https://youtu.be/BnDzi2E5LoE
سيتم يوم الأحد عرض فيلم “محبس” في مهرجان دبي السينمائي الدولي وهو أول فيلم طويل للمخرجة اللبنانيّة صوفي بطرس. وتحكي قصة الفيلم دراما كوميديّة لسيّدة لبنانيّة تحمّل السوريين مسؤوليّة وفاة شقيقها بقنبلة سوريّة منذ عقد من الزمان، وبينما كانت تستعد للقاء خطيب ابنتها تتفاجأ عندما تكتشف أنه من أسرة سوريّة. اجتمعت ڤوغ العربيّة مع مخرجة الفيلم والمشاركة في كتابته صوفي بطرس، لتخبرنا كيف أصبحت أبرز مخرجة عربيّة مرتقبة في مهرجان دبي السينمائي الدولي هذا العام.
نشأت في بيروت تحت كنف عائلة مهتمّة بالفنون، اليوم شقيقك زياد ملحن شهير بينما تشتهر شقيقتك جوليا في مجال الغناء، متى قررت أن تسلكي طريق صناعة الأفلام؟
لطالما شغلت الموسيقى جزء كبير من حياتنا، ولكن في المدرسة كان تركيزي يتّجه نحو العلوم، كنت تلك الطفلة التي ستكبر لتكون طبيبة أو مهندسة أو شيء من هذا القبيل. نشأت كما تعلمين في منطقة حرب في لبنان، ولدت في خضمّها وأنهيت دراستي بالتزامن مع انتهائها بالضبط، لذلك لم تكن أمامي خيارات متعددة للتخصصات الدراسيّة، الجميع كانوا يتوقعون من أطفالهم أن يصبحوا محامين أو مهندسين أو أطباء. وكنت أتابع الكثير من الأفلام مع شقيقتي في تلك الفترة، في نهاية كل أسبوع نقوم باستئجار شريط فيديو لأحد الأفلام الحديثة ونناقشها معاً. كان متجر تأجير الأفلام قريباً من منزلنا، وكنّا نعشق تلك الأفلام حقاً ونناقشها معاً، كانت تلك هوايتي.
أي نوع من الأفلام والممثلين كان يجذبك حينها؟
كنّا نميل بشكل كبير نحو أفلام هوليوود لأنها كانت المتوفرة لدينا، أحببنا روبرت دي نيرو وميرل ستريب وآل باتشينو… كنا ننجذب للممثلين الذين يعتبرون “كباراً في السن” على الرغم من صغر سننا. كما شاهدنا الكثير من الأفلام المصريّة خلال عطلات نهاية الأسبوع وأيام الأحد. ولكن صناعة الأفلام لم تكن مهنة متاحة؛ لم نكن لنضعها في الحسبان آن ذاك، لذلك درسنا الطب.
ومع ذلك تخصصت في السينما.
تخصصت في الطب في البداية، لم تكن تلك رغبتي ولكن هكذا جرت الأمور. درست الطب في السنة التحضيريّة، ثم أخبرت والدي بأني أريد أن أسلك طريقاً فنياً وإبداعياً، وقد افتتحت الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة(ALBA) تخصص الفنون السمعيّة والبصريّة في ذلك الوقت فالتحقت به.
ماذا على الشخص أن يدرس حتى يصبح مخرجاً؟
عندما تشاهدين فيلماً ليس من الضروري أن تكوني على معرفة بطريقة تحليله وانتقاده؛ ولتصنعي أفلاماً جيّدة عليك أن تشاهدي أفلاماً جيّدة لتتعلمي منها، تعلّمنا لغة السينما وكتابة النصوص، وكان هناك وعي بالثقافة ومعرفة عامة بالفنون والموسيقا والحضارة. أُعطيت الخلفيّة الثقافيّة اللازمة لتأليف القصص وتقديمها كمخرجة.
بدأت بإخراج الأغاني المصوّرة ما الذي دفعك لصناعة الأفلام الطويلة؟
قدّمت على برنامج تبادل مع شريكتي في كتابة النص نادية عليوات بالتعاون مع مهرجان دبي السينمائي الدولي عام 2013 تورينو فيلم لاب. وقمنا بتقديم عرض مكون من عشر صفحات ليتم اختياره، ثم قمنا بتطوير النسخة الأولى منه على مدى خمسة أشهر مع خبير في كتابة النصوص السينمائية، وحضرنا ورشات عمل مختلفة للكتابة. حالما انتهينا، قمنا بكتابة نسخاً أخرى إلى أن وصلنا للنسخة الخامسة التي قمنا بتصويرها.
كيف وفقت بين كل ذلك مع وظيفتك ذات الدوام الكامل التي تشغلين فيها منصب مديرة شؤون الطلاب في الجامعة الأمريكية في دبي؟
لم يكن ذلك سهلاً على الإطلاق، فأنا كذلك متزوجة وأم لطفلين أحدهم في العاشرة والآخر في الخامسة من العمر. بدأنا في كتابة المسودات في أوقات الفراغ أثناء الليالي والعطلات الأسبوعيّة في 2013، ولم نبدأ بتصويره حتى ديسمبر 2015. واضطررت أن أبتعد عن عائلي أثناء التصوير. صورناه في لبنان؛ لذلك كنت غائبة لمدة شهرين كاملين، ولم تكن تلك تجربة سهلة، زوجي ساعدني كثيراً بأن بقي مع الأطفال. كان الأمر صعباً بحيث تجدين نفسك محاصرة، تحاولين إنهاء هذا المشروع وتعلمين أنك لا يمكن أن تتوقفي. ولكن أولادي فخورين بهذا الإنجاز وسأحضر حفل العرض الأول للفيلم مع ابني الأكبر.
كيف قمت باختيار الممثلين لدور البطولة؟
كنت أنوي اختيار جوليا كسّار التي لعبت دور الأم تيريزا منذ كنا نضع اللمسات الأخيرة على النص، وكانت من أوائل الممثلين الذين قمنا بالتواصل معهم في المرحلة الثانية من الكتابة، ولم يكن النص مكتملاً في ذلك الوقت ومع ذلك جاء ردها سريعاً وكانت سعيدة كون الشخصيّة الرئيسيّة هي سيدة في الخمسينيات من عمرها، ومن النادر أن تحصل السيدات في هذا العمر على أدوار البطولة في عالمنا العربي، فبالعادة تصنع الأفلام لجيل الشباب. باقي الممثلين من لبنان وسوريا في الحقيقة انضمّت إلينا أسماء بارزة من سوريا مثل بسّام كوسا ونادين خوري اللذين لعبا دور الوالدين في الأسرة السوريّة.
ماذا بعد؟
بعد العرض التجاري لفيلم “محبس” في لبنان، سأكون مستعدة لبداية مشروع جديد. فقد أدركت أنني لن أستطيع أن أتوقف الآن بعد أن أصبحت وسط اللعبة. عندما تبدئين في كتابة القصّة تبدأ الأحداث بالتتابع، كما أني أريد أن أقضي بعض الوقت مع أطفالي لأعوّض عن فترة غيابي الماضية. يمكن أن أقول أنّ صناعة الأفلام تجربة جميلة، مع كل التحديات والمصاعب، أشعر بالحياة عندما أتذكر تلك الأيام التي عشناها في التحضيرات، وأثناء التصوير وهذا بالنسبة لي لا يقدّر بثمن.
فيلم “محبس” من كتابة صوفي بطرس ونادين عليوات وإخراج صوفي بطرس وإنتاج نادين عليوات. بيعت تذاكر عرضه الأول في 11 ديسمبر ضمن أيام مهرجان دبي السينمائي الدولي بالكامل.