تابعوا ڤوغ العربية

حوارٌ خاص تجريه آنا مورا صيدناوي مع ابنتها إليزا صيدناوي دلال

نستعرض في الفقرات التالية حواراً خاصاً أجرته آنا مورا صيدناوي مع ابنتها، العارضة إليزا صيدناوي دلال، والذي يسلّط الضوء على قلبها الكبير.

بعدسة ألڤارو بيمود كورتيس لڤوغ العربية

تظل الناشطةُ المجتمعية والممثلة والعارضة المصرية الإيطالية، إليزا صيدناوي دلال، دوماً قُرَّةَ عين لأمها. تقول آنا مورا صيدناوي: “تتمتع إليزا بالكاريزما والذكاء والحنان”، مستذكرةً كيف كانت ابنتها في صغرها تهرول عبر شوارع القاهرة، وكم كانت “رائعة ومستقلة”. وترتسم على ثغر السيدتين ابتسامةٌ واعية، تكشف عن وجنتين “طبق الأصل”، وتقاطيع متشابهة لوجهيهما. وطوال جلسة التصوير، بدا التشابه بينهما في طريقة المشي والحديث وحتى في الحركات – حيث استعرضتا ثقةً مفعمة بالجرأة أمام عدسة الكاميرا. وتطلقان ضحكات نابعة من القلب بينما تمارسان ألعاب الكلمات بالإيطالية، بأريحية تامة وهما مبتهجتان برفقة بعضهما البعض.

نُشِر للمرة الأولى على صفحات عدد مايو 2019 من ڤوغ العربية.

وأمام عدسة الكاميرا، تبدو إليزا صيدناوي محترفةً مخضرمةً، بعدما عرضت الأزياء في سنٍّ صغيرة لكلٍّ من جورجيو أرماني ورالف لورين، كما مثَّلت في أفلام. واليوم، يتمثّل شغفُها الأول في ريادة الأعمال المجتمعية، وهو ما يتجلّى في مؤسسة إليزا صيدناوي غير الربحية التي تهدف إلى تقديم برامج تعليمية إبداعية للأطفال والشباب في أنحاء مصر وإيطاليا. ويتلقى منهجُ ما بعد المدرسة وكذلك الأنشطة التي تقام على مدار العام الدعمَ من “مؤسسة ساويرس” ومنظمة “أنقذوا الأطفال”. ومنذ إطلاق مركز فنتازيا الثقافي التابع للمؤسسة قبل ست سنوات في الأقصر‎، نجح في شق طريقه إلى حياة نحو ستة آلاف فردٍ وإثرائها، أكثر من خمسة آلافٍ منهم أطفال.

إلا أن هذه المؤسسة ليست مشروعها الوحيد؛ فإلى جانب تانيا فارس، تشارك إليزا، وهي أم لصبيين صغيرين، في ترأس أمانة جائزة فاشن ترست لوس أنجليس التابعة لمجلس مصممي الأزياء في أمريكا، حيث تساهم في إعداد جدول أعمالٍ زاخرٍ بالفعاليات، وتنتقي محتوىً ثريّاً وباقةً من المتحدثين. وبوصفها عضوة مؤسِّسَة في مجلس إدارة رابطة المحترفين المصريين الأمريكيين، فإنها تحافظ من ناحية أخرى على علاقاتٍ وثيقة مع بلدها الذي قضت فيه طفولتها، حيث تدعم عائلتُها الاهتمامات في سبرينغ بالاس (قصر الربيع)، وهو مجمع لروّاد الأعمال العالميين، وكذلك في سوماين، وهي منصة تسعى للارتقاء بمعايير وسائل الإعلام والتجارة الإلكترونية.

آنا مورا صيدناوي: ما أولى ذكرياتكِ عنَّا معاً؟

إليزا صيدناوي دلال: صورنا في شقتنا بحيّ الزمالك في القاهرة، حيث كنتِ تعملين في المنزل مع الخيّاطات لإنجاز خط الأزياء المصنوعة من الحرير الخالص الذي كنتِ تصممينه وتبيعينه في مصر وإيطاليا، بينما كنتُ أنا أغني وأتراقص على وقع أنغام أغنية “يا مصطفى” في غرفة المعيشة، وأقفزُ بين الأرائك.

آنا مورا صيدناوي: كيف كنتِ تنظرين إلى أسلوبي في الأناقة والعمل في قطاع الأزياء عندما كنتِ طفلة؟

إليزا صيدناوي دلال: لطالما أحاطت بي الأناقة، معكِ ومع النساء في عائلتنا، لذا لم أفكر عمداً بها لمدةٍ من الزمن. طريقتكِ في ارتداء الملابس كانت عضوية دوماً. ومهارتكِ في تنسيق الألوان والأقمشة تبدو عفويةً. ولطالما كانت جاذبيتكِ مثيرةً للإعجاب أكثر من أي شيءٍ آخر. وفي سن السادسة أو السابعة تقريباً عندما انتقلنا من مصر إلى بيئةٍ كانت محافظة أكثر -ميلانو في التسعينيات- لاحظتُ أن أناقتكِ كانت تفوق الوصف، وكانت أكثر رقيّاً وسابقة لأوانها وتجاري صيحات الموضة العصرية أكثر مما كانت عليه معظم أمهات الأطفال في المدرسة الخاصة التي كنتُ مسجلة بها في ميلانو. وكما تعلمين، فإن هذا الاختلاف، الذي جعلنا ملفتين للأنظار، كان يسبب لي الإحراج أحياناً. كنتُ أحاولُ الاندماج مع الجميع، بعدما كان انتقالنا من مصر صعباً، ونتيجةً لذلك كنتُ نوعاً ما “صارمة” كطفلة في سعيي لأن نكون طبيعيين تماماً. أدركُ الآن أن ذلك كان برمته جزءاً من الدرس [الذي تعلمتُه]. أنا محظوظة للغاية لأن والديّ كانا مخلصين لنفسيهما على الدوام. غير منساقين، وغير مستعدين لتقديم اعتذار. لقد علَّمتُماني أن أكون شجاعةً بما يكفي لأتصرف على طبيعتي.

آنا مورا صيدناوي: كيف ترين تطوّر علاقتنا بعد أن أصبحتِ أمّاً؟

إليزا صيدناوي دلال: أشعرُ بأن علاقتنا تصبح أفضل مع مرور الأعوام، مع تعمق معرفتنا بأنفسنا وبإحدانا الأخرى ومع تعلمنا إجادة -أو على الأقل معالجة- الجوانب الأكثر تطرفاً في شخصيتينا أو ردود فعلنا الانفعالية. ويا لها من هبة أن أراكِ تبنين علاقتكِ الخاصة مع طفليّ، جاك وسامو. أن تشاهديهما بينما يكبران معاً وتضحكين معهما وتتذمرين منهما! أشعرُ بأنني أصبحتُ أفهم الكثير جداً عنكِ – عن خياراتكِ وكرمكِ. أصبحتُ أقل انتقاداً لنفسي، وبالمقابل، لأي أحدٍ آخر – بما في ذلك أنتِ شخصياً.

آنا مورا صيدناوي: هل هناك شيء عملَّتُه لكِ وتودِّين غرسه في ولديكِ؟

إليزا صيدناوي دلال: إنها تلك الطريقة غير العابئة بتقديم اعتذارات نتيجة تصرفكِ على طبيعتكِ. والسلوك الإبداعي الذي يركز على إيجاد حلول للمشكلات وسرعة التحليل وسعة التفكير. والشجاعة، وكذلك أخلاقيات العمل. أنا وأنتِ شغوفتان بما نقرِّر فعله، ويمكننا أن نعمل بسعادة لساعاتٍ طويلة.

آنا مورا صيدناوي: من أين تنبع رغبتكِ في بناء مؤسستكِ الخيرية وتوسعة نشاطها؟

إليزا صيدناوي دلال: أنا على ثقة من أن تربيتي لها يدٌ في الفضول الذي يعتريني تجاه التعليم المبتكر وكذلك في رغبتي بابتكار بيئة تعليمٍ مختلفة وأكثر أمناً لمختلف أنماط المتعلمين. متابعتي لكِ أنتِ ووالدي بينما كنتما تعملان معاً وتؤسسان مشروعاً تجارياً في مصر زرعت في ذهني ذاك الخيار، كما حذرتني أيضاً من التحديات المحتملة. كانت المشروعات كثيرة المطالب للغاية، وأعلم أن المؤسسة جلبت الكثير من العمل للعائلة برمتها. أدركُ أنه لم يكن من السهل على الدوام رؤيتي أعيش أصعب اللحظات. أشكركِ لتفهمك أنَّ ما يدفعني لذلك هو الإيمان الراسخ، ولدعمكِ لي وتشجيعي بغض النظر عن العقبات. من الغريب رؤية ردود فعل الناس الذين لا يفهمون السبب الذي يجعل شخصاً ما لديه مهنة مزدهرة في مجال الترفيه يختار تغييراً جذرياً كهذا. ومنذ ذاك الحين، لمحتُ أملاً حقيقياً في عيون الشباب عندما يستيقظ فيض من الخيارات في أذهانهم. تصبح النساء المولودات في الريف قائدات ومدربات في مختلف أنحاء البلاد، ويحصلن على الرواتب ذاتها التي يحصل عليها الرجال، كما يشعرن بأهميتهن في مجتمعاتهن، فهن ملهمات ومنخرطات. يبدو كل هذا حقيقياً للغاية وملموساً، ليس هناك الكثير مما يمكن أن ينافس ذلك.

آنا مورا صيدناوي: يعكس تعيينُكِ مؤخراً في منصب الرئيس المشارك لأمانة جائزة فاشن ترست لوس أنجليس التابعة لمجلس مصممي الأزياء في أمريكا مدى التزامكِ خلف الكواليس بتطوير هذا القطاع. فما السبب في ذلك؟

إليزا صيدناوي دلال: عندما سألتني تانيا فارس ما إن كنتُ أرغب في شغل هذا المنصب، بدا أنه فرصة لتعميق مساهمتي في عالم الموضة والمصممين. والأمرُ الأكثر إثارةً للاهتمام بالنسبة لي في هذه المبادرة هو أنها تدعم العلامات التي تعمل في هذا المجال منذ ثلاث سنوات كحدٍّ أدنى. بالطبع، أؤمن أنه من المهم النظر إلى المواهب الجديدة وتعزيزها، ولكن في عالمٍ يعاني الكثير من المشكلات مع الاستدامة، يبدو من المهم مساعدة العلامات التي قد تكون أيضاً في مرحلة حرجة. ربما يكون قد تم بالفعل استثمار الموارد والأموال، وبالتالي فإن لسان حال تلك العلامات يقر بأنه “إما النجاح أو الفشل”. وتشكِّل أمانةُ جائزة فاشن ترست لوس أنجليس التابعة لمجلس مصممي الأزياء في أمريكا دعماً للمصممين عبر تسهيل وصولهم إلى الموارد اللازمة، فضلاً عن منحهم الإرشاد المتخصص والتمويل اللازم.

آنا مورا صيدناوي: لقد تطورت صناعة الموضة كثيراً على مرِّ السنين، فما مقوّمات نجاح المصمم في عالم اليوم؟

إليزا صيدناوي دلال: أعتقدُ أن الشيء الذي لم يتغيّر هو أن النجاح الذي يدوم طويلاً هو نتيجة شكلٍ من أشكال المصداقية والأصالة. ما علمني إياه عصرنا الراهن -هذه العولمة والطبيعة التنافسية- هو أننا بحاجةٍ إلى أن نكون محاورين أفضل، وربما علينا إعادة تقيم مفاهيمنا عن الوقت والنجاح. توقعاتنا باتت فوق طاقة البشر، وأصبح من الصعب جداً للعلامات أن تنجو من هذا الإيقاع الإلزامي. وينبغي أن ينتبه المرء إلى ما يجري حوله وبداخله، ويراقب الدافع الناجم عن الغرور وحبّ الذات. وإن لم تستجب السوق، فهذا يعني أن ثمة أمراً ما، مكاناً ما ينبغي أن يتغير، إلا إن كان يسعدكم الاستمرار بإنتاج ما تحبون، ولا بأس بذلك أيضاً. يجب أن نحيط أنفسنا بأشخاص لطفاء وصادقين وموثوقين ومتماسكين، ولا ينقصهم الشغف. وفي حالة الموضة والأزياء، على وجه الخصوص، هناك أيضاً مسؤوليات يجب أن تضعوها في اعتباركم دوماً، مثل عمليات الإنتاج والبيع المستدامة.

آنا مورا صيدناوي: بعد أن عشتِ في القاهرة وميلانو، كيف تنظرين إلى مدينتكِ الجديدة لوس أنجليس؟

إليزا صيدناوي دلال: في لوس أنجليس، أجدُ نوعية الحياة التي كنتُ أبحثُ عنها. تربية الأطفال الصغار بمستوى السهولة التي يقدمها مكانٌ بطقسٍ وخدماتٍ كهذه، ورؤية الأفق، وصنع فرق كبير. ثمة لحظاتٌ يجعلني الضوء وشيءٌ سحريٌّ في الأجواء أفكر بمصر. قدرتي على الحياة في مكانٍ هو بذاته مصدر لكثير من الفرص هي بنفسها هبة. وفي حين أن هذا الأمر بعيد قليلاً عنكِ في بوليا [منطقة في إيطاليا]، أتطلعُ إلى قضاء المزيد من وقت الفراغ معاً لاستكشاف جميع المناظر الطبيعية والأصوات والعطور.

والآن اقرؤوا: أيهما أفضل: الحذاء المسطّح أم الكعب العالي؟ أنوم بشير وديالا مكي تناقشان الأمر

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع