انفجر مرفأ بيروت وانفجرت معه الآمال والأحلام. فبيروت بعد انفجار الرابع من أغسطس لم تعد كما عهدناها، وكذلك أهلها الذين أرهقتهم أحداثها الأليمة معنويًا وماديًا. لكن فسحة الأمل تكمن بكل مبادرة تساعد على القيام من جديد. قطاعات عدة تضررت من الانفجار وكان للقطاع الإبداعي حصة كبيرة من الخسارة. هذا القطاع النابض والذي يعكس الصورة الأجمل للبنان سيعود ويشع من جديد بدعم من جمعية Creatives For Lebanon التي تضم شخصيات رئيسية في المجال الإبداعي واللامعة أسماؤهم في الخارج.
٩ أشخاص من أصول لبنانية يجمعهم تراثهم وشغفهم بلبنان وحبهم للفنون، فما كان لهم عقب انفجار الرابع من أغسطس إلّا أن يتداركوا حجم المصيبة فيلتقوا ويتكاتفوا ويطلقوا مبادرة Creatives For Lebanon. “سرعان ما التقينا عبر أصدقاء مشتركين، الجميع كان على اتصال بعد الانفجار المروع في 4 أغسطس لدعم لبنان والمساعدة في إعادة بناء وإحياء الصناعة الإبداعية”. رغم بعد المسافة، إذ فقط اثنان من المؤسسين موجودين في لبنان والسبعة الآخرون في لندن، كان التواصل سريعًا وفعّالًا. “مكنتنا اجتماعات Zoom المنتظمة ومجموعة Whatsapp من التعبئة على الفور والحفاظ على التواصل”.
إنّ Creatives For Lebanon جمعية لا تبغي الربح بل هدف انشائها هو الاستفادة من قوة وإمكانات لبنانيين لامعين في الخارج من أجل دعم القطاع الإبداعي في لبنان.كارولين عيسى، الرئيسة التنفيذية ومديرة الموضة لمجلة Tank؛ وسابين غيتي، محررة مساهمة في مجلةTatler ؛ وإيلي رزق الله، مؤسس شركة Plastik؛ وأحمد سويد، رئيس قسم المحتوى في Dazed Media ؛ ومنسقة الأزياء والاستشارية إميلي قارح؛ ومستشارة العلاقات العامة أليسا قبيسي؛ ومصممة المجوهرات نور فارس؛ ومصممة أدوات المنزل بيترا بالومبو؛ ومصممتا الأزياء رسيل شلهوب وسارة بعدراني، هؤلاء هم الجنود الحقيقيون وراء جمعية Creatives For Lebanon.
كيف؟ يوضح المؤسسون: “من خلال شبكات معارفنا، لدينا رؤية واضحة لكل المعلومات على الأرض بالإضافة إلى منظور أوسع على صعيد عالمي حول الوضع يمكننا من تصميم استراتيجيتنا”. إنّ مبادرة الدعم لن تكون أحادية ولكن متعددة المراحل وعلى الأمد الطويل. مهمتهم تعبئة الآخرين من حولهم، مما يعني أن كل من المؤسسين التسعة يعزز صورة لبنان عبر شبكاته الفردية ثم يجمعون تأثيرهم الجماعي. “إنه لأمر مدهش ومشجع حقًا أن نرى كم من علاقاتنا من جميع أنحاء العالم متحمسين ومستعدين للمساعدة، والعديد منهم ليسوا لبنانيين، لكنهم جميعًا حريصين على دعم مبادراتنا وشعب لبنان الذي هو في أمس الحاجة إليه”.
تدرك المجموعة أن التعافي من الانفجار المأساوي الذي هزّ العاصمة بيروت سيستغرق وقتًا طويلاً، “خاصة وأن لبنان غارق في أزمات سياسية واقتصادية وإنسانية”، فقد وضعوا هدفًا قصير المدى سيؤدي إلى تحقيق أهدافهم الاستراتيجية الشاملة. “يتمثل هدفنا قصير المدى في مساعدة البلد من خلال دعم المنظمات الإنسانية الأكثر موثوقية وفعالية على الأرض والتأكد من أنّ “الدولارات الجديدة” تذهب لمن هم في أمس الحاجة إليها”. هذه المنظمات غير الحكومية التي تعمل بلا كلل لخلق بيئة مستقرة والتي يحتاج إليها المبدعون بشدة. “نحن على ثقة من أن هذا سيساعد في رعاية وإعادة بناء المجتمع – مما يمنح الأمل والشعور بالمستقبل للشعب اللبناني”. في حين أن الهدف الطويل المدى هو دعم إبداع هذه الصناعة التي تأثرت كثيرًا من تداعيات الانفجار والأزمة الاقتصادية. “نعتقد أن الصناعة الإبداعية ضرورية في الحفاظ على الأهمية الثقافية للبنان على نطاق عالمي”.
في القريب العاجل تعمل الجمعية على مشروعين مثيرين، بالإضافة إلى تطوير مبادراتها لعام 2021 وما بعدها، لأنّ المؤسسين “يدركون أن مأزق لبنان لن يزول قريبًا”.
بالنسبة لمبادرتهم المتعددة المراحل – #DonateCreateParticipate، تعمل الجمعية على شراكة مع Sotheby’s، إحدى دور المزادات الرائدة في العالم وArt for Beirut لاستضافة مزاد خيري. سيشهد هذا المزاد مشاركة مجموعة مختارة من أشخاص مشهورين عالميًا وأصدقاء ومتعاونين وفنانين ودور أزياء وماركات مجوهرات فاخرة الذين سيتبرعون بقطع حصرية.
وبالتزامن مع ذلك، ستدعم Creatives For Lebanon متجر Beirut Re-Store الخيري الإلكتروني، والذي يوفر مساحة للمبدعين لبيع الأعمال التي تم التبرع بها لجمهورٍ من أنحاء العالم. هذه المنصة أساسية لجمع فوري للأموال ووضع خطة تعافي طويلة المدى للمساعدة في إعادة بناء ما تضرر بشكل مأساوي. كجزء من خطة الإطلاق، ستجرى أيضاً في وقت لاحق من هذا العام عمليات تعاون خاصة مع قائمة عالمية من المبدعين الناشئين والراسخين والتي ستعرض للبيع على Beirut Re-Store.
رسالتهم للمبدعين اللبنانيين الذين فقدوا الكثير بسبب الانفجار: “نحن نعلم أن المبدعين اللبنانيين يواجهون أكبر تحدٍ على الإطلاق. نحن على يقين أن الأمور تبدو قاتمة ويائسة وأن المشاكل تبدو مستعصية، لكننا نريدهم أيضًا أن يعرفوا أن لهم قيمتهم في جميع أنحاء العالم، وأن العمل الذي يقومون به مهم، وأن مجتمعهم مؤثر في إعادة بناء لبنان وحياته الثقافية الهامة. علاوة على ذلك، نريد طمأنتهم بأن المجتمع العالمي هنا للمساعدة”.
المهمة صعبة لكن العمل الجماعي ضمن Creatives For Lebanon سيسهّل الأمر خاصة أنّهم أشخاص بارزين على الصعيد العالمي وأفضل سفراء للإبداع اللبناني، فمن خلال التعاون الصادق والشفاف، تهدف الجمعية إلى إعادة بناء ما تم فقدانه بشكل مأساوي، لا سيما داخل المجتمعات الإبداعية في لبنان والتي هي عزيزة على قلوبهم مؤمنين أنّه عندما تسوّى جميع المظالم، سينهض الجميع.
اقرئي أيضاً: مصر تعلن عن اكتشاف 59 تابوتًا أثريًا بمنطقة سقارة يعود تاريخها لأكثر من 2500 عام