تابعوا ڤوغ العربية

في عيد ميلاد كوكب الشرق: ياسمين رئيس تروي رحلة البحث عن أم كلثوم

موقع ڤوغ العربيّة يحتفي بعيد ميلاد كوكب الشرق أم كلثوم، ويسترجع تفاصيل لقاء الممثّلة ياسمين رئيس داخل عدد شهر أكتوبر 2017، بعد أن أدّت دور أيقونة الموسيقى العربيّة الراحلة في فيلم “البحث عن أم كلثوم” من إخراج شيرين نشأت.

ياسمين رئيس ترتدي بذلة من الدانتيل من إيرمانّو شيرفينو، خاتم Freccia من الذهب الوردي واليشم وحجر الكريستال من مجوهرات فيرنيه. بعدسة ڤالنتينا فروجويلي لصالح عدد شهر أكتوبر 2017 من ڤوغ العربيّة.


تعرف ياسمين رئيس البندقية جيداً. زيارتها المدينة الرومنسية الشهيرة بقنواتها المائية ومبانيها العريقة مطلع شهر سبتمبر الماضي لم تكن الأولى. لكنها شهدت، خلال مهرجان البندقية السينمائي، العرض العالمي الأول لفيلم “البحث عن أم كلثوم” الذي تؤدي فيه الممثّة الشابّة دور المطربة الأسطورة.

“حدوتة” ياسمين رئيس

ما زالت الممثلة ياسمين رئيس في أوائل الثلاثينات، جميلة، دافئة، واعدة. بعد مشاركتها في عدد من الأفلام، آخرها “هيبتا” الذي أخرجه زوجها هادي الباجوري، أُسند اليها دور غادة في عمل “دولي” لا يمكن اعتباره سيرة تقليدية لـ”الستّ أم كلثوم”.

في فندق “ألبرتي” الواقع في جزيرة الليدو، نجلس معها لاستعادة فصول من سيرتها الفتية التي أوصلتها إلى هذا الصرح السينمائي العريق. تقول ياسمين: بدأت التمثيل “مش من كتير قوي”. أول عمل شاركتُ فيه هو مسلسل “عرض خاص” الذي عُرض عام 2010 على قناة “أبو ظبي”. قبل ذلك، عملت عارضة أزياء بشكل غير منتظم. ثم ركّزتُ على التمثيل. أحلم بالتمثيل منذ الصغر. كنت أريد ان أكون ممثلة، ولكن لم أكن أعرف كيف، فكانت الإعلانات نافذتي على هذا العالم، إلى أن أدركتُ أنني لا أريد الاستمرار في عرض الأزياء. “كنت عايزة حاجة تانية”. فدرست الخطوات المحتملة، وانطلقت…

لا علاقة لوالديّ بالفنّ. نشأت في عائلة تنتمي إلى الطبقة الوسطى. أمي ربة منزل، ووالدي رجل أعمال. هما زوجان متعلّمان حريصان على تعليم أولادهما. خلال الدراسة، كانا يسمحان لي بتعلم الرقص والموسيقى، ولكن ليس التمثيل. لا أعرف سبب رفضهما التمثيل. لم يكن تزمتاً. عندما أسأل أمي تقول إنها كانت تخاف عليّ. لا أعرف ممّ كانت تخاف. اكتشفتُ أخيراً أنها مثّلت في الجامعة أيام الدراسة، ولم تخبرني إلا من مدة قصيرة. اليوم كبرتُ وتزوجتُ وليس ثمة ما يدعو إلى أن تبقى قلقة عليّ. كما أنّ جيلنا يفكر بطريقة مختلفة. لا يمكن أن أعتمد أسلوب أهلي في تربية أولادي. فهم ليسوا ملكي، ولا بد أن ينفصلوا عني في لحظة ما”.

وُلدت ياسمين في الكويت لأب فلسطيني وأم مصرية. “ظروفي هذه جعلتني أشعر بأنني عربية أولاً”. وهي تتكلّم باللهجتين البيضاء والمصرية. خلال طفولتها في الكويت، كانت كل عام خلال إجازة الصيف تزور مصر مع عائلتها. ولم تنل الجنسية المصرية منذ الولادة، إنما حصلت عليها لاحقاً. سألتها إذا ما كان يُنظر إليها في مصر باعتبارها “غريبة”، فأجابت بأن هذا الوضع كان قائماً “قبل” نيلها الجنسية، و”قبل” انطلاقها في التمثيل وارتباطها بهادي الباجوري. “بعد كده حاجات كتيرة تغيرت!”.

السينما المصرية أثّرت في ياسمين منذ كانت في سنّ مبكرة. في الكويت حيث عاشت طفولتها، كان تتفرّج على أعمال متنوّعة بلهجات مختلفة، ولكن أكثر ما تتذكّره هو الأعمال المصرية، السينمائية والتلفزيونية. عندما طلبتُ منها تسمية بعض الذين تركوا فيها أثراً عميقاً، قالت إنها لطالما ارتبطت بالقصص (الحواديت) أكثر من ارتباطها بالممثلين. “أحب كلّ الفنانين “بتوع زمان”: فاتن حمامة وسعاد حسني وميرفت أمين ونعيمة عاكف. ولكن شيريهان هي الممثلة التي أتذكّر أنني كنت أنتظر مشاهدة أعمالها بشغف وأحفظ أغاني الفوازير التي قدّمتها وأقلّد حركاتها. ما من أحد لم يتأثر بشيريهان”.

بعد مسلسل “عرض خاص”، شُرِّعت أمامها أبواب السينما. مثّلت في ثلاثة أفلام: “إكس لارج” لشريف عرفة و”واحد صحيح” لهادي الباجوري و”المصلحة” لساندرا نشأت. أعرف هادي الباجوري منذ 2007، ولكن هو يعرفني منذ كنت مراهقة أصوّر الإعلانات”.

كما شاركت ياسمين في مسلسل ”طرف ثالث“ فلاحظها المخرج القدير محمد خان الذي تروي أنه رآها بكامل أناقتها في مناسبة سينمائية، مع ذلك استطاع المخرج الراحل أن يراها في دور هيام الذي أدّته في “فتاة المصنع“ وحازت عنه جائزة التمثيل في مهرجان دبي السينمائي. وياسمين تعرف أعمال خان جيداً، خصوصاً “خرج ولم يعد” و”زوجة رجل مهم” و”موعد على العشاء”. عن  المخرج الراحل تقول: ”تعامل معي بكل احترام. منذ الجلسة الأولى أحسست بأنه يكنّ لي الودّ، وأنا أقدّر عواطف الناس وأتفاعل معها”.

ياسمين رئيس ترتدي فستاناً من الدنيم المطرّز من تمرازا. بعدسة ڤالنتينا فروجويلي لصالح عدد شهر أكتوبر 2017 من ڤوغ العربيّة.

ليست سيرة تقليدية

السيناريست والمخرج الإيراني شوجا أزاري، شريك شيرين نشات، كان يعرف ياسمين، وقد نصح زوجته المخرجة بالتعرّف إليها عندما انطلقت عملية البحث عن ممثلة مصرية تؤدي دور غادة. كما طرح اسم ياسمين المخرج أحمد عامر الذي تعاون معها في فيلم “بلاش تبوسني”.

يعرض “البحث عن أم كلثوم” رحلة مخرجة تُدعى ميترا (ندى رهمانيان) تسعى إلى تقديم فيلم عن أيقونة الغناء العربي. هدفها الأساسي هو تسليط الضوء على نضال المرأة في مجتمع ذكوري محافظ وعلى التضحيات التي على الفنانة أن تقدّمها في بيئة كهذه. تعيش ميترا نفسها تحديات التوفيق بين عملها وحياتها الشخصية. لكن وصول غادة (ياسمين رئيس) التي ستختارها للقيام بدور أم كلثوم في فيلمها سيمدّها بالقوة والإصرار.

تتذكّر ياسمين كيفية اختيارها: “كنت في صلالة (سلطنة عمان) في إجازة عندما اتصلت بي شيرين نشات. عدتُ إلى مصر وخضعت لاختبار أول، ثم اختبار ثان. اقتنعت شيرين بي وأسندت الدور إليّ. ثم أرسلت لي السيناريو. كنت أعرف منذ البداية ان الفيلم ليس سيرة تقليدية لأم كلثوم. جلستُ مع شوجا وتناقشنا في أمور كثيرة”.

شيرين نشات والظاهرة الفريدة

عندما التقيتُ شيرين نشات في البندقية، سألتها عمّا دفعها إلى تصوير هذا الفيلم واعادة الاعتبار إلى أم كلثوم. كانت قلقة تترقب ردّ فعل الجمهور المصري، فهي كمخرجة إيرانية تصوّر رمزاً مصرياً، تشعر بأنها تلعب على “أرض الآخرين” وتخشى أن تكون الأصداء سلبية، على الرغم من اعترافها بأنها تتوجه بشكل أساسي إلى جمهور غربي. تقول نشات: “أردتُ أن أروي سيرة أم كلثوم لأنها أعظم فنانة شرق أوسطية في القرن العشرين. خلافاً لكثر من الفنانين الغربيين، لم تكن نهايتها مأسوية. كثيراً ما نروي سير مبدعات يعانين انطفاء الشهرة أو الاستغلال. أم كلثوم ظاهرة فريدة لأنها ظلت في القمّة حتى موتها. قلوب الملايين هتفت لها، وليس فقط قلوب المتحدثين بالعربية بل الآخرين أيضاً من الذين يقيمون في الشرق الأوسط. أعتقد أن شخصية المخرجة ميترا تستند إلى شخصيتي. هي تنظر إلى أم كلثوم باعتبارها سيدة تتحكّم بمصيرها، أسطورة لا يمكن بلوغ مكانتها. التحوّل “أسطورة” ليس من نصيب كلّ الفنانين. أنا نفسي أعرف أنني لن أكون أسطورة يوماً. لذا، يمكن أن نعتبر “البحث عن أم كلثوم” فيلماً عن فنانة تنظر إلى الحياة من خلال مسيرة فنانة أخرى، فتتعلم كيف يُمكن أن تكون إنساناً وفنانة في آن معاً. أم كلثوم كانت سيدة غير تقليدية، لم تنجب الأطفال وصانت حياتها الشخصية بانية حولها جداراً عازلاً. ولكن بغنائها تنتزع الدموع من عيون الناس. أردتُ أن أفهم كيف يُمكن لإنسان أن يولد هذه المشاعر عند الآخرين ويبقى بهذا الجمود. انطلقتُ من أسئلة مترابطة: ماذا يعني أن أكون فنانة؟ وفنانة من هذه المنطقة بالذات؟”.

 فيلم للغربيين

تتذكّر ياسمين رئيس قولها لشيرين نشات إن الذوق المصري يختلف عن ذوق “الأجانب”. فكان ردّ الأخيرة بأنها لا تنجز هذا الفيلم للمصريين ولا للعرب، بل للغربيين. حجتها أن العرب يعرفون كلّ شاردة وواردة عن أم كلثوم، ولا يحتاجون إلى مَن يعرفهم عليها. كان طموحها أن تظهر إلى أي مدى هي متأثرة بأم كلثوم، كرمز للمرأة القوية في العالمين العربي والإسلامي.

أما علاقة ياسمين بأم كلثوم، فتصفها الممثلة بأنها تشبه علاقة كلّ المصريين بها. “أستمع إلى أغانيها منذ طفولتي. كان صوتها يصدح في البيت، فأمي كانت تحبها. في حين أنني أعرف فيروز بسبب والدي الذي كان يستمع إليها باستمرار. أغاني أم كلثوم لا تزال في أذني وأداؤها في ذاكرتي. شيرين لم تكن تعلم أنني أعرفها إلى هذا الحدّ. قالت لي إنها تفاجأت، لم تكن تتوقع ذلك، ظنّت أن جيل أمي هو الأشد تعلّقاً بها”.

تألف فريق عمل “البحث عن أم كلثوم” من أشخاص يحملون جنسيات مختلفة. فإنتاج الفيلم مشترك بين خمسة بلدان منها ألمانيا ولبنان والنمسا. “كانت التجربة ممتعة جداً”، تعلّق ياسمين وتتابع: “تعرّفت للمرة الأولى على أشخاص من البوسنة، بعضهم كانوا متدربين. تصميم الملابس مثلاً تسلّمه الإيطاليون كونهم بارعين في هذا الشأن. التصوير تولاه نمسوي، والذين جاؤوا معه من النمسا لم يكونوا كلهم من أصل نمسوي، بل من جنسيات مختلفة. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الألمان. وأنا الآتية من مصر لست مصرية مئة في المئة. أما شيرين فهي أميركية من جذور إيرانية”.

موضوع متصّل: تابعوا لقاء ڤوغ العربيّة مع مصمم الأزياء في فيلم “البحث عن أم كلثوم”

ياسمين رئيس ترتدي فستاناً من تمرازا وسوار Freccia من الذهب الوردي من مجوهرات فيرنيه. بعدسة ڤالنتينا فروجويلي لصالح عدد شهر أكتوبر 2017 من ڤوغ العربيّة.

تجربة مختلفة

تفكر شيرين في إنجاز هذا الفيلم منذ ست سنوات. شاهدت ياسمين فيلمها السابق، “نساء بلا رجال”، فاقتنعت بأنها فنانة معاصرة أكثر منها مخرجة. تقول: “لم يكن لديها رصيد سينمائي يمكنني الحكم عليها من خلاله. ولكن كنت أعرف مسبقاً أن تفكيرها خارج عن المألوف، وهذا ما جعلني أقتنع بأنني أتعامل مع سيدة تنجز شكلاً فنياً مغايراً. نظرتها إلى الأمور مختلفة جداً. إذا جلستْ معنا في هذه الغرفة، سترى شيئاً مختلفاً عما نراه. عينها ترى ما لا نراه، وهذا واضح في إيقاع فيلمها. في “البحث عن أم كلثوم”، أخوض تجربة جديدة في حياتي، تختلف شكلاً ومضموناً عن كلّ ما سبق وأنجزته وسأنجزه في المستقبل. تعجبني فكرة العمل مع سيدة غير مصرية تفكّر بطريقة مغايرة. قضيتها في الفيلم أنها تأثرت بأم كلثوم، فتركت بلدها وبيتها وابنها وحياتها لتطارد حلمها. جزء من حكاية ميترا في الفيلم هو حكاية شيرين. أول مرة جلسنا فيها معها، صارحناها في هذا الشأن وقلنا لها: أنت ميترا. وبعد تردّد اعترفت لنا بأن ميترا تشبهها حتى تكاد تكون هي نفسها.

وعن انطباعها عندما شاهدتْ الفيلم لأول مرة في البندقية مع جمهور من المتخصصين وهواة السينما؟ تردّ ياسمين: “كنت قلقة من مظهري الخارجي، أنتظر رؤية كيف ستكون إطلالتي. خلال التصوير، تحوّلت إلى أمّ كلثوم. أن تحدق إلى صورتك في “المونيتور” ليس كمشاهدتها على شاشة كبيرة. الطاقة الإيجابية التي سادت خلال التصوير انعكست على الفيلم. أحسستُ بها. الأجانب كانوا سعداء جداً لمشاهدة أم كلثوم وهي تغني. قالت لي سيدة إيطالية إنها قرأت كتاباً عن أم كلثوم وهي في الخامسة عشرة، وعندما شاهدت الفيلم بكت من شدة سعادتها لسماع صوتها. مشاعري تتحكّم بي في معظم الأوقات، والطاقة التي تحيط بي تؤثر فيّ. عندما شعرتُ بطاقة الناس الذين حولي، انشرح قلبي”.

بقلم: هوفيك حبيشان

تصوير: ڤالنتينا فروجويلي

مكياج: إيمانويلا دي جياماركو مستخدمة مستحضرات سيسلي باريس إيطاليا

تصفيف الشعر: فينتشنزو بانيكو لدى كوتريل

صِبا مبارك… الموهبة الناضجة

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع