تابعوا ڤوغ العربية

الحياة بعد اللقب… حوار ڤوغ العربيّة مع نخبة ملكات الجمال اللبنانيات السابقات

من اليمين – كليمانس أشقر، وسالي جريج، رينا شيباني، ونادين ولسن نجيم. بعدسة ربيع يونس لصالح عدد شهر مارس 2018 من ڤوغ العربيّة.

ڤوغ العربية جمعت نخبةً من ملكات الجمال اللبنانيات السابقات: كليمانس أشقر، نادين ولسن نجيم، رينا شيباني وسالي جريج. روت كلّ منهن تجربتها الخاصة في عالم الجمال وما قدّمه اللقب لها. فتحدّثن بشفافية مطلقة وبعفوية عكست شخصية كلّ ”ملكة“ ونظرتها الى اللقب

نشر هذا المقال داخل عدد الذكرى السنويّة الأولى لشهر مارس 2018 من ڤوغ العربيّة، بقلم روزي الخوري.

ما أن تصدح الأغنية الشهيرة يوم الانتخاب “للصبية الملكة تاج وصولجان… على عرش الجمال توّجوها ملكة…” حتى تشرّع لها أبواب الشهرة والأضواء واسعة. وما أن يمتلئ عرش الجمال جمالاً حتى تنبسط الدروب قويمة أمام المتوّجة. حلمها على مسافة لقب منها، ولقبها حلم معظم الفتيات ينقلهن من ضفة الى ضفة. أما الطموح، فيبدأ بعد الانتخاب، إما أن تلمع المتوّجة وتترجم لقبها بما يستأهل من أبعاد، وإما أن تكتفي باللحظة ويخبو الطموح لحظة يتحقق الحلم باللقب. هنا التحدي وكل الحكاية.

منهن من خضن تجربة التمثيل وبرعن فيها، ومنهن من دخلن مجال التقديم لأهم البرامج التلفزيونية وتسجيل الإعلانات، ومنهن أيضا من غبنَ عن الساحة ولم يكترثنَ للأضواء، بل عملن في مجال اختصاصهن، بعيدا من الشهرة. ومنهنّ من وازنّ بين الشهرة ومجال اختصاصهن وعملهن.

منذ مطلع السبعينيات والأنظار شاخصة الى لبنان في مسابقة الجمال مع جورجينا رزق التي حازت لقب ملكة جمال الكون. ومن يومها حلمت كلّ الفتيات بخلافتها على عرش الجمال. ويبقى السؤال: هل احتفظت مسابقة الجمال ببريقها عند الناس كما في السابق؟ وهل ما زال اللقب يحقق لصاحبته الشهرة العالمية؟ أياً تكن الإجابة، يظلّ حدث الانتخاب الأكثر مشاهدة بحسب الإحصاءات، ولكن تتفاوت درجة أهميته تبعاً لشخصية الملكة ونسبة جمالها وقبولها عند الناس. أما الثابتة الوحيدة فهي أن الجمال يبقى نسبياً وأنّ اللقب بذاته مكسب معنوي لحاملته.

كليمانس أشقر ترتدي سترة من ستيلا مكارتني، وبنطلون من سان لوران. بعدسة ربيع يونس لصالح عدد شهر مارس لڤوغ العربيّة.

كليمانس أشقر ملكة جمال لبنان 1998:

“لا أقدّم ما لا يشبهني لمجرد الظهور”

عندما انتخبت كليمانس أشقر كانت في سنّ صغيرة (18 سنة)، قفزت من بيئة محافظة من بيئة محافظة إلى عالم الشهرة. لكن اللقب والشهرة لم يبعداها عن اقتناعاتها، ولم تنجرف إلى العروض الكثيرة التي تلقتها، على كثرتها. حافظت على انتقائيتها لما يناسب شخصيتها وثقافتها ورؤيتها للأمور. وتعتبر أنه لولا مسابقة ملكة جمال لبنان لكانت في مكان آخر. لكن اللقب غيّر أموراً كثيرة في حياتها وجعلها تنضج بسرعة وتتعرف إلى الحياة بطريقة سريعة. وهي حافظت على التوازن وفصلت بين حياتها الخاص وعالم الأضواء. تعتبر أن “إيجابيات أن تكون ملكة جمال كثيرة، أبرزها أنّ أبواباً عدة تفتح أمام الملكة، كما أنّ الناس يتعرّفون إليها سريعاً. وكوني أحب الناس، يشعرني ذلك بالسعادة. ولو كان هدفي استثمار اللقب لمجرد استثماره لكنت قبلت بعروض كثيرة قُدّمت لي. أنا لم أكن يوماً عبدة لهذا اللقب، ولم أسعَ لاستغلاله، لأنني لو فعلت لخسرت نفسي”.

وتتحدث عن عروض كثيرة تلقتها بفضل اللقب. لكنّها لم تغامر في خوض التجربة، خصوصاً في عالم التلفزيون لأنها تفضّل البرامج الثقافية الاجتماعية أكثر من الفنية والترفيهية، مع العلم أنها عملت في مجال التلفزيون لكن لم تجد نفسها فيه. وهي الآن ليست بعيدة عن مجال الفنّ، فالموسيقى شغفها وهي تغني باللغة الأجنبية وتتمتع بصوت جميل وتتلقى في هذا المجال دعماً من زوجها الموسيقي. وتقول عن تجربة الغناء: ”لم أحترف الغناء، لأني أتقن الغناء باللغة الأجنبية، ونحن في بلد يميل إلى الغناء بالعربية، ولكن هذا لا يعني أنني لن أخوض التجربة بجدّية، وربما أطلق قريباً أغنية أجنبية لفنان عالمي بتوزيع جديد.”

لا تشعر كليمانس بالندم على أي فرصة أتيحت لها ولم تغتنمها، لأنّ كل ما عرض عليها لا يشبه شخصيتها. واليوم تشعر بأهمية حصولها على اللقب الذي نمّى لديها العمل الإنساني وخوّلها التعاون مع جمعيات إنسانية وبيئية عديدة، “أجمل ما حقّقته هو اختياري لتمثيل منظمات عالمية تعنى بحقوق الانسان”. وتشير كليمانس إلى أنّه في السابق كانت مسابقة ملكة الجمال تستأثر بضجّة أكبر، ربما لأن وسائل التواصل الاجتماعي كانت غائبة، والحدث تلفزيونياً كان يستقطب عدداً أكبر من المشاهدين، لضخامة إنتاجه. وهي تشعر بالفخر عندما تسمع من الناس أنّها تركت بصمتها، وفي رأيها أن “اللقب يدعم صاحبته، لكن الجهد الشخصي هو الذي يترك أثراً طيّباً عند الناس”.

نادين ولسن نجيم ترتدي قميص وبنطلون من سيلين. بعدسة ربيع يونس لصالح عدد شهر مارس لڤوغ العربيّة.

نادين ولسن نجيم ملكة جمال لبنان لعام 2007:

“استفدت من لقبي 30 في المئة وأنتظر الكثير بعد من نفسي”

 تؤكد نادين نجيم أن اللقب فتح لها الأبواب وأتاح لها الفرص، وما تبقّى كان طموحاً منها وجهداً بذلته لتحقيق الكثير على الصعيدين المهني والشخصي. فقد أتاح لها اللقب الاستقرار المالي الذي انطلقت منه لخوض غمار أوسع ولإكمال دراستها الجامعية وتحصيل الشهادات، ومكّنها من نسج علاقات كثيرة  ساعدتها على تطوير عملها في شركتها الخاصة Microbites الرائدة في مجال وسائل التواصل الاجتماعي. الى ذلك، خوّلها إدارة شركة Designer 24، من دون أن ننسى نجاحها في تقديم البرامج الترفيهية. والأهم بالنسبة الى نجيم، لكي لا يبقى اللقب ذكرى جميلة نعيش على أمجادها، هو أن نستفيد منه ولكن بطريقة صحيحة، “وأنا اتخذت القرار الصحيح بتنمية قدراتي وإثبات جدارتي وكفاءتي العلمية والثقافية، إلى جانب الجمال الذي لا يكفي وحده”. وتضيف: “بطبيعتي، أستفيد من الفرص بطريقة ذكية تخدمني في كل المجالات. ومع ذلك لم أستفد من كلّ الفرص إلى أقصى الحدود”. فحتى اليوم، ورغم نجاحاتها، تعتبر أنّها استفادت بنسبة 30 في المئة، “وما تبقى عليّ أن أكسبه بجهدي وقدراتي الفكرية والعلمية”. وبكل شفافية تقول نجيم: “لا أنتظر الكثير بعد من اللقب، بل أنتظر من نفسي، وأطرح السؤال على ذاتي: ماذا ستقدّم نادين بعد؟”.

وتعتبر أنّ لقب الملكة هدية لكلّ صبية نالته، في أي وقت وأي ظرف، وإذا لم تلمع من خلاله فهذا ربما أمر يعود لأسباب خاصة بالملكة التي قرّرت أن تبتعد عن الأضواء واكتفت فقط باللقب. وتلاحظ أنّ وهج الحدث لم يعد كما في السابق لأسباب عديدة منها أنّ الذهنية تطوّرت ولم يعد محظوراً على الصبايا الظهور في مسابقات تبرز جمالهن، وخصوصاً في عصر وسائل التواصل الاجتماعي التي تتيح بلمح البصر كلّ ما لم يكن متاحاً من قبل. ولذلك ترى أن إدارة الحدث لا بدّ أن تشهد تغييراً ملحوظاً لتجنيبه التكرار والرتابة ولتقديم صورة تجعل منه مناسبة تحفز النخبة المؤهلة من الصبايا على المشاركة لإبراز قدراتها. لذا يفترض أن تكون المغريات لذلك كثيرة بما يخدم اللقب المرشحات.

لا شكّ أن طموح نجيم كبير مثل أحلامها، فهي لا تقف عند حدود، لكنها الآن تضع نصب عينيها برنامج “توك شو” تقدّمه وتستثمر فيه قدراتها الفكرية والثقافية، متوجهة إلى الشباب في مواضيع جريئة يكون للمرأة حيّز فيها. وبهذا تكون وظّفت خبرتها وثقافتها إلى جانب جمالها، في عمل تلفزيوني يكسبها شهرة أوسع وغنى لمسيرتها بما يرضي طموحها. وإلى جانب كلّ هذه النجاحات العملية، تبقي نجيم للعائلة حيّزاً كبيراً، وتقول إنّ حلمها يتحقّق أيضاً بإنجاب الأطفال لتؤسس أسرة.

رينا شيباني ترتدي سترة من ألكسندر مكوين، توب من سان لوران، وبنطلون من ستيلا مكارتني. بعدسة ربيع يونس لصالح عدد شهر مارس لڤوغ العربيّة.رينا شيباني ملكة جمال لبنان للعام 2012:

“أنا محظوظة وعليّ أن أجيد الاختيار”

تعتبر رينا شيباني أنّ لقب ملكة الجمال حلم حقّقته، وكان لطالما راودها منذ الصغر، كأي فتاة جميلة، ثم ساعدتها المصادفة على تحويل الحلم حقيقةً. ولا شك أنه تغيير لحياة أي فتاة وإضافة جديدة، بغض النظر عن العروض التي تتلقاها. وترى أنّ للقب أهميته الخاصة منذ انتخاب جورجينا رزق وحتى اليوم، “فهذا الحدث الذي ينتظره الملايين قيمته فيه كحدث أولاً قبل انتخاب الصبية”.

وتشير الى أنّ انتخابها شكّل سابقة، إذ حلّت شقيقتها التوأم رومي وصيفتها الأولى. وتحدّث الإعلام المحلي والغربي عن هذا الحدث غير المسبوق، وحتى الصحافة الصينية واليابانية كتبت عنهما.

في الفترة الأولى لانتخابها تطلّب منها الحدث وقتاً كبيراً، إلا أنّها اليوم بعد تحصيلها شهادة عليا، هي الماستر في الهندسة الداخلية، انكبّت على تطوير نفسها في مجال اختصاصها. فعالم الهندسة عالمها وهوايتها ومهنتها. وتسعى اليوم إلى حجز مكانة لها في هذا المجال بغض النظر عن لقبها الذي لم تخض من خلاله مجال التمثيل والتلفزيون، رغم العروض الكثيرة التي تلقتها. وتذكّر في هذا السياق بأنها “رافضة منذ البداية فكرة التمثيل، فهذه ليست هوايتي ولا أحب المغامرة والمخاطرة في مجال ليس من اختصاصي، بل أرسم الأشياء كما أريدها وأراها”.

وعن العروض التلفزيونية التي قُدمت لها تقول: “أحبّ التقديم ولكن في مجال ثقافي. وعندما تلقيّت عروضاً كنت منشغلة في مجال اختصاصي، وربما رفضت هذه الفرص لأني لم أدرك أهميّتها، وتعرّفت إليها لاحقا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي تظهر حقيقة الأمور وأهميتها. وأنا اليوم أنتظر العمل المميّز الذي يظهر شخصيتي”.

تعتبر شيباني نفسها محظوظة لأنها حازت لقب ملكة جمال، خصوصاً أن حدث الانتخاب يومها والضجة الإيجابية التي رافقته شكّلا لها تشجيعاً كبيراً عزّز ثقتها بنفسها وأعطاها رغم صغر سنّها دوراً كبيراً، وخاضت تجارب خوّلتها نسج علاقات كثيرة، ولا سيما العمل الذي قامت به مع وزارة السياحة، وزارت بلدانا عدة والتقت أفراد الجالية اللبنانية في بلدان الاغتراب. وتقول: “هذه العلاقات ترافقني مدى الحياة، والأهمّ المحافظة عليها طوال السنين المقبلة، والعمل لتثبيت الصورة الإنسانية والوطنية التي رسمتها لنفسي، وما زلت حتى اليوم أشارك في أعمال الجمعيات الخيرية”.

شيباني التي لم تتوقّع شيئاً إضافياً من هذا اللقب غير الذي حصلت عليه، لا تندم على أي فرصة تقدّمت لها. وهي اليوم لا تعيش على أمجاد شهرتها، بل وضعتها جانباً وأرست توازناً للتركيز على حياتها العملية والعائلية وخصوصياتها.

هي مدركة تماماً أنّ لقب الجمال سيف ذو حدين، إذا لم تعرف من تحمله كيف تستفيد منه فستؤثّر الشهرة عليها سلباً. وفي رأيها أن التوازن الداخلي يجعل اللقب أجمل “فلا نضيّع الوقت في أمجاد الشهرة، بل من المفيد التركيز على الجانب الآخر من الحياة. حتى عندما تقدّم لي العروض أدرسها بتمعّن لأحترم اللقب الذي حصلت عليه والصورة التي رسمتها لنفسي، أي الجمال والثقافة والرصانة الفكرية”.

سالي جريج ترتدي قميص من ستيلا مكارتني، بنطلون من ميوميو، وحذاء من جيانڤيتو روسي. بعدسة ربيع يونس لصالح عدد شهر مارس لڤوغ العربيّة.

سالي جريج ملكة جمال لبنان للعام 2014:

“لم أتوقّع أن أحصد من لقبي الكثير”

عندما قرّرت سالي جريج خوض تجربة مسابقة ملكات الجمال لم يكن هدفها الشهرة ولا التمثيل ولا تلقي العروض المهنية، بل تحمّست للمسابقة وللقب. وتعترف بأنّ بلوغ ملكة الجمال الشهرة وتقديم البرامج يتطلب جهدا مضاعفاً، أكثر من السابق. يومها، كان يكفي أن تفوز الصبية باللقب حتى تفتح أمامها كلّ الأبواب، والجهد الذي تبذله لتلقي كلّ هذه العروض كان أقل بكثير مما عليها أن تفعله اليوم. صحيح أن الأمر ممكن حالياً، لكنه يتطلب جهداً شخصياً واندفاعاً.

ولا تنكر أنها تلقّت الكثير من العروض، وكانت تلبّي بعضها بما يناسب شخصيتها، لكنها لا تزال تطمح الى تقديم برنامج خاص بها، ترفيهي أو فني، حتى أنّها لا تمانع في أن تؤدي دوراً تمثيلياً إذا رأته يناسب شخصيتها ويشبهها الى حد ما. وتعترف بأنّها هي من ابتعدت في البداية عن الساحة بسبب تكريس وقتها لحياتها الزوجية، لكنّها لا تندم على ذلك لأنّه كان خيارها في حينه. واليوم تحاول الإطلالة مجدداً بفاعلية أكثر، مع العلم أنّها تعمل حالياً ضمن اختصاصها في الهندسة المعمارية وتطمح الى المزيد في هذا المجال أكاديمياً وعملياً. ونتابعها اليوم في فقرة خاصة بها تقدمها على إحدى الشاشات المحلية.

وتتحدث جريج عن الناحية الإيجابية لهذه التجربة التي ترى أنها تفتح أبواباً كثيرة، وإن لم يكن الأمر سهلا كما في السابق. وتقول إنها حتى لو ابتعدت عن الأضواء لفترة إلا أنّ اللقب يخوّلها العودة في أي وقت، ويعزّز وجودها على الساحة، خصوصاً أنّها اليوم أكثر انفتاحاً لتلبية الدعوات والمناسبات التي تتطلب منها حضوراً ومشاركة.  واليوم تقدّم فقرة خاصة بها على إحدى الشاشات المحلية.

وتعترف بعفوية وشفافية بأنّها لم تتوقع أن يتيح لها لقبها الكثير على صعيدي المهنة والشهرة، لانّه قبل تقدّمها إلى المسابقة كانت تعلم مسبقاً أن رونق الحدث تراجع وخفّ وهجه عما كان في السابق. وتعزو ذلك الى أن حدث الانتخاب بذاته تراجعت  نسبة مشاهدته “لأنّ كلّ شيء تبدّل وصارت الأولوية لوسائل التواصل الاجتماعي التي يجد الجمهور نفسه لصيقا بها أكثر من التلفزيون”.

وتوضح أنّ لمشاركتها في انتخابات ملكة جمال العالم والكون قيمة خاصة وتجربة فريدة توسّع دائرة المعارف والتواصل مع الناس. كما أنّ قضية المرأة التي حملتها شعاراً لسنة انتخابها ما زالت القضية الأولى التي تساندها.

تسع سيّدات عربيات يحلقن في الصدارة ويعشن يوم المرأة في كلّ يوم

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع