لربما كانت تمتلك ما تتمنَّى الكثير من الفتيات الحصول عليه ولكن لا يرينه إلا في أحلامهن—إلا وهو خزانة مفصَّلة بشكل غرفة ضخمة خاصة بالأحذية فقط—إلا أن مهندسة الديكورالسعودية روان الصحصاح سرعان ما تشير إلى أنها لا تزال تعاني نوباتٍ من الحيرة والتردُّد، وتتألف الغرفة المستقلة من حجرات بيضاء تمتد من الأرضية إلى السقف تمتاز بأبواب زجاجية زخرفية لعرض مجموعتها الرائعة التي تضم ما يزيد على مئة حذاء. “مثلما تقول كلُّ امرأة: ليس لدي ما ارتديه، كنت أقول على الدوام ليس لدي أيُّ حذاء، لذا واصلت شراء المزيد من الأحذية”، تقول عن مجموعتها المذهلة، والتي تعرضها بعناية فائقة كما لو أنها قطع فنية ثمينة، وتردف بالقول: “أمتلك ما يزيد على مئة زوج أحذية لذا قرَّرت بناء حجرة تسلِّط الضوء عليها وتعرضها جميعها، وتحافظ عليها محمية خلف أبواب زجاجية”.
انتقلت الصحصاح إلى الڤيلا الخاصة بها المؤلفة من طابقين والتي تضم 14 غرفة في سبتمبر من العام المنصرم، وقد أضافت لمساتها الخاصة إلى ذاك المسكن ليعكس قيمها الجمالية وشخصيتها المميِّزة لها. ويقع منزلها في منطقة سكنية راقية في حي الخالدية بمدينة جدة، حيث عملت بلا كلَّلٍ ولا ملّل لتحويل المكان إلى مساحةٍ يمكن أن تدعوها منزلاً لها.
وقد بدأت مشروعها الشخصي، المستوحى من المنازل الباريسية الأنيقة التي نالت إعجابها خلال الفترة التي عاشتها في مدينة النور، عبر توسيع المدخل الرئيسي واستبدال الباب الخشبي بآخر مصنوع من المعدن والزجاج ليسمح بدخول المزيد من الضوء وكذلك رؤية الحديقة الأمامية. كما هدمت الصحصاح أيضاً الجدار الفاصل بين المطبخ وحجرة الطعام، وبذلك أوجدت مساحة مفتوحة وجيدة التهوية تطلُّ على الحديقة الخلفية الخضراء الوارفة. وتوضِّح بالقول: “شرعت بإعادة تصميم كلِّ شيء، من الأسقف إلى الجدران، والأرضيات، والأبواب”، وكانت النتيجة مزيجاً انتقائياً من التصميم الكلاسيكي، والآرت ديكو، والتصميم المعاصر.
والصحصاح، وهي المؤسِّسة وكبيرة المصممين في آر آي إس، إحدى أهم شركات الهندسة المعمارية وتصميم الديكور الداخلي في الشرق الأوسط، تؤمن أن الديكور الداخلي يجب أن يعكس شخصية مالك المنزل. ومن الواضح أنها قد طبَّقت تلك المقولة عندما صمَّمت منزلها الخاص. وفي حين تعيش بمفردها مع طاقم العاملين في منزلها، إلا أن مسكنها ذاك نادراً ما يكون خالياً من الناس، تقول: “أنا شخصٌ اجتماعي وأستمتع باستضافة وترفيه الأصدقاء وأفراد العائلة”، وتضيف: “يبيت أبناء وبنات أخوتي عندي في كلِّ عطلة نهاية أسبوع لذا أفردتُ غرفةً خاصةً بهم”. وعندما لا تستضيف أفراد عائلتها الصغار في منزلها، تحبُّ أن تقيم حفلات ومأدُبات عشاء ذات موضوع معين، وبذلك تحوُّل مطبخها إلى مساحة للترفيه، وتُمتع الأصدقاء بعزفٍ حيٍّ على البيانو الأبيض الذي تمتلكه في غرفة الجلوس. وعندما يكون الطقس جميلاً، تنتقل الحفلة إلى حديقتها اليانعة في الخارج لتتحول إلى حفلة شواءٍ في الهواء الطلق. ولدى قيامكم بجولة فوق العشب الأخضر المشذَّب بعناية وبعد أشجار النخيل، تظهر لكم القطعة اللافتة في الحديقة—وهي سيارة مرسيدس-بنز حمراء كلاسيكية منشورة من منتصفها وتبرز من جدار، وعنها تقول بابتسامةٍ مشرقة: “ركَّبتها هناك من أجل حفلة ذات موضوع معين الشهر الفائت، ثمَّ قرَّرت إبقاءها في مكانها”.
والمصممة، التي تحافظ على توازن طبيعتها المرحة، هاوية كبيرة لفنِّ الفنغ شوي، وهو ما يظهر بوضوحٍ جليّ من خلال حديقة الزِن الاستوائية الهادئة التي تمتلكها، تقول: “إنها مثل جزيرة بالي مصغَّرة. أستمتع بالمشي حافية القدمين على العشب والتأمل فيها”. تخرجت الصحصاح في جامعة البترا في العام 2000 بدرجة بكالوريوس في الهندسة المعمارية والتصميم الداخلي، قبل أن تنتقل إلى واشنطن للتدرُّب كمصممة مبتدئة. وبحلول عام 2004، أسَّست استوديو التصميم الداخلي الخاص بها، حيث أقامت شراكة مع مهندس معماري امتدت لثلاث سنوات. وقد انتهت علاقة العمل تلك في العام 2011، تقول بالحديث عن تجربتها تلك: “لقد جعلتني انطلق بكامل قوتي وأستكشف روح الإبداع لدي”. وبعد ذلك عادت إلى السعودية في العام 2013 وقامت بتأسيس شركة آر آي إس، التي يضمُّ سجلها العمل لصالح فنادق، ومكاتب، وعقارات سكنية، ومراكز طبية، بالإضافة إلى الهندسة المعمارية—كما أنَّ الشركة هذه تقف خلف تصميم إحدى المساجد في مستشفى الملك فيصل التخصصي في جدة.
وتفخر الصحصاح بتنفيذها تصاميم “عملية، وبارعة، وأنيقة”، الأمر الذي يتضح بجلاء عبر أرجاء منزلها—من ورق الجداري الشرقي في غرفة النوم إلى المطبخ الأزرق الداكن مع أرضيات ذات مربعات كرقعة الشطرنج، والسجاد الفارسي المشرق في غرفة الجلوس والرواق. ويمتاز تصميم المنزل بالجرأة والتنوع ولكنه ناجح، ويخلق جوّاً متناغماً ومريحاً.
كما يظهر شغفها بالسفر والقيام بمغامرات بوضوحٍ عبر منزلها أيضاً، حيث تشعرون أنَّ كل قطعة فيه خلفها قصة ترويها. “أمتلك قطع أثاث وإنارة من كيلي ويرستلر، وجوناثان أدلر، وليندسي أدلمان، وعلامات أمريكية وأوروبية أخرى، بالإضافة إلى سجاد من شركة إيوان مكتبي”، تقول مفضِّلةً مزج العلامات معاً لابتكار هويةٍ فريدة، وتردف: “لديِّ بعض القطع الكلاسيكية والعتيقة كنت أعمل على جمعها، كما قمتُ بتصميم بعضٍ من قطع الأثاث، مثل مائدة حجرة الطعام، وخزانة أدوات الطعام، والخزانة الرئيسية. وتأتي القطع الفنية والإكسسوارات من متجري ومن كلِّ مكانٍ أسافر إليه”.
لا شك أنَّ سيدة الأعمال الناجحة سعيدة للغاية في منزلها، حيث تقول: “لكلِّ [جزءٍ] منّه جوُّه المختلف—ولكن الحديقة هي المكان المفضَّل عندي”، وفي حين أنها راضيةٌ عمَّا هو الآن منزلها الوحيد، إلا أنَّ الصحصاح تخطط لتوسيع طاقتها أبعد من ذلك، تقول: “في السنوات الخمس القادمة، أتمنى العيش في مكانٍ مختلفٍ كلَّ شهر، بحيث يقع كلٌّ منها في مكانٍ متحضرٍ ما وبجانب البحر…”
نُشِر للمرة الأولى على صفحات عدد يونيو 2018 من ڤوغ العربية.
موضوع متصل: رومانسيّة صادقة… شانينا شايك في حوارها مع ڤوغ العربيّة