تابعوا ڤوغ العربية

حوار في منزل الممثلة والمغنية والكاتبة ورائدة الأعمال الشهيرة بريانكا شوبرا

بريانكا شوبرا بعدسة: Emma Summerton لصالح عدد شهر مارس 2022 من مجلة ڤوغ العربية

“الطابق العلوي يعمّه الجنون. إنه قطعًا أمر غير طبيعي”. كان منزل شوبرا جوناس بحي إنسينو يموج بالنشاط والحركة، وقد أخذ عشرات الأشخاص يهرولون في أنحائه، ينقلون سيارات داخل المرآب وخارجه، ويحملون صناديق، وينزعون أغلفة الأطباق والأواني الزجاجية. تجلس بريانكا شوبرا جوناس أمامي على الطاولة في غرفة الألعاب الهادئة بالطابق السفلي، وتقول ضاحكةً: “أقسم بأن هذا ليس هو الحال دومًا”.

 

كانت بريانكا، كما تفضل أن أدعوها هنا، تستعد لحفل تجمع فيه عائلتها وعائلة زوجها وأصدقاءها في هوليوود لحضور أول حدث ضخم تقيمه في منزلها بوادي سان فيرناندو. ويعد المنزل حدثًا ضخمًا في حد ذاته: إذ يقع على مساحة 1800 متر مربع ويحوي صالة بولينغ بمسارين، وملعب كرة سلة داخلي، وقاعة سينما، ومسبح “إنفينيتي” يطل على منظر رائع للتلال البعيدة. وقد أقامت هذا الحفل بمناسبة عيد الديوالي وبانتقالها إلى هذا المنزل الجديد. وكانت بريانكا وزوجها، الذي تزوجته قبل ثلاث سنوات، قد اشتريا المنزل في آواخر عام 2019 بمبلغ قيل إنه بلغ 20 مليون دولار أمريكي قبيل أن يجبر الوباء الجميع على البقاء في منازلهم. وقد أمضيا الأشهر الستة الأولى معًا في أداء الأعمال التي كان البعض منا يؤديها في هذه الأيام الأولى من فترة عدم الاستقرار، مثل: تناول البيتزا كل مساء، ومشاهدة الأفلام في الرابعة صباحًا، والنوم حتى ساعات متأخرة من النهار. ولكن منذ ذلك الحين، كان عليهما الابتعاد عن بعضهما كثيرًا للعمل في مناطق مختلفة من العالم. تخبرني بريانكا: “أريد البقاء في المنزل، فقد ابتعدت لنحو عام الآن”. وفي هذه الأثناء، زوجها منشغل في الطابق العلوي. “كلانا لديه تصوير اليوم. وهذا ما يدور في هذا المنزل – كلانا عمل لعشرين عامًا، وأعتقد أننا بنينا أخيرًا منزلاً يستوعب حياتنا الشخصية”.

 

وعبر الحفل الذي ستقيمه مساء اليوم التالي، سيتاح لبريانكا أن تفعل شيئًا برعت فيه تمامًا: أن يشعر الجميع بالحفاوة والترحيب. وقد لاحظ كثير من أصدقائها والمتعاونين معها، الذين تحدثت معهم عنها، قدرتها على مؤانسة الناس، وقد أحسستُ بذلك على الفور تقريبًا. وكانت بريانكا ترتدي فستان كاجوال كحلي اللون على نمط القميص بمربعات وصندلاً، وكان شعرها الطويل لا يزال رطبًا من الاستحمام. هي في الحقيقة ودودة وساحرة، وتهوى الضحك، وعيونها جذابة. تنتقل بكل يسر من المناقشات العميقة إلى النكات الخفيفة. يقول زوجها: “يمكنها أن تبدو ملكة بالغة الرقي، وهي بالتأكيد كذلك، ولكنها أيضًا تتمتع بتلك البهجة الخالية من الهموم التي تفيض منها. إنها مضيافة رائعة بهذه الطريقة. أنا إنسان متحفظ إلى حد ما في البداية، وأنفتح مع أصدقائي والناس كلما تعرفت إليهم أكثر، بيد أنها تجعلك تشعر بأنك من العائلة ومن المقربين إليها على الفور”.

 

تؤكد الفنانة جادا بينكيت سميث، التي شاركت بريانكا بطولة فيلم Matrix Resurrections قائلةً: إنها تمامًا كتلة من النور. مضحكة وذكية، وتستمتع تمامًا بالحياة. إنها جذابة”.

 

وخلف النور والجاذبية، بالطبع، امرأة مصرّة على النجاح تجاوزت ما كان يمكن أن تحققه ممثلة هندية في هوليوود من قبل. وبعد أن أصبحت من أشهر النجمات السينمائيات في الهند، رحلت عن وطنها في أوج مشوارها في بوليوود وأخذت تشق طريقها في الولايات المتحدة الأمريكية، خطوة بخطوة، حتى بلغت أعلى مراتب الشهرة والنجاح. وفي العام الماضي، نشرت مذكراتها بعنوان “غير مكتملة” (أصبحت الآن ضمن الأكثر مبيعًا بحسب “نيويورك تايمز”)، وأطلقت خطًا للعناية بالشعر باسم “أنومالي”، وجمعت ملايين الدولارات لمساعدة الهند خلال الجائحة، وافتتحت مطعمًا هنديًا في نيويورك، وشاركت في بطولة سلسلة أفلام “ذا ماتريكس”. وفي وقت لاحق من هذا العام، من خلال الفيلم الرومانسي الكوميدي Text for You (نص من أجلك) ومسلسل الجاسوسية الطموح Citadel (القلعة) من “أمازون”، ستلعب بريانكا أخيرًا أدوار البطولة كما كانت في الهند. إنها لحظة بلغتها بعد 20 عامًا من العمل. لقد نجحت المرأة الغريبة عن البلاد في تحطيم الحواجز، وحجزت لنفسها مكانًا داخل أسوار هوليوود. والآن تتولى مهمة الترحيب بالآخرين داخلها.

 

تقول النجمة الهندية: “لقد تطلب الأمر تمهيد الكثير من الطرق لأتمكن من لفت انتباه الناس وتقبل حقيقة أن امرأة مثلي يمكن أن تكون بطلة لفيلم في هوليوود. قلة قليلة من القادمين من جنوب آسيا يمكنهم القيام بذلك. آمل أن يكون الجزء الذي لعبته في تجاوز الحدود بمثابة شيء من الدافع”.

 

عاشت بريانكا، البالغة من العمر 39 عامًا، بالفعل حيوات كثيرة. فقد ولدت في الهند لأبوين يعملان طبيبين في الجيش، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية في سن المراهقة لتعيش مع خالتها. وبعد تعرضها المنتظم للتنمر بسبب جنسيتها الهندية، عادت إلى الهند بعد ثلاث سنوات لاستكمال دراستها الثانوية في مدرسة الجيش العامة بمدينة باريلي. وفي عام 1999، شجعتها والدتها وشقيقها على الاشتراك لأول مرة في مسابقة الجمال، ومضت في هذا الطريق حتى فازت بلقب ملكة جمال الهند، ثم توجت في النهاية ملكةً لجمال العالم عام 2000. وخلال 10 سنوات من انطلاقها في بوليوود، أصبحت من أنجح الممثلات في صناعة السينما الهندية الضخمة، أكبر منتج للأفلام في العالم والتي تبيع مليارات التذاكر كل عام. وكانت بريانكا غالبًا ما تصور عدة أفلام في وقت واحد، ونالت شهرة مدوية، ولم تستطع بعدها السير في الشوارع. حينئذ، حثتها مديرة أعمالها، أنجولا أشاريا، على العودة إلى الولايات المتحدة الأمريكية للانطلاق في مجال الغناء مع المدير التنفيذي الأسطوري للأسطوانات، جيمي إيوڤين.

 

حاول نجوم السينما الهندية الآخرون اقتحام السوق الأمريكية، ولكن لم يحقق أي منهم نفس المستوى من النجومية. تقول بريانكا: “لم أكن أتطلع للعمل في أمريكا. كنت في مرحلة رائعة من مشواري. كنت أقوم بأعمال تحظى بثناء النقاد وتنال الجوائز. وقد اتصلت بي، وسخرتُ قليلاً من الفكرة”. وفي النهاية، أخذت هي زمام المبادرة ووقعت عقد تسجيل مع مجموعة “يونيڤرسال” الموسيقية. وأصبحت بريانكا أول نجمة من بوليوود توقع عقدًا مع وكالة “كرييتڤ أرتيستس” وأطلقت بعض الأغنيات المنفردة بالتعاون مع بيتبول، وويل.آي.آم. تقول: “كان أمرًا ساحرًا حقًا. وهكذا مرت تلك السنوات الثلاث أو الأربع. كنت مفتونة بنمط حياة الروك آند رول هذا”.

 

وعندما لعبت دور البطولة بتجسيد شخصية ألكس باريش، المتدربة بمكتب التحقيقات الفيدرالي في مسلسل “كوانتيكو” الذي أنتجته ABC عام 2015، تركت مشوارها في عالم الموسيقى، الذي كانت لا تزال في بدايته، وعادت للتمثيل. وعن ذلك تقول: “كان “كوانتيكو” نصرًا كبيرًا لي. ليس فقط لأنه يمثل المرة الأولى التي تلعب فيها ممثلة هندية أو من جنوب آسيا دور البطولة في عمل لإحدى الشبكات، بل الأكثر من ذلك أنه لم يتم وضعي داخل إطار معين، فلم يكن العمل “عرسًا هنديًا ضخمًا””.

 

لقد كُتبت شخصية باريش دون التفكير في جنسية معينة، وهو ما كانت تتوق إليه: فلم تكن تريد تصنيفها كهندية أو أن يقع عليها الاختيار لمجرد شكلها. وما إن ظفرت بهذا الدور، أضافت لمسات من خلفيتها ومنها الحديث بالهندية. “بعد ذلك، بدأت البحث عن مثل هذه الأدوار، تكون جنسيتي فيها إضافة [لكن] لا أُصنَّف على أساسها”. وكانت بريانكا أول ممثلة من جنوب آسيا تفوز بجائزة اختيار الجمهور عن هذا الدور – فازت بجائزتين – وعندما انتهى “كوانتيكو” بعد ثلاثة مواسم عام 2018، كانت قد بدأت بالفعل في الظهور في عدد قليل من الأفلام، حيث لعبت دور الشريرة سليطة اللسان في فيلم “باي ووتش”، ومدربة يوغا في الفيلم الكوميدي Isn’t It Romantic (ليست رومانسية)، والأم التي تملك عزيمة لا تلين في فيلم The Sky Is Pink (السماء وردية)”. وأنتجت شركة “بيربل بيبل بيكتشرز” التي أسستها بريانكا بالتعاون مع والدتها مادهو شوبرا، آخر هذه الأعمال. وعقدت الشركة صفقة لإنتاج أعمال تلفزيونية مع “أمازون”، تؤكد بريانكا إنها تركز على سرد قصص ستكون في الغالب جنوب آسيوية وتتمحور حول النساء. تقول: “أتطلع لسرد قصص محددة للغاية”. أما عن المسؤولية التي تأتي مع تمثيل جنوب آسيا في أعمالها، توضح: “قد أرتكب أخطاء، لأنها ليست مسؤولية أتطلع إليها. ولكني أفكر أننا معًا، كل منا يستطيع الضغط على هوليوود والضغط على من بيدهم مقاليد الأمور، وأن يكون ملحًا وليس فقط مهذبًا حيال ذلك. كنت مهذبة طويلاً جدًا. والآن حان الوقت لأقول ’آسفة، هذا لن يجدي، والدفاع عن شخصياتك. كمنتجة، أنا ممتنة للغاية للحصول على فرصة القيام بذلك، أن يكون بوسعي سرد قصص والبحث عن قصص تقدم الثقافات المختلفة في العالم بصورة طبيعية”.

 

وفي العام الماضي، أنتجت المديرة التنفيذية بريانكا فيلم “النمر الأبيض”، المقتبس عن رواية للكاتب أراڤيند أديغا تستكشف من خلاله الأنظمة الطبقية في الهند عبر تجربة سائق لعائلة ثرية. يقول كاتب السيناريو والمخرج، رامين باهراني، الذي تم ترشيح السيناريو الذي كتبه للفيلم للأوسكار: “عندما تعتزم [بريانكا] تنفيذ شيء ما، سواء كان فيلمًا أم مشروعًا تجاريًا، فإنها تستمر بلا كلل. ومن ناحية الأداء، فنفس الشيء. تطرح الكثير من الأسئلة. وكلها جيدة. وتملك مواهب فطرية عظيمة”.

 

وعندما سألتها عن ما إذا كانت الأدوار التي تبحث عنها تغيرت، توقفت عن الحديث. “أخشى أن أقول ذلك”، فشجعتها على الاسترسال، فقالت: “عندما جئت إلى هنا لأول مرة، لكي ألفت الأنظار، كان عليّ نوعًا ما التخلص من عرقي كثيرًا حتى لا أكون غريبة. كان عليّ أن ألعب المزيد من الأدوار الأمريكية لأحصل على مقعد على الطاولة. والآن بعد أن حصلت عليه، عدت إلى الأدوار التي تتناول عرقي”.

 

ووسط حديثي مع بريانكا، بدأت أرى ومضات من زاوية عيني. كان نِك يجري جلسة تصوير في الطابق العلوي. كانت غرفة الألعاب أشبه بمزار موسيقي تغطي جدرانه صور قديمة ضخمة من عالم الروك: فرقة رولينغ ستونز على خشبة المسرح، والبيتلز يصلون إلى المطار وسط حشد من المراسلين، ولقطة لكيرت كوبين في لحظة تأمل. وفي نهاية الغرفة، بيانو قائم وغيتار صوتي موضوع على الأريكة، إلى جانب جهاز باك مان قديم على طراز الممرات.

 

ثمة حكاية عبثية عن بريانكا وزوجها تطفو أحيانًا على السطح تفيد بأنها تزوجت من جوناس، الذي يصغرها بـ10 أعوام، سعيًا وراء الشهرة. وفي عام 2018، وبعد فترة وجيزة من حفل زفافهما الساحر الذي استمر لعدة أيام وأقيم بأحد القصور في مدينة جودبور بالهند، نشر The Cut موضوعًا يتهم بريانكا بأنها “فنانة محتالة” أوقعت المطرب في شركها. ولاقى هذا الموضوع الانتقاد الذي يستحقه حيث اتُهِمَ بالتحيز الجنساني وبكراهية الأجانب، وانتهى الأمر في النهاية بتقديم المجلة للاعتذار. وللعلم، حققت بريانكا نجاحًا أكبر بكثير على المستوى العالمي، ويبلغ عدد متابعيها على إنستغرام بدايةً ضعف عدد متابعي جوناس (74.3 مليون متابع لبريانكا مقابل 32.2 مليون لجوناس). وكانت النجمة بطلة لأكثر من 50 فيلمًا، كما فازت بالنسخة الهندية من جائزة الأوسكار عن الفيلم الدرامي “موضة” الذي تم إنتاجه عام 2008، كما ظهرت على غلاف ڤوغ الهندية 11 مرة. وفي الحقيقة، لم يحدث أن تفاخرت بريانكا بهذه الإحصاءات، فهي تعشق زوجها، وليست في منافسة معه، ولكن من الواضح أن الجهل بها وبإنجازاتها كثيرًا ما يثير الإزعاج. وفي مارس 2021، عندما كان الزوجان على وشك تقديم إعلان ترشيحات الأوسكار، كتب صحفي أسترالي تغريدة قال فيها: “لا أقصد إبداء عدم الاحترام لهذين الاثنين، ولكني لست متأكدًا أن مساهماتهما في الأفلام تؤهلهما للإعلان عن أسماء المرشحين للأوسكار”. يكفي إلى هذا الحد حقًا. وردت عليه بريانكا قائلة: “أود أن أتعرف على أفكارك بخصوص المؤهلات. ها هي بيانات أفلامي التي تتجاوز 60 فيلمًا كي تضعها في اعتبارك المبجل”. ووضعت رابطًا لصفحة قاعدة بيانات أفلامها. “عادة لا أغضب، ولكن هذا استفزني حقًا”، هكذا تخبرني الآن.

 

وبريانكا هي أول من اعترف بالاستلهام من الولايات المتحدة وبدعم هذا البلد لها، ولكن اقتحام سوق وثقافة جديدتين لم يكن ليأتي دون تحديات. ففي تلك الأيام الأولى، كانت تتواضع عند لقاء المديرين التنفيذيين للاستوديوهات أو محرري المجلات، لقد عبّرت عن طبيعتها الحقيقية هناك في الهند. ولكن الآن، قد يتسبب رفضها في ترك جرح عميق لديها. “سيجن جنوني وسأستشيط غضبًا. سأتضايق حقًا”، هكذا تعلق بريانكا، مضيفةً: “سأخبر أسرتي بذلك. ربما أبكي قليلاً، ولكن هذا لن يغير علاقتي بعملي، وهدفي الحقيقي. فأنا لا أسعى خلف آراء الناس. هدفي أن أتحقق من أن تتحرك مشاعر أحدهم عند مشاهدة أحد أعمالي أو أن يستمتع بذلك العمل. حياتي الشخصية، ومن أنا، كل هذا لا يمثّل وظيفتي”.

 

حياتها الشخصية بالطبع لا تزال تحت المجهر رغم ذلك. وفي أحد أيام الاثنين من شهر نوفمبر، قامت بريانكا بتغيير اسم حسابها على إنستغرام إلى اسمها الأول فقط، ولكن قررت هذه الآلة الشيطانية المسماة بالإنترنت أن تفسر ذلك بوجود مشكلات في زواجها. بيد أنها استجابت فيما بعد لفيديو كان جوناس قد نشره بكتابة تعليق مؤثر وبرموز تعبيرية لطيفة، ومن ثم، هدأ العالم. كل هذا حدث خلال فترة لا تتجاوز 12 ساعة في يوم واحد فقط من حياتها. تقول: “إنه شعور جارح جدًا في الحقيقة أني عندما أقوم بنشر صورة، فإن كل ما في خلفية هذه الصورة يتم تكبيره، وتبدأ الناس في إطلاق التخمينات”، وتردف: “ما هذا إلا أحد أخطار المهنة… بسبب الضجيج الذي تحدثه وسائل التواصل الاجتماعي وانتشارها المتزايد في حياتنا. أعتقد أنها تبدو أكبر من ذلك بكثير، وأعتقد أننا نعطيها الكثير من المصداقية في حياتنا الواقعية، وأظن أنها لا تستحق ذلك”.

 

ومن بين ردود الأفعال الغاضبة التي أثيرت مؤخرًا على مواقع التواصل الاجتماعي عندما انتُقِدَ برنامج  The Activist، وهو برنامج جديد للمنافسات الواقعية ربما تشارك فيه بريانكا ضمن لجنة التحكيم، لتحريضه المشتركين ضد بعضهم البعض. “ليس لدي أدنى فكرة عن ما سيفعلونه فيه حتى الآن”، هكذا تؤكد بريانكا، مضيفةً أن منتجي هذا البرنامج قد عادوا لنقطة البداية لإعادة ترتيب أوراقه من جديد. تقول: “شاركت في مهرجان “المواطن العالمي” على مدى سنوات عديدة، وأعرف الإنجازات التي حققها فيما يتعلق بمشكلة الفقر حول العالم وتغير المناخ. لقد قاموا بعمل مذهل حقًا. ولذلك، أرى أنه من المؤسف أن يحدث شيء كهذا. فلم يكن هذا هو المقصد بتاتًا”. ومرة ثانية، أستطيع أن ألمح علامات الإحباط تتسلل إلى وجهها. “هذا شيء يحزنني لأنني أحاول أن أعيش حياتي كإنسانة صالحة كل يوم، وأبذل كل ما في وسعي، مثل أي شخص آخر. وسيكون من الرائع أن ألقى التقدير على ذلك في بعض الأحيان”.

 

ويخبرني جوناس أنه لم ير زوجته يومًا تتأثر بضغوط الشهرة. يقول: “كلانا يدرك أن الحياة العامة لا تنفك بحال عن مهنتنا”. ويردف: “ولكننا وضعنا حدودًا واقعية حول حياتنا الشخصية، وخصوصيتنا، وعملنا بجد من أجل بناء ملاذ آمن صغير لأنفسنا يشاركنا فيه أصدقاؤنا وأسرتنا”.

 

ويقتصر هذا الملاذ الآمن على دائرة ضيقة من الأشخاص المقربين. حتى وأنا في زيارة لمنزلهما، كانت أسرة جوناس في الطابق العلوي، حيث كانوا في زيارة للمدينة لحضور حفل عيد الديوالي. وتقول بريانكا مازحة إن والدتها، التي عاشت معها ومع جوناس بعد تفشي فيروس كورونا بالهند وارتفاع أعداد المصابين بها، قد دفعتها لإطلاق شركتها للإنتاج عندما أتمت عامها الـ30 بقولها “لن تعملي في مجال التمثيل بعد الآن لأن الجميع يريد العمل مع فتاة أصغر سنًا. لذا، علينا أن نطلق مشروعًا تجاريًا”. وتضيف بريانكا أن والدتها أصبحت أكثر تساهلاً مؤخرًا. “لقد تغيّر اهتمامها بعد زواجي. إنها أم آسيوية بمعنى الكلمة، وكانت سعيدة جدًا لأني أخيرًا فعلتها”، هكذا تقول بريانكا ضاحكةً، وتضيف: “كانت قد فقدت الأمل”.

 

من المفترض أيضًا أن تأمل والدتها في أن ترى حفيدًا لها، أليس كذلك؟ تقول: “إنهم [تقصد الأطفال] يشكلون جزءًا كبيرًا من آمالنا للمستقبل”، وتردف: “إن شاء الرب، عندما يحدث ذلك، فإنه سيحدث”. وفي يناير، وبعد أسابيع من هذا الحوار، أعلن الزوجان على حسابهما في إنستغرام استقبالهما لمولودهما الأول، حيث كتبا: “يسعدنا أن نؤكد على استقبالنا لمولودنا من خلال أم بديلة. ونطلب بكل احترام بعض الخصوصية خلال هذا الوقت الخاص الذي نركز فيه على أسرتنا. شكرًا جزيلاً”.

 

وعندما تحدثت إلى بريانكا في المرة التالية، كانت في مكان مختلف تمامًا، بدنيًا وذهنيًا. فبعد ثلاثة أسابيع، عادت إلى لندن لتصوير مسلسل الحركة الملحمي “القلعة”. وكانت تعمل ليلاً، وكانت تمزح قائلة إنها لا تزال في لوس أنجلوس رغم وجودها في المكان الجديد. وكانت تعيش وحدها بدلاً من منزلها المزدحم بأفراد أسرتها وأصدقائها.

 

وكانت “أمازون” تسعى لتجعل من “القلعة” مسلسل حركة بامتياز عالمي من بطولة بريانكا وريتشارد مادن في “نسخته الرئيسية”، لتعرض نسخ مترجمة منه في إيطاليا والهند وإسبانيا والمكسيك. واستغرق هذا العمل منها شهورًا من الوقت والجهد. فقد كان عليها، ضمن أشياء أخرى، التحدث فيه بست لغات. وفي وقت لاحق من هذا العام، ستقوم بريانكا بأداء أول دور بطولة لها في فيلم هوليوودي طويل بعنوان “نص من أجلك. تقول: “أنا ضعيفة جدًا أمام أي فيلم رومانسي كوميدي جيد، مثل فيلم موعد غرامي ليلي يجعل قلبك يذوب رقة”.

 

ولكي تستوعبي مدى تنوع الأعمال المطروحة على مائدة بريانكا الآن، عليك أن تتذكري في البداية أن الهدف الذي ترنو إليه هو: بناء مسيرة مهنية ثرية بالأعمال المتنوعة مثل تلك التي كانت تحظى بها في الهند. فهناك، لعبت بريانكا دور لاعبة ملاكمة أولمبية، ومراهقة مصابة بالتوحد، وحسناء لعوب، وزوجة جنرال، وعارضة أزياء. وفي الفيلم الكوميدي “واتس يور راشي؟” الذي طرح عام 2009، لعبت 12 شخصية مختلفة. “لم يراها الناس في أدوار متنوعة كالتي قدمتها في الهند”، هكذا تؤكد أشاريا، مديرة أعمال بريانكا، وتضيف: “أراها مثل جوليا روبرتس. رأينا جوليا روبرتس في أعمال كوميدية، ثم رأيناها تتعرى في فيلم “إيرين بروكوڤيتش”. وبالنسبة لفيلم “بري”، المثير في الأمر هو رد فعل الناس عندما يعرفون من هي في الحقيقة”.

 

وتردد بريانكا نفس الشعور، وتقول: “أعتقد أنها ستكون فترة حاسمة بالنسبة لي كممثلة”، وتضيف: “أرغب في تقديم أفلام ليست دومًا برّاقة ومشرقة. أريد إظهار قدراتي كممثلة على الشاشة، أريد العمل تحت إشراف عقول فذة حقًا. وأريد أيضًا أن أتقدم للأمام، وأنا جاهزة لذلك”.

 

وستقوم بريانكا هذا العام أيضًا بتصوير عمل كوميدي لم يتم تحديد اسمه بعد مع ميندي كالينغ، والذي طورته هي وميندي معًا. “هذا العمل قريب جدًا لقلبي لأسباب عديدة”، هكذا تقول بريانكا عن الفيلم المستلهم من زفافها ومن الجمع بين ثقافتها الهندية وثقافة جوناس الأمريكية. “أتذكر حينما اشترته “يونيڤرسال” في الغرفة. أمسكنا بيدي بعضنا تحت الطاولة. لأني كنت كما لو أني لا أذكر آخر مرة رأيت فيها فيلمًا كوميديًا عن الأصدقاء مع شخصين من ذوي البشرة السمراء”.

 

هناك أيضًا مزيد من المشروعات التي تعمل عليها بريانكا، إذ تعمل على تحضير فيلمها “شيلا” لمنصة “أمازون”، والذي تلعب فيه دور ما أناند شيلا، المستشارة الروحانية التي اشتهرت في الفيلم الوثائقي “وايلد وايلد كانتري” لدورها في الهجوم البيولوجي لحركة راجنيش في أوريغون عام 1984. وسوف تعود بريانكا إلى الهند لتصوير مشروعها الهندي الأول بعد سنوات، وهو من نوعية أفلام الطريق ويدور حول ثلاث سيدات، ويشاركها في بطولته نجمتان من بوليوود هما كاترينا كيف، وعاليا بهات.

 

بيد أنني أستشعر شيئًا من الشد والجذب في حياة بريانكا، والذي يبدو جديدًا عليها. فرغم أنها باتت قريبة جدًا من الهيمنة على ساحة التمثيل في هوليوود كما كانت تحلم دومًا، فإنها لا ترغب في قضاء عام 2022 بأكمله بين شقي الرحى، أو تعيش وحيدة بشقة خاوية في لندن تعمل في الليالي المظلمة، شأنها في ذلك شأن كثير من النساء اللواتي تربعن على قمة مجالهن واخترن أن يعطين الأولوية لصحتهن الذهنية. تقول: “لقد كنت دومًا نشيطة كالنحلة. وعملي التالي كان دومًا يأتي على رأس أولوياتي. أنا طموحة جدًا جدًا. ولكن المرأة القابعة بداخلي تتوق للتوازن. أتوق لحياتي الأسرية، وأتوق لعمل أشياء تغذي روحي والتي لم أفعلها بسبب “الغمامات” التي كنت أضعها على عيني وتركيزي على العمل فقط”.

 

وتعترف بريانكا أن مسيرتها المهنية تركت بعض الجروح والندوب في حياتها. تقول: “أعتقد أنه ربما لهذا السبب أصبحت أكثر انطوائية فيما أخوض هذه الرحلة في مجال الترفيه الآن”، وتضيف: “بدأت أحمي نفسي أكثر الآن، لأني أدرك كم تستنزفك هذه المهنة. إنها تأخذ جزءًا من روحك فيما تحاولين التحقق من أنك تقولين الصواب، وتفعلين الصواب، وترتدين الأزياء اللائقة، ومن أنك لن ترتكبي أخطاء، ولن تتعثري لأن العالم كله سيشاهدك. أو لن تسقطي فيما تتهادين على سجادة حمراء أو لن تتفوهي بشيء غير صحيح أو تمري بيوم عصيب”.

 

تدرك بريانكا أن عام 2022 سيجلب التغيير. تقول: “أشعر كأني على شفا التجديد”، وتضيف: “كيف ستكون شخصيتي الجديدة؟ أنا متحمسة جدًا للمستقبل. وأتخوف منه أيضًا. فالتغيير يكون دومًا مخيفًا، ولكني أقبلت عليه مرات عديدة في حياتي”.

 

اقرئي ايضاً : حديث من القلب مع نادين نسيب نجيم نجمة غلاف ڤوغ العربية لعدد شهر مارس 2022

 

تصوير Emma Summerton

تنسيق الأزياء Leith Clark

بقلم Rebecca Ford

تصفيف الشعر Shon Hyungsun Ju باستخدام منتجات Anomaly
المكياج Lisa Eldridge

العناية بالأظافر Michelle Humphrey باستخدام منتجات Bio Sculpture

الخيّاطة Michelle Warner
تصميم الخلفية Se An Thomson
الإنتاج في الموقع Shiny Projects
التصوير في الموقع Spring Studios، لندن

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع