تابعوا ڤوغ العربية

أمل بوشوشة تحكي لڤوغ العربيّة عن مرحلة النضج في حياتها

أمل بوشوشة بعدسة طارق مقدم وتنسيق كارولين كاسيا لصالح عدد شهر أبريل 2019 من ڤوغ العربيّة
تحكي أمل بوشوشة عن مرحلة النضج في حياتها، قبل العرض القريب لمسلسل «دولار» الجديد الذي تشارك فيه تتحدّث بصدق وعمق وشفافية عن الفن والعائلة والجزائر 

تنساب كلمات الممثلة أمل بوشوشة سلسةً صادقةً. كان لا بد أن نتحدّث عن الاحتجاجات السلمية في بلدها الجزائر وعن موقف عبّرت عنه من خلال تويتر. «قصدت أن أتأخر في كتابة رأيي بالتطورات السياسية في بلدي على تويتر. فأنا في لبنان، أشاهد على شاشة التلفزيون ما يحدث في وطني الجزائر. أتابع خطوات مَن خاطروا بالنزول إلى الشوارع والتعبير عن آرائهم، مَن ثبتوا على موقفهم وصرخوا تعبيراً عما يريدونه. هؤلاء يجب أن تُسلّط عليهم الأضواء. لأنني جزائرية ومعروفة في العالم العربي لم أود بالكلمات لا بالأفعال أن أجذب الأنظار إليّ. لن أزايد على مَن هم على الأرض هناك لأجل عبارات تمتدح وطنيتي بينما أنا بعيدة في بلد آخر. وقد انتُقدت لأنني لم أقل شيئاً في البداية. سبب تأخري كان واضحاً في رسالتي على تويتر، وهي حرفياً “أنني لا أحبّ أن أطفو على أمواج صنعها غيري بجدارة”. لكن إذا كنا لا نسكن أوطاننا فإن أوطاننا تسكننا. لا أعيش في الجزائر لكن الجزائر تعيش فيّ. أنا أتابع كل يوم وكل ساعة وكل لحظة ما يحدث، وأجدني، مثل كل جزائري وجزائرية، معنية بما يحصل. أؤمن بالجيل الجديد، وأفخر بوعيهم مطالبهم وبطريقة تعبيرهم عنها، وبالأسلوب الراقي المتحضّر الذي يواجهون به التطورات. أفخر بالإعلاميين الجزائريين، بالطلاب، بالناس في الشوارع، بمختلف شرائح المجتمع». 

أمل بوشوشة بعدسة طارق مقدم وتنسيق كارولين كاسيا لصالح عدد شهر أبريل 2019 من ڤوغ العربيّة

بحماسة تكمل بوشوشة كلامها «لقد عشنا العشرية السوداء (الحرب الأهلية الجزائرية) في التسعينيات ثم رأينا ما حدث في الدول العربية الشقيقة. ثمة وعي جماعي ومسؤولية ملقاة على عاتق الجميع. الوعي والأخلاق وحب الوطن تدفعنا إلى تقديم نموذج إيجابي في مطالبة شعب بحقّه في تقرير مصيره». 

ولدت بوشوشة ونشأت وكبرت في الجزائر، وبعدما أنهت أعوامها المدرسية سافرت إلى فرنسا بحثاً عن نفسها، كما تقول. «أردت أن أعتمد على نفسي. درست وعملت في الوقت نفسه. وبرغم زحمة الانشغالات حرصت على أن أفهم كل ما يجري حولي. طالما أحببت الأفلام الوثائقية التاريخية. وربما لم أمنح المطالعة الوقت اللازم، وربما لا أمنحها الآن الوقت بسبب المسؤوليات، لكن يسكنني فضول متابعة ما يحصل في العالم، في حين لا يهمني ما تقوم به جارتي. هكذا أبني ثقافتي، وأجدني مطّلعة على أمور كثيرة». 

