إن لم تسمعوا باسم الفنان البارز وسام شوكت من قبل، فلابد أنكم شاهدتم بعض أعماله بالتأكيد، حيث يتولى فنان الخط المقيم في دبي هذا مسؤولية تصميم الخطوط والشعارات العربية لمجموعة متنوعة من العلامات المختلفة بمن فيها علامات تيفاني آند كو.، وشوبارد، إضافة إلى دبي أكواريوم على سبيل المثال لا الحصر. ويُعتبر شوكت، الذي طوَّر مهاراته ذاتياً وعلَّم نفسه بنفسه بشكلٍ كاملٍ نظراً لنشأته في العراق الذي يعاني من ويلات الحرب، أحد أهم الخطاطين العرب حول العالم، ويشتهر بانحناءات خطوطه الدقيقة وتصاميمه البارزة (حتى ابتكر أسلوب خط مضبوطٍ بدقة لقي رواجاً كبيراً بين المهتمين وسُمّي باسمه: خط الوسام). ويحظى الفنان المرموق هذا باحترامٍ وتقديرٍ كبيرين من الجميع نظراً لإضافاته المميزة من اللمسات المجردة والمعاصرة التي أدخلها على الأساليب التقليدية، فضلاً عن عَرْضِ أعماله في المحافل الدولية، إضافة إلى قائمة كبيرة من الزبائن رفيعي المستوى الذين يُكلفونه بتصميم شعارات علاماتهم التجارية وتنسيق بطاقات الدعوة في حفلات زفافهم الفاخرة. ويأخذ فنان الخط، الذي يستعد حالياً لإطلاق معرضه المنفرد المرتقب تحت عنوان إنسايد/آوتسايد في صالة عرض إكس ڤي إيه بمنطقة البستكية، قسطاً من الراحة ليتحدث مع ﭬوغ العربية عن تجربته الشخصية المميزة هنا.
متى اكتشفت شغفك بفن الخط العربي؟
كان أول اطلاع لي على فن الخط في عام 1984 وكنت في العاشرة من عمري حينها. فقد كتب معلمي أربعة حروف عربية على السبورة خلال درس الرسم. وأصبح فن الخط، منذ تلك اللحظة، أشبه بهاجس يُسيطر على تفكيري كُليّاً. وبسبب نشأتي في العراق الذي مزقته الحرب، كان عليَّ أن أحتمي من القصف والقنابل في الملاجئ على نحوٍ مستمر، لذا كنت أشغل نفسي بالتدرُّب على فن الخط للتسلية وتمرير الوقت بكل بساطة.
“لطالما تساءلت بيني وبين نفسي عن السر وراء اهتمامي الشديد بأربعة حروف بسيطة مكتوبة على السبورة.”
إذاً، فقد تعلمت فن الخط كليّاً بمفردك؟
نعم، فخلال تلك الفترة لم يكن الوصول إلى الإنترنت متوفراً بعد، لذا كان عليَّ أن أقلّد التصاميم الموجودة في كتب الخط التي وضعها فنانو الخط الأتراك القدماء والتي اشتراها لي والدي، علماً بأنني ما زلت أحتفظ بمعظمها حتى الآن. وعندما كبرت قليلاً، عمدتُ إلى صقل مهاراتي عبر العمل في متاجر الدعاية والإعلان خلال العطلة الصيفية.
ما الشيء الذي يستهويك ويثير اهتمامك في فن الخط؟
لطالما تساءلت بيني وبين نفسي عن السر وراء اهتمامي الشديد بأربعة حروف بسيطة مكتوبة على السبورة، ولكني أعتقد أنه جاء نتيجةً لاهتمامي بالطريقة التي يُشكَّل بها الحرف ذاته، فلا تستهويني الأشكال الدقيقة المترابطة إطلاقاً بل على العكس تماماً أميل إلى التصاميم التصويرية الفريدة لكل حرف.
كيف يمكن للمرء أن يجعل من فن الخط مهنة أساسية يعيش من ورائها؟
لم يكن ذلك سهلاً إطلاقاً عندما كنت في العراق، لكن عندما انتقلت إلى دبي، كانت لدي الموهبة والخبرة في فن الخط العربي، واللتان كان من النادر إيجادهما في هذه المنطقة حينها. وتواصلت معي علامات تجارية بارزة لتصميم شعاراتها، لذا قررت الاستقالة من عملي والتفرّغ لفن الخط بشكلٍ كامل. وقد كان هذا أفضل قرار اتخذته في حياتي.
من أين تستقي الإلهام في أعمالك الشخصية؟
أحب ابتداع قطعٍ فنية بالاعتماد على نص ما، حيث يمكن أن يكون هذا النص آية قرآنية أو أبياتٍ شعرية.
هل لديك هوايات فنية أخرى؟
أنا مغرمٌ بجمع البخاخات الهوائية، وهي أداة قديمة لتشذيب الرتوش النهائية اختُرعت في القرن التاسع عشر، وهي بمثابة الابتكار المكافئ لبرامج تحرير الصور في العصر الحديث، وفي الحقيقة ما زلت أستخدمها في لوحاتي الفنية أحياناً. وأعتقد أنني أمتلك على الأرجح إحدى أكبر مجموعات البخاخات الهوائية في العالم.
كم يبلغ عدد قطع مجموعتك تلك؟
أمتلك ما يزيد عن 600 بخاخ هوائي، من بينها أول قطعةٍ تم اختراعها على الإطلاق عام 1800 من قِبل رجل أعمالٍ وفنان في شيكاغو كان اسمه إيبينار بيلار. وبدأت في جمع هذه البخاخات منذ أكثر من 15 عاماً حينما كنت لا أزال مقيماً في العراق. ولكي أكون صادقاً، أصبحت المجموعة عبئاً عليَّ إلى حدٍ ما، فلن تتخيلي ثقلها أو المساحة التي تشغلها…
ولم تلاحظ ضخامة العدد إلا بعدما وصل إلى 600 قطعة منها؟
بالضبط. وأعتقد بأنني سأقوم بوضعها في معرض كبير يوماً ما.