تابعوا ڤوغ العربية

تعرفي على سعادة هدى إبراهيم الخميس كانو، مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون

سعادة هدى إبراهيم الخميس كانو، مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، المؤسس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي تؤكّد أن الثقافة والفنون هما الطريق الأمثل للارتقاء بالشعوب وحضاراتها

 

خمس وعشرون عاماً مضوا على تأسيس إمبراطورية للثقافة والفنون في أبوظبي، لتكون علامةً فارقة في زمنٍ قلّت فيه العلامات الفارقة. صحيح أن الرحلة كانت شاقة للغاية، ولكنها أتت بثمارٍ… ويا لها من ثمار استحقت عليها سعادة هدى إبراهيم الخميس كانو في يونيو 2022 وسام «الملكة إيزابيل» برتبة الفارس الأكبر تسلّمته في حينها من الملك فيليب السادس، وجعل منها أول امرأة عربية تحصل على ميدالية شرف كلية الملكة صوفيا للموسيقى وهو أعلى وسام تمنحه جلالة الملكة صوفيا للتميز في الفنون ودعم الموسيقى، كلها جوائز حفزتها وزادت من ثقل المسؤولية على كاهلها ودفعها لتسعى بجهدٍ أكبر للارتقاء بالقطاع الثقافي بكافة مكوناته.

أخذ شغف الفن والثقافة من سعادتها كلّ مأخذِ منذ طفولتها، وقد عشقت مدينة بيروت عاصمة الثقافة والفكر، وتخصصت بدراسة الفنون في الجامعة الأمريكية بباريس عاصمة النور ومدينة الفكر، الأمر الذي حفّز فيها وعياً بأهمية الثقافة والفنون في حياة الإنسان وسلوكياته.

أدركت سعادتها مدى الحاجة إلى ترجمة الرؤية الحكيمة للقيادة الرشيدة في ترسيخ ممكّنات النهضة الثقافية في أبوظبي والإمارات، فانضمت إلى مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون إلى جانب عملها في المجمّع الثقافي مع الأمين العام للمجمع آنذاك، الشاعر محمد بن أحمد خليفة السويدي، وقد صرّحت قائلةً: «بذلنا جهداً كبيراً لنتخطى التحدي الأكبر المتمثل في كيفية الارتقاء بالذائقة الفنية للمجتمع، وفتح مساحات جديدة للمجتمع على الفنون والموسيقى فكراً وإنتاجاً بما يحفظ الأصالة ويتبنى الحداثة في آنٍ معاً».

منذ البداية، كانت سعادتها سبّاقة إلى تنظيم فعاليات متنوعة ومنها فعاليات الأوبرا والأوركسترا والباليه، وبعد أكثر من ربع قرن لاقت استحسان المجتمع الذي أصبح يطالبها بالمزيد ويتنظر منها كلّ جديد، وفعلاً كانت على قدر التوقعات فقدمت نموذجين وقدوتين تمثلتا في سارة القيواني، أول مغنية أوبرا وسوبرانو إماراتية، وكريمة الشوملي، أول طالبة إماراتية في الدراسات العليا في الفنون الجميلة.

أما حبة الكرز على قالب حلوى إنجازاتها فتتمثل في مهرجان أبوظبي الذي تعتبره ثمرة رؤية مستدامة وجهود مخلصة بذلتها مع شركائها المحليين والدوليين لتقديم تجربة إبداعية خلّاقة للعالم تسهم في تعزيز الحضور الإماراتي عالمياً، وتستضيف أبرز تجارب وخبرات ومؤسسات العالم على مسارح ومنابر أبوظبي وذلك ضمن كنف القيادة الرشيدة ممثلةً بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، حتى بات المهرجان اليوم واحداً من أهم احتفاليات الثقافة التي تسهم في نشر الفن والموسيقى إلى جانب العديد من رسائل التعايش والسلام، إقليمياً وعالمياً.

يستمد المهرجان رؤيته من دور ومكانة أبوظبي كعاصمة للثقافة والفنون ووجهة عالمية للإبداع والمبدعين، ونحن نؤكد عملنا بتناغم تام مع مبادرات الإمارة والدولة الحالية والمستقبلية، وخاصة مع إطلاق استراتيجية أبوظبي للصناعات الثقافية والإبداعية قبل عامين، ضمن إطار أجندة ثقافية مدتها خمس سنوات، بهدف الجمع بين الاستثمارات الكبيرة والتدابير غير المسبوقة لخلق بيئة ملائمة لازدهار الصناعات الثقافية والإبداعية، ما يرتقي بأبوظبي لتكون حاضنة عالمية للمواهب الإبداعية ومركزاً إقليمياً رائداً في إنتاج وتصدير المحتوى الثقافي والإبداعي، ويساهم في تعزيز الحضور الإماراتي عالمياً واستقطاب كبار النجوم والمبدعين إلى مسارح وصروح أبوظبي الثقافية والفنية وصولاً إلى تحقيق أهداف خطة مئوية الإمارات 2071.

لا تنفك سعادتها تكرر أن ما وصلت إليه قام على دعمٍ منقطع النظير أساسه أمرين اثنين: العائلة ودولة الإمارات العربية المتحدة. فهي محظوظة لأنها ولدت في دولةٍ تُعد ملتقى طرق حضارية بين الشرق الذي ولدت فيه والغرب الذي فتح أبواب العالم أمامها، والمجتمعات التعددية التي تحتضن أكثر من 200 جنسية. فأرض كهذه كفيلة بتقديم مصادر إلهام ووحي لا تُعد ولا تُحصى، ويمدّها بالعزيمة لتقدّم تجربة ثقافية متميزة تخدم هذا التعدد والتنوع الغني الذي عايشته وتشبّعت منه ثقافةً وفناّ وفكراً، وهي القائلة: «ساعدتني النشأة في دولة الإمارات في السعي لتأكيد مدى أهمية التعايش والشراكة الإنسانية مع الأفراد والمؤسسات التي تمثل الثقافات المختلفة حول العالم». علاوةً على ذلك، حدّت دولة الإمارات من العراقيل التي قد تقف في وجه المرأة وطموحها وفتحت لها أوسع الأبواب ليلمع نجمها، فقد أوقد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد شعلة تغيير مجتمعي خلاق يؤمن بالمساواة بين الجنسين، ويتيح للمرأة حقوقها كاملةً، وبشراكة كاملة مع الرجل في جميع الميادين. هذه الرؤية اكتملت بدعم الشيخ زايد رحمه الله، وسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، أم الإمارات، حفظها الله، التي أثرت فيها ولعبت دوراً في تشكيل المرأة القوية في داخلها، فاطمة الخير أيقونة العطاء والدبلوماسية والانفتاح والتواضع، كلّ لمجال الفنون والثقافة وبخاصة الموسيقى لدى المعاصرين من الشباب والشابات.

جلالة ملكة إسبانيا تمنح سعادة هدى إبراهيم الخميس كانو ميدالية شرف كلية الملكة صوفيا للموسيقى وهو أعلى تكريم للتميز في الفنون ودعم الموسيقى

إضافةً إلى ذلك، عاشت سعادتها في كنف عائلة تربط أواصر المودة والتبني المتبادل للمواهب والميول والهوايات بين أفرادها، وفيها يكمن الشغف الذي يتولد من علاقات أفرادها ببعضهم، واتفاقهم حول مبادئ الحوار والتفاهم والانفتاح على الأفكار، وقد تحدثت عن أسرتها قائلةً: «هذا ما عهدته في أسرتي الصغيرة وروابطنا العائلية الأكبر، فوالدي إبراهيم الخميس كان وجيهاً يهتم بكل ما له علاقة بموروث الثقافة واللغة والشعر والأدب، وأمي نمّت لدينا الميول الفنية والأدبية وحب الجماليات في كل مجالات العلم والعمل، ووالد زوجي الدكتور عبد اللطيف كانو، مهندس إنشائي وكاتب بحريني وصاحب بيت القرآن في البحرين، وزوجي فنان تشكيلي وصاحب رأي ناقد ومستنير، وأبنائي اليوم يكملون شغفنا بالفنون والإبداع كلاًّ على طريقته وفي مجال اختصاصه».

ترى سعادتها أن أبوظبي شهدت نهضة نوعية في كافة المجالات الفنية والثقافية منطلقة من المحلية إلى العالمية لتتوج قبل عام بلقب مدينة الموسيقى من اليونسكو ضمن شبكة المدن المبدعة التي تعمل معاً لتحقيق هدف مشترك يتمثل بوضع الصناعات الإبداعية والثقافية في صميم خططها التنموية على المستوى المحلي، وتحفز التعاون بينها على الصعيد الدولي.

وانطلاقاً من المكانة التي سعت القيادة الرشيدة لتصل إليها، كان لا بدّ أن تستند سعادتها على رؤيةٍ فريدة تنسجم مع التوجه العام للدولة في تمكين الاقتصاد الإبداعي والاهتمام بالثقافة والفنون كمدخل أساسي إلى بناء أمرين في غاية الأهمية في مسيرة الإمارات منذ التأسيس، وهما: بناء الإنسان، والارتقاء بذائقته الفنية ومخزونه الثقافي والمعرفي، وتعزيز القوة الناعمة والدبلوماسية الثقافية، وذلك بما يتماشى مع سعي الرؤية الرائدة للدولة وقيادتها، ممثلةً بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، إلى تمكين الشباب وتفعيل دورهم ضمن منظومة وطنية متكاملة للصناعات الثقافية والإبداعية، مستلهمين مقولة سموّه: «الأمم الناهضة هي التي تستثمر في الشباب، وتعمل على تأهيلهم وتمكينهم وتوظيف قدراتهم بالشكل الأمثل، لأنهم ثروة الأوطان الأغلى، والمورد الذي لا ينضب أبداً، والمحرك الأساسي لعجلة التطوير والبناء والتقدم في أي بلد».

حرصت سعادتها على مدار السنوات الماضية على تقديم الدعم الكامل للعديد من الشباب وإطلاق العديد من المبادرات مثل القيادات الإعلامية الشابة التي تُعنى بتنمية مهارات وقدرات الجيل القادم من الإعلاميين الإماراتيين الذين يصنعون مستقبل الإعلام الوطني، والذين بات العديد منهم نجوماً بارزين؛ على سبيل المثال لا الحصر، المبادرة التي أثمرت عن انطلاق أسماء شابة عديدة إلى العالمية ومن بينها المؤلف الموسيقي الإماراتي عضو لجنة ترشيحات جائزة غرامي إيهاب درويش والمؤلف الموسيقي الإماراتي العالمي محمد فيروز لا تخشى سعادتها من التجديد والمعاصرة، وفي هذا الصدد تقول: «التجديد هو الأساس للحفاظ على التراث والمحك هنا كيف نواكب التطوير ونجدد في تقديم موروثنا الثقافي والفني إلى العالم بشكل معاصر، إلى جانب الفنون الحديثة التي ظهرت مع التطور الكبير في عالمنا».

وأشارت سعادتها إلى التطور التكنولوجي الذي أظهرت جائحة كوفيد 19 جدواه، فقد رأت فيه خشبة الخلاص التي أنقذت مؤسسات وبرامج ثقافية من خلال الدمج بين الفعاليات الافتراضية والواقعية، الأمر الذي ساهم في ارتفاع نسبة المشاركات والمشاهدات للفعاليات وبشكل عابر للحدود والجغرافيا.

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع