازها الأعظم إلى الآن هو النمو الهائل الذي تحقق في غضون سنوات قليلة‘‘، وتضيف: ’’المرأة الإماراتية منجزة، ولدينا نماذج ملهمة، من أولئك اللواتي يعملن في مجال التجارة، إلى الصحفيات، والأمهات‘‘. وتتهافت الإماراتيات على خط أزياء الفهيم الذي يحمل اسمها للحصول على تصاميمها المميزة من أزياء السهرات ذات الطابع الرومانسي والأثيري. وتحتفي مجموعتها لربيع 2017 برائعة الباليه الشهيرة ’بحيرة البجع‘، عبر فساتين تأخذ شكل الجسم بالأبيض الثلجي الناصع والوردي الفاتح، بتصاميم مزخرفة بمهارة بالغة بريش النعام والترتر البرَّاق. وعلى الرغم من أنها رسمت «اسكتش» أول فستانٍ من تصميمها عندما كانت في الثانية عشرة، إلا أنَّ الفهيم التي ولدت في أبوظبي قد نشأت محاطةً بعالم تصميم الديكور قبل أن تتجه إلى اختبار مهاراتها في تصميم أزياء السهرات. وبالرغم من أنها لا تصمّم العباءات، إلا أنها غالباً ما ترتدي إحداها وتجد أنَّ تطوُّر هذا الرداء التقليدي ليس أقل من مذهل، تقول: ’’إنها قفزة هائلة، فهي كما لو أننا انتقلنا من الأسود إلى الأبيض‘‘، وتضيف: ’’ترتدي النساء الألوان الآن، وقد أصبحت العباءة قطعة أزياء لافتة – وفي بعض الحالات احتلّت مكان الفستان. لا حدود الآن عندما يتعلق الأمر بالعباءة، طالما أنها تبقى محافظة‘‘.
نشر هذا المقال للمرّة الأولى على صفحات عدد شهر ديسمبر 2017 من ڤوغ العربيّة، بقلم ريبيكا مكلولين-دوان.
تسوّقي منتجاتً مستوحاة من الأمارات وألوان علمها احتفالاً باليوم الوطني هذا العام