تابعوا ڤوغ العربية

المخرجة السعوديّة هيفاء المنصور تحدّث ڤوغ العربيّة عن آخر أعمالها

هيفاء المنصور بعدسة هايلي نيمان. Getty

بعد «وجدة»، تعود المخرجة السعودية هيفاء المنصور إلى الواجهة بفيلم «ماري شيلي» الذي يقفز بها إلى العالمية. التقينا هيفاء لتحدّثنا عن آخر أعمالها. 

هي حكاية الكاتبة الإنكليزية ماري شيلي «تأفلمها» هيفاء المنصور في عمل رصين يحمل اسم المؤلفة الشهيرة صاحبة فرانكنشتاين، التي تحوّلت رمزاً للنضال النسائي في القرن التاسع عشر، عندما كان الغرب لا يزال مجتمعاً أبوياً يحاول الحدّ من قدرات المرأة والتخفيف من شأنها. في السيرة التي اختارت لدورها الرئيسي النجمة الأميركية ايل فانينغ، وجدت المنصور صدى لواقع تعرفه جيداً وعاينته في فيلمها السابق.

ما الذي حملكِ إلى قصة حياة ماري شيلي؟

عندما اقتُرح عليّ السيناريو استغربتُ. فأنا سعودية ولست ملمّة بالثقافة الإنكليزية. قد أكون على صلة بالثقافة الأميركية لأنني متزوجة من أميركي ومقيمة في الولايات المتحدة منذ مدة. ولكن عندما قرأتُ السيناريو في نسخته الثانية، شعرتُ أن ماري شيلي فتاة سعودية، فهي تحاول تأليف كتاب، والناس من حولها يحاولون إقناعها بأنها غير قادرة على ذلك. ثمة في الثقافة السائدة قبل 100 عام في بريطانيا ما يشبه وضع المرأة في السعودية حالياً، ثمة من يحدّ المرأة ويتوقع منها أموراً معيّنة. وإذا انخرطت في الأدب تكتب نوعاً معيّناً ولجمهور محدّد، مثل جاين أوستن التي كتبت عن الغيرة والحب والزواج. ماري قررت أن تضع كتاباً مختلفاً كلياً يناقش الحياة والموت وفلسفة الوجود. لم يكن أمر كهذا متوقعاً من المرأة أو مقبولاً. ولأنني درستُ الأدب الإنكليزي المقارن، قرأتُ كتاب «فرانكنشتاين» ولم أتوقف كثيراً عند حياة كاتبته التي أعتقد أنه لم يتم الاحتفاء بها. لم يلتفت أحد إلى حقيقة ان مَن ألّفت هذا الكتاب امرأة في مقتبل تجربتها، لا يتجاوز عمرها الثامنة عشرة. الشخصية التي ابتكرتها، أي فرانكنشتاين، تجاوزها شهرةً، وهي ابتعدت عن الصورة تماماً. مهم أن نحتفي نحن النساء بإنجازات نساء أخريات، لأن ذلك يلقي الضوء على تاريخ تراكمي نستمدّ منه الثقة. التسلسل التاريخي لحضور المرأة في الأدب مهم جداً. علينا رد الاعتبار إلى نساء تخطين الحواجز واقتحمن ميادين كانت مخصصة للذكور.

في رأيك، لماذا تم اختيارك لإخراج «ماري شيلي»؟ ما الذي يشير في أعمالك السابقة إلى أنك قادرة على خوض مغامرة كهذه؟

الجهة المنتجة رغبت في الاستعانة بنظرة مختلفة إلى الثقافة الغربية. لقد خاضت على سبيل المثال الهندية ميرا نايير والتايواني آنغ لي تجارب مماثلة. هناك رغبة عند البريطانيين في أن يروا تاريخهم من خلال عيون الآخرين. الفيلم إنتاج مشترك بين لوكسمبورغ وبريطانيا وإيرلندا، ووصلنا بعض التمويل من الولايات المتحدة. يُمكن اعتبار الفيلم هوليوودياً مستقلاً. إلا أنه لم يُنتَج في إطار استوديو، ولكن الشركة المنتجة مقرّها هوليوود.

هل كانت الممثلة الشابة ايل فانينغ في دور ماري شيلي اختيارك الأول، منذ البداية؟

صحيح. أنا اخترتها. عندما وصلني السيناريو، لم يكن قد تم بعد اختيار الممثلين. آل تمثّل مذ كانت طفلة، وهي اليوم في التاسعة عشرة. عندما أجرينا الكاستينغ، رميت إلى أن يُصاب المُشاهد بصدمة جراء اعتقاده بأن آل طفلة، برغم أنها فتاة ناضجة. بحثنا عن ممثلة تبدو فتاة يافعة، في مقتبل حياتها تماماً. وهناك تشابه في المسيرة بين ايل وماري.

هيفاء المنصور مع طاقم فيلمها الجديد “ماري شيلي” 

في لقاء جمعني بالمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد، أخبرني أنه شعر للمرة الأولى في حياته المهنية بأنه مخرج عند إنجازه أخيراً فيلمه الهوليوودي «الجبل بيننا»، بحيث أنه تولى الإخراج فقط، ولم يكن مسؤولاً عن أي شيء آخر. هل تجربتك مشابهة؟

لا، لم أعش هذا الشعور. تجربتي الإبداعية لم تكن مختلفة عن تلك التي عشتها في «وجدة». ولكن في «وجدة» كانت مخاوفي آنذاك كانت مختلفة: كنت أخشى أن يأتي أحدهم لإيقاف التصوير أو ألا يتقبّل المجتمع ما أقدّمه. دائماً أختبر هذا الإحساس بأنني متورطة في أمور أخرى غير الفنّ. في «ماري شيلي» لم أعرف هذا الشعور. اقتصر عملي على الفنّ: إدارة الممثلين، التعامل مع التقنيين، الخ. هذا ما اختلف بين تجربتي السابقة والراهنة. وعموماً، لا أفهم ما المقصود بأن يكون المرء مخرجاً فقط. في رأيي أنه على المخرج أن يمدّ يده إلى كلّ شيء. فعندما أتعامل مع مصمم ديكور، صحيح أنني لا أحب التدخل في عمله لأنني أحترم وجهة نظره، ولكن أفضّل أن أحاوره لنصل إلى تصوّر مشترك للديكور. اذاً، يمكن القول إن الاختلاف لم يتعلق بتجربتي كمخرجة، بقدر ما تعلق بالمجتمع.

أجواء صناعة فيلم عربي مختلفة عن أجواء صناعة فيلم غربي. مستوى المنافسة مختلف، فالأفلام العربية قليلة. والفيلم الناطق بالإنكليزية ينتمي إلى معترك آخر، ولكنني سعيدة بأنني دخلته.

“مهم أن نحتفي بإنجازات غيرنا من النساء وبتاريخ نستمدّ منه الثقة”

السعودية هي حديث الساعة اليوم. نظرات العالم موجّهة نحو بلادك والنهضة الموعودة، هل يساعدك هذا الواقع؟

كمخرجة، هناك دوماً تحديّات. وهذا هو الواقع الذي يمكن أن أتحدث عنه. ثمة تمييز حتى في الغرب، هناك مقاومة للمرأة، ولكنني لا أهتم بها ولا أسمح لأفكار البعض بأن تؤثر فيّ وتشتّت تركيزي.

صورت فيلماً لحساب «نتفليكس» أخيراً عنوانه «نابولي إلى الأبد»… 

صحيح. هو فيلم كوميديا رومنطيقي يطرح قصّة سيدة من جذور إفريقية تنشأ في حي تقليدي، صورناه في أتلانتا، وهو الآن في مرحلة المونتاج، على أن يعرض على «نتفليكس» في آذار من العام المقبل.

ألا تخافين ان يحصرك الغرب في إطار «المخرجة السعودية الناطقة باسم المرأة العربية»؟

بصراحة، لا يستهويني ان أكون ناطقة باسم أي أحد. ولكنني أحب أن أقدّم صورة مغايرة للمرأة العربية. «هم» يظنّون المرأة العربية مستسلمة وخجولة!

نشر هذا اللقاء في عدد شهر يناير 2018 من ڤوغ العربيّة، بقلم هوفيك حبيشان. 
ما يهمّكم أن تعرفوه عن مشروع القدية

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع