فيما يناضل العالم في سبيل القضاء على جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″، بات من المهم الآن وأكثر من أي وقت مضى أن نتّحد جميعاً معاً. لذا، يبرِز عددُنا لشهر أبريل أهمية الوحدة والإخاء عبر تسليط الضوء على قصص الأمل والحب خلال أوقات الحجر الصحي.
واحتفالاً بالإنسانية، أفردنا العدد الخامس والثلاثين من المجلة للحديث عن الشخصيات البارزة في جميع أنحاء العالم، ممن حققوا النجاح رغم جميع الصعاب وألهمونا بما حققوه من إنجازات، بدءاً من الفرق الطبية العربية التي تحارب فيروس كورونا، ومروراً بالمناضلين في سبيل الاستدامة، ووصولاً إلى المهاجرين والمغتربين الذين يسعون جاهدين لتحقيق أحلامهم.
وقد تعاونت ڤوغ العربية في تنفيذ أحد غلافيّ العدد الجديد مع الفنان الفرنسي التونسي إل سيد ليبدع اللوحة الفنية للكلمة التي تزيّن الغلاف – فأحياناً ما تكون البساطة والكلمات هي كل ما نحتاجه لبثّ رسالة قوية. ويوضح إل سيد، الذي خطّ كلمة “متحدون” بريشته، قائلاً: “يقوم عملي على الجمع بين الناس والثقافة والأجيال من خلال الخط العربي. وكفنان، أشعر بأن ذلك يستثير مشاعر أي إنسان، حتى لو كان لا يفهم اللغة العربية. فثمة جمال له طبيعة عالمية لا يحتاج معها إلى ترجمة؛ إذ يلمس الروح قبل العين. ونحن جميعاً مترابطون”.
أما الغلاف الثاني فتزينه إيمان دينغ، العارضة السودانية الصاعدة التي فرت من بلادها بعد أن عصفت بها الحرب، لتعيش كلاجئة. وكانت إيمان قد أُجبِرَت على الفرار مع والدتها وأشقائها إلى دولة أوغندا المجاورة حين اندلع العنف الطائفي في السودان. والآن، وقد بلغت الـ19 من عمرها، لا تزال تلك الذكريات الأليمة تجول برأسها. ورغم كل ما حدث، فقد نجحت هذه الشابة، بعد أن تم اكتشافها على انستقرام، في اقتحام منصات عروض الأزياء، والمشاركة في عروض توم براون، وريك أوينز، إلى جانب العمل مع شالايان، وهالبرن.
وفي حوارنا الحصري معها خلال جلسة التصوير، التي التقطتها عدسة كارلا غولر، فتحت إيمان قلبها وروت ذكرياتها كلاجئة، وأوضحت كيف استطاعت أن تضع قدمها في هذه الصناعة – كما سلطت الضوء على حلمها في العودة إلى وطنها يوماً ما. تقول: “كنت أعتقد أن المرة الوحيدة التي ينفصل فيها الإنسان عن عائلته هي عند الموت؛ ولكن الحرب علمتني أن ذلك ليس الحال دائماً. أتمنى أن ألهم الأخريات كي يكنّ قويات وصامدات عبر نشر قصتي هذه”.
وفي حين أن هذين الغلافين ابتعدا قليلاً عن ما درجت عليه علامة ڤوغ –فقد ابتعدا عن أجواء البريق الخاطف المعتاد واختيار ألمع النجمات– يرى رئيس التحرير مانويل أرنو أنه من المهم التحلّي بالمشاعر الإيجابية ونحن نمضي قدماً، والتواصل مع المجتمع في وقت نحتاج فيه جميعاً إلى الإلهام والدعم المعنوي.
يوضح: “نحاول في ڤوغ أن ننظر للأمر من منظور إيجابي ونخرج من هذا الموقف ببعض الدروس التي نستفيد منها في حياتنا”، ويضيف: “لقد أدركت في ظل هذه الأوقات العصيبة أن ما يجعلنا بشراً حقيقيين ليس قدرتنا على التواصل معاً فحسب، بل قدرتنا على تحقيق النجاح وسط ظروف غير مواتية. ومن هذا المنطلق، قررنا إفراد هذا العدد للشخصيات الملهمة ممن تمكنوا من تحقيق النجاح رغم كل الصعاب”.
