تابعوا ڤوغ العربية

إجازة في القمة… جولة في منزلٍ ساحر بين جبال لبنان

المنزل الذي تمضي فيه الشيخة فاطمة جابر العلي الصباح الإجازة في جبال لبنان، أنجز تصميمه أليداد ليعرض لقاء ثرياً بين الشرق والغرب عبر مزيج الأقمشة والأثاث والرسوم والألوان. 

مصمّم الديكور الإيراني أليداد، المستقرّ في بريطانيا، صاحب رؤية. مطارداً شغفه بالأثاث والأقمشة بدأ حياته المهنية في دار المزادات سوذبيز في لندن حيث أصبح أصغر مدير لقسم الفن الإسلامي خلال مدة عمله هناك والتي استمرّت ثمانية أعوام. وبرغم حياته المهنية الواعدة في سوق الأعمال الفنية لكنه سرعان ما شقّ طريقه الخاص مكرّساً وقته وموهبته لدمج الألوان والرسوم والأقمشة في مغامرة جديدة في التصميم الداخلي. مسلّح بدقة الملاحظة والثقافة الواسعة أسّس المصمّم العصامي شركة التصميم الداخلي أليداد (ذات المسؤولية المحدودة) عام 1985 تبعها استوديو أليداد عام 2013 حيث يتم التركيز على المهمات الصغرى. خلال انغماسه في عالم الديكور جذبت لمسات أليداد الجمالية المميزة بالثراء الأنيق زبائن مرموقين بعضهم من العائلات الملكية.

“أحب الدفء في هذا البيت، يحيط بمَن يدخله فيشعر مباشرة بالراحة”

ولزبونته الوفية الشيخة الكويتية فاطمة جابر العلي الصباح صمّم أليداد منزلاً فريداً لتمضية الإجازات بين ربوع جبال لبنان وليس بعيداً عن بيروت. “هنا نشعر بأننا في عالم مختلف”، يقول. “المناظر رائعة والمشهد يختلف تماماً بحسب المواسم”. هذا المشروع قدّم لأليداد فرصة العودة إلى بلد زاره مرة واحدة فقط أيام طفولته. “أحسست بحماسة شديدة، ولم أعرف ما يجب أن أتوقعه”، يقول. “حين وصلت اكتشفت هيكل بيت فارغ تماماً وليس ثمة ما يدلّ على ما كان عليه من قبل”. اشترت الشيخة فاطمة البيت في التسعينيات، وكانت قد رأته في الصور فقط. “رأيت آثار الرصاص، فجوات في الجدران، ولم نجد في البيت نوافذ أو أبواب”، تقول. “كان كقوقعة فارغة، نصحني كثر بهدّه وبناء بيت جديد، لكنني لم أود ذلك. رأيت هيكل البيت وعرفت أننا يمكن أن نبتكر مساحة رائعة”. يوافق أليداد، “في مشاريع من هذا النوع نعمل انطلاقاً من احترام عميق للهندسة المعمارية المحلية. أمضيت الأشهر الثلاثة الأولى في القراءة عن العمارة والبناء في لبنان ومراقبة ما يجري في هذا المجال قبل أن أبدأ بأي شيء. وقد حدّدت السقوفُ المرتفعةُ وإمكان هدم بعض الجدران ما يمكن أن يبدو عليه البناء”. أحاديث أليداد القيّمة مع الشيخة لم تكن مسهبة لكنها أدت سريعاً إلى تحديد ثيمة التصميم الأساسي: “لقاء الشرق والغرب في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين”، وفكرة المسافر العالمي التي ألهمت الديكور. “الشيخة فاطمة امرأة استثنائية، وتجمعنا علاقة فريدة”، يقول أليداد. “يمكن أن تنطق بكلمة واحدة، ومنها أنطلق في تصميم فضاء كامل مختلف تماماً عما سبّق أن صمّمته لها”.

البلاط القيشاني المقلّد والنافورة الرخامية المنحوتة والتي صمّمها أليداد، جعلا هذه الشرفة الداخلية مكاناً رائعاً يمكن الجلوس فيه طيلة أيام السنة. تصوير جايمس مكدونالد لصالح عدد شهر سبتمبر من ڤوغ العربيّة

انطلاقاً من قماش أسود استمرّ عمل أليداد في تصميم ديكورات البيت عامين، مركّزاً على وظائف كل غرفة ليبتكر مساحة مريحة وأنيقة. “بطريقة ما منحت المزيد من الوقت لما لا تمكنني رؤيته”، قال مصمّم الديكور الداخلي.

النوافذ الثلاث في الرواق، غرفة الجلوس (كانت شرفة في الأساس)، المكتبة المستوحاة من الغرف العثمانية والسورية في القرن الثامن عشر كلّها صُمّمت من الصفر. كما صُمّمت المكتبة لتكون مساحة للتأمل أو لقراءة كتاب في جو من السلام التام. وتسمح غرف أخرى في البيت بتنظيم حفلات ضخمة. في هذا الصدد تقول الشيخة فاطمة: “أستمتع باستقبال الأصدقاء وأفراد العائلة وتقديم الأطباق المصنوعة في المنزل. أحب الدفء الذي أشعر به هنا، فهو يحيط بمن يدخل البيت ليشعر مباشرة بالراحة”. ثمة أناقة راقية لا تصرّح عن نفسها بوضوح مزعج، بل نحن محاطون في هذا البيت بأجمل الأقمشة وقطع الأثاث. وقد زينت الغرف الأرائك العربية والأثاث الأوروبي القديم. “غرفة نومي عثمانية الطراز والأقمشة فيها مذهلة”، تكشف الشيخة فاطمة. ترتدي الجدران المخمل المطبّع، وعلى اللوح الأمامي طُرّزت الحروف من الأولى من اسم الشيخة بخيوط معدنية. الستائر مصنوعة من تفتا الحرير ومطرّزة بتطريز خاص منفذ يدوياً (أبليكيه)، بينما غطاء الطاولة مطرّز تطريز سوزاني من تركستان ويعود إلى القرن التاسع عشر. الشيخة مفتونة بالمرايا التي تجدها سحرية وتحب أن تنتشر في غرف بيتها حيث نجدها مؤطرة باللآلئ أو مزيّنة بالأسلوب الفينيسي.

“في مشروع كهذا يجب أن نحترم الهندسية المحلّية”

الشيخة فاطمة تعشق السفر ويسكنها حبّ للتصاميم الشرق الأوسطية والعالمية، وبحسب أليداد “عينها تلتقط كل جميل”، وقد اختارت للبيت قطعاً عديدة بنفسها، مثل كراسي لويس الرابع عشر لغرفة الرسم. واشترى أليداد كرسياً فرنسياً من القرن التاسع عشر، لم يُغيّر قماشه الأصلي، وقد وضعه في المكتبة. “التصميم يعكس شخصيتي ويعبّر عني”، تقول الشيخة التي تجول في العالم. “هو مزيج من ألوان وطرز مختلفة، كلّها تعجبني. أحس بأنني في مكاني، في بيتي فعلاً. لا يمكن أن أغيّر أي شيء في هذا البيت. كل ما فيه يتحدى الزمن ويبقى حياً، أحبه اليوم تماماً كما أحببته حين انتقلت إليه”.

بقلم: كارين مونيه، تصوير جايمس مكدونالد.

واحة الصداقة.. ملاذ صيفي هادئ في مراكش

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع