أدى النجم التونسي ظافر العابدين أدواراً في أعمال أوروبية وأخرى أميركية، لكنه قرر منذ سنوات قليلة أن يقتحم الدراما العربية لينجح في إثبات موهبته.
هذا الموسم برع ظافر في أداء دور مريض بالسرطان من خلال مسلسل “حلاوة الدنيا”، الذي تشارك في بطولته مع ابنة بلده هند صبري، وحظي بنسبة مشاهدة عالية رغم المنافسة القوية التي شهدتها دراما رمضان هذا العام. يقول ظافر إنه توقع نجاح المسلسل “لكن ليس على هذا المستوى. فاجأتني ردود الفعل المشجّعة بل المشيدة بالعمل بعد عرض الحلقات الأولى. لقد توافرت لهذا المسلسل معايير النجاح، من السيناريو المتميز إلى فريق العمل المجتهد وجهة الإنتاج التي اهتمّت بالتفاصيل كلّها. في العادة لا يقلقني الغد، لكنني الآن أشعر بأن المسؤولية أصبحت كبيرة، وإن كنت في الوقت الراهن أريد الاستمتاع بقطف النجاح”.
لا يقلقني الغد لكن المسؤولية بعد النجاح أصبحت كبيرة
تساءل كثيرون عن سبب إتقان ظافر دور مريض بالسرطان وعن كيفية تحضيره لهذا الدور قبل التصوير. سألته غير متوقعة الإجابة.” أقرب الأشخاص إليّ مصاب بهذا المرض. لا أريد ذكر اسمه، لكنه أحد أفراد أسرتي. ليس غريباً عني عمق الألم الذي يصيب المريض بهذا المرض الخبيث وما يعيشه المحيطون به وكل مَن يحبونه”. كما يشير ظافر إلى أهمية وجود الممثلة الشابة ياسمين غيث بين أبطال المسلسل، هي التي كانت مصابة بالسرطان وعانت المرض خلال أعوام طويلة قبل أن تتعافى منه وتستعيد حياتها. “رغم أنها تجربتها التمثيلية الأولى، إلا أنّ ياسمين غيث قدمت الدور بتلقائية، ولا ننكر أنها ساعدتنا في التعرف على هذا المرض، لأنها واجهته بكل شجاعة وتغلّبت عليه”. ثم يستدرك ظافر ليقول إن أداء شخصية مريض بالسرطان لم تكن مهمة سهلة بل كانت شديدة الصعوبة في بعض المشاهد. “بعد خضوع سليم (اسم صاحب الشخصية التي يؤديها ظافر) لعملية تهدف إلى استئصال ورم في المخ، كان عليّ أن أمثّل المعاناة من إعاقة في القدم واليد، وأن أدّعي فقدان القدرة على الكلام بشكل صحيح. وهذه المشاهد كانت الأصعب”.
رغم اقتباس “حلاوة الدنيا” من عمل درامي مكسيكي، يرى ظافر أن هذا التفصيل لا يقلل من أهميته. “الاقتباس فكرة سائدة وليست غريبة، ولكن مسلسل “حلاوة الدنيا” اقتبس الشكل أو الـ”فورمات” فقط، خصوصاً أنّ أحداثه وتفاصيله تختلف عن النسخة المكسيكية”.
لا بد أن نتحدّث عن الكيمياء بين ظافر ومواطنته النجمة التونسية هند صبري. “أبدعت هند في تقديم دورها، ونجحت في جذب الجمهور لمشاهدة المسلسل بعد عرض الحلقة الأولى، وأنا شعرت بالانسجام الشديد والواضح بيننا”.
لكن ما هي حلاوة الدنيا وكيف يمكن أن نحققها؟ نسأل ظافر. “حلاوة الدنيا هي أن نستطيع أن نضحك رغم كل ما نواجهه من مشاكل وضغوط في الحياة. هي أن نمضي حياتنا مع من نحبّ ونستمتع معهم بما تخبئه لنا الأيام”.
ظافر العابدين شارك في بطولة عمل درامي ثانٍ لبناني وليس مصرياً، بعنوان “كاراميل” الذي يعدّه تجربة مختلفة تماماً. وهو يرفض أن يحصر أدواره في دراما مصرية أو لبنانية، بل يحرص على الانفتاح على الدراما العربية في شكل عام. “أحب أن أشارك في الدراما المصرية والأعمال التلفزيونية اللبنانية. وإذا أتيحت لي فرصة المشاركة في الدراما الخليجية أو السورية لن أتردّد. ولكن أودّ أن أؤكد أن الدراما المصرية هي الأكثر انتشاراً، وإن كانت الدراما اللبنانية قد بدأت تخطو خطوات صحيحة وجماهيريتها تزداد يوماً بعد يوم”.
رغم أدواره في أعمال من إنتاج أوروبي أو مصري أو لبناني إلا أن ظافر العابدين يؤكد أنه لن يتخلّى عن الدراما التونسية وعن فن وطنه، موضحاً أنه يحرص على المشاركة في أعمال تلفزيونية في تونس متى توافر السيناريو المناسب وفريق العمل المتميز.
ربما يأخذ البعض على ظافر أن خطواته الدرامية أسرع من خطواته السينمائية. “ليست السينما خارج حساباتي، ولكن كلّ شيء في أوانه. وقد قدمت فيلم “عصمت أبو شنب” وخضت من خلاله تجربة الكوميديا إلى جانب ياسمين عبد العزيز، وكانت تجربة جميلة. وأنا أتلقى باستمرار عروضاً سينمائية، ولكن انشغالي كل مرة بمسلسل يجعلني أضطر للاعتذار عن هذه العروض، إلا أنني في الفترة المقبلة سأسعى إلى أن أوازن بين الدراما والسينما”.
السينما التونسية تشهد تطوراً جديداً والأنظار تتجه إليها. “إذا وجدت السيناريو الذي يناسبني سأوافق عليه على الفور، لأنني حريص على المشاركة في السينما التونسية. ونرى الآن أفلاماً سينمائية في تونس تشارك في مهرجانات عالمية، والفضل في ذلك يرجع إلى جيل جديد من الشباب المخرجين”.
ظافر الذي تزداد جماهيريته يوماً بعد يوم، خصوصاً لدى الجنس اللطيف، يمثّل بالنسبة إلى فتيات كثيرات نموذج فتى الأحلام. “يسعدني ويشرّفني أن أمتلك جماهيرية ضخمة. ولكن ما يثير دهشتي واستيائي حصر نجاحي في وسامتي. الموهبة والأداء وحسن اختيار الأدوار تلعب دوراً أكبر وأهم من الوسامة. فالموهبة هي سبب الاستمرارية الأول. وسرّ النجاح الأول هو الطموح. أما السرّ الثاني فهو أن تحب مهنتك. وأنا أدائي يتطور يوماً بعد يوم، وسبب ذلك لا يرجع إلى مشاركتي في أعمال ناجحة. بل على العكس يمكن أن يشارك فنان موهوب في عمل لم يحظ بنسبة مشاهدة عالية، وأن يتميّز عبر أدائه الرائع”.
ماذا سيقدم لنا ظافر بعد النجاح الذي حصده أخيراً؟ سؤال أجاب عنه وهو يأخذ نفساً عميقاً: “أحتاج في البداية إلى إجازة مع أسرتي التي أشعر بالتقصير تجاهها بسبب انشغالي بالتصوير. أخطط للسفر في إجازة هدفها الراحة أولاً. ولا أنكر أن هناك عملاً ينتظرني بعد هذه الإجازة، وهو مسلسل أميركي لن أفصح عن تفاصيله في الوقت الحالي”.
ليست طريق المشاركة في أعمال أوروبية وأميركية مفروشة بالورود خاصة في ظل محاولات بعض شركات الإنتاج استغلال الممثل العربي أو الممثلة العربية في تقديم صورة نمطية سلبية عن مجتمعاتنا، وهو ما يعيه ظافر تماماً وهو يختار أدواره. “أنا مقيم في بريطانيا منذ أكثر من عشر سنوات. وقد درست التمثيل وفي لندن حيث بدأت أتلقى عروضاً للتمثيل. صحيح أن بعض الأدوار تثبت صورة نمطية معيّنة عن مجتمعاتنا، لكن ثمة أفلام أوروبية وأميركية تدافع عن العرب. ولكنني أتساءل لماذا ننتظر ما يقدمه الغرب عنا؟ يجب أن نقدم أفلاماً عربية تكشف حقيقتنا وتعرض صورة أصلية عنا، ونحرص على توزيع هذه الأفلام وعلى مشاركتها في مهرجانات عالمية”.
ظافر حريص على المشاركة كل عام في عمل أو عملين دراميين عربيين من دون أن يهمل فرص العمل في أوروبا. “تصوير أي مسلسل عربي يستغرق أربعة شهور على الأقل، وأنا أحاول أن أؤمن التوازن بين فرصي في العالم العربي وفرصي في أوروبا”.
لا يعترف ظافر بمثل أعلى يتوق إلى تقليده، إنما ثمة نجوم كبار يحرص على التعلّم منهم والاستفادة من تاريخهم الفني، وأبرز هؤلاء آل باتشينو وروبرت دينيرو. وما لا يعرفه كثيرون أن ظافر العابدين كان لاعب كرة قدم محترفاً قبل خوض تجربة التمثيل. إلا أنه ترك هذا المجال ولم يكن حلمه بالتمثيل هو السبب، لكن تعرضه لإصابة خطيرة أجبرته على التوقف عن اللعب لمدة عامين. وعندما حاول العودة إلى كرة القدم لم ينجح، عندها لاح حلم التمثيل وقرر ظافر التفرغ له. “أعترف بأنني شعرت بضيق وحزن شديد بعد ضياع حلم النجاح في كرة القدم. ثم قدّمت إعلانات، وكانت تجمعني علاقة بمخرج أقنعني بالعمل معه كمساعد للتعرف على عالم التمثيل عن قرب. وافقت، بعدها قررت دراسة التمثيل لمدة عامين في لندن ليتم ترشيحي لاحقاً لدور في فيلم إيطالي ديني بعنوان Maria , figlia del suo figlio، ومنذ تلك التجربة انبهرت بهذا العالم، وقررت الاستمرار في هذا المجال”.
ظافر العابدين متزوج منذ سنوات، وزوجته ممثلة بريطانية شاركت في أعمال مسرحية وفي بعض الأفلام لكنها قررت أن تبتعد عن التمثيل. “لم يكن قراري ولكنه قرارها. وهي لم تعتزل التمثيل نهائياً، لكنها ابتعدت وخففت نشاطها الفني. وإذا رغبت في العودة إلى هذا المجال سأشجعها، وسأترك لها الحرية الكاملة، بل من الممكن أن نتعاون معاً في عمل سينمائي إذا وجدنا السيناريو الذي يناسبها ويناسبني. شهرتي لم تؤثر في علاقتي بزوجتي، خصوصاً أنني قبل أن أتزوجها كنت أعمل في المجال نفسه. وهي تدرك تماماً صعوبات مهنتنا. أنا حريص كل الحرص على الاهتمام بعائلتي وعدم تأثير ضغوط عملي في حياتنا، فالأسرة أهم ما في الحياة”.
والشهرة لم تغيّر ظافر. “لم تغيّرني الشهرة على الإطلاق، ولن تغيّرني. هذا ما قررته وألزمت نفسي به، أنا أتعامل مع التمثيل كمهنة أعشقها لا كهدف لتحقيق الشهرة والنجومية”.
ظافر أب لطفلة تدعى ياسمين لم يتجاوز عمرها السبعة أعوام. “ابنتي لا تشاهد أعمالي لأنها مازالت صغيرة، ولن تتفهم مواضيع الأفلام والمسلسلات التي أشارك في بطولتها. ولكني أحرص على اصطحابها معي إلى موقع التصوير لأنها تحب رؤيتي أمام الكاميرا. أما تربيتها، فتعتمد على التقاليد العربية رغم إقامتنا في بريطانيا ولكنني في الوقت نفسه أحاول أن أعلّمها العيش في المجتمعات العربية والمجتمعات الأوروبية أيضاً، وأن تجيد التصرّف حيثما وجدت نفسها. لكنها في النهاية فتاة عربية وليست أوروبية”.
يقيم ظافر العابدين بين ثلاثة بلدان هي بريطانيا ومصر وتونس بسبب ظروف عمله: “أنا إنسان سريع التأقلم. وأتعامل مع كل بلد من هذه البلدان الثلاثة على أساسي أنه وطني الذي أنتمي إليه وأشعر فيه بالراحة”.
بقلم: كارولين بشرى
ظافر العابدين يطلعنا على الشيء الوحيد الذي يرغب أن يعرفه جمهوره عنه