ويردف: “لم أستطع أن أتمالك شعوري حيال هذه الفتاة وتأثرت بشدة بتصريحاتها المثيرة للعواطف”، ويستطرد: “وبما أن الهجرة باتت من الموضوعات وثيقة الصلة بالعالم العربي، لا سيما بعدما فتحت السعودية حدودها فضلاً عن دول مثل الإمارات التي يقطنها بصفة أساسية اقتصاديون وافدون – فإن عدد هذا الشهر يتناول فكرة الانتماء (أو عدم الانتماء)، مشفوعةً بقصص ترويها لنا شخصيات يثيرون إعجابي أنا شخصياً، من واقع تجاربهم الشخصية، ومنهم عفاف جنيفان، وريتا أورا، وسيلينا غوميز، وبرابال غورونغ”.
لذا كتبت العارضة التونسية القديرة عفاف جنيفان رسالة حبّ إلى بلدها الثاني إيطاليا، الذي اتخذته وطناً لها منذ 32 عاماً، فيما تروي اللاجئة ريتا أورا، وكذلك المهاجرون ديان ڤون فورستنبيرغ، وبرابال غورونغ، ونجمة الغناء سيلينا غوميز، ذكرياتهم المختلفة ويوضحون كيف أثرت مسيرتهم.
تقول ريتا أورا، التي تركت عائلتها وطنهم يوغوسلاڤيا (كوسوڤو حالياً) عام 1991 فراراً من الاضطهاد لتقيم حياة جديدة في لندن: “تركت عائلتي وراءها حياتها بأكملها وتعيّن عليهم أن يبدأوا من الصفر حين وصلوا إلى لندن كلاجئين”، وتضيف المغنية: “ولكن حمايتنا كانت الهدف الأول لعائلتي، وأشعر بالامتنان كل يوم لأنهم قاموا بما قاموا به”.
أما سيلينا غوميز، التي نجحت في تحقيق الحلم الأمريكي، فتدرك أن هناك آخرين لم يحالفهم الحظ مثلها. تؤكد: “اختارت عائلتي مغادرة المكسيك سعياً لتحقيق الحلم الأمريكي. وقد عبرت عمتي الحدود في السبعينيات مختبئةً في صندوق شاحنة”. وتضيف: “وماذا عن أفكاري عن الحياة في أمريكا في ظل رئاسة دونالد ترامب؟ قلت إنني لا أدعي الخبرة وأدرك أهمية أن تكون هناك قواعد ولوائح، ولكن علينا أن نفعل ما هو أفضل مما نقوم به حالياً – هذا واجبنا بكل بساطة. وأتمنى أن نظل نقدم الحلم الأمريكي، وأن نظل نوفر للناس حياة أفضل. ومن المهم للغاية أن نتذكر أن بلدنا قام على أكتاف أولئك الذين قدموا من دول أخرى”.
كما يقدم عدد أبريل –الذي لا يزال يزدان بالأفكار الملهمة في الموضة والجمال ويتناول كذلك أحدث الصيحات- كل الحب والدعم لجميع الفرق الطبية التي تكافح للقضاء على فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19”. وعن ذلك يقول أرنو: “تعبيراً منا عن خالص التقدير والاحترام لكل الأطباء وفريق التمريض وكل العاملين في المهن الطبية، نعرض ملفّاً قوياً يضم صوراً التقطتها عدسة طارق المقدّم الذي كانت لديه الشجاعة أن يقبل بالتحدي ويذهب ليصور بعدسته أبطالاً حقيقيين، من مستشفى رفيق الحريري إلى الصليب الأحمر اللبناني… خالص شكري لكل هؤلاء، ليس بصفتي رئيس التحرير فحسب، ولكن كأخ مواطن”.
لا شك أن الوقت قد حان الآن لنتحد جميعاً، فنحن معاً أقوى.
اقرؤوا أيضا: “مصورة عالمية وعارضة أزياء تدعم اللاجئين حول العالم