تابعوا ڤوغ العربية

حياة مفعمة بأجمل الألوان…

الطاولة من تصميم باولو بيفا السجادة من تصميم سوزان شارب لـ«ذا راغ كومباني»، الأريكة إلى اليسار من De Sede، الأريكة في الوسط والكرسيان من دون ظهر (يميناً) من Poul Kjaerholm، المنحوتة من السيراميك الأبيض من ابتكار Eva Hild. تصوير ستيفان جوليرد لصالح عدد أكتوبر من ڤوغ العربيّة.

عندما اقترح صاحب المطاعم الشهير سمير بوبس شراء منزل في وسط مدينة بيروت قبل عِقد من الزمان، ظنت زوجته رنا أنه متهور؛ إذ كانت تلك المنطقة بمثابة ساحة المعركة خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي شارك فيها كل الطوائف خلال الفترة من 1975 إلى 1990. ويعود بوبس بذاكرته إلى تلك الفترة فيقول: “هُدِمَ كل شيء”، ويردف: “أصبحت المنطقة مهجورة، تماماً مثل بقعة معدمة”. ورغم كل ذلك، أبصر بوبس فيها فرصاً للنجاح، فيقول: “بالنسبة لي، كانت تماماً مثل طائر العنقاء الذي ينبعث من رماده”. وقد أثبت الواقع صحة وجهة نظره. فاليوم، تعجّ هذه المنطقة بشتّى مظاهر الحياة؛ فالشوارع الأنيقة تكتظ بالبوتيكات الفخمة، بينما يجري العمل على قدم وساق على إنجاز مركز للتسوّق من تصميم المعمارية العظيمة الراحلة زها حديد، فيما يتباهى مشهد الأفق بالأبراج السكنية المذهلة التي صممها أهم مهندسي التصاميم المعمارية، مثل فوستر آند هرتسوغ، ودو ميرون. ويعلّق بوبس موضحاً: “يسعدني العيش وسط كل هذا”، ويضيف: “أعشق فكرة البدايات الجديدة”.

طاولة الطعام صمّمها كلود ميسير، المنحوتة التي تزينها «فينتاج» من بريطانيا، الأنوار في السقف صمّمها رونان وإروان بوروليك عام 2008. تصوير ستيفان جوليرد لصالح عدد أكتوبر من ڤوغ العربيّة

وبأكثر من وجه، يعتبر منزل بوبس شيئاً غير تقليدي. وكما يوضح فنان التصاميم الداخلية كلود ميسير، فإنه: “من المنظور المعماري، لا يعكس هذا الشكلُ التصميمَ اللبنانيالنمطي. إنه متفرّد تماماً في أسلوبه”. ويكتسب التصميم ميزة إضافية من موقعه الفريد في شارع شديد الهدوء والسكينة (يخضع المدخل لرقابة صارمة لأن قائمة الجيران تشمل أفراداً من أبناء عائلة الحريري)، كما يضم حديقة تقع في قلب المدينة”. يقول ميسير عنه: “تشعر وكأنك داخل ضيعة. إنه مكان منعزل تماماً”. ولهذا التصميم الفريد الذي يطلق عليه “المنزل الأزرق” خصوصية تميّزه عن غيره، حيث كان مقراً للسفارة اليونانية حتى منتصف سبعينيات القرن العشرين. أيضاً، كان من بين سكّانه الشاعرُ اليوناني الشهير جورج سفيريس الذي حصل على جائز نوبل للآداب عام 1963، والذي شغل منصب وزير لدى لبنان في الخمسينيات. وحينما وقعت أعين سمير ورنا على المنزل لأول مرة، كان تصميمه الداخلي لا يزال مشوّهاً بآثار المقذوفات والطلقات النارية. وعنها يقول بوبس: “كانت آثار الطلقات في كل مكان تقريباً”.

“من المنظور المعماري، لا يعكس هذا الشكلُ التصميمَ اللبناني النمطي. إنه متفرّد تماماً في أسلوبه”

تم تجديد الواجهات الخارجية بالاستعانة بجهود المعماري اللبناني نبيل غلام. ومن ناحية أخرى، كان اختيار مصممي الديكورات الداخلية أمراً لا يحتاج إلى اجتهاد؛ فقد تعرّف بوبس وميسير إلى بعضهما البعض منذ أن كانا طالبين، كما اشتركا في أول مشروع لهما معاً عام 1991، وكان عبارة عن مطعم ضخم للبيتزا يستوعب 200 مقعد في أحد المراكز الثقافية التابعة للاتحاد السوڤييتي السابق، غربيّ بيروت. ومنذ ذلك الحين، تعاون هذان المبدعان في عشرات المطاعم الأخرى، كان من بينها سكوزي في دبي، ولوميتروبول وكوتشينا في بيروت. وبحماس يؤكد بوبس: “كلود هو ملك التعامل مع المساحات والأحجام”، ويضيف: “وهو دائماً على أتم استعداد للإصغاء. وغالبية المعماريين تكون لديهم أفكار مسبقة عما يريده كلٌ منهم. ولكن إذا كان هناك خيار آخر من شأنه إضفاء المزيد من الحيوية، فيتولّى كلود التعامل معه على النحو الواجب”.

المالكان سامر ورنا بوبس. تصوير ستيفان جوليرد لصالح عدد أكتوبر من ڤوغ العربيّة

ومن خلال المنزل الأزرق، تركّزت مشاركته في المقام الأول على تصميم مساحة للمعيشة ذات مستويين. ويوضح ميسير ذلك بقوله: “عند المدخل، أردتُ أن يرى الداخل منظر الحديقة على الفور”. ويضيف: “رأيت أن المنظور من هذه الزاوية سيكون ممتعاً للغاية”. أما بقية مساحة الأرضية فتم تصميمها لتلائم أسلوب حياة بوبس المنصبّ في المقام الأول على المنزل. ويعقّب ميسير: “لم يكن سمير شخصاً يميل كثيراً للترفيه”. ويضيف: “هو ليس اجتماعياً بقدر كبير. يفضل البقاء في المنزل لمشاهدة التلفزيون، أو القراءة، أو لتصفح جهازه الآيباد”. وغرفة الطعام صغيرة نسبياً، أما غرفة الجلوس فتهيمن عليها أريكة نحتية عتيقة من مصنع دي سيدا بدلاً من المقاعد التي تفضي إلى الاختلاط وتجاذب أطراف الحديث مع الآخرين. فيما فيمتاز وسط المنزل بمساحة فسيحة، مع غرفة وثيرة للعائلة بجدران مطلية بالأسود. وفي الأعلى، يحتضن الطابق الأول أربع غرف للأطفال، بينما الطابق العلوي مخصص بكامل مساحته لجناح رئيسي أنيق.

وفي كل مكان، يتضح جلياً شغف بوبس بالتصميم. وهو شغف ينتابه عشق من نوع خاص تجاه القطع التي تعود إلى السبعينيات والثمانينيات، ولكنه دائماً ما يعشق مزجها مع الابتكارات المعاصرة. ومن بين هذه الأخيرة تبرز العديد من القطع بتوقيع رونان وإروان بوروليك، من بينها المصابيح المعلّقة، واللوحة النحتية البارعة Assemblage N° 4 التي تزيّن صالة المدخل. وعن ذلك يقول: “أستطيع أن أصف أسلوبي بأنه قائم على المزج والمطابقة. ولكني لست انتقائياً، حيث تسود حالة من عدم التماثل على كل المستويات. أفضِّل شيئاً من الترابط”.

الأريكة «فينتاج» من De Sede، منحوتتا إيفا هيلد من السيراميك اشتراهما المالكان من نيويورك، المنحوتة المصنوعة من ا لمنيوم والمعلّقة على الجدار من سوق البرغوث في باريس، الكرسي قديم الاسلوب والمصباح الأرضي من تصميم Arne Jacobsen والأنوار في السقف من تصميم Ronan & Erwan Bouroullec، اللوحة الحمراء لشفيق عبود. تصوير ستيفان جوليرد لصالح عدد أكتوبر من ڤوغ العربيّة

وكثيراً ما يتحمل بوبس عناءً مهولاً بحثاً عن قطعة بعينها. وقد عثر على أريكتي دي سيدا العتيقتين عبر الإنترنت. وعنهما يقول: “أتذكر أنني قرأت مقالاً يفيد بأن مِك جاغر كان يمتلك نفس التصميم في السبعينيات”. وقد عثر بوبس لأول مرة على سرير من مجموعة Pace Collection، في الوقت عينه، من خلال تحقيق نُشِر في مجلة عن منزل أحد المصورين الفوتوغرافيين في لوس أنجليس. وعنه يقول: “جن جنوني واكتشفت واحداً في كاليفورنيا. انطلقت إليه على الفور دونما حتى معرفة حجمه أو أي بيانات عنه”.

“قطعتك المفضلة هي دوماً آخر قطعة تشتريها لأنها تمثّل شغفك الأحدث”

وهو أيضاً يعشق دفقات الألوان الغريبة. يقول: “لا أميل إلى القطع ذات الألوان الأحادية، أو تلك المطلية بالأبيض والأسود”. ومن أكثر النماذج إثارة قطعة كبيرة من إبداع الفنان روي ليختنشتاين تستقر في غرفة العائلة، وأخرى تتمثّل في طاولة طعام بتصميم مصنوع حسب الطلب ومطلية باللون الليموني من تصميم ميسير. وبنبرة ضاحكة يقول: “صعقت زوجتي بها في بادئ الأمر”. ثم هناك العمل الفني أصفر اللون للمبدع نبيل نحاس في غرفة الجلوس، والذي ينطوي على صَدَفَات ونجمة بحر انتهى بها المطاف إلى اليابسة إثر إعصار ميامي. وقد شاهدها بوبس خلال معرض استعادي لأعمال نحاس أقيم بمركز بيروت للفن، ولكنها لم تكن للبيع. وعنها يقول بوبس: “استغرق الأمر برهة من الزمن والكثير من دعوات العشاء لإقناعه بالتخلّي عنها!”.

كراسي بركة السباحة الماسية الشكل والكرسي الطويل من تصميم هاري برتويا، الطاولتان من تصميم سوري ياناغي وتنفيذ فيترا. تصوير ستيفان جوليرد لصالح عدد أكتوبر من ڤوغ العربيّة

وإذا ما سألته عن القطعة المفضّلة لديه في المنزل، سيعاني بوبس كثيراً ليعطي الإجابة. يقول: “لا أعتقد أنني لدي قطعة مفضّلة بعينها؛ فقطعتك المفضلة هي دوماً آخر قطعة تشتريها لأنها تمثّل شغفك الأحدث”. ورغم ذلك، يقر بأنه مرتبط على نحو خاص بمجموعته من رموز الطوطم للمبدع الإيطالي إيتوري سوتساس”. يقول: “لقد اشتريت أشياءً عالية الأهمية والقيمة، ولكنني لا أعتقد أنني سأعثر على شيء أفضل هنا. ربما يقول الناس ’إنها تشبه اللعب‘ ولكني أعشقها. إنها تمنحك الحياة، تمنحك المتعة، تمنحك الحيوية. وهذا يجعلك تشعر وكأنك تعيش سناً أكثر شباباً!”.

نشر هذا المقال في عدد شهر أكتوبر 2017. بقلم: إيان فيليبس.

قوّة التفرّد في تنسيق العبايات والمعاطف الشتويّة داخل عدد أكتوبر من ڤوغ العربيّة

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع