التقت ڤوغ العربية مع الشيخة حور القاسمي ابنة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة.. التي اختارت أن تحفر طريقها في القطاع الثقافي لترفع اسم ثالث أكبر إمارة في الإمارات إلى مركز مرموق للفنون في جميع أنحاء العالم. وبصفتها شخصًا يجسد رؤية ڤوغ العربية لتعزيز المواهب الإقليمية وكسر الحواجز الثقافية، ارتأينا أن نحاورها في العدد السنوي الثالث لمجلتنا وقد بدا لنا أنه من المناسب أن تزين هذه القائدة للفنون غلاف عدد شهر مارس/ آذار 2020 في الذكرى السنوية الثالثة. تابعي قراءة المقال لتتعلمي الدروس العشرة المستوحاة من حياة الشيخة حور القاسمي التي يمكننا تطبيقها في حياتنا الخاصة.
إفعل ما تحب وحب ما تقوم به
كثيرا ما يقال إن العمل لا يبدو وكأنه عمل إذا كنت تستمتع بما تقدمه. ومن هذا المنطلق نجد أن الشيخة قد حولت شغفها بالفن ورغبتها الفطرية في الإبداع إلى مهنة، حيث تترأس مؤسسة الشارقة للفنون، كما تعمل كمديرة لبينالي الشارقة، بالإضافة إلى كونها تقود العديد من الأدوار الأخرى المعنية بالمشهد الإبداعي للإمارة. تحت قيادة الشيخة حور، تم تصنيف بينالي الشارقة مراراً واحداً من بين أهم 10 معارض عالمياً ودولياً، مما يثبت أن الشغف – والعمل الجاد – يولدان النجاح.
إذا كنت تريد أن تنجز المهمة بشكل صحيح، فلا تخف من القيام بذلك بنفسك
في حين أنها قد تكون لديها الكثير من الوظائف لإنجازها، فإن الشيخة ليست واحدة ممن يفرضن غيرهم للقيام بكافة الأعمال، بل تحب أن تأخذ على عاتقها المهمات ونخلق لها الوقت لتنجزها وفقًا لمعاييرها. فقبل افتتاح منصة الشارقة للأفلام في العام الماضي والتي عرضت العديد من الأفلام العالمية ، قامت القاسمي بمشاهدة جميع الأعمال المقدمة. وصرحت القاسمي لڤوغ العربية سابقاً: “في هذا العام، تلقينا أكثر من 450 عملاً وقد شاهدتها جميعًا. واخترت من بينها أكثر من 140 عملاً من 40 بلدًا في 30 لغة مختلفة”.
أن تكون مشغولاً ليس كأن تحقق إنجازاً
على الرغم من أنها تعترف بأنها تعشق العمل، إلا أن الشيخة انتقائية حول الوظائف التي تقبلها حتى تتمكن من تكريس الوقت والمجهود المناسبين لها. فبالإضافة إلى الأدوار السابق ذكرها، فإن القاسمي تشغل أيضًا منصب رئيسة معهد أفريقيا في الشارقة منذ عام 2018، ورئيسة المجلس الإستشاري لكلية الفنون الجميلة والتصميم في جامعة الشارقة، وعضوة في المجلس الاستشاري في “رابطة خوج للفنانين الدوليين” ومجلس أمناء “أشكال وألوان” في لبنان ومجلس إدارة متحف الفن المعاصر موما بي أس 1 في أمريكا ومؤسسة ترينالي الشارقة للعمارة ودار الفنون في عمان كما أنها القيمة للنسخة الثانية من بينالي لاهور ومحاضرة زائرة في كلية “سليد للفنون الجميلة” في المملكة المتحدة كما أنها عضوة في مجلس أمناء أكاديمية الشارقة للفنون. ومع وجود كل تلك المهام على عاتقها نجد أنها تعلمت فن إدارة الوقت لمواصلة العمل على كافة أدوارها. وقالت القاسمي في حوارها معنا “أعتقد أنني انخرط في هذا المجال منذ 18 عامًا، وعلى الرغم من أنني مشغولة دائمًا، إلا أنه لشرف كبير أن يتم دعوتي للقيام بهذه المهام”.
الفنون لديها تأثير لا يوصف على المجتمعات
مع قيادتها ورعايتها للمشهد الفني المزدهر في الإمارات العربية المتحدة، خصوصاً بعد أن أصبحت عاصمة اليونسكو للكتاب العالمي في عام 2019 والانضمام إلى قائمة محدودة من المدن الإبداعية حول العالم، ساعدت القاسمي إمارة الشارقة على النمو لتصبح مركزًا ثقافيًا للإمارات والعالم بشكل عام. وقد مد، هذا التقدير العميق للفنون، جسوراً بين الشرق الأوسط والمجتمعات الأخرى حيث ترحب الإمارات بالعديد من المواهب العالمية المشهورة، مثل الفنان الياباني يايوي كوساما والخبير الأمريكي التجريبي روبرت بريير.
تحد للأفكار المسبقة لدى الجميع
في تحدٍ للأفكار المسبقة التي مفادها أن أسرتها سلمت لها كل شيء على طبق من فضة، لكونها ابنة حاكم الشارقة، بدأت الشيخة تشعر أن عليها إثبات نفسها أكثر وقد تجاوزت جميع التوقعات. فعندما كانت في الثانية والعشرين من عمرها تولت منصبها الأول كمديرة لبينالي الشارقة. على الرغم من أنها لم يكن لديها سوى أربعة موظفين يعملون معها، إلا أن ذلك لم يردع القاسمي من أن العمل الجاد وبث روح الأصالة في المعرض الفني الذي أنشئ عام 1993 ليتبوء مكانة عالية. “أعتقدت أنه لا أحد سيأخذني على محمل الجد كرسامة إذا كنت بالفعل مديرًا للمعرض وأنا لم أتجاوز الثانية والعشرين من عمري” ، مضيفة، “اعتقدت أن الناس سيقولون إنني حصلت عليه فقط بسبب والدي. أتذكر أنه كان هناك فنانة كورية كنت أتواصل معها عبر البريد الإلكتروني وأثناء زيارتها تساءلت بتعجب ، “هل أنت المديرة؟ لقد كنت أتوقع أن من يشغل هذا المنصب هو رجلاً متقدماً في العمر”. كانت فكرة أن أكون 22 عامًا وامرأة غريبة في عالم الفن الدولي في ذلك الوقت. اعتقدت أنه بغض النظر عن مدى صعوبة عملي، كان الناس يقولون دائمًا إن إنجازاتي تعود لكوني ابنة حاكم الشارقة مما دفعني للعمل بجدية أكبر ودفعني لأخذ المزيد من المسؤوليات على عاتقي.
الحياة ليست دائمًا طريقاً مستقيماً
على الرغم من أن القاسمي وجدت نفسها في صناعة الفنون، إلا أنها لم تكن على يقين دائمًا مما أرادت فعله أثناء طفولتها. “عندما كان عمري 14 سنة، أردت أن أكون طاهية”، أفضت لنا الشيخة مستكملة حديثها. “في ذلك الوقت، في التسعينات، لم يكن فكرة عملي كطاهية مستساغة. أتذكر رد فعل أمي حين أستنكرت أفكاري متسائلة، “تريدين أن تصبحين طباخة؟” بعدها، أردت أن أدرس تصميم الأثاث؛ وكنت أقوم ببعض الأشغال الخشبية وأصنع الكراسي إلى جانب النجارين عند قدومهم إلى منزلنا. ثم كان السؤال الذي طرحته والدتي: “والآن تريدين أن تصبحي نجارة؟” وعلى الرغم أنها في البداية لم تكن متيقنة مما تريده إلا إنها ترى أن هذا التخبط ساعدها على إكتشاف ذاتها وما تريد تحقيقه.. فالحياة لا تسير دائماً في طريق محدد ومرسوم.
النجاح ثمرة العمل الدؤوب
نجد أنفسنا أحياناً وقد أخذنا على عاتقنا عملاً ما وتحملنا مسؤولية أكبر مما نستطيع ولكن النجاح هو دائماً ثمرة العمل الدؤوب وهو ما حدث معي حين توليت عملي الأول مع بينالي الشارقة وكنت أقضي 20 ساعة متواصلة في العمل طوال أيام الأسبوع بدون راحة وبدون إجازات مما عرضني في النهاية إلى إنهيار عصبي من كثرة الإنهاك والتعب الذي تعرضت له إلا أنني كنت أشعر بالفخر لما حققته من إنجاز ونجاح آنذاك..
استثمري بعض الوقت في تنمية مواهبك
حتى لو كانت وظيفتك اليومية هي مهنة تستمتعين بها، عليك دائماً تخصيص بعض الوقت لممارسة هواياتك الأخرى، والتي بدورها قد تتحول ذات يوم إلى جزء من مشاريعك القادمة. فعلى الرغم من أن الشيخة حور تعاني من ضيق الوقت بسبب قيامها بالعديد من الأعمال والأدوار المختلفة إلا أنها خلقت الوقت لتؤسس مقهى ذا فين، وقد علقت قائلة: “على الرغم من شعوري بالإجهاد بسبب قيامي بالكثير من الأعمال إلى أنني استمتع جداً بأخذ بعض الراحة لأنني أقوم بعمل ما أحبه وأستثمر وقتي جيداً وعلى الرغم من أنني منهكة إلا أنني أرى أن النجاح يستحق بعض العناء”
احتضان الثقافة العالمية
ليس سراً أن العالم أصبح بوتقة تنصهر فيها جنسيات العالم أجمع، وكمسافرة متعطشة ومتحدثة لثماني لغات مختلفة، تعلمت القاسمي أهمية التعرف على الثقافات المختلفة منذ صغرها، ويعود الفضل في ذلك لوالديها. “لقد دفعنا والداي إلى تعلم اللغات المختلفة ورؤية العالم والتعرف على الثقافات وكان ذلك دائمًا جزءًا من طفولتنا”.
تكريم الماضي والتطلع إلى المستقبل
بعد حادث وفاة أخاها التوأم المفاجيء في العام الماضي، اخذت القاسمي على عاتقها مهمة جديدة وحلت محل أخاها تكريماً له وشغلت منصبه كالمدير الإبداعي لعلامة الأزياء الرجالية التي تتخذ من لندن مقراً لها، رغم أن تصميم الأزياء كان مجالًا جديدًا تمامًا عليها إلا أنها لم تتردد في القيام بهذه المهمة. وتتطلع القاسمي إلى تكريم شقيقها من خلال تصميم مجموعات تشبه تصميماته وزخارفه.. “سيكون دائمًا مكتب أخي، وفريق أخي، وعلامة أخي التجارية”.
أقرئي أيضاً: ڤوغ العربية تحتفل بعيدها الثالث مع ثلاث أساطير عربية