دعماً للاستدامة واحتفاءً بذوقهن الرفيع في عالم الأزياء، تحتفي في السطور التالية باقة من الأمهات ببناتهن اللواتي بتنّ يشاركنهن أزياءهن الجميلة، كما يعبّرن عن عميق سعادتهن بذلك.
عائشة سوريش ميراندا وجنّات ميراندا
ببذلة جمبسوت حمراء تخطف الأنظار وتبرهن على الأناقة المعهودة لوالدتها عائشة ميراندا، تشعر جنّات ميراندا وكأنها نسخة مصغرة عن أمها، “المرأة الخارقة”، التي تطمح أن تكون مثلها في يوم من الأيام. تقول جنّات: “إن الطريقة التي تدير بها والدتي كل الأمور وتظل في الوقت نفسه محافظةً على أناقتها تحفزني دوماً لأحذو حذوها”. وتردف: “فسواء ذهبت للسوبر ماركت أم لحضور حفل ما، فإنها تبرز من بين الحضور وتكون أكثر مَن بالمكان أناقة”. ولعل هذا يعكس الدرس الذي علّمته عائشة لابنتها منذ نعومة أظافرها، حيث تقول: “أيّاً كان ما يحدث، تأنقي واظهري ولا تستسلمي أبداً”.
ومن حسن حظ جنّات أن والدتها ليست منسّقة أزيائها الشخصية فحسب، بل وترتدي أزياءً من نفس مقاسها أيضاً. تقول جنّات: “لن أقول إننا نتشارك خزانتيّ أزيائنا، ولكن عندما يتعلق الأمر بحضور حفل زفاف أو مناسبة ما، أحب أن أتسلل إلى خزانة أزيائها، فهي توفر لي دوماً كل شيء تقريباً”. وتتعامل عائشة مع كل قطعة تقتنيها بعناية فائقة، ولذا تطمح جنّات أن تحافظ أيضاً على عادة تمرير قطعها المفضّلة لغيرها. تقول: “أؤمن دائماً بأن ارتداء شيء من خزانة أمكِ أو أبيكِ يحمل معنى أكبر كثيراً من شراء شيء باهظ الثمن من علامة شهيرة. فالموضة بالنسبة لي تتعلق أكثر بالتعبير عن الذات”. وعلى الرغم من أن عائشة تعتبر نفسها مهووسة بالتسوق، إلا أن شغلها الشاغل هو طريقة استثمار أزيائها في المستقبل. تقول: “كل خزانة أزيائي تقريباً تكاد تذهب لابنتي، والتي تمررها بدورها فيما بعد إلى بنات خالاتها”، وتردف: “إن رؤية ابنتي ثم من بعدها بنات إخوتي الصغيرات وهن يرتدين ما كنت قد اشتريته منذ أكثر من عقدين من الزمان تعود بي إلى ذكريات جميلة”. وتحتفظ عائشة مع مجموعاتها متعددة الأنماط التصميمية بمقتنيات عزيزة على قلبها توارثتها عن أسلافها، ومنها خاتم زفاف جدتها وساري هندي رائع الجمال. وماذا عن القطع غير المسموح لابنتها بالاقتراب منها؟ إنها مجموعة حقائب من هيرميس “لا يمكن أن تنال [جنات] أيّاً منها إلا بموافقتي”.
ديانا حمادة وندى الغرير
“ابنتي ندى جوهرة ثمينة جميلة الطلّة”، من هذا الوصف يتجلّى كمّ الحب الذي تكنّه ديانا حمادة، المحامية المخضرمة المقيمة بالإمارات، تجاه ابنتها ندى الغرير. وبعباءة من إبداع ندى الغرير، تقف ديانا تشع فخراً واعتزازاً، وتتطلع إلى الإرث الباقي الذي ستورثه هذه القطعة، التي ولدت من خيال ابنتها، في عائلتهما. “أؤمن بتمرير قطع الأزياء بين أفراد العائلة”، وتضيف: “كنا أربع بنات في بيت والديّ، وكان لنا 12 عمّاً وخالاً ولنا من بنات الأعمام والأخوال 10، واللواتي كنّ من نفس جيلنا. ولكِ أن تتخيلي كمّ القطع التي كنّا نستعملها معاً”.
وترتدي ندى فستاناً كان قد صممه لوالدتها فنان إيطالي بينما كان عمر ندى سنة واحدة فقط. وفي مناسبات عديدة، عادةً ما تستعير الابنة هذا الفستان، فهو يجمع بينها وبين أمها ويجعلها تشعر بالأمان، على حد وصفها. تقول: “لقد وقعت في حب هذا الفستان، كما ارتديته في إحدى حفلات الزفاف بينما كان عمري 16 عاماً، وكدت أطير فرحاً وقتها”. هذا ولم يمنع اختلاف المقاس بين الأم وابنتها من أن تقتحم إحداهما خزانة أزياء الأخرى بين الحين والآخر. “لدينا الذوق نفسه”، هكذا تقول ندى، وتضيف: “جزء كبير من طريقتي في تنسيق أزيائي اقتبسته عن أمي”.
ريتا قهواتي وجيسيكا قهواتي
ربما تظنين للوهلة الأولى أن ريتا وجيسيكا قهواتي أختان وليستا أماً وابنتها، فهما تكادان تشتركان في استعمال كل قطع أزيائهما، وكأن الرباط الذي يجمع بينهما هو الأخوة. “بصراحة، أسترق من خزانة أزياء أمي قطعاً أكثر مما تسترق هي من خزانتي”، هكذا تقول جيسيكا، وتضيف: “أميل أكثر للذوق الكلاسيكي، ولكني أجد دوماً في خزانتها شيئاً رائعاً يمكنني ارتداؤه”. وعلى الرغم من اختلاف ذوق عارضة الأزياء الأسترالية لبنانية الأصل في الملبس عن والدتها، فإنها لا تستطيع أن تنكر حقيقة اقتناء والدتها لمجموعة أزياء تصلح لكل زمان ومكان.
وعن هذه المجموعة، تقول: “إنها متنوعة للغاية وتبدو وكأنها صممت في فترة التسعينيات أو عام 2020”. ولعل أبرز مثال على ذلك سترة من دار موسكينو كانت ريتا قد أهدتها لابنتها، والتي بدورها أدركت على الفور أن هذه السترة ستؤول ملكيتها لابنتها هي أيضاً لأنها قطعة مزدانة بطبعات وألوان تتجاوز حدود الزمان.
كذلك، تظهر ومضات من تأثير أسلوب ريتا الجريء على عدد من قطع أزياء ابنتها، مثل الصدرية المزدانة بطبعة جلود الحيوانات من سان لوران، والتي استعارتها ريتا لتظهر بها في جلسة التصوير. وتؤمن جيسيكا بإعادة ارتداء قطع الأزياء، لا لأنها تذكرها بأهم درس تعلمتِه من والدتها فحسب –ألا وهو “العطاء دون انتظار المقابل”- بل أيضاً لما لذلك من تأثير إيجابي على البيئة، فذلك هو ما تحثّ عليه ثقافة إعادة التدوير. وتضطلع جيسيكا أيضاً بمهمة إحداث تغيير في حياتها على المستويين الشخصي والاجتماعي. تقول: “تستهلك صناعة الأزياء كمّاً كبيراً من الموارد، وفي ظل ازدياد الوعي بالاستدامة في هذا العصر، علينا أن نؤدي دورنا من أجل تخفيف الحِمل عن البيئة، وتقليل الإهدار”.
نشر للمرة الأولى على صفحات عدد مارس 2020 من ڤوغ العربية.
تصوير نوربرت نيات
تنسيق الأزياء محمد حازم رزق
تصفيف الشعر داني حسواني، ومايك سوفاني
المكياج أنستازيا ياكشينا
مساعد تصفيف الشعر عيسى حموش
مساعدتا المكياج منى سلطان، وسمية ليشاني
إنتاج أنكيتا تشاندرا
اقرئي أيضاً: حوارٌ خاص تجريه آنا مورا صيدناوي مع ابنتها إليسا صيدناوي دلال