تابعوا ڤوغ العربية

المتميّزة دينا شهابي من القليلين الذين نجحوا في تحقيق حلم هوليوود

كثيرون حول العالم يحلمون بهوليوود، والسير على السجادة الحمراء في مختلف الحفلات وهم في كامل أناقتهم بأزياء من علامات فاخرة، وبتصوير مشاهد الحركة المفعمة بالإثارة، لكن قليلين فقط من ينجحون في تحقيق هذا الحلم، وقلة قليلة منهم فقط تأتي من خارج حدود أمريكا، ودينا شهابي من هؤلاء.

الفستان YVONNE S من

ولدت دينا في السعودية، وأمضت فترة طويلة من سنوات طفولتها ومراهقتها في الشرق الأوسط – إذ انتقلت العائلة إلى دبي ثم في النهاية إلى بيروت – وهناك اكتشفت عشقها للتمثيل والرقص. ومنذ ذلك الحين، قطعت الشابة البالغة من العمر 33 عامًا شوطًا طويلاً أهّلها لترشيح اسمها لنيل جائزة اختيار النقاد والمشاركة في أعمال مثل مسلسل «توم كلانسي: جاك ريان» ومسلسل Altered Carbon، ومسلسل نتفليكس «أرشيف 81»، إلى جانب أسماء مثل جون كراسينسكي، وبيتر بيرغ، وكريغ باركر الحائز على جائزة «إيمي».

وتستعد دينا حاليًا لمرحلة جديدة تمامًا في حياتها، ألا وهي تجربة الأمومة. وعن هذه التجربة تقول دينا: «لقد كانت تجربة ملهمة للغاية، وفي النهاية كانت التجربة الأكثر شموليةً ورسوخًا وعاطفيةً في حياتي حتى الآن»، مؤكدة أنها لن تبطئ من مسيرتها في أي وقت قريب.

انتقلت دينا للإقامة في مدينة نيويورك عام 2007 في الـ18 من عمرها، وبدأت شق طريقها في عالم التمثيل الذي اتخذته مهنة لها بدوام كامل عام 2010. والتحقت بالأكاديمية الأمريكية للفنون المسرحية لمدة عامين. وفي عام 2011، تم قبولها في كل من مدرسة جوليارد لفنون الأداء وبرنامج الدراسات العليا لفن التمثيل بمدرسة تيش العليا للفنون بجامعة نيويورك، مما جعلها أول امرأة مولودة في الشرق الأوسط وأيضًا أول امرأة سعودية يتم قبولها في هاتين المؤسستين. وفي عام 2014، حصلت دينا على درجة الماجستير في الفنون الجميلة من مدرسة تيش العليا للفنون بجامعة نيويورك.

حياة دينا المهنية قطعًا تتطلب منها الكثير، ولا تزال في طريقها نحو الازدهار، لكن متى سُئل رجل يومًا عن تأثير الأبوة على عمله؟ هذا هو الفكر الذي تؤمن به دينا، ولاقى حوار حديث حول هذا الموضوع مع الممثلة الهندية عليا بهات، التي وضعت طفلتها في شهر نوفمبر من العام الماضي، صدى لديها – فقد تحدثت عليا عن اختلاف نوعية الأسئلة المطروحة على الرجال والنساء بخصوص كونهم آباءً. تقول: «أرى أنه بمقدوري مواجهة هذا التحدي، على الرغم من علمي بأني سأكون في موضع اختبار أمام هذه التجربة الجامحة. ورأيت أنه من الطبيعي جدًا أن أنجب، وكان لهذا القرار الفضل في إضفاء المزيد من الحب على حياتي أكثر مما كنت أتخيل. إن التمتع بحياة أكثر عمقًا وأكثر سعادة سيصنع مني فنانة أفضل أيضًا. أنا فقط أعيش حياتي بصدق، وأؤمن بأن ما هو مقدر لي سيكون من نصيبي».

وبالطبع، تقر دينا بحقيقة فحواها أن الأمور ستتغير، وهي ظاهرة وصفتها بـ«الوفاة والميلاد من جديد». وقد غرس هذا في داخلها شعورًا بالاستسلام للحياة، وهو ما أدى إلى سير الأمور جميعها بشكل طبيعي، علاوة على وفرة الحب داخلها. تقول: «لدي الكثير لأقدمه الآن كامرأة وزوجة وأم وأيضًا كفنانة. أنا متحمسة جدا لحياتي وما هو مقبل».

عاشت دينا أيضًا أيامًا واجهت فيها شيئًا من المصاعب. فخلال أشهر الحمل الثلاثة الأولى، كانت تصوّر «أشباح بيروت»، وهو عمل درامي من نوعية مسلسلات الجاسوسية مكون من أربعة أجزاء من “شوتايم” للمخرج باركر، في المغرب. كانت تعمل من 12 إلى 16 ساعة يوميًا بينما تحاول التغلب على الشعور بالغثيان المستمر، وهو ما شكل تحديًا نفسيًا وجسديًا بالنسبة لها بكل تأكيد. وعن هذه الفترة، تقول: «لقد تعاملت مع هذا الأمر من خلال إبداء الاستعداد والثقة في موهبتي. كنت أختلي بنفسي في الفترات الفاصلة بين كل مشهد وآخر. فقد كان علي الحفاظ على طاقتي». وفي حين أن فكرة الحمل في حد ذاتها لم تجعلها تشعر بالتوتر في بادئ الأمر، فإن الشعور بالغثيان قد أخافها بالتأكيد لأنه امتد إلى ما بعد الفترة المعتادة حتى الأسبوع الـ 12. تقول: «سرعان ما تعلمت أن ظروف الحمل تختلف من سيدة لأخرى، وليس بالضرورة أن تمر إحدانا بنفس المراحل الزمنية التي مرت بها امرأة أخرى. استمرت معي هذه الفترة الأولى والصعبة لمدة أطول مقارنة بصديقاتي. ولحسن الحظ، قضي الأمر في نهاية المطاف، وأصبحت محظوظة جدًا من بعدها».

تتمتع دينا بشعور عميق بالتواصل مع نفسها أكثر من شعورها بالتوتر أو الخوف. تقول: «أنا شخص أحب أن أبقى مشغولة، وعادة ما أملأ يومي بعشرات الأمور، ولكن كوني حاملاً جعلني أبطيء من وتيرتي وأجلس مع نفسي بالفعل». وقد غلب على الوقت الذي تمضيه دينا في التفكر الذاتي ممارسة التأمل والأعمال البدنية، وهي الممارسات التي ساعدتها على الوقوف بثبات في الماضي أيضًا. وقد أدى هذا التواصل العميق مع عقلها وجسمها أيضًا إلى تولد شعور جديد بالثقة. وقد هيمنت الفساتين التي تبرز قوامها والجواكيت البومبر والأحذية طويلة الساقين على أزياء حملها. تقول: «كلما كبرت بطني، ازداد شعوري بالإثارة! لقد جعلت الأمر أكثر متعة، وشعرت بثقة كبيرة في جسمي وأنوثتي، وكنت أتباهى بهما».

وقد قدم لها مفهومها الشرق أوسطي عن المجتمع أيضًا دعمًا كبيرًا خلال فترة الحمل. تقول: «المجتمع مهم جدًا بالنسبة لي، وأعتبر الأمومة بمثابة رياضة جماعية. فقد علمتني هذه المرة مدى قوة الاعتماد على ناسي. فالحياة وسط عشيرتك تجعل الحياة أكثر رضًا». إنها محظوظة حقًا بأن تكون محاطة بمن يحبونها ومن لديهم الاستعداد التام لمد يد العون وقت الحاجة. وتأتي والدتها في مقدمة هؤلاء، والتي تعتمد عليها لفهم هذا الدور الجديد في حياتها. وعنها تقول: «والدتي هي أعز صديقاتي، لذلك كنت سعيدة للغاية لأنني أنجبت فتاة. لقد كانت دائمًا أكبر مؤيدة لي، وجعلتني أشعر أنني أستطيع دائمًا أن أكون على طبيعتي تمامًا. لا أطيق الانتظار حتى أقدم هذه العطايا نفسها لابنتي ونكون معًا ثلاثيًا صغيرًا».

وهناك أيضًا صديقاتها، وهن مجموعة من النساء العربيات الأقرب لعائلة لها ولسن مجرد صديقات. وهن يقدمن لها أكثر من الدعم، حيث يذكرنها أيضًا بوطنها ويتحن لابنتها الفرصة لأن تظل متصلة بتراثها رغم نشأتها في لوس أنجلوس. ولا شك أن دينا تفتقد الأوقات التي تمضيها في الشرق الأوسط، ومن أمانيها أن تحظى ابنتها بتجارب مثل “تلك المآدب العائلية الضخمة في عطلات نهاية الأسبوع بالأطباق العربية المنزلية الشهية حقًا مع العمات والأعمام وأبنائهم وجدتي الكبرى. لقد أحببت كل ذلك».

وإلى جانب الحب الذي أحسته من صديقاتها العربيات وعائلتها على مر السنين، كان الشرق الأوسط أيضًا المكان الذي اكتشفت فيه شغفها بالتمثيل والرقص. ففي دبي، انضمت دينا الشابة إلى فرقة شارميلا كامتي للرقص، ولعبت الثقة وأخلاقيات العمل والانضباط الذي اكتسبته في تلك الأيام دورًا بالغ الأهمية في نجاحها بهوليوود. ومع ذلك، كانت إقامتها في بيروت هي التي رسخت حلمها بأن تكون ممثلة. إنه الطريق الذي قادها في النهاية لتصبح أول امرأة مولودة في الشرق الأوسط يتم قبولها في كل من مدرسة جوليارد، وبرنامج الدراسات العليا لفن التمثيل بمدرسة تيش العليا للفنون بجامعة نيويورك بعد بضع سنوات فقط من انتقالها للإقامة في نيويورك في الثامنة عشرة من عمرها، سعيًا وراء أحلامها.

ورغم رفض النجمة الصاعدة تصنيفها بأي شكل من الأشكال، كانت هويتها كامرأة عربية جزءًا لا يتجزأ من آمالها وتجاربها في هذا المجال. تقول: «أحب أن أكون في المكان الذي أتيت منه، وأن أقدم رؤيتي وتجاربي الحياتية لطائفة واسعة من الشخصيات». وقد انتابها هذا الإحساس مؤخرًا حين لعبت دور لينا، عميلة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في مسلسل «أشباح بيروت» الذي يتتبع مطاردة عماد مغنية، الإرهابي اللبناني الذي تغلب بدهائه على وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والموساد لأكثر من عقدين. «كان حصولي على هذا الدور أمرًا معقدًا بالنظر إلى جذوري. كان به مشاهد مع الموساد ولأني امرأة فلسطينية وسعودية وجدت صعوبة بالغة في تجسيده. الكثير من الأحداث التاريخية والصدمات العابرة للأجيال هناك. لقد شعرت بصراع كبير لذا وجهته نحو الشخصية. وأنا على يقين من أنها شعرت بصعوبة هذا الأمر أيضًا».

وتدرك الفنانة ميل هوليوود إلى الصور النمطية السلبية عند تقديم الشرق الأوسط، لذا غالبًا ما يكون رد فعلها سريعًا في مثل هذا الموضوع، غير أن مسلسل “أشباح بيروت” كان مفاجئًا لها. تقول: «فوجئت بقراءة قصة شديدة الدقة، فكل شخص فيها قادر على ارتكاب فظائع وأيضًا أعمال مؤثرة بالغة الإنسانية»، قبل أن تضيف بأن صناعه “كان لديهم نفس نيتي ألا وهي سرد قصة مبنية على شخصية مهووسة».

وكانت الفنانة قد ظهرت من قبل في الفيلم الكوميدي الرومانسي “أميرة وسام”، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الأعمال التلفزيونية، منها “الكربون المعدل” و”رامي” و”توم كلانسي جاك رايان” الذي رشحت بفضله لجائزة اختيار النقاد. كما ظهرت في الفيديو الموسيقي لأغنية “ذيس آر ذا وايز” لفرقة “ريد هوت تشيلي ببرز”.

وستشارك دينا في عدة أعمال أخرى مقبلة تتحمس لها كثيرًا مثل فيلمها المنتظر “Catching Dust” الذي تدور أحداثه في تكساس وينتمي لفئة الدراما السوداء. ولكن أهم عمل بالنسبة لها هو مسلسلها “مسكّن الألم القاتل” – الذي يستكشف منشأ أزمة الأفيون في الولايات المتحدة والدور الذي لعبته شركة الأدوية العملاقة “بورديو فارما” وسيُعرض قريبًا على نتفليكس من إخراج بيتر بيرغ. ولم تكن تجربة العمل مع بيرغ حدثًا «غير حياتها» فحسب، وإنما العمل الذي أتاح لها لعب دور «شرير» لأول مرة. «كان من الممتع حقًا تجسيد شخصية تفتقر إلى الأخلاق والانطلاق بها إلى أقصى الحدود. نادرًا ما تحظى النساء بفرصة تجسيد شخصية مثلها لا تبالي بالحصول على ما تريده بأي ثمن».

ومن الواضح أنها بيتت النية على الارتقاء بفنها إلى أعلى الآفاق بقائمة من الأعمال المستقبلية المحتملة وأحلامها في اقتحام عالميّ التأليف والإخراج، ولكنها تحرص أيضًا على عدم نسيان مسؤوليتها كقدوة للشابات العربيات. ومنذ اليوم الذي اتصل فيه آباء آخرون بها لأول مرة يسألونها عما إن كان عليهم السماح لبناتهم بالرقص وكذلك الفتيات العربيات اللواتي يتصلن بها طلبًا للمشورة والدعم في هذا المجال، تسعى الفنانة جاهدة لدعم مجتمعها وإلهامه، وهو التزام ازداد تمسكها به الآن بعدما أنجبت ابنتها. «أنا نفسي متحمسة للغاية لهذا الفصل الجديد في حياتي كأم ولإقامة مساحة آمنة لابنتي للنجاح، تمامًا مثلما فعل والداي من أجلي».

 

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع