ما الذي ستأخذه معك في رحلتك إلى المستقبل؟ طرح هذا السؤالَ الفنانُ الجزائري سفيان سي مرابط من خلال مشروعه التفاعلي الفكري الذي حمل اسم “صالون/حمّام الغد” بمعرض سكة الفني. وكان هذا المشروع، الذي جمع بين الصالون والحمّام، أحد أعمال معرض سكة الفني في دبي، والذي اختتم فعالياته مؤخراً عقب عشرة أيام من العروض المثيرة في حي البستكية التاريخي. وعن مشروعه، يقول الفنان الجزائري: “بالنسبة لي، إنها هويتي بالتأكيد”، تماماً كما لو كان ذلك الفنان المعروف باسم “العربي الحائر” يجيب عن تساؤل له. واشتمل المشروع، الذي شغلت معروضاته طابقين اثنين، على صالون للتجميل وحمّام عربي تقليدي مقام على كوكب في المستقبل. واختار مرابط هذا الموضوع احتفاءً بذكرى جدته التي كانت تملك حمّاماّ شعبياً في الجزائر. ويعود الفنان بذاكرته إلى الماضي قائلاً: “كانت جدتي امرأة قوية للغاية، وقررت أن تدير بنفسها عملاً تجارياً تمتلكه، وذلك في بداية الخمسينيات”.
وقد بدا جلياً في هذا المشروع الحنينُ الجارف الذي يعتري المصمِّمَ نحو جذوره، فثمة صورة لجدته معلّقة على الجدار، مع الأدوات التي كانت تستخدم في الماضي للاغتسال في شمال إفريقيا – فهناك عبوات الشامبو الشفافة، وفرش تمشيط الشعر، ومناشف الحمّام التركية، ومقاعد بلاستيكية زاهية رُصّت إلى جوار أعمال فنانين جزائريين مثل أمل بن عودية، ومريم ميغ، ووليد بوشوشة. كما عرض المشروع فيلماً قصيراً مدته دقيقتين تضمَّن لقطات غائمة بالأبيض والأسود تستكشف تطوّر الهوية العربية. ويتكرر عرض هذه اللقطات طوال مدة الفيلم.
ويشرح مرابط مفهوم هذا الحمّام قائلاً: “كانت الحمامات الشعبية جزءاً لا يتجزأ من ثقافة المدن العربية”، مضيفاً: “وكونها حمّامات عامة يعوزها قدر من الخصوصية، فقد عشقها المستشرقون وانتقدها المتشددون، ما يجعلها المكان المثالي لاستعراض الحنين إلى الماضي في المستقبل”.
ويضيف الفنان: “كان المشروع فرصة مثالية كي يفهم الناس أن دورنا كعرب اليوم سيؤثر مستقبلاً على المشهد الثقافي في المنطقة”. والجدير بالذكر أن هذا المشروع حاز على إعجاب ضيفات المعرض، ومن بينهن الشيخة لطيفة بنت مكتوم، ووزيرة السعادة الإماراتية عهود الرومي، وسيدة الأعمال الإماراتية الناجحة أمينة الرستماني.
وقد أطلق مرابط مؤخراً موقع www.theconfusedarab.com كمنصّة رقمية تهدف إلى تسليط الضوء على “ثراء وتنوع المنطقة العربية”. ويهدف الفنان، الذي ولد في فرنسا ونشأ بها، إلى التعاون مع المواهب من شمال إفريقيا والشرق الأوسط في المشاريع المستقبلية.
ظلّت أبواب “صالون/حمّام الغد” مفتوحةً حتى مساء الثلاثاء، مجاناً للجمهور.