تابعوا ڤوغ العربية

رواية رومانسية بأنامل الإماراتية منار الهنائي

“لم تصدّق صديقتي أنه باستطاعة شخص أن يكتب رواية عن الحب إلا إذا كان قد خاض بنفسه تجربة أبطال الرواية ذاتها“

منار الهنائي

منار الهنائي هي صحفية إماراتية حائزة على جوائز، وكاتبة لها مؤلفات منشورة، ورائدة أعمال في مجالات عدة، ومستشارة تسويق وعلاقات عامة مقيمة في أبوظبي. شغلت منار في السابق منصبَ النائب الأول لرئيس شركة أبوظبي للاستثمار، ومدير العلاقات مع الشركات، والمسؤول الاجتماعي، ونالت جائزة المرأة العربية عام 2011، وأُدرِجَ اسمها ضمن قائمة أهم 100 شخصية ملهمة في الإمارات عاميّ 2012 و2014. وتهوى منار الكتابة، وهي إلى جانب ذلك متحدثة مفوّهة ورائدة في مجال الفكر. وشاركت منار في تأسيس أول مجلّة إلكترونية في منطقة الخليج العربي، والتي يديرها أبناء المنطقة ويتولّون تحرير مواضيعها أيضاً، وهي تشغل منصب رئيس قسم رواية القصص بها. وقد نُشِرَت مقالاتها في الصحف والإصدارات الرائدة عالمياً. وفي معرض أبوظبي الدولي للكتاب الذي انطلق يوم 26 أبريل 2019، أطلقت أولى رواياتها الرومانسية بعنوان The Man in the White Sandals (الرجل ذو النعل الأبيض).

تحكي منار: “ما زلت أذكر تلك الظهيرة حين اختليت بِقَيْس بن الملوح في مكتبة أبي في الركن الأيسر من منزلنا في أبوظبي. تربّعت وأسندت رأسي الصغير على الحائط الأبيض أسفل النافذة المطلّة على بركة السباحة. حين تأكدت من غفوة أمي وأبي وأمنت أن لن يقاطع حديثنا أحد، روى لي قَيْس قصة عشقه لِليلى. علّمتني أبيات قصائده كيف من الممكن أن يسيطر شخص واحد على كياننا ويهيمن على عقلنا، حتى لا نقبل واقعاً لحياتنا غير الواقع الذي يجمعنا بعشيقنا. قصيدة وتليها أخرى، أحببت وتتوّقت لرؤية ليلى لأتعرّف عن قرب على الخصال التي ميّزتها في أعْين قَيْس عن بنات جنسها، وما الذي تفرّدت به قصة عشق خلّدها الزمان للمتيّمين ومتلذذي الشعر.

في أحضان تلك المكتبة وفي كل ظهيرة، أبحرت في قصص عشق مختلفة. حاربت مع عنتر بن شداد حتى انتصرت على أعدائي وظفرت بمحبوبتي. لبست الأسود في رواية لأحلام مستغانمي، واقتنعت أن الأسود يليق بي أيضاً. عشقت أيرلندا الساحرة قبل أن أراها كما وصفت سهولها وهضابها الكاتبة الأيرلندية سيسيليا أهيرن في رواياتها المختلفة.

غلاف رواية منار الهنائي

في تلك المكتبة لم تنجذب أناملي وعقلي إلا إلى الروايات والقصائد الرومانسية. لم تكن ميولي شاذةً، فأنا كالشعب العربي أُحب أن أسمع وأقرأ عن الحب. تجمعنا والحب علاقة قديمة كالأزل. معظم أغانينا تتمحور حول ذلك الشعور السامي. ننجذب للروايات الرومانسية، وتتصدّر دواوين الشِعر والروايات قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في مكتباتنا، ونقدّس عشاقاً كعنتر وعبلة، فهم أبطال غير رسميين في ثقافتنا.

رغم أن معظم قرّائي يعرفونني ككاتبة وناشرة مهتمة بمجال الثقافة الخليجية وريادة الأعمال، إلّا أن ما لا يعرفه الكثير منهم هو أن بداياتي مع الكتابة بدأت قبل أن تنشر مقالاتي في الصحف والمجلّات العالمية بكثير. بداياتي كانت في مكتبة أبي تلك وأنا في سن المراهقة، وفي مجال الروايات الرومانسية بالتحديد.

حين أتممت قراءة معظم الروايات الرومانسية المتوفرة في منزلنا وفي مكتبة بيع الكتب القريبة من حيّنا، أردت أن أُجرّب حظي في صياغة قصة رومانسية من نسج خيالي. كنت مؤمنة بأنه على قدر الاطّلاع تُصقل موهبة الكتابة، وجيش مكتبة أبي يشهد لي بساعات التفاني والإخلاص التي بذلتها في سبيل القراءة والمعرفة. تضم خزانتي دفاتر خُطّت فيها قصصٌ بأطوال مختلفة تُشير إلى بداياتي في هذا المجال. انتقلت بعدها إلى الكمبيوتر المحمول. هناك وخلف اسم مستعار نشرت روايتي الأولى في مدونة عربية مشهورة. تعذّرت عن مرافقة أهلي في إجازة قصيرة وآثرت البقاء في المنزل حتى أقوم بتحميل أجزائها المختلفة وأتحاور مع قرّائها وناقديها. لم يصدّق عقلي ذو الستة عشر ربيعاً حينها أن عدد قُرّاء قصتي المتواضعة بلغ المئة ألف قارئ في غضون شهرين. أيقنت حينها أن هذا ما أريد فعله لبقية حياتي. أردت أن أصبح كاتبة وبالتحديد أردت أن أصبح كاتبة روايات رومانسية خليجية يقرأها الناس من حول العالم.

افتقرت إلى شجاعة عنترة وظللت أخبئ مواهبي وقصصي، وأستفرد بها لنفسي، أو أنشرها في مدونات إلكترونية خلف أسماء مستعارة. أذكر حين أطلعت صديقتي على قصة كتبتها حين سألتني عن إذا كان أمر في واقعي ألهم حكايتي. لم تصدّق صديقتي أنه باستطاعة شخص أن يكتب رواية عن الحب إلا إذا كان قد خاض بنفسه تجربة أبطال الرواية ذاتها. انطباع صديقتي ليس بفريد ويمثّل شريحة واسعة من المجتمع العربي. فمجتمعنا العربي المحافظ لا يرحم حين تكون صاحبة القلم الرومانسي أنثى وغير متزوجة ويشك البعض أن تكون القصة من نسج الخيال وهذا الأمر أفزع الكثير ممن أعرفهن من كاتبات مهتمّات بكتابة الروايات الرومانسية.

“تمنيت لو أرى أسماء روائيات خليجيات تزيّن أرفف المكتبات العالمية بكثرة قريناتهن من حول العالم، فنحن لا نقل موهبة عن غيرنا”

بالرغم من أن أهلي كانوا يشجعونني دائماً على تحقيق أهدافي، وألّا أعير الأمر الذي قد يخيفني من ناحية المجتمع أي اهتمام، إلّا أنني استغرقت وقتاً طويلاً أستجمع فيه شجاعتي لأشارك العالم روايتي الرومانسية تحت اسمي الحقيقي منار الهنائي. لا أعرف ما الذي كان يقلقني بالذات. هل لأنه نشاط استفردت فيه لنفسي لوقت طويل حتى اعتدنا أنا وكتاباتي على خصوصيتنا والعيش في عالمنا الخاص؟ أم لأن شخصيتي الساعية للكمال لم تكن تؤمن بأن الوقت قد حان؟ بغض النظر، الأمر الذي قصم ظهر البعير ودفعني وأخيراً للخوض في هذه التجربة ونشر روايتي الأولى بنسخة مطبوعة هذا الشهر في معرض أبوظبي الدولي للكتاب هو قلّة وجود روائيات خليجيات كتبن روايات باللغة الإنجليزية. حين كنت أقضي إجازاتي الصيفية في لندن وأقتل ذلك النهار الطويل بين رفوف المكتبات العتيقة، تمنيت لو أرى أسماء روائيات خليجيات تزيّن أرفف المكتبات العالمية بكثرة قريناتهن من حول العالم، فنحن لا نقل موهبة عن غيرنا.

حين هممت بوضع أهدافي لهذا العام، تصدّر هدف نشر روايتي بنسخة مطبوعة وباسمي الحقيقي أهم أهدافي لهذا العام. لم يكن الوصول لدار نشر بالأمر الصعب، ولكنني أنا من كنت أُصعّب الأمور على نفسي. حين اتخذت القرار وخطوت الخطوة الأولى، تسهّلت لي جميع الخطوات التالية. كل ما كان ينقصني هو النيّة والعزم والإيمان أن الأمور ستكون بخير. تساءلت حين رأيت غلاف كتابي لأول مرّة ما الذي جعلني أنتظر هذا الوقت لفعل شيء لطالما وددت فعله. لكن لم يكن الجواب مُهماً وكلمة لو لا ولن تُغني شيئاً. فالأهم من هذا كلّه هو أنني سَعيْت خلف هدفي ولا يهم كم من الوقت انتظرت”.

هل يعكس اختيارُ الممثلين في فيلم ’علاء الدين‘ صورةَ العرب المشوَّهة في هوليوود؟

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع