موضي الجامع. الصورة كما وردتنا
لا يخفى على أحد أن هناك نقصاً منذ أمدٍ بعيدٍ في عدد النساء العاملات في حقول العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وخصوصاً في المراكز القيادية، إلا أن الأمور تتبدّل الآن، حتى في المملكة العربية السعودية، حيث أصبحت الدكتورة موضي الجامع مؤخراً أول امرأة تتولي منصب مدير عام في “شركة الاتصالات السعودية” التي تُعرف اختصاراً بـ”إس تي سي”.
تعتبر شركةُ الاتصالات الشهيرة هذه، التي يقع مقرها في الرياض، أضخمَ شركة اتصالات في العالم العربي من حيث قيمتها السوقية وفقاً لمجلة فوربس. ولكن من بين آلاف الموظفين، فإن الدكتورة موضي -مدير عام تطوير كفاءات الاتصالات وتقنية المعلومات في أكاديمية “إس تي سي”، التي افتتحت أبوابها العام الماضي للتعليم والتدريب الرقمي في المنطقة- هي أول امرأة سعودية تشغل منصب مدير عام.
تقول موضحةً: “لطالما كنت شغوفةً بالتكنولوجيا، وكنت محظوظة للغاية بكون والدي واحداً من المهندسين الرئيسيين في وزارة البرق والبريد والهاتف (وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات حالياً)، وكنا من أوائل البيوت التي اتصلت بالإنترنت عندما دخلت الشبكة إلى المملكة لأول مرة. ومنذ ذاك الحين، طورتُ شغفي بالتكنولوجيا، وأيقنتُ أنني سأعمل في مجال التكنولوجيا”.
بدأت الدكتور موضي عملها في منصبها الجديد خلال فبراير. وقبل انضمامها إلى شركة “إس تي سي”، كانت رئيسةَ ريادة وحاضنة الأعمال في جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل في الدمام، وهي تحمل شهادة دكتوراه في أمن الحاسب الآلي، ونشرت العديد من الأبحاث، وألقت كلمات في العديد من المؤتمرات حول العالم، وطورت خوارزمية خاصة بها لجعل أنظمة الحواسيب أكثر أمناً. وهي إلى جانب ذلك تحمل إحدى أهم شهادات الأمن السيبراني في العالم، شهادة Certified Ethical Hacker v10 للهاكر الأخلاقي – والتي يتطلب الحصول عليها سنوات خبرة طويلة، واجتياز امتحان من 125 سؤالاً، بالإضافة إلى مواصلة الدراسات.
وعن كونها أول امرأة تشغل منصب مدير عام في واحدة من أضخم الشركات السعودية، تقول الدكتورة موضي إنها تشعر بمسؤولية كونها نموذجاً يحتذى به بالنسبة للنساء الأخريات – وخصوصاً السعوديات. توضح قائلةً: “كما يقولون، كلما ازدادت القوّة تزداد معها المسؤولية، وأعتقد أن هذا المنصب سيمنحني القوة لإلهام النساء في قطاع التكنولوجيا، وهو ما أعتبره امتيازاً، وليس مصدر ضغطٍ”.
وتضيف: “تزخر المملكة العربية السعودية بالنساء الموهوبات، ومع الدعم الكبير الذي نتلقاه من حكومتنا، أعتقد أنها مسألة وقتٍ ليس إلا، وسنرى المزيد والمزيد من قياداتنا النسائية العظيمة”.
ولدى إسداء النصح للجيل المقبل من القائدات، قالت: “آمني بنفسكِ ببساطة واعملي بجدّ على تطوير نفسكِ. نعيش في حقبة تقوم على تمكين الشباب، وخصوصاً الشابات في المملكة، وهذه فرصتكِ للتألق. ومن الناحية العملية، من المهم أن تنطلقي على مسارٍ يقودكِ إلى تحقيق هدفكِ، ولا تخشي طلب المساعدة من الآخرين للوصول إلى هناك – سيفاجئكِ استعداد الناس للمساعدة”.
ورغم كم الإثارة الهائل الذي يمتاز به عمل الدكتورة موضي، فإن وصولها إلى منصبها الجديد يتزامن مع تحقيق النساء في الشرق الأوسط لوثبات جبَّارة في قطاع الاتصالات الذي يهيمن عليه الذكور تقليدياً، ففي الإمارات العربية المتحدة على سبيل المثال، شكّلت شركة “دو” التي تتخذ من دبي مقرّاً لها أولَ مجلس نسائي في قطاع الاتصالات؛ وفي الكويت قدمت شركة “زين” سياسة جديدة فيما يخص إجازة الأمومة، إلى جانب استضافة منتدى تمكين المرأة الثاني لها؛ وفي البحرين تسلط شركة “بتلكو” الضوء دوماً على إنجازات موظفاتها من السيدات – بمن فيهن منى الهاشمي التي تشغل منصب نائب الرئيس التنفيذي للمجموعة. وعلاوة على ذلك، تسعى الشركة التي تملكها الدكتورة موضي إلى زيادة عدد النساء اللواتي توظفهن على نحوٍ متسارع.
ويأتي تعيين الدكتورة موضي في هذا المنصب بالتزامن مع تحقيق نساء سعوديات أخريات إنجازات عظيمة جديدة؛ فخلال الشهر الماضي، تمّ تعيين سمو الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرةً للمملكة العربية السعودية لدى الولايات المتحدة في سابقة تاريخية فريدة من نوعها، فلأول مرة على الإطلاق تتبوأ امرأةٌ هذا المنصب، كما عُيِّنت مؤخراً في منصب رئيسة الاتحاد السعودي للأولمبياد الخاص في الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص الذي تُجرى فعالياته في أبوظبي هذا الشهر.
وتقدم الدكتورة موضي نصيحةً أخرى للنساء الشابات، مفادها: “الاقتباس المفضل عندي هو: ’إن فعلتِ ما تحبين، فلن تشعري ولو ليومٍ واحدٍ في حياتكِ بأنكِ مجبرة على العمل‘. لا تجبري نفسكِ على العمل في شيءٍ تبغضينه فقط لأنكِ تعتقدين أنه المستقبل”.
والآن اقرؤوا: نورة الحقباني أوّل سعوديّة تعيّن كعضو مجلس إدارة مؤسسة المرأة العربية
