ترى زهرة لاري، بطلةُ التزلّج الإماراتية على الجليد البالغةُ من العُمر 24 عاماً، أن لقب المرأة “الأولى” –أو المرأة الوحيدة- بمثابة وسام شرف على صدرها. وقد تمكنت لاري من تحقيق لقب “الأولى” في ميادين عديدة خلال مسيرتها الرياضية الرائدة؛ فهي أول إماراتية تشارك في منافسات التزلّج الفنّي على الجليد، وأول امرأة من الشرق الأوسط تؤدي قفزة ثلاثية (في مسابقة التزلّج الدولية EduSport لهذا العام، والتي أقيمت في بوخارست)، والرياضية الإماراتية الأولى (والوحيدة) التي ترفع علم بلادها في دورة الألعاب العالمية الجامعية الشتوية “يونيفرسياد” التي أقيمت بمدينة كراسنويارسك الروسية، في مارس الماضي.
وتصف الرياضيةُ هذا الإنجاز قائلةً: “كانت من أجمل اللحظات التي لن أنساها في حياتي. فقد كانت تلك المرةَ الأولى التي يرفرف فيها علم الإمارات في سماء هذه المنافسة، وكان شرفاً لي أن أحمله. وحظي هذا الحدث باهتمام إعلامي يفوق الوصف، إذ تابعتني نحو 50 كاميرا. وشعرتُ بأنها خطوة كبيرة إلى الأمام”. وقد حصلت زهرة على لقب “أولى” آخر أضافته إلى سجلها الحافل بعدما أصبحت أول امرأة على الإطلاق تشارك في بطولات التزلّج مرتديةً الحجاب. “أشعرُ بفخر بالغ لأني تغلبت على حواجز وتخطيت عقبات لم تكن سهلة بأي حال. ودائماً أنسى ما حققته ولا أتذكره سوى إذا سألني أحدهم، وهو أمر مهم، وإلا سأشعر بالزهو”.
بدأت زهرة مسيرتها في عالم التزلّج في الـ13 من عمرها، إثر تأثرها بفيلم “أميرة الثلج” الذي يروي قصة طالبة بالمدرسة الثانوية تسعى لتحقيق حلمها باحتراف التزلّج الفني. وقد استوحى الناسُ لقبها من هذا الفيلم، وتقول إنه، رغم ذلك، كان والدها متحفظاً على ممارستها للتزلّج كمهنة. “عندما بدأتُ الاشتراك في المنافسات وأنا في الـ16 من عمري، لم يكن عددٌ كبير من الفتيات الإماراتيات يشاركن في الألعاب الرياضية، وخاصة التزلّج الفنّي. كان [والدي] قلقاً ألّا يتفهم الناس هذا الأمر وربما أواجه ردود أفعال سلبية، لذا سمح لي بالتدرب دون الاشتراك في المنافسات”، وتضيف: “وعندما ذهبتُ إلى مسابقة أقيمت في دبي لتشجيع صديقة لي، رأى والدي أنني لم يرق لي أن أكون خارج الملعب. وفي ذلك اليوم، أخبرني أنه سيدعمني في مسعاي للتنافس”. وبدعم من عائلتها، مضت زهرة تشق طريقها وأسست نادي الإمارات للتزلّج، الذي يبلغ عدد أعضائه حالياً أكثر من 100 متزلّج، تتراوح أعمارهم ما بين ثلاثة حتى خمسين عاماً.
نُشر للمرة الأولى على صفحات عدد أبريل 2019 من ڤوغ العربية.
ولم تكن مسيرتها في التزلّج على الجليد خالية من التحديّات – وخاصة ما يرتبط من ذلك بمعتقداتها الدينية؛ فقد خسرت نقاطاً في كأس أوروبا لعام 2012 الذي أقيم في كاناتزي بإيطاليا بسبب ارتدائها الحجاب بحجة أن هذا الجزء من الزيّ لم يحصل على الموافقة. وتذكر: “حتى ذلك الحين، لم يخطر ببالي حتى أنني مختلفة. ذهبتُ إلى هناك وتزلّجتُ واستمتعتُ. وبعدها، لاحظتُ خصم نقطة من رصيدي، إذ لم يرَ الحكام مطلقاً متزلّجة فنيّة من قبل تشارك في المنافسات مرتديةً الحجاب. ولما لم يكن هناك سابقة من هذا النوع، فقد احتاروا في الحُكم على الأمر. ولاحقاً، التقينا أعضاءَ الاتحاد الدولي للتزلّج على الجليد وقمنا بتدشين حملة لتغيير اللوائح”.
وبعدها، لم تعد المتزلّجات المحجبات يخسرن النقاط، بعدما أعاد الاتحاد الدولي للتزلّج تقييم قواعد الزيّ المطبقة لديه. وقد لعبت زهرة أيضاً دوراً مهماً في ضمان عضوية الإمارات الدائمة في الاتحاد، لتمهّد الطريق أمام الجيل القادم من المتزلّجات الإماراتيات. تقول: “هنا في الشرق الأوسط، اختفت الحواجز التي كانت موجودة في الماضي. وتغيّرت الأمور كثيراً في السنوات القليلة الماضية”. وتضيف المتزلّجة الشابة التي شاركت أيضاً في حملة نايكي الدعائية لإطلاق حجاب نايكي برو: “عندما بدأتُ هذه اللعبة، لم تكن النساء العربيات يشاركن في الرياضة، والآن يمكنكِ رؤية الرياضيات العربيات يشاركن في معظم الألعاب الرياضية. ولكن يتمثل التحدي الأساسي في أننا ما زلنا نواجه معتقدات خاطئة على الصعيد العالمي. وسيستغرق تغيير المواقف بعض الوقت، ولكن بمواصلة مشاركتنا على الساحة العالمية وبأعلى مستويات المنافسة، ستختفي هذه المعتقدات”.
وتستعد زهرة لإتمام دراستها في تخصص الصحة والسلامة البيئية بجامعة أبوظبي، فيما تركز على التأهل لبطولة القارات الأربع وبطولة العالم للتزلّج الفنّي العام المقبل، إلى جانب الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2022 التي ستقام في بكين. ولهذا الهدف، تستيقظ زهرة كل يوم الساعة الرابعة والنصف صباحاً لتذهب إلى ملعب الجليد في الخامسة والربع. وهي تتخذ من لاعبة التزلج الأمريكية ميشيل كوان -الفائزة ببطولة العالم خمس مرات وميداليتين أولمبيتين- قدوة لها. تقول: “أتطلعُ إليها لأنها رغم توقفها عن المشاركة في منافسات التزلّج، ظلّت تركّز على ما تؤمن به. وتلعب دوراً كبيراً في الأولمبياد الخاص. وهذا ما أود القيام به؛ فأنا لا أريد أن أختفي ولا يعلم أحد مَن أنا”.
والآن اقرؤوا: تصميم الجناح السعودي سيزيد حماسكم لزيارة معرض إكسبو 2020 دبي
تصوير: سابرينا ريناس
تنسيق الأزياء: أنيتا ألتمان ومحمد حازم رزق
مكياج: ديني كليمينتس من وكالة إم إم جي أرتيستس
شكر خاص لمدينة زايد الرياضية