تابعوا ڤوغ العربية

كوميديا لم ينطفئ بريقها

«دمه خفيف»، «مهضوم»، «دمه شربات» مصطلحات شعبية نستشعر من خلالها تودد العرب لكل من يتمتع بحسّ عالٍ من الفكاهة. فالعرب محبون للضحك، يبحثون عنه في مختلف تفاصيل حياتهم، في جلساتهم مع الأصدقاء وفي السهرات العائلية وطبعاً في الأعمال الفنية.

استفاد صنّاع السينما والتلفزيون في مختلف الدول العربية من هذا الواقع وقدّموا للجمهور العربي ما يضحكهم. بعض هذه الأعمال لا يزال محفوراً في ذاكرة المشاهد العربي رغم مرور سنوات طويلة على إنتاجها، لذلك تراه لا يكلّ ولا يمل منها ويضحك لقفشاتها وتعليقاتها وكأنه يسمعها للمرة الأولى.

من منا لم يتمنّى لو كان أحد تلاميذ صف بهجت الأباصيري ومرسي الزينات في «مدرسة المشاغبين»؟. جمعت هذه المسرحية أقطاب الكوميديا المصرية (عادل إمام، سعيد صالح ويونس شلبي) الذين جلسوا تلاميذ أمام «الأبلة عفت» وفهموا أهمية العلم وقرروا التحوّل من مشاغبين إلى متفوقين يسعى كل منهم وراء حلمه. فبعد «14 سنة خدمة في ثانوي» شقّ الأباصيري طريقه كربان باخرة، وبعد أن «اتهزم مرسي الزينات يا منز» تحوّل إلى تاجر ناجح، ومنصور الذي غنّى «أبويا اتحرق أبويا اتحرق» تخصص في الرسم، وأحمد «العارف والفاهم كلّ حاجة» برز تفوقه في الشعر العربي، ولطفي فهم ما يقوله زميله منصور وتخرج أخيراً من الثانوية.

صفوف مدرسة الآنسة ظريفة كانت حلم التلاميذ أيضاً، ففيها من التسلية والضحك ما يبهج القلب لا سيما صف الأستاذ ابراهيم. «المعلمة والأستاذ» مسلسل كوميدي تدور أحداثه داخل مدرسة لمحو الأمية حيث يواجه الأستاذ والمعلمة مجموعة من الطلاب الكسالى الطاعنين صفوف مدرسة الآنسة ظريفة كانت حلم التلاميذ أيضاً، ففيها من التسلية والضحك ما يبهج القلب لا سيما صف الأستاذ ابراهيم. «المعلمة والأستاذ» مسلسل كوميدي تدور أحداثه داخل مدرسة لمحو الأمية حيث يواجه الأستاذ والمعلمة مجموعة من الطلاب الكسالى الطاعنين في السن، في حين يحاول المعلم الفقير التقرب من المعلمة القادمة من أسرة غنية لكنها لا تبادله الإعجاب وتصده في كل مرة يحاول فيها التقرب منها. سيارة الأستاذ، كشفه لسرّ والد المعلمة مع والدة يوسف أحد طلاب المدرسة، يوسف الذي ينقل معاناة من أهملته والدته على طاولات لعب الورق، أماليا وحملها، عفّو وعشقها لبييرو، وتلفاز التجسس الذي وضعته ستنا الناظرة في مكتبها… وغيرها من القفشات التي تعجز عن سردها دون أن تقهقه عالياً، لا تزال لا تجد لها منازعاً في كوميديا اليوم.

أعمال محفورة في ذاكرة المشاهد العربي رغم مرور سنوات طويلة على إنتاجها، لذلك تراه لا يكلّ ولا يمل منها ويضحك لقفشاتها

«إذا أردنا أن نعرف ماذا في إيطاليا علينا أن نعرف ماذا في البرازيل» الجملة الأشهر التي يردّدها المثقف حسني البورظان في مسلسل «صح النوم» أشهر الأعمال الكوميدية السورية، لا بل أب الكوميديا السورية. نتفاجأ دائماً عند متابعة حلقات هذا المسلسل أن قفشاته ومقالب غوّار وغرام فطّوم لحسني البورظان ستضحكنا كما لم يسبق لنا أن ضحكنا. لا يغرّك بساطة المسلسل وممثيله، فهو يندرج ضمن فئة السهل الممتنع إذ يقوم على حوارات عنوانها العريض هو الفكاهة التي تظهر في كاراكتير كلّ شخصية، لكنة أبو عنتر الشهيرة بالشدة على بعض الأحرف «شنّو، مازيّة»، و«معلمتي» التي لا يكف ياسينو عن تكرارها و«أنفي لا يُخطئ» التي رددها أبو كلبشا كثيراً، و«ريجاءً» التي امتلأت غنجاً حيناً وغضباً حيناً آخر وفقاً للموقف الذي تتعرض له فطّوم.

«أبو سليم الطبل» مسلسل لبناني انطبع في ذاكرة الناس على مرّ السنوات وأدخل إلى كل البيوت شخصيات محببة «مهضومة» كأبو سليم وفهمان وأبو نصرة ودرباس نقلت بساطة الناس وحبهم للحياة وانتقدت أحداث ألمّت بالشعب اللبناني في إطار كوميدي خفيف غير مبتذل فانتزعت من مرارة الواقع ضحكات كان الناس بأمس الحاجة إليها. نتابع حلقات المسلسل فنشعر بالألفة والمحبة بين ممثليه، لا ينافس واحدهم الآخر إلا على إضحاك المشاهد ورفع جرعة الكوميديا. ألفة ومحبة تشعرنا أننا نجالس أفراد العائلة، نستمع إلى نصيحة، نفهم واقعاً، نستمد درساَ في إطار كوميدي فيعلق الكلام في ذهننا ونجد أنفسنا متعطشين لحلقة أخرى ولكلامٍ بسيط يضحكنا بعيدًا عن الابتذال.

ولا يمكن أن يمر الحديث عن الكوميديا من دون أن نأتي على ذكر الفنان الراحل اسماعيل ياسين الذي دخل القلوب بحس الفكاهة العظيم الذي يتمتع به وليس بوسامته، ولعلّ فيلمه «اسماعيل ياسين في الأسطول» هو من أشهر الأفلام الكوميدية المصرية التي برع من خلالها بإضحاكنا، ولا شكّ أن كثر منا يحفظون العبارات التي ردّدها مثل «هو بعينه بغباوته بشكله العكر»، «شغلتك على المدفع بروروم». يقدم هذا الفيلم جرعة عالية من الكوميديا الراقية إذ يروي مواقف طريفة وكوميدية تنتزع الضحك من الجمهور.

قفشات تعجز عن سردها دون أن تقهقه عالياً، لا تزال لا تجد لها منازعاً في كوميديا اليوم

ولسمير غانم فضل أيضاً في إمتاع الجمهور وإضحاكه ومن أشهر أعماله الراسخة في الأذهان مسرحية «المتزوجون» التي تناقش الفوارق بين الطبقات الاجتماعية والمشاكل الاقتصادية مستعينة بزوجين الرجل فيهما فقير والزوجة أرستقراطية ضمن إطار كوميدى تتوالى فيه المواقف المضحكة نتيجة اختلاف أسلوب معيشة كل منهما. ومشهد «الصرصار والصرصاريه بيتجوزوا»، و«أنا عاوز فلوس، وأنت عايز فلوس، يا ريت تلاقي حد يدينا» قفشات أضحكتنا ودخلت قاموس مصطلحاتنا اليومي.

لعبة «طاش ما طاش» الشعبية تحوّلت إلى مسلسل كوميدي وصل صدى ضحكاته إلى مكتبة الكونغرس. يُعرض هذا المسلسل السعودي الساخر في شهر رمضان، ويناقش في ثلاثين دقيقة قضايا اجتماعية بقالب ساخر. جذب عدد هائل من المتابعين الذين باتوا ينتظرون من عام لعام مواسمه ليضحكوا على سكيتشات يبرع بطلاه ناصر القصبي وعبد الله السدحان بتقديمها بأسلوبهما المحبب والمميز.هذه عينة من أشهر الأفلام والمسرحيات التي أضحكت الناس في مختلف أنحاء العالم العربي وطبعاً القائمة تطول جداً، أعمال لم ينجح صناع السينما حالياً في إطفاء بريقها ليتسع المجال لأخرى تطغى عليها وتسحب بساط الكوميديا من تحتها. وربما يكون سرّها خلطة ناجحة جمعت البساطة، العفوية والرقي والفكاهة التي تحترم عقل المشاهد فتنقل له واقعاً وتوصل له رسالة مبطنة حيناً وظاهرة حيناً آخر بعيداً عن الرخص والابتذال.

نجمات السينما المصريّة يتحدثن عن دور النساء في صناعة الأفلام من مهرجان القاهرة السينمائي

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع