تابعوا ڤوغ العربية

تعرفي إلى أول امرأة عربية تفوز بجائزة فنلندا لحقوق المرأة

ثريا بهجت، الناشطة المصرية الفنلندية في مجال حقوق المرأة وأول امرأة عربية تفوز بجائزة لحقوق المرأة في فنلندا. بعدسة الثنائي سانا كروك وكيم أورلينغ

طبقة من الجليد الذي تساقط لتوّه تكسو أرض منطقة آيسو سيوت شمال فنلندا. وتقف ثريا بهجت، الناشطة المصرية الفنلندية في مجال حقوق المرأة، تهذب شعرها الكستنائي قبل أن تشير لكلبها من سلالة الهاسكي ليأتي إليها. “لقد قضيت سنوات طوال من نشأتي هنا وأنا ألعب على الجليد”، هكذا قالت بابتسام وهي تقبض بكل ثقة على طوق الكلب قبل أن توجه نظرها إلى عدسة الكاميرا. في ديسمبر العام الماضي، وفي نفس الأسبوع الذي تصدر فيه عناوينَ الصحف في فنلندا خبرُ انتخاب سانا مارين أصغر رئيسة وزراء في تاريخ فنلندا، نالت ثريا جائزة “هان أونور” Hän Honor الفنلندية في مجال حقوق المرأة عن جهودها في تعزيز المساواة بين الجنسين. وتستخدم اللغةُ الفنلندية الضميرَ المحايد Hän للتعبير عن الجنسين تأكيداً على تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء. وثريا أول امرأة عربية تحصل على هذه الجائزة تكريماً لجهودها في الدفاع عن حقوق المرأة التي بدأت، على حد قولها، مصادفة في شوارع القاهرة منذ عشر سنوات تقريباً.

وأشارت ثريا في معرض حديثها إلى سترة الكشمير التي ترتديها تحت معطفها، وأوضحت أنها خاصة بوالدتها، وتذكرها شخصياً بعالم آخر. “اعتدت أن أرتدي قميص أمي في ميدان التحرير طلباً للحظ السعيد”، هكذا قالت بينما أخذت تسترجع ذكرياتها وقت أن كانت في وطنها مصر وسط المظاهرات التي معها بدأت رحلة نضالها من أجل المساواة بين الجنسين.

تقول ثريا: “هذا العام حاسم في تحقيق المساواة بين الجنسين – فلدينا فرصة لرفع الوعي بالقضايا المثارة على السطح، بداية من التغيّر المناخي وحتى حقوق المرأة”. بعدسة الثنائي سانا كروك وكيم أورلينغ لعدد فبراير لعام 2020 من ڤوغ العربية

“ثريا من أمهر النساء اللواتي قابلتهن على مدى حياتي”، هكذا قالت الفنانة يسرا عبر الهاتف من القاهرة، وأردفت نجمة التمثيل والغناء المصرية، التي اعتذرت عن تصوير أحد أعمالها من أجل حضور مراسم تسلّم ثريا للجائزة: “فهي قادرة على تعلم اللغات، ومساعدة الناس، والنضال من أجل حقوق الإنسان والمرأة. إنها تحب ما تفعله وتؤمن به تماماً”. وفي يوم 27 نوفمبر من عام 2012، في أعقاب ثورة 2011، توجهت ثريا إلى ميدان التحرير بالقاهرة لتنضم إلى صفوف المتظاهرين، وكان عمرها آنذاك 29 عاماً وكانت تعمل مديرة للموارد البشرية بالقاهرة وأيضاً طالبة دراسات عليا في مجال القانون. ورغم أنها لم تسلم من الاعتداءات الغوغائية، إلا أنها آثرت أن تواصل بكل ثبات التظاهر ضد الرئيس [السابق] محمد مرسي. وعندما شاهدت اعتداءً جنسياً يحدث أمام ناظريها، أصابها ذعر شديد وغادرت المكان على الفور. تقول: “يجب ألّا تحرم أي امرأة من ممارسة حقها في التظاهر وإيصال صوتها”، وتردف: “لو كان معي حارس شخصي آنذاك، لمكثت”. ومن هنا، عزمت ثريا أن تكون هي الحارس الشخصي لكل هؤلاء النساء.

ثريا بهجت مع يسرا، وهيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، ومعز دريد مدير المكتب الإقليمي للدول العربية بهيئة الأمم المتحدة للمرأة، أثناء وجودهم بجامعة الدول العربية في القاهرة، 2019. الصورة بإذن من ثريا بهجت

ثريا بهجت أثناء إلقاء كلمتها في مؤتمر أفريقيا للشباب لعام 2018، في نيروبي بكينيا. الصورة بإذن من ثريا بهجت

ولدى عودتها من ميدان التحرير، توجهت ثريا إلى تويتر لتطلق مبادرة “تحرير بودي غارد” كنوع من الجهود الجماعية لحماية المتظاهرات. تقول: “في غضون ساعات قليلة فقط، أصبح لدينا 600 متابع”. ومن هنا، بدأت تتخذ من تويتر وفيسبوك منصة لنشر خبرات النساء في الميدان، ولتسدي لهن نصائحها للحفاظ على سلامتهن، كما أخذت تحذرهن من الأماكن المتوقع أن يتعرضن فيها لاعتداءات جنسية. وحشدت ثريا، التي أطلقت مبادرتها من أموالها الخاصة، لمبادرتها متطوعين من الرجال والنساء على حد سواء والذين كانوا يرتدون سترات صفراء وخوذات لمصاحبة النساء أثناء التظاهرات. تقول: “واجهنا تحديات كثيرة في العالم العربي كسيدات وبنات، والآن، بات عدد كبير من النساء الآن ينادين بالتغيير وتحقيق المساواة بين الجنسين”.

نشأت ثريا في فنلندا في كنف والديها المصريين، وكانت تراودها دوماً الرغبة في خدمة المجتمع وإحداث اختلاف فيه. وحصلت ثريا على شهادات جامعية في السياسة المقارنة وإدارة الموارد البشرية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، كما حصلت على درجة الماجستير في إدارة التراث الثقافي من جامعة بانثيون سوربون بباريس. وثريا أيضاً عضوة في الفريق الاستشاري الاستراتيجي مع منظمة “غيرلز جينيريشن”، وهي حركة إفريقية لمناهضة ختان الإناث وتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى. وفي عام 2019، شاركت في حملة “16 يوماً من النشاط” التي أطلقتها الأمم المتحدة حيث شاركت في حلقات النقاش والاجتماعات، كما كتبت عن موضوعيّ الاغتصاب والعنف الذي يمارس ضد المرأة. وبين عامي 2008 و2012، عملت في مجلس إدارة مركز شباب الجزيرة، وهو أكبر مركز شباب حكومي في مصر. كما أطلقت مؤخراً “إكواليتي ليبل” لتشجيع النساء على استخدام قوتهن الشرائية لدعم الشركات التي تنافس من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين.

تقول: “يجب ألّا تحرم أي امرأة من ممارسة حقها في التظاهر وإيصال صوتها”. الصورة بعدسة سانا كروك وكيم أورلينغ

ورغم كل الأوسمة التي حصلت عليها ثريا، إلا أن ما يميّزها حقاً عن غيرها من سيل الناشطين الموجودين على وسائل التواصل الاجتماعي هو رغبتها في عدم تصدر المشهد والاكتفاء بالقيام بدور ثانوي. تقول: “كان دخولي هذا المجال من قبيل الصدفة البحتة. والأمر لا يتعلق بي شخصياً وإنما بالنساء والفتيات اللواتي أدافع عنهن”، وتردف: “يجب على النساء دعم بعضهن بعضاً، وأن تدفع كلٌ منهن الأخرى إلى الأمام حتى تحقق جميع النساء المساواة التي يستحققنها”. وثمة شخصية متعاونة أخرى وألا هي كارما إكمكجي، مؤسسة “ديبلو وومِن” ومستشارة الشؤون الدولية في مكتب رئيس مجلس الوزراء اللبنانيّ، سعد الحريري. تقول: “ثريا دليل حيّ على أن المرأة العربية تلعب دوراً حيوياً في تقدم المجتمعات وإحداث تغيير فيها”.

في أوقات الريبة وعدم اليقين، تؤمن ثريا أنه ما من شيء يستطيع أن يسلبنا إرادتنا للتغيير. تقول: “هذا العام حاسم في تحقيق المساواة بين الجنسين – فلدينا فرصة لرفع الوعي بالقضايا المثارة على السطح، بداية من التغيّر المناخي وحتى حقوق المرأة”. وراحت تستأنف حديثها قائلة: “لقد مرت خمسة أعوام الآن على إطلاق ’أهداف التنمية المستدامة‘، وعشرة أعوام على تأسيس هيئة الأمم المتحدة للمرأة، وعشرين عاماً على القرارات التاريخية التي أصدرها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بخصوص المرأة والأمن والسلام”. لقد ازداد الوعي على نحو أكثر من أي وقت مضى – وذلك يعني ألّا يتوقف النضال ويظل يواصل مسيرته.

تقول ثريا: “يجب على النساء دعم بعضهن بعضاً، وأن تدفع كلٌ منهن الأخرى إلى الأمام حتى تحقق جميع النساء المساواة التي يستحققنها”. بعدسة الثنائي سانا كروك وكيم أورلينغ

نشر للمرة الأولى على صفحات عدد فبراير 2020 من ڤوغ العربية.
تصوير: الثنائي سانا كروك وكيم أورلينغ
تنسيق الأزياء: كارو فورس وبيڤي ماكيلا
تصفيف الشعر والمكياج: فاطمة بندريس، وڤيربي ڤايسانين
إنتاج: فريج كارلسون آند مجولك
إضاءة: بيتري كالجو

مع خالص الشكر لكل من Syötteen Eräpalvelut وSokos Pukumies Oulu.

اقرئي أيضا: ًتعرفي إلى حذاء ’أديداس سوبرستار‘ الذي أجمعت عليه رائدات الأناقة العربية

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع