تابعوا ڤوغ العربية

’’كلُ صوت، وكلُ عمل، وكلُ واحد منّا مهمٌ‘‘ – كيت بلانشيت تكتب عن أهمية مساعدة اللاجئين على استغلال كامل طاقاتهم

صورة لرزان الصوص، إحدى اللاجئات من مدينة دمشق السورية، التُقطت في غرب لندن خلال لقائها مع كيت بلانشيت سفيرة النوايا الحسنة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. بعدسة: كارولين إيربي/المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين

صورة لرزان الصوص، إحدى اللاجئات من مدينة دمشق السورية، التُقطت في غرب لندن خلال لقائها مع كيت بلانشيت سفيرة النوايا الحسنة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. بعدسة: كارولين إيربي/المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين

“يظن الناس أن اللاجئين لا يحملون سوى حقائبهم حين ينتقلون إلى بلد جديد. ولكنهم يحملون أكثر من ذلك بكثير”… ظلت هذه الكلمات السديدة عالقةً في ذاكرتي منذ أن قالتها امرأة سورية استثنائية قابلتها مؤخراً وتدعى رزان الصوص، والتي قُدر لها أن تكون لاجئة. ولا شك أن رزان، التي تقيم حالياً في المملكة المتحدة، حملت معها الكثير لهذا البلد أكثر من مجرد حقيبة.

لقد كان لي شرف لقاء رزان بصفتي سفيرة للنوايا الحسنة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. كانت رزان قد فرّت مع زوجها وأطفالها الثلاثة من أحداث العنف في سوريا منذ سبع سنوات. ولأنها شعرت بالامتنان للأمان الذي تنعم به هي وعائلتها في ويست يوركشاير، وجهت رزان اهتمامها بطبيعة الحال إلى إعادة بناء حياتها واستئناف مسيرتها المهنية كصيدلية. ولكن، مثل الكثير من اللاجئين، تعسر عليها نقل مهاراتها وخبراتها العملية إلى البلد المُضيف. ومع عائلة صغيرة يتعيّن عليها دعمها إلى جانب رغبتها في الوقوف على قدميها، أخذت رزان تقدح زناد فكرها. ما الذي يمكن أن تفعله؟ كيف تسهم في الأمر؟ ما الذي يمكن أن تقدمه؟

… إنه الجبن.

يبدو أن الناس في المملكة المتحدة أحبوا جبن الحلّوم الذي يُذكّر رزان بذكرياتها في وطنها سوريا. ورغم افتقارها للخبرة في صناعة الجبن، مضت رزان تشق طريقها في هذه السوق المتخصصة. وعبر الدعم والإرشاد الذي قدمه لها المجتمع المحلي وتقديم منحة متواضعة لتجارتها، تمكنت من بناء مصنع لجبن الحلّوم أسمته يوركشاير داما تشيز– وهي شركة تمزج بين الإرث الثقافي السوري والتقاليد العريقة وصناعة الجبن في يوركشاير. وفي عامه السابع الآن، يوفر هذا النشاط التجاري، الذي حقق نجاحاً باهراً وفاز بالعديد من الجوائز، وظائف للسكان المحليين، وقد افتتحت مصنعَها الجديد سموُ الأميرة آن.

ورغم غرابة قصة رزان، إلا أنها ليست استثنائية. فحين يفر اللاجئون من بلدانهم بسبب الصراعات والاضطهاد، يحملون معهم جميعاً أشياء غير ملموسة ولكنها ضرورية، منها مؤهلاتهم العلمية والتقنية، فضلاً على تجاربهم الفريدة، ورؤاهم، وملكاتهم. إنها لخسارة هائلة لرأس المال البشري أن تظل هذه الملكات والقدرات دون توظيف، ودون أن تستفيد منها وتدمجها البلدان المضيفة. وتعد تجربة رزان دليلاً لا يمكن إنكاره على أنه حين يُرحَب باللاجئين ويُقدَم لهم الدعم لاستغلال كامل طاقاتهم، فإنهم قد يتخذون خطوات مهمة وقيّمة تتجاوز مجرد البقاء على قيد الحياة، ليصبحوا مساهمين ناجحين في مجتمعاتهم الجديدة.

صورة لرزان الصوص، إحدى اللاجئات من مدينة دمشق السورية، التُقطت في غرب لندن خلال لقائها مع كيت بلانشيت سفيرة النوايا الحسنة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. بعدسة: كارولين إيربي/المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين

صورة لرزان الصوص، إحدى اللاجئات من مدينة دمشق السورية، التُقطت في غرب لندن خلال لقائها مع كيت بلانشيت سفيرة النوايا الحسنة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. بعدسة: كارولين إيربي/المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين

وهناك أمثلة لا حصر لها على مرّ التاريخ للاجئين قدموا إسهامات فريدة حققت طفرات هائلة في مجتمعهم؛ قد تندهشون لو علمتم أن اللاجئين لعبوا دوراً كبيراً في ابتكار أيقونات بريطانية مثل السيارة ميني، ومتجر ماركس آند سبنسر، وحتى طبق السمك والبطاطس المقلية التقليدي الشهير. ولديكم شخصيات من أمثال مارك شاغال، ومارلين ديتريش وألبرت أينشتاين، وهانا أرندت. وماذا عن أدوت أكيش ، وريتا أورا، وفريدي ميركوري، وڤيكتور هوغو؟ كم كنا سنخسر لو كنا أغلقنا الباب في وجوههم؟

يتسم اللاجئون الذين قابلتهم عبر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالحيوية ويثيرون الإلهام. إيمي محمود، شاعرة “الصلام” الرائعة التي تتدرب لتعمل طبيبة؛ وجيه جيه بولا، الكاتبة التي تنشر كتاباتها والمعلمة؛ ومايا غزال التي قادت وحدها مؤخراً رحلة جوية وفي طريقها لتصبح أول سورية لاجئة تعمل قائدة طائرة– وذلك على سبيل المثال لا الحصر. إن حياتنا الجماعية تزداد ثراءً باحتضان طاقات الناس الذين نعتبرهم ببساطة “لاجئين”، والاستفادة من مهاراتهم وإنسانيتهم.

تفصلنا أيام عن عام 2020، وعشيّة عِقد جديد. وإذا ما نظرنا إلى العشر سنوات الماضية، نرى أوقاتاً مضطربة صاخبة، عمها النزوح البشري. وقد تضاعف عدد اللاجئين الذين ترعاهم المفوضية منذ عام 2011 حتى وصل حالياً إلى أكثر من 70 مليون نازح في العالم. ولكن خلف هذه الأرقام الصادمة يكمن الأفراد. دعونا نُذكر أنفسنا أن النازحين هم رجال، ونساء، وأطفال انقلبت حياتهم رأساً على عقب من جراء الحروب، وفقدوا كل شيء، واُضطروا إلى الفرار من أوطانهم والسعي لطلب اللجوء في دول أخرى. ويتطلب هذا الوضع العالمي الاستثنائي الذين نجد فيه أنفسنا اليوم استجابة عالمية استثنائية.

نقف على أعتاب لحظة مصيرية في التاريخ إذ اجتمع قادة العالم للالتزام باتخاذ مزيد من التدابير لإيجاد حلول لأزمة اللاجئين. ولكن فيما ننتظر، يمكن لكل واحد منا أن يلعب دوراً، كبيراً كان أم صغيراً، لمساعدة لاجئين مثل رزان على تحقيق النجاح في مجتمعاتهم المضيفة. وكلُ صوت، وكلُ عمل، وكلُ واحد منّا مهمٌ.

كل منا له دوره. فما هو دورك؟

تفضلوا بزيارة موقع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للاطلاع على مزيد من المعلومات حول سبل مساعدة اللاجئين على الاستفادة الكاملة من طاقاتهم.

اقرؤوا أيضاً: بالنسياغا تنضم إلى برنامج الأغذية العالمي للقضاء على الجوع في العالم

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع