تابعوا ڤوغ العربية

صِبا مبارك… الموهبة الناضجة

صبا مبارك ترتدي بنطلون من إميليو بوتشي، وتوب من دريس فان نوتن لدى هارڤي نيكولز في دبي، حذاء من سالفاتوري فيراغامو، أقراط أذنين من نخلة، عباءة من منال الحمّادي. بعدسة زيغا مليشيك لصالح عدد شهر أكتوبر 2017 من ڤوغ العربيّة

في عينيّ الممثلة الأردنية صبا مبارك جاذبية لا يخفيها أيّ من الأدوار المتنوّعة التي أدتها وأثبتت موهبتها الأصيلة. هذه الموهبة حملت صبا من المسرح إلى التلفزيون ثم السينما، ومن الأردن إلى سوريا ومصر، وإلى العالم المفتوح حيث تغيب الحدود وينتصر الفنّ. صبا قدّمت أخيراً فيلم “مسافر: حلب-إسطنبول”، وتشارك في لجنة تحكيم مهرجان الفيلم العربي في مالمو في السويد في أكتوبر الجاري.

نضج

منذ أعوام تشارك صبا مبارك في لجان تحكيم في مهرجانات سينمائية بارزة. ولعلّ لسعة اطلاعها وكاريزما حضورها ونضجها دوراً في اختيارها، وهي ترجع أسباب هذا النضج “أولاً إلى اطلاعي على صناعة السينما في العديد من الدول العربية، ومشاركتي في أعمال متنوعة في بلدان عربية مختلفة وفي أفلام غير عربية أيضاً، ثانياً إلى واقع أنني لست ممثلة فحسب بل منتجة أيضاً شاركت في إنتاج بعض الأعمال الفنية وقريباً سأدخل مجال الإخراج، ثالثاً وأخيراً حرصي على اختيار أدوار غير متشابهة وبذل مجهود كبير في تقديمها بشكل مناسب وأسلوب مختلف”.

لكن هل يقابل هذا النضج تغيّر في الأدوار؟ “تطوّر الأدوار التي تعرض على أي ممثل أمر طبيعي، ويرجع إلى عوامل عدة منها التقدّم في السن وتطوّر تفكير الفنان نفسه بسبب تراكم قراءاته واحتكاكه بمزيد من الثقافات أو القضايا. أستطيع أن أقول إنني راضية بنسبة كبيرة عن معظم أدواري، وغير راضية عن القليل منها، لكنني لست نادمة على هذا القليل، فالفشل أول درجة من درجات النجاح”.

أدواري والخطّة والرؤية 

تحسب صبا خطواتها جيداً “وعلى عدة مستويات، أضع خطة سنوية وأرسم رؤيتي للسنوات المقبلة. ولكن تلك الحسابات قد تتغيّر، قد يبدّلها دور يعجبني. كما أسعى إلى أن أوازن بين حضوري التلفزيوني وحضوري السينمائي. لكن مجدداً أي دور يعجبني يغيّر حساباتي. تهمّني طبيعة الدور وما يضيفه إليّ بغضّ النظر عمّا إذا كان دوراً تلفزيونياً أو سينمائياً. أحب معظم أدواري، وأحسّ بأنها جزء مني، وأقربها إلى قلبي دوراي في مسلسل “بلقيس”، ومسلسل “أفراح القبة”، وقد انضم إليهما أخيراً دور مريم في “مسافر: حلب – إسطنبول”. أما الدور الذي أتمنى تقديمه، فهو دور المناضلة الفلسطينية ليلى خالد.

صبا مبارك ترتدي بنطلون من ڤيرساتشي، وتوب من بليتز باي إيسي مياكي لدى باي سيمفوني مع مجوهرات من نخلة. بعدسة زيغا مليشيك لصالح عدد شهر أكتوبر 2017 من ڤوغ العربيّة

السينما والتجربة الجديدة

تراكم التجارب منح صبا ثقة خوض غمار الإخراج، “أنا بالفعل في الطريق إلى تجربتي الإخراجية الأولى التي سأكشف عنها في الوقت المناسب. أسعى دائماً إلى تطوير أدائي وتثقيف نفسي سواء على مستوى صناعة السينما أو المعارف الأخرى، فلا يمكن أن يقصر الفنان ثقافته على السينما. ويلهمني الإبداع في عملي الإحساس بالشخصية التي أقدمها، والقراءة عن السينما العالمية وما يفعله ممثلون عالميون لأداء أدوارهم بشكل مثالي. وبالطبع أؤمن بأهمية التزام الفنان بقضايا المجتمع. ولكن هذا لا يعني تقديم أعمال جادة فقط، فأحياناً أقدم أعمالاً خفيفة، لكنها أيضاً وليدة الاحتكاك بالمجتمع ومشاكله، وأحاول تقديمها بشكل ترفيهي ولكن مع الحرص على وجود فكرة عميقة أو مضمون غير مبتذل”.

في عمّان أشعر بأنني في بيتي، وهذا الفيلم استطاع أن يخفّف شعوري بالعجز أمام ما يحصل

السينما وقضية اللاجئين

وعي فكرة الالتزام بقضايا الإنسان دفع صبا مبارك إلى تقديم فيلم عن اللاجئين والمشاركة في إنتاجه أيضاً، هي التي تحدّثت عن الشعور بالعجز أمام المصائب التي تشهدها أيامنا. “اخترت تقديم فيلم “مسافر: حلب- إسطنبول” لاهتمامي الشديد بقضايا اللاجئين وبمصائر الأطفال خصوصاً، وتفاعلي معها بسبب الأحداث الكثيرة التي نقرأ عنها ونشاهدها والتي جعلت وتيرة الحزن والغضب تتصاعد في داخلي. كل هذا دفعني إلى تقديم فيلم عن اللاجئين بل وإنتاجه أيضاً، وأن يكون اللاجئون أبطاله لضمان خروجه بالشكل الأمثل من وجهة نظري. فقضية اللاجئين من أهم القضايا التي يجب معالجتها في المجتمعات العربية حالياً. وبالتأكيد الفن قادر على ترك أثر إيجابي، وكثيرة هي الأفلام التي سلّطت الضوء على قضايا وساهمت في التوعية بها ومعالجتها. هذا الفيلم استطاع بالفعل أن يخفف شعوري بالعجز تجاه كل ما يحصل، لكن ما زال منتظراً أن يقدّم الفن الكثير لتلك القضية”.

دعم المرأة والاهتمام بالتفاصيل 

في فيلم “مسافر: حلب إسطنبول“ تسجّل صبا تعاونها الأول مع مخرجة امرأة هي التركية أنداش هازيندار أوغلو. “هي بالفعل أول مخرجة أعمل معها، لكن هذا لا يعكس بالطبع أي إنكار لقدرة المرأة على الإخراج. ولأن تغيير هذا الأمر من أولوياتي، فأول فيلم من إنتاجي أخرجته امرأة، كما أنني أحب العمل مع النساء بسبب حماستهن البالغة وسعيهن إلى إثبات أنفسهن، وكذلك اهتمامهن البالغ بالتفاصيل والذي ينعكس على ما يقدمنه بشكل عام“.

لعلّ هذا الشغف “الأنثوي” هو سرّ نجاح صبا مبارك. “أعتقد أن سرّ نجاحي يرجع إلى شغفي بعملي بكل تفاصيله ورغبتي في تقديم أعمال فنية جيدة ومهمة، ورفضي احتمال الفشل طالما كنت قادرة على ذلك. هذا الشغف هو ما يحرّكني دوماً، ليس في عملي فحسب بل في كلّ ما أفعله. فأنا لا أستطيع القيام بما لا أحبه. وهذا الشغف يجعلني أكرّس كل جهودي وطاقتي لتحقيق ما أصبو إليه. أما تجاوزي الشدائد فتعلّمته مع مرور الأعوام وتراكم الخبرات، ومن الظروف التي مررت بها”.

صبا مبارك ترتدي معطفاً من ڤالنتينو. بعدسة زيغا مليشيك لصالح عدد شهر أكتوبر 2017 من ڤوغ العربيّة

الأمومة والقدوة

ماذا عن الأمومة ودورها في السعي إلى النجاح ورفض احتمال الفشل؟ “ليست الأمومة تفصيلاً بسيطاً خاصة في حياة ممثلة. وقد غيّرت الأمومة حياتي بالتأكيد لأنني أصبحت أنظر إلى كل ما أفعل بدقة متناهية لأكون قدوة لابني. وقد أجهدني كثيراً في البداية السعي إلى أن أوازن بين واجباتي تجاه ابني والتزاماتي المهنية، ولكن مع مرور الوقت أصبح الأمر أسهل”.

حياتي الشخصية

صبا من النجمات اللواتي نجحن في حماية حياتهن الشخصية، فكان صعباً اختراق تجربة انفصالها عن المخرج التونسي شوقي الماجري. لكنها تُسأل دوماً عن أسباب عزوفها عن الزواج مجدداً. “لا أردّ على الأسئلة التي تتدخل في صُلب حياتي الشخصية”. هذا القرار يؤكد تمسّك صبا بحريتها. فهل تعتبر نفسها امرأة حرّة؟ “هذا يتوقف على توافقنا على تعريف واحد لمفهوم الحرية. والتقيّد بتعريف واحد للحرية ينفي عنه مفهومه. بمقاييسي الخاصة أستطيع القول بأنني أحاول أن أكون حرّة من خلال تخطي ما يعيقني من قيود أو تحديات”.

بيتي والهوية وجواز السفر

منذ طفولتها تتنقّل صبا بين البلدان العربية، “هذا التنقل ساهم في تكويني، فأنا عاشقة للترحال، ويكاد يكون جواز السفر هو الشيء الوحيد الذي لا أتحرّك بدونه”. لكنّ صبا لا توافق على فكرة إعادة تكوين الهوية، “لا أوافق على أن الهوية قابلة لإعادة التشكيل بسهولة، هي ليست جامدة كالصخر ولكنها ليست من طين، ولا تتغيّر بتغيّر البيئة المحيطة. ثمة ما يمكن أن يتغيّر إلا أن الأصل ثابت. أما أنا كصبا فأستطيع أن أقول إنني حالياً شخص يعرف جيداً ماذا يريد أن يفعل ويدرك أهدافه في الحياة وسبل تحقيقها”.

 لكن في أي مدينة أو زقاق أو مكان تحسّ صبا مبارك بأنها “في البيت”؟ “حين أكون في عمان بشكل عام أشعر بأنني في بيتي. وهناك أحب الجلوس في مقهى أعتبره مجنوناً”.

صبا مبارك ترتدي بنطلون من روكساندا و سترة من دريس فان نوتن، كلاهما لدى متجر هارڤي نيكولز في دبي. توب من أكني ستوديو لدى باي سيمفوني. وحزام من ماكس مارا. بعدسة زيغا مليشيك لصالح عدد شهر أكتوبر 2017 من ڤوغ العربيّة

بقلم: نور كامل

تصوير: زيغا مليشيك

تنسيق: ڤاسيل بوزيلوف

شعر ومكياج: أوريماس جوديسكيس

موقـع التصوير: Arabian Court في فندق ون آند أونلي رويال ميراج بدبي.

41 سؤالاً مع الممثّلة أمينة خليل على هذه الصفحة 

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع