سوسن شماس هبر مهندسة معمارية داخلية، مبدعة في مجال تصميم المساحات، مصممة مؤثرة، خبيرة في الفخامة الداخلية، والمؤسسة والمديرة الإبداعية لشركة Dipiugi للهندسة المعمارية الداخلية والتصميم
لم يكن يوماً مرور سوسن شماس هبر في مجال التصميم الداخلي مروراً عادياً، فمسيرتها الحافلة جعلت من اسمها اسماً معروفاً ومرجعاً في عالم التصميم الداخلي من خلال أسلوبها الجمالي العالمي الدقيق الذي يقوم على رسم خطوط الأناقة بفخامة تزهو بالطابع العصري والكلاسيكي على حد سواء.
بدأت مسيرة سوسن عام 1996 في بيروت ورسخّت اسمها في مدينة دبي بفضل تولّيها مشاريع فخمة، ولمع نجمها أكثر حين قررت التوسع وأسست في الإمارات أول شركة لها عام 2003، ليقع اختيار عملاء خاصون وشخصيات ملكية عليها لتشرف على تصميم منازلهم وشركاتهم ومشاريعهم التجارية في المنطقة.
واصلت سوسن نجاحها بإطلاق علامات مختلفة للأثاث في دبي، وهي: K-Kids عام 2003، وGiovanni Sforza عام 2008، وEstetik Decor عام 2016 والتي عهدت إليها بتصميم سلاسل توكيلاتها وافتتاح متاجرها الرئيسية.
نشطت سوسن على شاشات التلفزة وعلى المنصات الإلكترونية، فلأكثر من عامين، كانت ضيفة أسبوعية في برنامج «إم بي سي» الصباحي، حيث ناقشت مختلف الموضوعات، وعرضت أعمالها في تجديد المنازل، وأسدت نصائح في تصميم الديكور للمشاهدين، و نظمت سوسن العديد من الورش ومقاطع الفيديو بالتعاون مع بعض العلامات العالمية مثل «برناردو»، و«فيريرو روشيه الشرق الأوسط»، و«تاناغرا هوم» و«سواروڤسكي»، وغيرها. ويمتد تعاونها أيضاً إلى العلامات العالمية والمحلية والعلامات المتخصصة في ديكورات المنازل والأثاث، علاوة على منتجات مواد البناء المعروفة للمشروعات، ومن أبرزها فلل «ذات نست» في البراري والتي أنشأتها بالتعاون مع علامات إيطالية وإسبانية عالمية مثل «ناتوزي»، و«فوسكاريني»، و«لودز»، و«ماسييرو»، و«تالنتي»، و«ڤوندوم».
سوسن من الشخصيات التي تسعى للكمال، وقد تطور هذا السعي على مر السنين وتحول إلى انجذاب لعالم التصميم الداخلي الفاخر وتقول سوسن: «كان السعي للكمال بمثابة الدافع وراء إبداعاتي للتصاميم الداخلية الفخمة، إذ يجب أن يكون كل جانب من جوانب التصميم خالياً من العيوب»، قبل أن تضيف: «أرى أن الاختبار الحقيقي لمهاراتي وملكاتي الإبداعية يكمن في تحدي إنشاء مساحة مترفة، ولكنها رفيعة المستوى وراقية في الوقت نفسه».
وهذا السعي وراء الكمال هو ما مهد لسوسن الطريق لتصبح من أشهر مصممي الديكور الداخلي في المنطقة. وينطوي جانب من تلك الرحلة على استوديو التصميم الداخلي Dipiugi الذي أسسته عام 2003. وحرصت سوسن على تقديم منظور جديد لعملائها، وكانت رائدة في إرساء التصاميم الداخلية العصرية الخالدة بالمنطقة. تقول: «من خلال سد الفجوة الموجودة في السوق، تمكن الاستوديو من ترسيخ مكانته ككيان رائد في مجال الديكورات الداخلية الفاخرة والحديثة في المنطقة». واليوم، يواصل الاستوديو تقديم تصاميم داخلية تغمرها الفخامة مع الالتزام بالمعايير الدولية العالية. ويبرهن مشروع سوسن الأحدث على فلسفة التصميم الاستثنائية التي تهيمن على جميع أعمالها – وتبيّن أن هذا الأسلوب المميز يقع في مكان ما بين البساطة والمبالغة، فهو التوازن المثالي الذي يساعدها على تحقيق «جمال ساحر»، وقد شرحت وجهة نظرها قائلةً: «تحويل منزل مليء بالأخطاء المعمارية إلى تصميم داخلي فخم ومفعم بالرفاهية، كما هو مطلوب في موجز المشروع، ليس بالأمر الهين، ولكن البراعة ليست غريبة عليها حتى في ظل أصعب الظروف».
هذه الفلسفة ليست إلا خطوة لتجديد استوديو Dipiugi فهي تعتقد أن تحويل «التشطيبات الرديئة، والديكورات الداخلية القبيحة، والتفاصيل المتدنية» إلى «تحفة فنية رائعة، حيث تروي كل مساحة قصة للفخامة» لا يختلف عن إنشاء دَرج يحقق انتشاراً واسعاً ويتم التصويت عليه ليكون من بين الخمسة الأهم في العالم، فالأمر كله يتعلق بالحفاظ على مستوى من التميز الذي في أغلب الظن لن يجده العملاء في أي مكان آخر. ولعل سر نجاح سوسن وتميّزها هو إنصاتها لعملائها وأخذها طبيعة الشخصية والمساحة بالاعتبار، تقول المصممة المبدعة: «أعتقد أن كل منزل يجب أن ينطوي على شيئين: نتاج ما يحيط به وانعكاس للشخص الذي يعيش فيه». ومبادئها في العمل تفرض عليها في بعض الأحيان تحدّيات كبيرة، فتفتش عن حلّ يرضي ذوقها المعماري وتكوين الأسرة صاحبة المنزل، الأمر الذي يتطلب منها فهم الكثير من الأساليب والشخصيات المختلفة قبل بلوغ درجة تناغم. وفي رأي سوسن، يجب أن يكون كل مشروع “انعكاساً لشخصية مالكه وأسلوب حياته».
وتكاد هذه المشروعات المتعددة والفاخرة تبدو تطوراً طبيعياً لطفولة سوسن. فقد شجعتها والدتها، وهي فنانة أيضاً، على الانغماس في عالم الإبداع منذ سن مبكرة، فمارست جميع أنواع الأنشطة، من الرقص والشعر المستوحى من شدو الطيور إلى رسم الحدائق المضاءة بنور الشمس. واليوم، تجد الإلهام في التفرد المميز للمصممين الآخرين مثل كيلي ويرستلر، أو في الوقت الذي قضته تدرس وتعمل خلال التسعينيات في بيروت – المدينة المعروفة بالمشروعات المتطورة الراقية والبراعة الحرفية.
وهناك أيضاً الفترة التي قضتها في الإمارات، الدولة التي تطورت مع تطورها. تقول: «منحتني دبي الكثير لأني تطورت مع تطورها، فقد حظيت بفرص العمل في مشروعات بميزانيات ضخمة وحصلت على ثقة الأمراء والنخبة العربية. وهو ما شكل مسيرتي وأثر على أسلوب عملي».
ولم تكن مسيرتها سهلة كامرأة في عالم يهمين عليه الرجال، عالم اختزل كيانها غالباً على جمال مظهرها. تقول: «لأنك امرأة، يحاولون إخافتك إلى أن يكتشفوا أنك تعلمين أكثر منهم وأنك أكثر احترافية منهم، ثم ينتهي بهم المطاف إلى الخوف من علمك ومهنيتك وشخصيتك القوية. وهكذا اكتسبت الاحترام». وهذا الإصرار على الوقوف على قدميك مهما ألقوا الحجارة في طريقك هو بالتحديد جوهر أي مسيرة لامعة تبدو في تحسن وتطور دائم.
ختاماً، كشفت سوسن حصرياً أنها تعكف حالياً على خط للأثاث والديكور – وهو مشروع من المؤكد أن الجميع سينتظره بشغف وترقب. ولديها كذلك مشروع قيد التنفيذ سينطلق باستوديو Dipiugi إلى آفاق العالمية بصورة أكبر، ما يعني أنه قريباً جداً قد تشعر إحدى أشهر مصممات الديكورات الداخلية في المنطقة بـ«لحظة من السعادة الغامرة» بعد إتمام مشروع على الأراضي الأجنبية.
الموضوع ظهر للمرة الأولى على صفحات المجلة عدد مايو 2023