أمل بوشوشة بعدسة طارق مقدم وتنسيق كارولين كاسيا لصالح عدد شهر أبريل 2019 من ڤوغ العربيّة

بعدما شاركت في الموسم الخامس من برنامج «ستار أكاديمي» (2008) حيث لمع نجمها، خاضت بوشوشة تجربة تقديم البرامج، ولأجل الاستمرار في طريق الفن اختارت البقاء في لبنان حيث لا تزال تعيش الآن. «أنا مرتاحة في حياتي في لبنان. ولو لم أكن مرتاحة لما بقيت فيه. أقدّر الحرية في هذا البلد حيث لا تمنعني من التعبير عن نفسي أي اعتبارات. أتمتع بهامش من الحرية غير متاح في كل البلدان العربية بسبب قيود عادات اجتماعية متأصّلة يصعب الفكاك منها إلا بالرحيل. أنا أحترم ظروف كل إنسان، وأرى أننا قبل أن نطالب بالحرية والديمقراطية يجب أن نحترم رأي الآخر المخالف لرأينا. يجب أن يفهم كلّ منا أنه لا يمكن أن يلغي الآخر، بل يجب أن نعترف بالآراء المخالفة لآرائنا». 

قدّم الغناء في برنامج ستار أكاديمي فرصة الشهرة لأمل بوشوشة التي عرفت كيف تستثمرها لتنجح في مجال فني آخر هو التمثيل. «كنت أحب التمثيل، لكنني لم أكتشف أنني قادرة عليه إلا حين خضت التجربة فعلياً. كنت أغني دوماً، وفي أي مكان، كما كان مَن حولي يشجعونني. لكنني عندما مثّلت فهمت أن التمثيل شغفي، وأن الإحساس الصادق أساس الدور الناجح. فأنا لست خريجة معاهد تمثيل أو سينما، أحتاج إلى مَن يوجّهني وإلى الإيمان بحسّ فطري يدفعني إلى الأداء في شكل جيّد. اكتشفت أن الطريقة الفضلى هي أن أكون على طبيعتي. أقرأ الدور وأتمعّن فيه وأغوص في عوالمه، أتخيّله وأخترع له أطراً وأعطيه أدوات». 

أمل بوشوشة بعدسة طارق مقدم وتنسيق كارولين كاسيا لصالح عدد شهر أبريل 2019 من ڤوغ العربيّة

 شكّل دورها الأول في مسلسل «ذاكرة الجسد» نقطة تحوّل في حياتها المهنية وفي تكريس نجوميتها. «أول أدواري كان دور بطولة مطلقة، ولأنني نجحت فيه أكملت طريقي. ثم قدّمت لي أدواري الأخرى ما أضاف إلى تجربتي وزادها غنىً. «جلسات نسائية» فتح لي أبواب الدراما السورية، «الإخوة» قدّم لي الانتشار عربياً، و«جارة الوادي» أدى إلى نيلي جائزة مهمة… أنا أحرص على الأدوار المكتوبة بعمق. قصة «جارة الوادي» على سبيل المثال بسيطة وموجعة. تهمّني نوعية الأدوار، لهذا لا أقدّم أدواراً كثيرة». ترى بوشوشة أنها «دخلت الدراما من بابها الواسع»، وهذه الحقيقة التي تعتبرها نعمة تحمّلها مسؤولية، فهي لا يمكن أن تشارك في عمل دون مستوى الأعمال التي قدّمت لها النجاح. «كنت في الماضي أحار في الاختيار بين النصوص. الآن أتحفّظ عن المشاركة في أعمال يغيب العمق عن نصوصها». 

العام الماضي شاركت بوشوشة في سباق الدراما المصرية من خلال مسلسل «أبو عمر المصري». «في مصر الذهنية وآلية العمل مختلفتين. الدراما تتبع البيئة التي تولد فيها، والدراما المصرية عريقة تختلف مفاتيحها عن تجاربنا. وفي النهاية حيثما كنا المنتج الجيد هو من يستطيع أن يحصل على النص الجيد لأنّ الأفضل يُعرض عليه. يحصل على مفاتيح المعادلة المتكاملة التي تبدأ بالمنتج والمخرج والمؤلف». 

أمل بوشوشة بعدسة طارق مقدم وتنسيق كارولين كاسيا لصالح عدد شهر أبريل 2019 من ڤوغ العربيّة

تظهر بوشوشة قريباً في مسلسل «دولار» الذي تتشارك بطولته مع عادل كرم وأخرجه سامر البرقاوي. وتصف هذه التجربة الدرامية بالمختلفة، «كل ما فيها مختلف. طريقة طرح القصة، الظرف والشرط الدراميان. لا علاقة لهذا المسلسل بالدراما الكلاسيكية. حتى مواقع التصوير كانت متنقّلة وغطّت مناطق لبنانية مختلفة. كان متعباً تصوير هذا المسلسل التشويقي، كل حلقة منه غنية بأحداث كثيرة تتبع إيقاعاً سريعاً يعكس السرعة التي تتحكّم بأيامنا». يُنتظر أن يقدّم المسلسل في ثلاثة مواسم، وتعرض كل موسم خمس عشرة حلقة. 

ترى بوشوشة أن لديها المزيد لتعطيه. «أشعر بأن الفرصة لم تتح لي بعد لأقدّم ما لديّ. أريد أن تظهر هذه القدرة على العطاء الفني في الدراما وفي السينما أيضاً. تُقدّم إليّ أدوار جيدة، لكنني أحتاج إلى أن أغوص في عمق الفنّ. أرغب في العمل في السينما. ربما هو النضج يجدّد الطاقة ويشحذ القدرة على العطاء».

“ادعاء النجومية هو الدور الوحيد الذي لا يمكن أن أؤديه”

تعشق بوشوشة سينما المؤلف، كما تقول، وتحب «المشاركة في مهرجانات سينمائية يلتقي فيها النقّاد وصنّاع السينما. ولا شك أن السينما الجماهيرية تهمّني لأنها الجسر إلى الجمهور. لكنني أعشق الأفلام العميقة. تجربتي كعضو لجنة تحكيم في مهرجان وهران السينمائي الدولي كانت من أهم التجارب المهنية في حياتي. كان المخرج الجزائري القدير أحمد راشدي رئيس اللجنة. هذه التجربة غذّت لديّ طموح العمل في السينما». 

بوضوح تعلن بوشوشة أن عائلتها أولى الأولويات في حياتها، وتشرح بشفافية، «تأخرت في الزواج والإنجاب لأنني كنت أعرف أن طموحي لم يكن ليسمح لي بالتوفيق بين عملي وعائلتي. تحمّست لرؤية الأضواء مسلّطة عليّ، كما أردت أن أستحقّ هذه الأضواء وأثبت لنفسي وأهلي ومجتمعي أنني أستحقّ النجاح. أردت أن أثبت للعالم العربي أنني الفتاة الجزائرية التي ولدت ونشأت وكبرت وتعلّمت في الجزائر ويمكن أن تكون نموذجاً للفتاة القادرة على التميّز فنياً واجتماعياً. أما اليوم، فعائلتي، ابنتي وزوجي، وبيتي أهم ما في عالمي. انطلاقاً من هذه الرؤية الواضحة أوجدت التوازن الذي يسمح لي بالعمل. أنا مقتنعة ومكتفية بكل ما يحصل في حياتي الآن. وشخصياً أجد أن ليس ثمة ما يعوّض شعور الأمومة». 

أمل بوشوشة بعدسة طارق مقدم وتنسيق كارولين كاسيا لصالح عدد شهر أبريل 2019 من ڤوغ العربيّة

«الأعوام تغيّرني»، تقول بوشوشة، وتضيف «لقد أصبحت أشد نضجاً. كلما تقدّمت بي الأعوام وازدادت شهرتي أجدني أشد قدرةً على الاستيعاب. أدرك أنّ التمثيل والفن عمل أؤديه بشغف، إذا كان سيقدّم لي شهرة عالمية أو سيبقيني في مكاني. ما يهمّني هو أنني أحب ما أقدّمه. والناس يشعرون بذلك، يشعرون بالاجتهاد والجدّ والإصرار. هم يعرفون أنني صادقة، وادعاء النجومية هو الدور الوحيد الذي لا يمكن أن أؤديه». 

أمينة آدن تتحدث عن تساؤلات الناس عن حجابها

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع