نور رزق ووالدتها شهرزاد تقدمان للعالم فعالية «Rallye Des Graces» في دبي، والتي انطلقت لأول مرة في لبنان عام 2018، لتصبح اليوم منصة تمكين للنساء من مختلف الخلفيات الثقافية.
في عالم الأزياء، تبرز نور رزق كنموذج عربي لامع استطاع أن يشق طريقه نحو العالمية، محققة نجاحات باهرة منذ اكتشافها في سن صغير. لكن وراء هذا النجاح الكبير، تكمن قصة عائلية مميزة بين نور ووالدتها شهرزاد، التي لم تكن فقط مصدر إلهام لها، بل كانت أيضًا شريكة في بناء مشروع «Rallye Des Graces»، الذي يجمع النساء من جميع أنحاء العالم لتعزيز روح القيادة والتمكين. هذا التعاون بين الأم والابنة لا يقتصر على العمل فقط، بل يعكس عمق العلاقة بينهما ويبرز قوة الترابط الأسري في بناء النجاحات.
بدأت رحلة نور رزق في عالم الأزياء عندما تم اكتشافها وهي في عمر الـ 15 عامًا، وهي خطوة غيرت حياتها بشكل جذري. ورغم خجلها في البداية، فإن دخولها إلى هذا المجال ساهم بشكل كبير في تشكيل شخصيتها كامرأة محترفة ومستقلة. تتحدث نور عن هذه المرحلة وتقول: «كنت طفلة خجولة للغاية، ولكن العمل تتطلب مني تفاعلًا مستمرًا مع مختلف الشخصيات ودفعني للخروج من قوقعتي. وساعدني على بناء ثقتي بنفسي، وهذه الثقة أصبحت جزءًا كبيرًا من كينونتي». منذ ذلك الحين، انطلقت نور في مسيرة مليئة بالتحديات والمغامرات التي أخذتها إلى جميع أنحاء العالم. السفر المستمر لأغراض العمل أعطاها فرصة للتعرف على أماكن جديدة والعمل مع علامات تجارية مرموقة. ومع ذلك، تصف هذا النمط من الحياة بأنه قد يكون وحيدًا في بعض الأحيان: «تعلمت في سن مبكرة كيف أقدر وجودي مع نفسي، وهذا جعلني أكثر استقلالية وقوة».
تشير نور أن من أهم اللحظات في بداية مشوارها كعارضة أزياء هو تصدرها لأحد أغلفة ڤوغ العربية والتي تعتبرها محطة مهمة في مسيرتها حققت من خلالها نجاحاً كبيراً كما أن مشاركتها في مجموعة من الحملات الإعلانية لعلامات تجارية مختلفة مثل رالف لورين، فيكتوريا سيكريت ولويفي، حققت من خلالهم نجاحاً عالمياً.. وكانت أولويتها تمثيل المرأة العربية في هذا المجال مما زاد من رغبتها في تمثيل بلدها لبنان على أفضل وجه.
ومن عالم الأزياء إلى سباق «Rallye Des Graces» الذي يحمل شغف واضح لبناء مجتمع من النساء القويات من مختلف أنحاء العالم، ليتحدن في العالم العربي وينشرن روح التمكين في هذه المنطقة. شاركت نور رزق مع والدتها شهرزاد في تنظيم هذا الحدث المميز، وتوضح أن هذه الفكرة نشأت لتسليط الضوء على جمال الشرق الأوسط وجذب الأنظار إليه من خلال تجربة مميزة تجمع بين التحدي الرياضي والقيادة النسائية.
تقول نور: «لم نجد وسيلة أفضل لتقديم هذا السباق إلا من خلال مجموعة من النساء القويات في سيارات قوية يقمن باكتشاف جمال البلاد عبر الطرق. إن رؤية النساء يتحدن في هذه المسيرة هي لحظة ملهمة، لأنها تُظهر قوة النساء وتعيد تعريف مفهوم القيادة والتمكين». بالنسبة لنور، فإن دبي تُعد المحطة المثالية لتنفيذ مثل هذه المبادرات. وهي تصف المدينة بأنها محور للإبداع والتنوع ووجهة مميزة لرائدات الأعمال. «دبي مدينة الابتكار والفرص، حيث تجدين التنوع من كل أنحاء العالم يتقاطع ليصنع بيئة فريدة تزدهر فيها الأعمال والثقافات المتعددة».
بينما كانت نور رزق تمهد طريقها في عالم الأزياء لتصبح نموذجًا يُحتذى به للشابات العربيات في المجال الدولي، كانت والدتها شهرزاد تطلق هذه المبادرة الملهمة في مجال تمكين المرأة وريادة الأعمال عبر «Rallye Des Graces». فقد بدأت شهرزاد هذا الحدث في لبنان عام 2018، حيث لاحظت أن العديد من النساء لديهن أفكار مبدعة ولكن لم تتح لهن الفرصة لتطويرها. تقول شهرزاد: «رأيت أن جمع النساء من مختلف المجالات في فعالية ترفيهية تضم أنشطة رياضية وثقافية، سيكون له تأثير تمكيني كبير على تطورهن الشخصي والمهني». ومنذ انطلاقه في لبنان، توسع الرالي ليشمل الشرق الأوسط، مع رؤية واضحة لجعل دبي محورًا للنساء الرياديات من مختلف أنحاء العالم. تصف شهرزاد دبي بأنها «بوتقة تنصهر فيها الثقافات المختلفة وتربط بين الغرب والشرق الأوسط»، وتؤمن بأن المدينة تقدم فرصًا هائلة للنساء لتطوير أعمالهن خاصة في مجالات الشركات الناشئة. وهي تسعى من خلال هذا الرالي المقرر إقامته في مدينة دبي في الفترة من 14 إلى 17 من شهر نوفمبر الجاري، إلى جذب رائدات الأعمال العالميات إلى المدينة لتوسيع نطاق أعمالهن في المنطقة. فبالنسبة لها، الهدف الأساسي من الرالي هو خلق ديناميكية تتيح للنساء تقديم أعمالهن وإيجاد مستثمرين جدد أو فتح أسواق جديدة. تضيف: «في كل فعالية نختار ما يصل إلى خمسة مشاريع نقوم باحتضانها ومساعدتها على النمو في المنطقة». كما كشفت شهرزاد عن خطط مثيرة للنسخة المقبلة من الرالي، حيث أعلنت أنها ستُعقد في السعودية، مشيرة إلى أهمية إظهار سحر المنطقة وإمكانياتها الكبيرة كسوق للأعمال.
أثناء بناء مجتمع «Rallye Des Graces»، كانت تجربة نور مليئة بالقصص الملهمة من النساء اللواتي شاركن وساهمن في تحقيق رؤية الرالي. ومن بين هؤلاء النساء، تذكر نور، ماري إيلين ويبر، إحدى أولى رائدات الفضاء في وكالة ناسا، والتي شاركت في الحدث من الولايات المتحدة إلى لبنان، مما أثرت تجربتها في العديد من النساء. وتضيف نور: «إن القصص التي نسمعها في الرالي هي التي تعزز إيماننا بأن النساء قادرات على تغيير العالم بطرق متعددة. سواء كانت ريادة الأعمال، الفنون، أو حتى المبادرات الخيرية، كل امرأة شاركت في الرالي لديها قصة تلهم وتثبت أن التمكين لا حدود له».
لم يكن هذا السباق مجرد مشروع عائلي، بل كان فرصة لتوطيد العلاقة بين نور ووالدتها شهرزاد. منذ صغرها، كانت نور ترى والدتها كمصدر إلهام، حيث تعلمت منها أهمية الشغف والتفاني في العمل. تقول نور: «كانت أمي دائماً أكبر مصدر إلهام لي. كطفلة، كنت أراقبها وهي تعمل بجد وشغف في كل مشروع. لقد علمتني الكثير عن الحياة، وهي السبب وراء الشخص الذي أنا عليه اليوم». وبعد سنوات من متابعة والدتها عن قرب، تشعر نور بسعادة غامرة لأنها أصبحت جزءًا فعالاً في هذا المشروع المميز. تضيف: «العمل مع والدتي ومن أجل نفس الهدف يعمق علاقتنا بشكل كبير. نحن نكمل بعضنا البعض بشكل جيد ونعمل بانسجام دائم، مما يجعل الوقت الذي نقضيه معًا ممتعًا ومثمرًا».
أما من وجهة نظر شهرزاد، فقد كانت نور دائمًا قريبة منها، سواء في عملها كمهندسة ومصممة أو خلال مسيرتها المهنية في عرض الأزياء. وهي ترى أن التعاون مع ابنتها في الرالي كان بمثابة اندماج رائع بين عالميهما. تقول شهرزاد: «كان من الممتع أن نبدأ العمل سويًا. خبراتنا تكمل بعضها البعض؛ فبينما تأتي نور من عالم الموضة والثقافة، أتيت أنا من عالم الفن والموسيقى الكلاسيكية وريادة الأعمال. معًا نخلق خليطًا جميلًا يثري الفعاليات التي ننظمها». أما عن التأثير المتوقع لهذا الحدث على النساء في الشرق الأوسط، تقول شهرزاد: «إن Rallye Des Graces سيخلق ديناميكية وتفاعلًا بين النساء اللواتي يأتين من خلفيات متنوعة من مختلف أنحاء العالم».
تعكس قصة نور وشهرزاد قوة العلاقة العائلية وتأثيرها على تحقيق النجاح. فبينما تعملان معًا في Rallye Des Graces، تنسجان حلمًا أكبر يتجاوز عالم الموضة والأزياء، ليصل إلى تمكين النساء على مستوى عالمي. وما هذا التعاون إلا دليل على أن النجاح لا يأتي فقط بالاجتهاد، بل يحتاج أيضًا إلى دعم الأهل والعائلة.
تصوير Ricardo Khalil Abrahao
تنسيق الأزياء Amine Jreissati
بقلم Gina Tadros
تصفيف الشعر Betty Bee
المكياج Gianluca Casu
المنتجة الإبداعية Beya Bou-Harb
<GUTTER CREDITS>
مساعدة تنسيق الأزياء Sahar Ghoubar