المهندسان المقيمان في دبي والشريكان في الحياة والعمل، سيسيليا موريسي وأندريا سينسولي، يزيّنان منزلهما بالقطع الغريبة التي تعكس نمط حياتهما العصري
نشر هذا المقال للمرّة الأولي داخل عدد شهر أبريل من ڤوغ العربيّة، بقلم كارين مونيه
لا يخشى المهندسان المعماريان، سيسيليا موريسي وأندريا سينسولي –اللذان أسَّسا المختبر الإبداعي “سوبر فيوتشر ديزاين” مع شريكيهما إياكوبو مانيللي وأندريا ريتوري– التغييرَ. بل على العكس، يبرهن نمط حياتهما على شغفهما بمواجهة التحديات الجديدة. ومنذ سنة 2015، يتخذ الثنائي الإيطالي من دبي وطناً ثانياً لهما. وتتحدث موريسي عن منزلهما في دبي قائلةً: “عثرنا عليه بالصدفة، وبصراحة، كان الأمر سهلاً”. وقد جذبهما على الفور هذا المنزل الكائن بمنطقة أم سقيم 2 السكنية، بطابعه المحلي الأصيل والعصري في آن واحد. وتضيف: “المزج بين التراث والجرأة يتسق تماماً مع عادتنا في الإقامة في أماكن تحمل عبق التاريخ”.
يتميّز هذا المنزل ذو الطابق الواحد والذي شُيِّد في الثمانينيات بواجهته عربية الطراز التي لا تخلو من لمسات فن الآرت ديكو. وتعلّق موريسي على تصميمه قائلةً: “يتسم هذا المنزل بجماليات فريدة، فهو يشبه الكتلة الحجرية – أو الهيكل الضخم الذي “تم نحته” لغرض ما”. وقد حوّلا الطابق الذي كان يحتوي في الأصل على ثلاث غرف للنوم إلى غرفة واحدة رئيسية ومكان متسع للجلوس يتيح لهذا الثنائي وقططهما الثلاث (ستانيسلاس، وڤالنتينا، وفيدورا) الراحةَ والاسترخاء. أما الردهة، وغرفة الطعام، وغرفة الجلوس فقد ربطا بينها جميعاً لإضفاء شعور برحابة المكان. وعنه تقول: “أكثر ما أحبه في منزلي هو إحساس السكينة الذي ينبعث في أرجائه، وكيف تتدفق الإضاءة عبر المكان، وعلاقتي الجميلة بالحديقة”. وداخل المنزل، يتناغم اللون الأبيض العاجي مع مظهره الخارجي. وتشرح موريسي: “بالعودة إلى مفهوم الكتلة الحجرية، قررنا أن نضع لوناً واحداً في كل مكان – كما لو كان المنزل نُحِت في الصخر. وأنا أفضّل اللونين الأبيض والأسود. وأختار الأسود لأزيائي والأبيض لأماكن المعيشة، لأنهما يجسدان الأناقة في أي مكان حيادي الألوان”.
ويشبه منزل هذا الثنائي قصيدةً شعرية تعكس نمط حياتهما العفوي. وهما يحبان أن يشعرا بالراحة والاسترخاء أثناء تناولهما الإفطار، أو الاستمتاع بمشهد الغروب، أو إعداد العشاء للأصدقاء بعد نزهة على الشاطئ، وأحياناً أثناء عملهما في المنزل بعيداً عن صخب المدينة. ومعظم قطع الأثاث والإكسسوارات جلبها الثنائي من البلاد التي أقاما فيها، بما في ذلك خزانة مطلية باللون الأحمر، وصناديق جلدية، وخزانة أدوية عتيقة اشترياها من الصين. كما جمعا بعض القطع من المنطقة، منها باب قديم من عُمان، وفراش من باكستان، وفانوس من المغرب. وتقول موريسي: “أنتقي كل قطعة من الأثاث بنفسي. ونفضل استخدام مواد قليلة توفر خلفية ناعمة، وتجعل التركيز ينصبّ على أدوات معيشتنا”.
“المزج بين التراث والجرأة يتسق تماماً مع عادتنا في الإقامة في أماكن تحمل عبق التاريخ”
وفي الغرفة المواجهة للردهة، تمتزج المكتبة النحاسية من علامة تشيكوتي كوليتسيوني مع وحدة الإضاءة الناعمة من تصميم “سوبر فيوتشر ديزاين” على شكل دوامة لعلامة بوتسي بوتسي أطلق عليها اسم “باز”. وتتدلّى في غرفة الطعام ثريا من علامة ستيلنوڤو تعود إلى منتصف القرن الماضي فوق طاولة من الألومنيوم من العلامة السويسرية أتلييه ألينيا، وتحيط بها مقاعد من علامة إيمز. أما أرفف الكتب المدمجة في الحائط، فتحمل مجموعة من زجاجات المياه المعدنية –بمختلف الألوان، والأشكال، والأحجام– وهي القطعة المفضلة للثنائي في هذا المنزل. وعنها تقول موريسي: “إنها تحفتنا الفنية الخاصة”، وتضيف: “وقد أردتُ أن أدمجها في المنزل، لذلك وفرت لها مكاناً خاصاً لإبرازها”. وتنعكس الأنماط القبلية والمؤثرات الغريبة في كل ركن من أركان المنزل، مثل السجادة المخططة في غرفة الطعام.
تقول موريسي: “تجسّد الطريقةُ التي نتبعها في ديكور منزلنا مفهومَ روح المكان”، وتضيف: “نبحث دوماً عن التناغم والتناسق بين التصميم والمضمون، فهذان العاملان يؤثران على بعضهما البعض”. وفي سعيها نحو تحفيز روحها الإبداعية، تراقب موريسي المشهدَ الفني وعالمَ الموضة وتقوم بتحليلهما. تقول: “بوصفي مهندسة معمارية، تُشكِّل الموضة مصدراً هاماً للإلهام لأن هذا المجال أسرع من مجال عملي فيما يتعلق بتجسيد التغيّرات الثقافية”.
يعكس الديكور الداخلي أيضاً أسلوب موريسي الشخصي، وهي تعشق على وجه التحديد “حسّ البساطة غير المتكلّفة” لمجموعات علامة سيلين. “أحبُّ المصمم أو العلامة التي تقدِّم الأزياء للنساء بلمسة ذكورية”، تقول مضيفةً أنها تفضِّل البنطلون على التنورة. وهي معجبة بعلامتيّ لومير ولويڤي وعلى وجه التحديد، وتعجبها الطريقة التي تمزج بها علامة دريس ڤان نوتن الألوان والطبعات والأقمشة للحصول على نتائج عصرية وأنيقة، إلَّا أنها تعتبر ذوقها في الإكسسوارات أكثر غرابةً، إذ تقول إنَّ العلامات التي تفضِّلها في هذا المجال هي باولا ميندوزا، ومونيز، وآني كوستيلو براون، وكذلك علامة بالعربي.
ومع تركيزها على الأناقة ذات الطابع العصري في كلٍّ من منزلها وأزيائها، تُبقي المهندسةُ المعمارية عينيها مفتوحتين لتفهم كلَّ ما يحيط بها بشكلٍ أفضل، بحيث يمكنها تأويل ذلك بصرياً بطريقتها الخاصة. تقول راسمةً ابتسامةً فوق ثغرها: “منذ انتقالنا إلى دبي، أصبحت الأزياء التي أرتديها أكثر ثراءً بالألوان”. وسواء في المنزل أم في العمل، يعتنق الثنائي فلسفة مختبرهما الإبداعي. “ننظر إلى التصميم على نحو عام، لذا نظرياً نرغب في تعديل كلِّ مظهرٍ من مظاهر العالم الذي نعيش فيه، ’من الملعقة إلى المدينة‘، كما كانوا يقولون في مدرسة باوهاوس الفنية. ونحن ننظر إلى التصميم بوصفه أحد أوجه التعبير الثقافي، تماماً مثل الطعام واللغة”.