تحدق في عينيّ صورة فتاة شابة يزيّنها مكياج متقن ببشرة صافية وعينين عميقتين مع شفاة جميلة، ولكن المفاجأة، قيود وأعمدة تغطي الصورة وتلتف حول الوجه، تظهر بألوان جميلة كالأخضر العشبي والأزرق السماوي بالإضافة للأصفر والأحمر.
صنعت الفنانة الفوتوغرافيّة جولي كوكبورن قصاصات فريدة من مجموعة صور قديمة مقدّمة من صالة عرض فلاورز غاليري، ويلخص هذا العمل القصة التي ترويها الصور الأنيقة في معرض باريس فوتو الذي يحتفل بمرور عشرين عاماً منذ انطلاقته. ويقام في عدة مناطق في المدينة، حيث فهم المشاركون فيه أن الصور الفرغرافيّة المعاصرة يمكن أن تتضمّن ما هو أكثر من مجرّد صورة مطبوعة، فهناك العديد من التقنيات الرقميّة التي يمكن أن تضاف لها.
“الجسم مادة والتصوير وسيلة” كتبت هذه العبارة على الجدار بجانب لوحة فاليري بلين ذات الألوان الغنيّة المحاطة بإطار زجاجي غير عاكس ليعطي تأثيراً صادماً على الصعيدين المرئي والملموس (صالة عرض ناتالي أوباديا في باريس.)
بحثت عن صور الموضة بالتحديد بين الصور التي تضم العديد من المجالات المتنوعة والمعروضة في جراند بالاس، فوجدت صوراً كلاسيكيّة كصورة Young Velvets, Young Prices لنورمان باركينسون من عام 1949، والتي تصوّر أربع سيدات يرتدين قبعات أنيقة على سطح مبنى كوندي ناست السابق في جادة ليكسينغتون في نيويورك مع ناطحات السحاب الظاهرة في الخلفيّة (بيرن هايمر للفنون الفاخرة في سويسرا.)
ولكن التأثير الملموس كان مفقوداً في معظم الصور القديمة، منها الصورة الرائعة باللونين الأبيض والأسود التي التقطها هيلموت نيوتن للفنان ديفيد بوي في مونت كارلو سنة 1982أو صورة مارلين مونرو الشهيرة The Last Sitting التي التقطها بيرت ستيرن بتكليف من مجلة ڤوغ عام 1962(صالة عرض ستالي-وايزفي نيويورك).
ظهر التأثير الملموس في العديد من الصور المعاصرة بعدة أشكال مختلفة، منها عمل الميكسد ميديا Lindsey, Woven لكل من تينا بيرنينغ ومايكل آنجلو دي باتيستا عام 2016، إذ يظهر هذا العمل عيني العارضة تومض بتأثير غريب من نسيج محاك، بينما يظهر فمها خلف خيوط متدلية باللونين الأسود والأحمر (كاميرا وورك في برلين).
كنت أستعين في بعض الأحيان بمخيلتي لفهم التقنيات العصريّة الكثيرة، ففي عمل Trace 24-33 وهو صورة رقميّة مطبوعة تظهر خليطاً من الراتنج والزجاج، شاهدت تأثير صادم للفنون المعددة، قدّمها الفنان هيروشي تاكيزاوا (بولكا في بارس)، بينما بدت لوحة لجوبودراج آندريك، ذات الألوان الغنية China #2 كحصيرة محاكة من القش (صالة عرض روبرت كوش في سان فرانسيسكو).
لم يكن البعد الثالث الظاهر في معظم الأعمال نتيجة استخدام الأنسجة الملموسة، بل كان حيلة للإضاءة والأفلام. كما ظهر في الصورة المطبوعة Yelena للفنان باولو ريفيرسي الملونة من عام 1996والتي صوّرت عارضة بستّة أذرع في محاكاة للآلهة الهندوسيّة (بايس صالة عرض ماكجيل في نيويورك).
لفت انتباهي فنانين دون غيرهم، الأولى هي نينا كاتشادوريان صاحبة عمل Lavatory Self-Portraits in the Flemish Style عام 2010 وهي سلسلة من تسع صور رقميّة وفيديوهات تظهر الفنانة نفسها في صور ملتقطة من هاتفها الشخصي وهي ترتدي قبعات مصنوعة من مناديل ومناشف من دورات المياة الموجودة في الطائرة، فتميّزت هذه الصور بتأثير قويّ (صالة عرض كاثرين كلارك في سان فرانسيسكو).
الثانية هي أولا جوكيسالو التي صدمتني بسلسلة Headless Women التي بدأت في عام 2013 ومازالت مستمرّة حتى الآن، حيث تظهر صوراً لعارضات قامت الفنانة باستبدال الرأس فيها بصور طيور أو قنافذ أو حيوانات أخرى، باستخدام الطباعة الملونة ودبابيس الخياطة (صالة عرض تايك بيرسونز في برلين).
شاهدت في معرض باريس فوتو ما هو أكثر من الفنون الجميلة المعتادة، وهذا أكبر دليل على تطوّره الملحوظ خلال العقدين الماضيين.