يقدّم المغني والملحن الفلسطيني عمر كمال، الذي يحظى بشهرة عالمية، أمسية ضمن حفلات مهرجان أبو ظبي. هذه المناسبة سمحت لنا بمحاورة عمر الذي يعرف عنه، إلى جانب الكاريزما والثقافة الموسيقية العميقة والواسعة، إبداعه في أداء أغاني سيناترا وروائع المطربين العربي.
نشر هذا اللقاء للمرّة الأولى داخل عدد شهر مارس من ڤوغ العربيّة.
ما الذي قدّمته إليك الموسيقى؟
الأمل والحلم. فمنذ الصغر وجدت في الموسيقى طريقاً للحلم بعالم أوسع وبإمكانيات لا حدود لها (كوني ولدت وتربيت في نابلس وهي مدينة صغيرة نسبياً – في السياق العالمي). أما على الصعيد الروحي، فالموسيقى تجعلني أرى كلّ ما هو جميل، وتجعلني تواقاً الى السعادة والسكينة على حساب الأمور الدنيوية.
هل الموسيقى تحمي من السياسة أم تسمح بالتأكيد على أهمية القضية؟ وهل التوق إلى مشروعك العالمي مرتبط بتجاوز الحدود بمعانيها المختلفة، الجدران والحدود الملموسة والمرسومة في الفكر أيضاً؟
ليس ثمة ما يمكن أن يبعد الإنسان عن قضيته، لأنها أولاً وأخيراً هدف وجودي، ولا ينبغي على أي فلسطيني أو صاحب قضية أن يبتعد عن قضيته. أما بالنسبة إلى تجاوز الحدود للوصول الى المشروع العالمي، فهذا صحيح الى حد كبير، ولكن هي رحلة بحث وبناء مستمرّين تتكشّف فيها حدود وآفاق جديدة يومياً، ودوري يتركز في مواجهة نفسي عند كل محطة وتقييم الإنجاز مقابل التضحية.
ملفتة عودتك إلى موسيقى القرن العشرين منذ بداياته، في زمن الركض السريع إلى الأمام وزمن تكنولوجيا المعلومات، وأنت شاب. كيف أثرت العودة إلى الماضي في مسيرتك؟
أنا شخص يحبّ الجمال، ولست مولعاً بالمتعة السريعة أو الرخيصة. وكذلك هي رؤيتي الموسيقية… فيجب على الموسيقى أن تحرّك الفكر أو المشاعر أو كلاهما، هذا هو الفن. لست مهتماً ببعض أنواع الموسيقى الموجودة حالياً، ولكن أحد أهدافي هو إضفاء هذا الفن على موسيقى اليوم حتى لو تطلّب الأمر بعض المساومة بهدف إيصال رسالة فنية الى مستمعين جدد.
من هو جمهور عمر كمال؟ وهل يمكن أن نقول إنك تثقّف أبناء جيلك موسيقياً؟
يشاركني جمهوري ذوقاً مشابهاً في الفن والموسيقى على اختلاف فئاته العمرية. لا أريد ان أكون فناناً أو موسيقياً من الماضي، وإن قُدِّر لي ولمن يستمعون إليّ الارتقاء معاً الى فضاء جديد ومعاصر في الموسيقى، فأكون قد حققت أحد أسمى الأهداف في مسيرة كل فنان.
هل تشعر بأن الجمهور يفهم دورك موسيقياً حين تعيد تقديم أغاني الزمن الجميل؟ وكيف تنطلق من القديم إلى التعبير الموسيقي المتجدّد والمتنوّع؟
نعم هذا صحيح الى حد كبير، وأنا أفخر بانّ لي مستمعين ذوّاقين في الفن، يقدّرون القيمة الجمالية والفنية للعمل. ومع الوقت سيتجلّى هذا الدور بوضوح أكبر امام مستمعين جدد مع التطور والعطاء المستمر. القديم والحديث من الموسيقى له أصل واحد، ولكن يؤخذ برؤى مختلفة او “توزيعات” مختلفة إن صحّ القول. الكثير من النتاج الموسيقي الذي يقدّم في زمننا الحالي مبني على اقتباسات من النتاج الموسيقي الهائل الذي قُدّم في الماضي وإن تم ذلك في اللاوعي.
ثقافتك الموسيقية العميقة واطلاعك الواسع وتنقّلك بين تراث شرقي وآخر غربي، هل تسمح لك باكتشاف ما استلهمه موسيقيو منطقتنا من موسيقى الغرب؟ وهنا يتهيأ لي أن اهتمامك بالكلمة ثانوي بالنسبة إلى اللحن، في حين أننا نتغنّى بالكلمات، هل الموسيقى أصدق من الكلمة؟
برأيي الخاص ورأي كثيرين، الاستلهام والاقتباس في الفن مشروع سواء كان في الوعي ام اللاوعي. وهذه ملاحظة قوية نعم، أعترف بأنني أميل بعض الشيء الى اللحن على حساب الكلمة، ولكن حديثاً بدأت الالتفات الى قوة الكلمة في الأغنية وحب الاستكشاف أكثر في هذا المجال. الموسيقى ليست أبداً اصدق من الكلمة، والاثنان يعملان معا بنفس المستوى لخلق “الاغنية” والتي هي زواج بين الموسيقى والشعر.
هذه حفلتك الأولى في أبو ظبي، بعد بيروت وعمّان والقاهرة وغيرها، برأيك إلى أين ستحملك الموسيقى؟
آمل أن تأخذني إلى حيث تسود السعادة والسكينة. اما إذا كان السؤال عن الجغرافيا، فإلى جميع أنحاء العالم… لم لا؟
في الواجهة… ڤوغ العربيّة تستكشف أبرز الفعاليات الثقافيّة خلال شهر مارس 2018