عربيتان في الشكل والمضمون، سعوديتان في الهوى والهوية. شقيقتان يمكننا إلا تقدير مسيرتيهما المهنية، كّل منهما في مجالها الخاص. لجين وأسيل عمران في أول جلسة تصويرية لمجلة ڤوغ تجمعهما بعد سنين طويلة.
نعم نحن نعرف هاتين السعوديتين الجميلتين من خلال الشاشة الصغيرة، ومن وراء عدسة الكاميرا، ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ولكننا حين التقيناهما في جلسة تصوير خاصة لمطبوعتنا في منزل لجين، وصل فريق العمل في موعد الجلسة تماماً، تفاجأت لجين بالتزام الفريق، ورحّبت بجميع أعضائه بحفاوة ورحابة، مترجمة بذلك جذورها العربية التي تتميّز بأصول الضيافة وإكرام الضيف.
عند دخول المنزل تحطّ أنظارك على الكثير من الصور التذكارية التي جمعت لجين بأهم الشخصيات العربية، وعلى رأسها صورة رائعة مع سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وأخرى مع الملكة رانيا العبد الله، فهذه الصور خير دليل على أنّ لجين تحترم وتقدّر القيمين على بناء الأوطان والساعين وراء تحقيق الإنسانية في مجتمعاتنا العربية. وخلال جلسة التصوير أشادت لجين بذوق منسّق الأزياء فقالت “أنا معجبة كثيراً بطريقة تنسيقك للأزياء، كما أنّني جدّ فخورة كونك سعودي الجنسية”. ولأنّ لجين امرأة عربية بامتياز، فكان هذا ظاهراً حتى في لمستها الخاصة في منزلها، إذ عندما تتجول في أرجاء المنزل، ترى في كل زاوية وعلى كل طاولة عدداً لا يستهان به من العطور العربية والعالمية، وهذا يترجم حب لجين للإبداع والجمال. أمّا أسيل فأعربت عن سعادتها بهذه الجلسة التي أكّدت أنّها الأولى التي تجمعها مع شقيقتها بعد سنين طويلة.
“أنت من أقوى النساء وأقدرهن ومهما كثرت الصعوبات من حولك، لا تعترفي بالمستحيل”
لجين امرأة مستقلة بذاتها تغرّد خارج السرب، لا تنتظر أحداً ليُملي عليها ما تفعل. علّمتها الأخطاء كيف تصبح أقوى، وعلّمها تمسكها بأحلامها أين تضع خطواتها القادمة بثبات وثقة أكبر، وزادتها التجارب القاسية صلابةً. هي اليوم إعلامية غيّرت قواعد اللعبة، وأحدثت ثورة في العالم الافتراضي. أعطت المرأة العربية دفعة إلى الأمام، وحثّتها على المضي قدماً، متسلّحةً بثقة لا تتزعزع.
هي سيدة أعمال من الطراز الأول، تتفوّق في بعض الأحيان على نظيرها الرجل، شخصية عربية تربّعت على عرش المناسبات، فارضة احترامها وحضورها الأنثوي في كل المحافل الاجتماعية. تستحق لجين أن تفوز بجائزة “أفضل امرأة شاملة” في الوطن العربي.
بالنسبة إليها، على المرأة أن تركّز على الاستثمار في تطوير نفسها على جميع الأصعدة، وتعتبر أنّ النقطة الأهم في حياة المرأة هي استقلاليتها المادية لكي تتمكن من امتلاك حريتها، من دون الرضوخ لسيطرة أحد. خاضت مجال الإعلام بتشجيع من عائلتها ومن كل شخص كان مقتنعاً بالتغيير الذي حصل اليوم في المملكة. ترى أن المرأة تنجح حقاً وتتألق فعلاً في المجتمع الذي نصفه يحاربها وربعه لا يعترف بها والربع الآخر منه يشجعها بخجل. لذلك تعتبر نجاح المرأة السعودية مختلفاً عن نجاح السيدات الأخريات بسبب مواجهتها لتحديات مختلفة وصعوبات أكبر. غير أن الوضع لم يعد كما كان عليه في السابق، إذ استرجعت المرأة حقها في المملكة وتعزّز دورها وأصبحت قادرة على إثبات نفسها، ولذلك ليس لها اليوم أي عذر كي لا تثبت وجودها وتتفوق مثل غيرها.
لجين سيدة طموحة تخطو نحو الأمام وتأبى العودة إلى الوراء. ولهذا تصل مع كل تجربة جديدة إلى محطة استراحة تراجع خلالها حساباتها، وتقيّم ما مضى، وتقرر هل تستمر أو تنسحب قبل حتى أن تصل إلى خط النهاية كي لا تضيع وقتها. هي امرأة عاقلة وليست شريرة إنما تتحول شريرة حينما تتعرّض للظلم أو ترى الظلم بجميع أشكاله ودوافعه. غير أنها ترى الصمت أبلغ لغة وتلجأ إليه عندما يفقد الكلام قيمته والصوت تأثيره. في ما يتعلق بالموضة والأزياء، هي كلاسيكية في أسلوبها وتحب جميع الألوان. تختار ارتداء ما يناسبها وما يبرز ثقتها في أنوثتها. لا تميل إلى صيحات الموضة إن كانت غير ملائمة لها. وفي ما يخص مواقع التواصل الاجتماعي، تتجاهل فقراء الأدب والذوق وتخفي أمورها الشخصية. وبالحديث عن المستقبل، تعمل لجين على مشاريع عديدة تفصح عنها عندما تكتمل. وللمرأة العربية بشكل عام والسعودية بشكل خاص، تقول: “أنتِ من أقوى النساء وأقدرهنّ ومهما كثرت الصعوبات من حولك، لا تعترفي بالمستحيل. لذلك واصلي مسيرتكِ وادعمي كل أمرأه تشبهك فنحن نحتاج لدعم وتشجيع بعضنا البعض كي نصل ونحقق ذاتنا”.
أما أسيل الشقيقة الصغرى للجين، والشخص المدلّل في العائلة، فهي شخصية مرحة وعفوية، تتحلّى بطموح جامح، وتراودها الأحلام التي تستمتع كل يوم بالسعي لتحقيقها. بدأت مسيرتها في سنّ مبكرة بحيث كانت تقدّم برنامجاً للأطفال على قناة البحرين، ومن ثم بدأت باكتشاف عشقها للفن. وفي عام 2005، انطلقت في عالم الغناء كأصغر مشتركة في نجم الخليج فإلى عالم التمثيل الذي كانت تحلم به منذ البداية. تبقى أسيل متحفظة على مواقع التواصل الاجتماعي بحيث أنها لا تشارك كافة تفاصيل حياتها مع العالم، بل هي غالباً ما تشارك العالم بعض اللحظات الجميلة المستوحاة من عملها، وتلك التي تقضيها بمفردها أو برفقة أصدقاء لها لا يمانعون الظهور على مثل هذه المواقع. ومع هذا كله، تحتفظ لنفسها بإجازاتها وسفرها مع الأصدقاء
أو العائلة بعيداً عن الناس والعالم الافتراضي. عاشت أسيل تجارب كثيرة منذ صغرها ولكل تجربة منها أثر ترك في نفسها بصمة أو درس تعلمته. وبالحديث عن الشهرة والتخطيط وعن أيهما أصعب، تشير إلى أنّ الشهرة سريعة أما النجاح الحقيقي فيحتاج إلى مجهود وعمل، ولكن الصعوبة تكمن في الاستمرار في الشهرة الناجحة والتطور للأفضل. وتشرح قائلة إن الأشخاص الذين يطمحون للشهرة بأسرع وسيلة من دون أي هدف واضح أو موهبة هم كثيرون، وفي المقابل، كثر هم الذين يسعون للتخطيط للمستقبل بخطوات ثابتة، وهو ما يحتاج إلى مجهود أكبر. بدأت أسيل تعمل في سنّ مبكرة ولهذا السبب قد تكون المرحلة الجامعية بكل ما تحمله من ذكريات وتكوين صداقات من المراحل التي لم تعشها بشكل طبيعي. تهوى الرقص وهي تمارسه بعيداً عن ضغط العمل كما أنه يمنحها ثقة ومتعة مختلفة. وهي إيجابية جداً وقد تعلمت ذلك من تجارب كثيرة عاشتها وهي صغيرة وجعلتها تنظر للأمور بإيجابية أكبر. تؤمن أسيل بأن لا وجود لحلم بعيد المنال مع الإصرار والإيمان بالذات. وهي راضية عما هي عليه اليوم وتريد السير قدماً وتحقيق المزيد. تتجاهل الإشاعات ولا تعطيها أي أهمية وترى أن كل شخص يظهر على مواقع التواصل الاجتماعي هو مؤثر سواء أكان تأثيره سلبياً أم إيجابياً. تعشق الفن ولكنها تحب التمثيل أيضاً ولا تزال تنتظر فرصة تمثيل مختلفة عن المعتاد. تجامل من لا تربطه بها علاقة قوية لتفادي نقاش طويل أو جرح المشاعر. وبالتوجه إلى المرأة السعودية، نصيحتها لها هي: “آمني بنفسك قبل الجميع، احلمي واطمحي للأفضل، فأنتِ قادرة على تحقيق أي شيء طالما هناك رغبة، ولا تسمحي لأي شيء أن يقنعك بعكس ذلك”.
لجين وأسيل تنحدران من والدين زرعا فيهما قيم المحبة والاستقلالية وحرية التعبير والتصرف. تربطهما علاقة أخوة متينة ووثيقة، هي علاقة رائعة ترسخت وتعززت من ترابط العائلة، فقد تربت الفتاتان على أساس هذه القيمة العائلية. وعدا علاقة الأخوة القائمة بينهما، هما أيضاً صديقتان مقرّبتان من بعضهما البعض، فهذا ما شاركانا به عن علاقتهما المتينة. فبالحديث عن أسيل، تقول لجين إنّ علاقتها بشقيقتها الصغرى رائعة، وذلك بسبب التربية التي تلقتها كل من الفتاتين. فقد زرع والدهما فيهما بذرة الحب والاحترام وليست علاقتهما سوى نتيجة طبيعية جداً بين شقيقتين تمت تربيتهما على هذا الأساس. تعرف لجين أسيل أكثر من نفسها، فهي شقيقتها الصغرى التي أبصرت النور بعد طول انتظار وتهتم بها وكأنها ابنتها. كيف لا وقد سعدت بمجيئها وساعدت والدتها عل تربيتها والاهتمام بها منذ البداية. “أسيل أكثر جرأة مني ولكن رغم هذا الاختلاف الطفيف بيننا، نتفهم جيداً ونحظى بدعم أسرتنا التي منحتنا الثقة والحب والتشجيع رغم آراء الناس السلبية”. تعمل كل واحدة منهما في مجالين مختلفين غير أنهما تتشابهان كثيراً فهما تتشاركان البرج نفسه وصفة العناد وحب العائلة. تضع لجين العائلة في المقام الأول رغم كثرة عملها وأسفارها. تجتمع لجين أيضاً مع شقيقتها أسيل في عدم إرضاء المجتمع وجميع العقليات فمن المستحيل تحقيق ذلك، بل المهم هو بلوغ رضا الذات ورضا الوالدين. أما أسيل تعتبر أنّ لجين هي صاحبة القلب الحنون وليست شقيقتها فحسب بل هي مثال لها، إذ هي تتعلم الكثير منها ومن خلاصة تجاربها مع الناس وفي الحياة. أسيل مسرورة جداً بأن لجين ليست فقط الأخت التي تعرفها تمام المعرفة لأنها إنسانة شفافة فقط، إنما هي صديقتها أيضاً. تتفهم الشقيقتان بعضهما البعض وتتفاهمان مع بعضهما البعض بشكل جيد جداً. ورغم الصداقة وصلة الأخوّة، المقارنة قائمة بين الشقيقتين ولكنها لا تزعج أسيل إطلاقاً علماً أن المقارنة هذه قد تضاءلت بعد أن بات الناس يعرفون أن كل واحدة منهما لها شخصيتها الخاصة. وعلى الرغم من اختلافهما في الشخصية، تجمعهما جوانب مشتركة عديدة من بينها الأكل والسفر.
وعن المضي قدماً، يمكننا أن نستخلص من هاتين الجميلتين السعوديتين حكمة وعبرة، أنّ المستحيل ليس موجوداً داخل كل امرأة تتمتّع بالثقة وتتسلّح بالمعرفة وتثابر في تطوير نفسها وتعمل بجهد للوصول إلى القمة دون النظر إلى صغائر الأمور.
تعرّفوا إلى رائدة التمكين الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود
فريق العمل
تصوير: زيغا مليشيك
تنسيق الأزياء: محمد حازم رزق
المكياج: معصومة هاشم
الشعر: فوزية هلال