بعد أن تتصفحي حساب @Meryemsfirst على انستقرام، يتضح لكِ أن معظم صوره مكرّسة “لإبراز أناقة” امرأة تدعى نجاة ليكلي تبلغ من العمر 67 عاماً، وأن أغلبها يضج بالألوان الزاهية. ففي إحدى هذه الصور، تقف نجاة أمام خلفية خضراء فاتحة مرتديةً حجاباً أسود وقميصاً أخضر من مجموعة نايكي ومارين سير. وفي أخرى، نجدها ترتدي إطلالة ذهبية بالكامل وتنتعل حذاءً ذهبياً من نايكي إير ماكس لإضفاء لمسة لافتة. وفي لقطة مميزة ثالثة، نرى نجاة تجلس القرفصاء على الأرض مرتدية جلباباً مطبعاً بجلد النمر، وحجاباً أبيض، وقبعة بيسبول سوداء. وفي أحيان كثيرة، قد نظن خطأ بأنها صور للفنان المغربي حسن حجاج الذي يهوى تصوير الموضوعات الغريبة.
وصاحبة هذا الحساب هي مريم سليماني، ابنة نجاة ليكلي، المبدعة البالغة من العمر 36 عاماً والتي تقيم في مدينة روتردام الهولندية (تذكر في حسابها أن أمها استولت على حسابها وأنها تتواجد فيه فقط لالتقاط صورها). وكانت مريم قد أطلقت مدوَّنة وحساباً لها على انستقرام لتنشر فيهما في الغالب صوراً لإطلالاتها بعد مرورها بفترة اكتئاب، ورغم أنها استخدمت موقع التواصل الاجتماعي للتغلّب على مرضها، إلا أنها اصطدمت بواقع هذه الصناعة. “أصابتني مجتمعات انستقرام بالإحباط. فأنا لا أبدو مثل الفتيات اللواتي يظهرن على مواقع إطلالات الشارع. ولا أبدو مثل الفتيات في المجتمع الذي يساعد على تقبل الأجسام بجميع أحجامها. لقد شعرت بأني غريبة في ذلك المجتمع. فهو ليس مكاناً لي لتمثيل الفئة التي أنتمي إليها؛ فلن يعترفوا بكِ سوى إن كنتِ تتمتعين بمقاييس مثالية. وأنا أرتدي مقاس 12 أو 14، وأنا قصيرة القامة، لذا أحسست بأنه ليس من الإنصاف أن أدرج نفسي [ضمن تلك الفئة]”.
وقد كانت والدتها تظهر من حين لآخر دون تعمّد في صور حسابها. تقول مريم: “كان الحساب أشبه بألبوم صور مختار بعناية. وقد أحب الناس دائماً تلك الصور التي أنشرها في تحديثاتي”. وحين أحست أن أمها تتمتع بشكل ملائم للتصوير ويمكنها أن تكون موضوعاً جيداً له، شرعت في تكريس جزءاً أكبر من وقتها في دمجها معها في صورها. “فكرت في أنني إن نسقت أزياءها بدلاً من تصويرها بملابسها العادية، سيكون ذلك أفضل كثيراً. وأعلم أنه في مرحلة ما سيلاحظ الناس ما نفعله، لأن لا أحد يصوّر بنفس طريقتي مع والدتي. فلا أحد يشاهد جيلها من النساء المغربيات، ولا من المهاجرات أيضاً – وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي”.
وقد أتاحت هذه المنصة لوالدتها ذلك النوع من المشاهدة الذي كانت مريم تأمله. وكانت نجاة، التي عملت مدرسة في المغرب، أحد أعمدة مجتمع الهولنديين من أصل مغربي منذ أن أقامت في بلدة سخونهوفن الصغيرة عام 1980، فقد كانت تلقي دروساً في اللغة العربية للمهاجرين حديثاً من الذين لم يتسن لهم الحصول على نفس المستوى من التعليم. وبفضل جهودها ولا سيما في تضييق الهوة بين المجتمعين الهولندي والمغربي، نالت في النهاية وسام “فارسة” من ملكة هولندا. ولكنها لم تعد قادرة منذ أصيبت بسرطان الثدي قبل بضعة أعوام على المشاركة في مجتمعها مثلما اعتادت في الماضي – لذا رأت مريم في انستقرام وسيلة لتحفيز والدتها. تقول: “أعتقد أنه وسيلتها لأن تظل محطاً للأنظار وعمل ما تحبه”.
وفي حين نستشعر أن الحساب يحمل رسالة صادقة نابعة من القلب، إلا أنه يقدم بلا شك دليلاً على أن الموضة لا زالت نشاطاً ممتعاً. إذ تحرص مريم على أن ترتدي والدتها أزياء سبّاقة ومرحة تعكس ذوقها الخاص –الذي تستوحيه في الأساس من الملابس الرياضية– وتمزجها بأزياء والدتها القديمة من السبعينيات والثمانينيات. وتفضل نجاة تصاميم علامات مثل ديلي بيبر ومقرها أمستردام، ونايكي (بما في ذلك خطها نايكي برو المخصص للمحجبات)، ونيو بالانس. أما مريم فكثيراً ما تدمج في أزيائها قطعاً تقليدية مغربية، مثل الأحزمة المجدولة ونعال البابوش، وتضع في خلفيات صورها أقمشة سميكة مطبعة تذكرنا بالتصاميم الداخلية المغربية. فقد نشأت مريم في المغرب إلى أن بلغت الرابعة من عمرها، قبل أن تلحق بوالدتها في سخونهوفن وتستقر أخيراً في روتردام، لذا فإن شخصيتها تحمل مزيجاً فريداً من الثقافتين. وتراها مريم تركيبة جميلة سمحت لها بالارتباط أكثر بوالدتها. وعن ذلك تقول” “إنها بوتقة تمزج بين ذوقي وذوقها”.
نُشر للمرة الأولى على Vogue.com.
اقرئي أيضاً: حصرياً: نادين نجيم تتحدث عن حياتها بعد الطلاق فيما تستعد لفتح صفحة جديدة في حياتها